بأنها امرأة أرملة توفي زوجها وهي الآن في العدة، تقول: أريد من سماحتكم أن تخبروني ما الحكمة من مشروعية العدة للمتوفى عنها زوجها، وما العبرة من ذلك؟
الأقرب والله أعلم هو حماية المرأة وصيانتها أن يلحق بزوجها نسل من غيره، يعني المرأة جعل الله العدة صيانة لها وصيانة لزوجها من أن يلحق زوجها ولد ليس منه، فإذا بقيت في العدة حتى تكمل العدة كان هذا من الدلائل على براءة رحمها وأنها لم تحمل من الرجل، بحيث لو كان هناك حمل بان في العدة، فإذا ظهر حمل بعد ذلك اتضح أنه من غير زوجها، حتى لا يلحق به شيء من غيره، فالمرأة بعد الطلاق تعتد بثلاث حيض، وإذا كانت لا تحيض بثلاث أشهر، والمتوفى عنها بأربعة أشهر وعشر إذا كانت غير حامل، فهي من باب إظهار الحزن على الزوج، والتأثر بموته، وصيانة المرأة أيضاً من أن يعتريها شيء يسبب إلحاقها زوجها بولد ليس منه، لأنها لو تزوجت مبكرة لربما حملت من هذا وادعت أنه من الأول، فيكون في ذلك إلحاق له بأولاد ليس منه، فالمقصود أن الله -جل وعلا- شرع العدة لمصالح: منها التأثر بفراق الزوج، وان يبقى فاصل بينها وبين الزوج الآخر، ويكون هذا من حق الزوج ومن حريم نكاحه، ومنها أن يكون ذلك صيانة لها أن يطأها أحد بعد ذلك بنكاح فتشتبه الأمور فيقع في نكاح هذا وحملها، ومنها أيضاً حماية الزوج الأول من أن يلحق به أولاد من غيره ففيه مصالح كثيرة.