فتاةٌ متدينة، وفي أسرةٍ مستقيمة أيضاً، لكن مشكلتها أنها تدرس في الصف الأول من الجامعة، والجامعة مختلطة بنين وبنات، فتسأل عن حكم اختلاطها بالشباب، وتقول: إنها قد حاولت أن تترك الجامعة، إلا أن والدها رفض وغضب، وقال: إن تركت الجامعة فإنني أطلق أمك، أو تقول: حلف بأن يطلق أمي لو تركت الجامعة، فقال ذلك أكثر من ثلاث مرات، فهل يحق لي أن أعصي والدي وأترك الجامعة، وهل يقع الطلاق على أمي؟
أما الدراسة في الجامعة المختلطة فهي فتنة وشر عظيم، وليس لك أن تدرسي في جامعة مختلطة؛ لأن هذا خطر عليك في دينك وأخلاقك وعرضك، فعليك أن تمتنعي من الدراسة في الجامعة المختلطة، وتحفظي عرضك ودينك ولو غضب أبوك؛ لأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- قال: (إنما الطاعة في المعروف) (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق) وعلى أبوك إن كانت عنده غيرة أن يتقي الله، وأن يمنعك من الجامعة، لا يسمح لك بالجامعة، بل يمنعك، هكذا يجب على الوالد الغيور والأم الغيورة، فإن اختلاطك بالشباب فيه خطر عظيم، فليس لك أن تختلطي بهم، وعليك أن تلزمي البيت، وما حصلتي من العلم يكفي، وليس لك طاعة أبيك في هذا الأمر، كما لو أمرك بشرب الخمر أو بالزنا لا طاعة له في ذلك، وهكذا لو أمرك بالخروج سافرة أو كاشفة لرأسك أو نحو ذلك، كل هذا منكر ليس لك طاعته، إنما الطاعة في المعروف؛ كما قاله المصطفى -عليه الصلاة والسلام-، وقال الله لنبيه: وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ[الممتحنة: 12] والرسول -صلى الله عليه وسلم- لا يأمر إلا بالمعروف -عليه الصلاة والسلام-، لكن للتعليم والتبيين. والخلطة شرها عظيم وعاقبتها وخيمة، فاتقِ الله واحذري، وعلى والدك وعلى أمك أن يتقيا الله -جل وعلا-، وأن يمنعاك من هذا. ولو طلق أمك لا يضرك، فقد يرزقها الله خيراً منه، فطاعة الوالد في المعصية أمرٌ لا يجوز، وكونه يهدد بالطلاق أيضاً لا يوجب عليك أن تدرسي في الجامعة المختلطة، ولو طلق أمك. ونسأل الله للجميع الهداية. بارك الله فيكم. لكن لو فرضنا أنها خالفت والدها فهل اليمين في حد ذاته يكون طلاقاً؟ هذا فيه تفصيل يرجع إلى العلماء يسألهم، على والدها أن يسأل العلماء إذا امتنعت ولم تعد إلى الجامعة، فعليه أن يسأل العلماء إن كان طلق ........ أما قول ..... إني أطلق هذا وعد، هذا وعيد، لا يضر، لا يقع به شيء، لو قال: إن لم تذهبي إلى الجامعة سوف أطلق أمك، هذا من باب الوعيد لا يقع به شيء، أما إذا قال عليه الطلاق إن لم تخرجي إن لم تذهبي إلى الجامعة هذا هو الذي فيه تفصيل: إن كان أراد بقوله: علي الطلاق حثها على الذهاب وتخويفها ولم تذهب فعليه كفارة يمين. أما إن كان قالها عن قصد وأنه متى لم تخرج إلى الجامعة ولم تذهب فأمها طالق، فإنه يقع عليها طلقة واحدة، أمها بذلك، طلقة إذا كان هذا الكلام صدر من أبيها، فإن لم تخرجي ولم تذهبي إلى الجامعة فأمك طالق فإنه يقع عليها طلقة بذلك؛ إذا لم تذهب، على حسب نيته، أما إذا كان ما نوى إلا التخويف لعلها تبادر وتذهب إلى الجامعة فالتخويف لا يكون إلا يمين على الصحيح، حكمه حكم اليمين. بارك الله فيكم