هل من حفظ الأسماء الحسنى دخل الجنة؟
جاء في الحديث الصحيح يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إن لله تسعةً وتسعين اسماً -مائة إلا واحداً- من أحصاها دخل الجنة) وفي لفظ: (من حفظها دخل الجنة), ولم يبينها -صلى الله عليه وسلم- في الأحاديث الصحيحة ما بينها لكن لو وفق إنسان فأحصاها وحفظها وصادف أنها التسعة والتسعون فهو موعود بهذا الخير -هذه من أحاديث الفضائل- إن لم يمت على كبيرة من كبائر الذنوب، فإن مات على كبيرة من الكبائر فهي من أسباب حرمان دخول الجنة ومن أسباب دخول النار إلا أن يعفو الله، والقاعدة الشرعية أن الآيات المطلقة والأحاديث المطلقة يجب أن تحمل على المقيدة وتفسر بها؛ لأن القرآن لا يتناقض والسنة لا تتناقض، والأحاديث تصدق بعضها بعضها، والآيات تصدق بعضها بعضاً، فوجب حمل المطلق من الآيات والأحاديث على المقيد وتفسير ذلك بذلك, تفسير هذا بهذا وقد قال الله سبحانه: إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيمًا (31) سورة النساء. فاشترط في تكفير السيئات ودخول الجنة اجتناب الكبائر، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان كفارات لما بينهن ما لم تغشَ الكبائر). فإذا حفظ الأسماء الحسنى التسعة والتسعين وهو ومقيم على الزنا أو الخمر فهو معرض للوعيد وهو على خطر من دخول النار إلا أن يعفو الله عنه أو يتوب، لكن إن دخلها وهو موحد مسلم بسبب بعض الكبائر لا يخلد فيها -خلافاً للخوارج والمعتزلة- بل يعذب على قدر الجريمة ثم يخرجه الله من النار فضلاً منه وإحساناً ولا يخلد في النار إلا الكفار الذين حكم عليهم القرآن بأنهم كفار أو السنة، أما العصاة فلا يخلدون إذا دخلوا النار كالزاني والسارق والعاق لوالديه ونحو ذلك من أهل المعاصي لا يخلدون إذا دخلوا النار, إذا ماتوا عليها ولم يتوبوا هم متوعدون بالنار فإن عفا الله عنهم فهو أهل للجود والكرم –سبحانه وتعالى- وإن لم يعفُ عنهم عذبهم على قدر الجريمة التي ماتوا عليها ثم بعد ذلك يطهرون ثم بعد ذلك يخرجون من النار وقد طهروا بالعذاب، وقد أخبر النبي بهذا -عليه الصلاة والسلام- في أحاديث كثيرة متواترة أن العصاة يخرجون من النار ويشفع فيهم -صلى الله عليه وسلم- عدة شفاعات ويشفع الملائكة ويشفع المؤمنون ويشفع الأفراط، هذا هو الحق الذي عليه أهل السنة والجماعة, خلافاً للخوارج والمعتزلة، ويدل على هذا قوله سبحانه في كتابه العظيم: إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء(48) سورة النساء. فجعل المعاصي تحت مشيئته -سبحانه وتعالى- وجعل الشرك لا يغفر إذا مات عليه، من مات على الشرك فإنه لا يغفر بل صاحبه مخلد في النار -نعوذ بالله- إذا مات عليه وهو ليس من أهل الفترة ولا من في حكمهم فإنهم يخلدون في النار -نعوذ بالله- أما من مات على شيء من المعاصي لم يتب فإنه تحت مشيئة الله –سبحانه- إن شاء الله عفا عنه فضلاً منه وإحساناً وإن شاء عذبه على قدر الجريمة التي مات عليها ثم بعد التطهير والتمحيص يخرجه الله من النار فضلاً منه ورحمة -سبحانه وتعالى- خلافاً للخوارج والمعتزلة فإنهم يقولون بخلود العاصي في النار وقولهم باطل عند أهل الحق. جزاكم الله خيراً