رجل طلق زوجته بالثلاث قائلا: أنت طالق ثم طالق ثم طالق، طلقات ما لي بعدهن رجعة، وكان زعلان على زوجته لمخالفتها أمره، ثم بعد مدة شهور راجعها وجابت منه أولاد؟
إذا كان الرجل حين طلقها هذا الطلاق، بقوله: طالق ثم طالق ثم طالق، طلاق ما فيها رجعة، قد اشتد به الغضب وانغلق عليه الأمر وصار أقرب إلى عدم الشعور فطلاقه غير واقع في أصح قولي العلماء، وإعادته لزوجته لا بأس بها، ولكن كان الواجب عليه أن يستفتي قبل ذلك، كان الواجب عليه أن يستفتي قبل أن يعيدها؛ لأن الطلاق خطير وليس كل أحد يقدر الغضب الشديد ويعرفه، فالواجب عليه أن يستفتي حتى يحتاط لدينه، فإذا كان غضبه قد اشتد به وغلب عليه شدة الغضب حتى ما تمكن من إمساك نفسه عن الطلاق، بل اضطر إلى الطلاق بسبب شدة الغضب لأنها سبته أو تسابا جميعاً، أو تضاربا، سمع منها كلاماً أوجب شدة الغضب فهذا لا يقع معه الطلاق لما جاء في الحديث المشهور عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا طلاق ولا عتاق في إغلاق) أخرجه أحمد رحمه الله وأبو داود وابن ماجه وصححه الحاكم. والإغلاق فسره العلماء بأنه الإكراه والغضب الشديد، ولأدلة أخرى تدل على أن شدة الغضب لا يقع معها الطلاق، وصاحبها أقرب إلى زائل العقل كالمعتوه والمجنون ونحو ذلك، أما إن كان غضبه عادياً ليس بشديد، بل هو غضب عادي، فالطلاق يقع، قال طالق ثم طالق ثم طالق، أو طالق وطالق وطالق أو أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق بالثلاث تقع، وليس له رجعة عليها إلا بعد زوج، إذا طلقها في حال الرضا أو في حال غضبٍ خفيف فالطلاق واقع وليس له الرجوع إليها إلا بعد زوج، لأنه طلقها ثلاثاً بكلماتٍ متعددة فوقعت؛ لقول الله سبحانه: فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ.. (230) سورة البقرة . ولقول تعالى: الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ.. (229) سورة البقرة، فهذه طلقات مكررة، فوقعت. المقدم: لكن إذا كان هذا الزعل ليس إغلاقاً -كما ذكرتم- ما حكم رجعتها هذه وإنجاب الأولاد بعدها؟ الشيخ: هذا على كل حال يعتبر غلطاً آخر منه لأنه تساهل، ولكن الذي يظهر أن أولاده يلحقونه لأنه شبهة، أعادها بسبب شدة الغضب فيلحقه الأولاد، ولكن قد أساء وأخطأ حيث أفتى نفسه ولم يستفتِ أهل العلم، كان الواجب عليه أن يراجع القضاة من حوله ويستفتي حتى يفتوه ويدلوه.