بالعودة إلى واقعنا العربي المعاصر، كيف يمكن لنا توفير المناخ الملائم لقيام صناعة ألعاب فيديو عربية القلب والقالب؟
سمعنا جميعا عن محاولات تحت الرماد، والتي أصفها بالاجتهادات الفردية، والتي فشلت لأسباب كثيرة: تجارية وتسويقية وسياسية، لا مجال لمناقشتها هنا. أما ما لدينا الفسحة لمناقشته هو كيف يمكن تلافي كل هذه العيوب والمشاكل في المحاولات الثانية والثالثة؟
في رأي الخاص، أول خطأ وقع فيه الرعيل الأول هو أنهم بدأوا من القمة لا من القاع. بدأ الأولون بلعبة كاملة على الكمبيوتر الشخصي، وأرادوا اختصار سنوات طوال سبقنا بها السابقون في هذا المجال. جاءت النتيجة أنهم فشلوا على جميع الجهات: لا هم نجحوا في اختصار الفارق الزمني بيننا وبين صناعة الألعاب، إذ جاءت ألعابهم متأخرة عن المنافسة، ولا هم نجحوا في تسويق منتجاتهم.
دون طويل بكاء على أطلال، سأعرض نظرتي الخاصة لخلق صناعة ألعاب فيديو عربية. بادئ ذي بدء، يجب التوجه إلى الألعاب الصغيرة التي تحتاج إلى فترة زمنية قصيرة للانتهاء منها، ويجب التوجه إلى العملاء السمان، مثل شركات الاتصالات.
الاتجاه الحالي هو برمجة الألعاب الصغيرة بلغة فلاش، والتي نضجت فتحولت لدعم منصات الهواتف النقالة، وبالتالي يمكن برمجة لعبة بسيطة لتعمل على متصفحات انترنت، وعلى الهواتف النقالة. مع استغلال التنافس الشديد ما بين شركات الاتصالات في العالم العربي، ومع التوجه لتوفير محتويات مجانية، نظير إغراء المشترك للبقاء عميلا لدى الشبكة، يمكن التعاقد مع مزودي الخدمة لتصميم ألعاب خاصة بهم.
إذا كانت شركة مثل موبينيل مصر تنشئ قناة تليفزيونية خاصة بها، وشركة مثل اتصالات ومثل ام تي سي تنفق المليارات من الدولارات للحصول على رخص ثالثة، فهذه أدلة على ميزانيات تسويقية ضخمة، تنتظر من ينتهزها.
تخيل لعبة توفرها شركة اتصالات فقط لمشتركيها، أو لعبة جماعية فقط عبر شبكة بعينها، وكانت هذه اللعبة مشهورة ومطلوبة؟
من ناحية أخرى: استعصى جمهورنا العربي على محاولات الاقتناع بشراء الألعاب، إذ تجد الرجل ذا عقل رشيد، لكنه يأبى إلا أن ينسخ الألعاب، ذلك أنه ترسخ في الأذهان وكأن شراء الألعاب ينتقص من الرجولة. مرة أخرى، لسنا في محل مناقشة الأسباب والدوافع، بل الخروج بالحلول.
هداني تفكيري لحل وسط، وهو توفير نسخ من اللعبة باسم شخص بعينه، في مقابل مالي، فعندما تبدأ اللعبة فتعرض أنها مخصصة لفهد الرياض، أو عنود الجزيرة، أو مهداة من فخر الرجال إلى جميلة الجميلات، في آلية تشبه كثيرا رسائل الإهداءات النصية التي تعرض على شاشات الفضائيات، ساعتها أظن الإقبال سيتحقق على الدفع والشراء والإهداء.
المشكلة الأخرى هي قصص تلك الألعاب. حري بنا النظر إلى بيئتنا المحيطة والخروج منها بأفكار ذكية. العرب قوم رعوا الأغنام، وسافروا للتجارة، فلماذا لا نجد لعبة بطلها راعي غنم يجمع غنماته الضالة، على نمط لعب يشبه ذلك للشهير ماريو؟ أو تاجر يحمي بضاعته أو يسوق قافلته وسط عواصف الصحراء؟
نحن في مصر قوم فلاحة وزراعة وهندسة، وبناة المعابد والآثار. لماذا لم نجد لعبة تحكي قصة المزارع النشيط الذي يجب عليه حماية أرضه من القوارض، ومن فيضان النيل، أو المهندس الذي عليه بناء الهرم الأول. لماذا لا نفكر من هذا المنطلق؟ لماذا لا نقلد أجدادنا ونعود لأصولنا، ساعتها سنخرج بألعاب جديدة، وساعتها سيمكننا البيع للسوق المحلية والعالمية.
هذه اجتهادات مني، والله ولي التوفيق.
ما رأيك عزيزي القارئ؟