طلقني زوجي وأنا في بداية الشهر التاسع من الحمل عند قاضي المحكمة الشرعية في بلدنا، وردد زوجي صيغة الطلاق بعد القاضي، ومن ضمن هذه الصيغة أنه قال: طلقة واحدةً رجعية، ثم بعد مضي ثمانية عشر يوماً من الطلاق وضعت حملي البكر، ثم ذهبنا أنا ووالدتي وزوجي إلى الشيخ لترديد صيغة الطلاق ثانية عنده؛ لأننا لا نبقي على عقد المحكمة أو طلاقها إلا بعد ترديد الصيغة عند الشيخ، بالرغم من أن الصيغتين لا تختلفان جوهرياً عن بعضهما، إلا أن صيغة الشيخ تكون مطولة أكثر من لفظ القاضي، المهم أننا ذهبنا إلى الشيخ، وهو شيخ جليل لا أشك في نزاهته، وقبل أن يطلقني سألني عما إذا كنت قد وهبت لطليقي شيئاً من مهري المؤجل، فأجبته بنعم، وأنا بالفعل قد فعلت ذلك مقابل استلام الباقي نقداً، فعندها قال الشيخ: إذاً طلاقكما يكون خلعياً، وفعلاً طلقني منه خعلياً بالرغم من كراهيتنا نحن الزوجين أنا ووالد طفلي لهذا الطلاق الخلعي، ثم صدقنا ورقة الطلاق التي أخذتها من الشيخ داخل المحكمة، واعترفت المحكمة بخلعية طلاقنا، واعتبرته بائناً بينونة صغرى، حسب ما ورد في مضمون ورقة الطلاق المصدقة، وسؤالي: إن زوجي يرغب في رجوعي له وأنا كذلك، خاصةً وفي رجوعنا حفاظ على مستقبل ابننا الوحيد، فهل يجوز لي أن أرجع له بالرغم من أن الشيخ طلقنا خلعياً بعد طلاق المحكمة التي كانت صيغته عبارة عن طلقة واحدة رجعية، مع أن المدة بين الطلاقين كانت ثمانية عشر يوماً ولم يرجعني زوجي خلالها، وإنما بقيت مطلقةً وملتزمة بالعدةِ إلى أن وضعت حملي، ثم ذهبنا للشيخ كما بينت سابقاً، وإذا كان لا يجوز لي الرجوع لطليقي إلا بعد الزواج بآخر وتطليقي منه، فهل يجوز لي أن يكون هذا الزواج صورياً فقط، ويستمر لمدةٍ قصيرةٍ بعد العقد، ثم يحدث الطلاق، وإذا كان هذا أيضاً لا يجوز، فهل يجوز لي أن أرجع لوالد طفلي مباشرةً دون التزوج بآخر مقابل إعطاء كفارة أو مقابل صيام أو أي عملٍ آخر ترشدونا إليه؟ أفيدوني أحسن الله لكم، فمستقبلي وطفلي متوقف على إجابتكم التي أتمنى من الله أن تكون واضحةً مبينةً كعهدي بإجاباتكم السليمة، ومهما تكن الإجابة فإني لا أجرؤ أن أتعدى حدود الله -سبحانه وتعالى-، علماً أنني قد التزمت بالعدة إلى أن وضعت حملي على حسب طلاق المحكمة، ولم ألتزم بالعدة بعد طلاق الشيخ، ولكن عند تصديقي ورقة الطلاق المأخوذة من السيد في المحكمة، جاء فيها أن علي التزام العدة الشرعية، وحُدد تاريخها من تاريخ الطلاق، ولكني لم التزم بها، فهل علي كفارة إن وجبت هذه العدة؟
هذا الطلاق يتعلق بالمحكمة، والمحكمة تنظر في الأمر، وهي أعلم بالواقع، ما دام صدر منها صك وتولت النظر في الموضوع، هي التي تُراجع في هذا، فأنت أيها السائلة وزوجك تراجعان المحكمة وتنظر المحكمة فيما يحل ويحرم، وفيها الكفاية والبركة إن شاء الله، ومن المعلوم أن الطلاق إذا كان قبل وضع الحمل ولم يراجع الزوج فإن المرأة تخرج من العدة بوضع الحمل، متى وضعت الحمل خرجت من العدة ولا يلحقها طلاق بعد ذلك، إذا كان زوجاً يراجعها بعد طلاقه الذي وقع منه وهي حبلى، لكن إذا لم يراجعها قبل وضع الحمل فإنها تبين بوضع الحمل، ولا يلحقها طلاق بعد ذلك، وبكل حال فالمحكمة تنظر في الأمر، وفيما تراه كفاية إن شاء الله، وإذا أحب الزوج أن يراجعني في ذلك، وأنا أحيله إلى المحكمة ليعرف الحقيقة، ثم تكون فتوى على ضوء ذلك مني أو من المحكمة فلا بأس بذلك، نسأل الله للجميع التوفيق والهداية. لكن قول المحكمة أن هذا الطلاق يعتبر بينونة صغرى؟ هذا على كل حال إذا كان طلقة واحدة على عوض فبينونة صغرى، إذا طلقها واحدة أو ثنتين على عوض سماه العلماء بينونة صغرى، يعني لا يرجعها ولكن تحل له بعقد جديد، هذا معنى بينونة صغرى، فليس له الرجعة بدون عقد، بل لا بد من عقد جديد، مثل المرأة التي طلقها واحدة أو ثنتين وخرجت من العدة، ليس له مراجتها بعد العدة ولكن يحل له ناكحها بعقد جديد، فهكذا إذا طلقها على عوض يسمى خلعاً، ويسمى طلاق خلع، وتسمى الفرقة هذه فرقة بينونة صغرى، يعني يحلها العقد، ولا تحل المراجعة فقط، بل لا بد من عقد جديد، ولكن لا تحتاج إلى زوج جديد، بل يكفيه عقد جديد، أما البينونة الكبرى فهذه لا يحلها إلا زوج جديد شرعي يطأ المرأة يتزوجها ويطأها، البينونة الكبرى، وإذا طلقها الطلقة الأخيرة الثالثة فإن هذه بينونة كبرى لا تحل لزوجها الأول حتى تنكح زوجاً غيره، نكاحاً شرعياً ليس نكاح تحليل، ويطأها الزوج الجديد، ثم يفارقها بعد ذلك بموت أو بطلاق، فإذا خرجت من العدة بعد ذلك حلت لزوجها الأول، بعد هذا النكاح الشرعي الجديد الذي فيه الوطء. أحسن الله إليكم. أيها الأخوة الكرام في حلقتنا اليوم عرضنا أسئلتكم على فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز....