أرباح الشركات القياسية.. هل يعم نفعها الجميع؟!
تتوالى هذه الأيام إعلانات عدد من الشركات المساهمة عن تحقيق أرباح قياسية للنصف الأول من هذا العام، ومن المتوقع أن تكون الشركات الأخرى غير الملزمة نظاماً بالإفصاح عن بياناتها المالية قد حققت أيضاً أرباحاً عالية موازية بالسنوات الماضية..
والسؤال القديم الذي لم يجد إجابة عملية إلى الآن هو.. ما نصيب المجتمع من هذه الأرباح؟ يتأكد هذا السؤال وتتأكد الإجابة عليه في ظل مجموعة من الحقائق..
أولها: أن الشركات السعودية لا تدفع ضرائب دخل في حين أنها لو عملت في دول أخرى لاستقطع جزء كبير من أرباحها في شكل ضرائب، ربما وصل إلى النصف وربما توجد إشكالية هنا يثيرها البعض هي أن هذه الشركات تدفع الزكاة، والزكاة حق واجب يدفعه حتى ذوو المدخرات المتدنية جداً؛ فمن ملك ألف ريال وحال عليها الحول دفع عنها الزكاة، والزكاة عبادة مثلها مثل الصلاة لا تبرؤ ذمة المكلف إلا بدفعها، ثم هي أحد الحقوق الواجبة في المال وليست الحق الوحيد، إذ نص الشارع على أن في المال حقوقاً أخرى غير الزكاة، وذكر الفقهاء جواز فرض ما أسموه بوظائف مالية تفرض على الأغنياء إلى جانب الزكاة بشروط معينة إضافة إلى أن للزكاة مصارف محددة لا يجوز إخراجها لسواها، وحاجات المجتمع أوسع من أن تفي بها الزكاة وحدها، وهذه ليست دعوة لفرض ضرائب على الشركات، وإنما مطالبة لأن يعي القائمون عليها مسؤوليتهم الاجتماعية والأخلاقية تجاه مجتمعهم ووطنهم الذي طالما تغنوا بحبه وأفضاله عليهم.
وثاني هذه الحقائق: أن هذه المستويات العالية من الأرباح لم تتحقق بسبب زيادة في كفاءة هذه المنشأة أو لابتكار أو اختراع معين وإنما بسبب زيادة الطلب على منتجاتها فحسب.
وهي بذلك تكون قد استفادت من عوامل خارجية في تعظيم أرباحها وبلوغ هذه المستويات القياسية والتي هي أقرب ما تكون إلى ما يعرف لدى الاقتصاديين بـ(windfall profit).
وثالث هذه الحقائق: أن ملكية هذه الشركات تتركز في أيدي فئة محدودة من أفراد المجتمع، وبالتالي فالأرباح المتحققة لن تتوزع توزيعاً طبيعياً، بل إنها ستعمل على مزيد من تركز الثروة وزيادة الفوارق بين الطبقات.
أما بالنسبة للشركات التي تمتلك الحكومة معظم أسهمها فإن الاهتمام بالمسؤولية تجاه المجتمع يفترض أن يحتل مركزاً لسبب بسيط، أن جميع المواطنين شركاء في ملكية هذه الأسهم ومن حقهم أن يستفيدوا وبشكل واضح ومربوط من أرباحها.
ورابع هذه الحقائق: أن أعضاء مجالس الإدارات والمديرين التنفيذيين وكبار الموظفين يستقطعون من إيرادات هذه الشركات حصة لا بأس بها.. ولا شك أن من حق المساهمين الإطلاع وبشكل مفصل على ما يحصلون عليه والذي لا يقتصر على رواتب مرتفعة بل تشمل على سبيل المثال لا الحصر.. مكاتب فخمة جداً، وكماً كبيراً من المساعدين والموظفين الإداريين، ومزايا عينية متعددة، علاوة على عقد ندوات واجتماعات ومؤتمرات في أفخم الفنادق والقاعات داخل المملكة وخارجها ولاسيما في المنتجعات السياحية.
على الرغم من وجود وسائل لإتمام هذه المهام أقل كلفة؛ إذ إن الفرص التي أتاحتها وسائل الاتصالات الحديثة والإنترنت لم تأخذ طريقها بعد إلى أجندة كبار المسؤولين.
|