مرضت وأنا صغير فنذرت أمي إن شُفيت وكبرت أن تذبح ماعزاً عند قبر الولي ويجتمع عليها الناس، وعندما كبرت أهدرت ماعزاً لتفي بنذرها فأخذت الماعز وبعتها في السوق وقلت لها: إن هذا شركٌ بالله؟ هل ما قمت به صحيحٌ أم لا؟ أرجوا الإفادة جزاكم الله خيراً.
قد أحسنت، هذا هو الصواب، ليس لها أن تذبح عند قبر الولي، لا على النذر ولا عليها نذر، إذا كان الذبح للولي فهذا شركٌ أكبر، إذا كان الأصل التقرب للولي لفلان أو فلان عند قبر البدوي أو فلان أو الشيخ عبد القادر الجيلاني أو ابن عربي أو فلان أو فلان، كل هؤلاء لا يجوز التقرب إليهم بالذبائح ولا يدعى أحدٌ من دون الله ولا يستغاث به، ولا ينذر له كل ذلك من الشرك الأكبر وهكذا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. لا يجوز للمسلم أن يذبح للنبي يتقرب إليه، أو يسأله أن يغيثه أو ينصره أو يشفي مريضه، لا نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم- ولا غيره، هذا حق الله - سبحانه وتعالى -، الله يقول: (يا أيها الناس اعبدوا ربكم) (21) سورة البقرة. ويقول جل وعلا: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ (23) سورة الإسراء. ويقول - سبحانه وتعالى -: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ (5) سورة البينة. ويقول - عز وجل -: فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (18) سورة الجن، والنبي - عليه الصلاة والسلام-يقول: (الدعاء هو العبادة)، فلا يدعى أحدٌ مع الله لا نبي ولا ملك ولا جن ولا إنس ولا ولي ولا غير ذلك، وهكذا الذبح لا يذبح للأنبياء ولا للملائكة ولا للأولياء ولا يتقرب إليهم بالنذور، ولا غير هذا من العبادات، يقول الله - سبحانه -: (قل إن صلاتي –أي قل يا محمد للناس-إن صلاتي ونسكي–يعني ذبحي- وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (162) سورة الأنعام، ويقول - سبحانه وتعالى -: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ سورة الكوثر، ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: (لعن الله من ذبح لغير الله) فالتقرب للأولياء بالذبيحة من الشرك الأكبر، قد يذبح عند قبره، أو في غير قبره حتى ولو في المكان البعيد، ولو في بيت الإنسان، يذبح للولي فلان أو فلان هذا هو الشرك الأكبر، مثل لو صلّى له أو سجد له فهو شرك، وهكذا إذا ذبح له أو دعاه أو استغاث به أو نذر له أو قال يا سيدي اشف مريضي أو انصرني أو دلني على كذا، أو ما أشبه ذلك سواء عند قبره أو بعيد عن قبره هذا كله لا يجوز، هذا حق الله، هو الذي يدعى- سبحانه وتعالى -ويسأل، أما الحي الحاضر كونه يذبح له ذبيحة كرامة له لأنه ضيف جاء من سفر أو لأنه قريب له زاره فذبح له لإكرامه هذا لا بأس له، وهكذا لو قال لأخيه الذي عنده ساعدني على كذا الحي الحاضر، ساعدي على إصلاح سيارتي، على إصلاح مزرعتي يتعاون وإياه في المزرعة لا بأس، أما الأموات أو الغائبون أو الملائكة أو الأنبياء أو الذين يدعونهم مع الله أو يستغيثون بهم وينذرون فهذا لا يجوز، هذا من الشرك الأكبر، لا يدعى الأولياء ولا الموتى ولا الجمادات كالأشجار والأحجار والأصنام ولا الملائكة كلهم لا يدعون مع الله، ولا يستغاث بهم ولا يزار لهم بل هذا من الشرك الأكبر نعوذ بالله من ذلك. أما إذا كان بالطرق الحسية مع الأحياء مثل برقية يقول: افرض لي كذا أو يكلمه بالهاتف-التلفون-اقرض لي كذا، أو ساعدني على كذا يسأل الحي يكلمه أو يكتب له رسالة، هذا مثل الحي الحاضر مثل المشاهد لا حرج في ذلك. كما قال الله - عز وجل – في قصة موسى: (فاستغاثه من شيعته على الذي من عدوه)، فالناس يتعاونون، الأحياء يتعاونون، لا حرج في ذلك، لكن دعاء الميت أو الغائب لأنه يعتقد فيه الشرك، أنه يسمع ولو بعد أو دعاء الجمادات كالأصنام والكواكب هذا كله من الشرك الأكبر، أو دعاء الملائكة أو الجن هذا هو الشرك الأكبر لأنهم غائبون عنك مشغولون بشؤونهم، ليس من جنس الحاضر بين يديك لتخاطبه وتسأله أن يعينك على كذا أو كذا، وبهذا ينبغي للمؤمن أن يحتاط ويبتعد عن أسباب الشرك وعن ذرائعه وعن أعماله، وقد أحسنت أيها السائل في إخبار أمك وإيضاح الحق لها فقد أحسنت في ذلك بارك الله فيك.