سمعت معنى حديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (من لم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم). هل هذا حديث صحيح؟ واشرحوا لنا معناه، جزاكم الله خيراً؟
الحديث مروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهو حديث ضعيف ليس بصحيح ، ومعناه أن الذي لا يهتم بأمور المسلمين بالنظر إلى مصلحتهم ، والدفاع عنهم إذا حصل عليهم خطر ، ونصر المظلوم ، وردع الظالم ، ومساعدتهم على عدوهم، ومواساة فقيرهم، إلى غير هذا من شئونهم ، معناه أنه ليس منهم ، وهذا لو صح من باب الوعيد ، وليس معناه أنه يكون كافر ، لكنه من باب الوعيد والتحذير، والحث على التراحم بين المسلمين ، والتعاون فيما بينهم ، ويغني عن هذا الحديث قوله - صلى الله عليه وسلم -: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً وشبك بين أصابعه) . وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه). وهو معناه أنه لا يتم إيمانه ولا يكمل إيمانه الواجب إلا بهذا ، وهكذا قوله - صلى الله عليه وسلم -: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى). فجعل المسلمين شيئاً واحداً ، وجسداً واحداً ، وبناءً واحداً ، فوجب عليهم أن يتراحموا، وأن يتعاطفوا ، وأن يتناصحوا ، وأن يتواصوا بالحق ، وأن يعطف بعضهم على بعض ، وهذه كلها تكفي عن الحديث الضعيف الذي ذكره السائل ، وهو حديث : (من لم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم). وتمامه : (ومن لم يمس ويصبح ناصحاً لله ولرسوله ولكتابه ولإمامه ولعامة المسلمين فليس منا). لكن هذا الأخير ثابت بمعنىً آخر ، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: (الدين النصيحة ، قيل: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ، ولكتابه ، ولرسوله ، ولأئمة المسلمين وعامتهم). هذا ثابت رواه مسلم في الصحيح بهذا اللفظ . (الدين النصيحة ، قيل: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ، ولكتابه ، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم). أما لفظ: (من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم) . فهو ضعيف عند أهل العلم ، وفي هذا معنى رواه البخاري ومسلم في الصحيحين عن جرير بن عبد الله البجلي - رضي الله عنه - قال: بايعت النبي - صلى الله عليه وسلم - على إقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، والنصح لكل مسلم). فالنصيحة للمسلمين من أهم الفرائض ، ومن أهم الواجبات، ومن أهم الخصال الحميدة فيما بينهم ، وهذا داخل في قوله تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [(2) سورة المائدة]. وداخل في قوله سبحانه: وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ. [سورة العصر]. فالتناصح والتواصي بالخير والتعاون على البر والتقوى كله داخل في التواصي بالحق - والله المستعان -.