أنا حلفت وقلت: والله وبالله وتالله لا يفوت مني صلاة واحدة من الصلوات المفروضة إلا أصوم ثلاثة أيام كفارة، أو انتقاماً لنفسي جزاء إهمالي، وحتى الآن قرابة مائتي صلاة مفروضة لمدة أربعة أعوام أو خمسة أعوام تقريباً، وصارت عدد أيام الصوم ستمائة يوم، السؤال: هل ي
هذه الأيمان لا يلزمك الوفاء بها ، ولك أن تكفر كفارة اليمين عن كل صلاةٍ فوتها بإطعام عشرة مساكين ، أو كسوتهم ، لقول الله - جل وعلا - : لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ [(89) سورة المائدة]. فما دمت تستطيع الكفارة بالإطعام والكسوة ، أو العتق يكفي والحمد لله عن كل صلاة ، كفارة مقدارها إطعام عشرة مساكين، ولا يلزمك الصوم، بل الكفارة كافية ، والحمد لله ، فإن صمت أجزأ الصوم. المقدم: هل يتفضل سماحة الشيخ بنصحه حول الاهتمام بالصلوات؟ الشيخ: نعم، الواجب عليك - يا عبد الله - تقوى الله ، وأن تجتهد في المحافظة على الصلوات في أوقاتها مع الجماعة، وأن تحذر طاعة الهوى والشيطان ، وجلساء السوء، والله - سبحانه - يقول: حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى [(238) سورة البقرة]. ويقول جل وعلا: وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [سورة المؤمنون(9 - 11)]. ويقول سبحانه في سورة المعارج : وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ [سورة المعارج (35) (34)]. وهي عمود الإسلام ، يجب أن تحافظ عليها في أوقاتها ، وفي الجماعة. وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (الصلاة من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاةً يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة ، وكان يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف) نعوذ بالله من حاله. قال بعض أهل العلم - رحمهم الله -: إنما يحشر من ضيع الصلاة مع هؤلاء ؛ لأنه إن ضيعها بسبب الملك والولاية والرياسة شابه فرعون فيحشر معه إلى النار يوم القيامة، وإن ضيعها بسبب الوزارة والوظيفة شابه هامان وزير فرعون فيحشر معه إلى النار يوم القيامة، وإن ضيعها بسبب المال والشهوات شابه قارون الذي أعطاه الله أنواع المال فتكبر بسبب ذلك ، وبغى ، ولم يقبل الحق ، فخسف الله به وبداره الأرض - نسأل الله العافية -، وإن ضيعها بسبب التجارات والمعاملات ، والبيع والشراء شابه أبي بن خلف تاجر أهل مكة في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فيحشر معه إلى النار يوم القيامة. وأبي هذا مات كافراً ، قتل كافراً ، قتله النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد بنفسه - عليه الصلاة والسلام - ، وقتل أخو أمية بن خلف في يوم بدر مع الكفار. فهذا الحديث العظيم وما جاء فيما معناه مع الآيات الكريمات كلها تدل على وجوب المحافظة على الصلوات ، والعناية بها ، والحذر من مشابهة المنافقين المتكاسلين عنها ، والذين قال الله في حقهم : إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً * مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لاَ إِلَى هَؤُلاء وَلاَ إِلَى هَؤُلاء [سورة النساء(142)(143)]. ما عندهم دين ثابت. وقال في حقهم سبحانه: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا [(145) سورة النساء]. نسأل الله العافية.