لا، لسنا هنا في محل مناقشة قصة تخرج هاري بوتر، الساحر الشاب، من مدرسة السحر، لكننا هنا لنناقش تأثير هاري بوتر ونجاحه الساحق الماحق على اقتصاديات النشر والتسويق.
بداية، الموعد المنتظر لبدء بيع الإصدارة السابعة (784 صفحة) والأخيرة من ملحمة هاري بوتر، التي تحقق نجاحات جماهيرية عالمية منقطعة النظير، هو 21 يوليو المقبل، والذي سيشهد معرفة العالم لمصير الساحر الشاب، هل سيموت – أم ستنقذه الكاتبة جيه كيه رولينج. ليس هذا فحسب، إذ سيبدأ في ذات الشهر عرض الفيلم السينمائي الذي يعتمد على الكتاب الخامس من قصة هاري بوتر. هل هناك أمنيات أكثر من هذه يتمناها من يبيع منتجات تحمل اسم الساحر الصغير؟
بالطبع لا، لكن النجاح الساحق يمكن له أن يضر في بعض الأحيان مثل الفشل الذريع. نعم، تحولت مؤلفة القصة من أم مطلقة بائسة، إلى بليونيرة محط أنظار العالم، لكن السعادة وقفت عندها، وعند ناشري الكتاب.
في ظل المنافسة الحرة، تنتشر الأخبار الجيدة بسرعة، ولذا سرعان ما وفر منافسو أمازون عروضا مماثلة في أمريكا وبريطانيا، البلد الذي يشهد أحداث قصص هاري بوتر.
لكن، إذا كان عملاقا مثل أمازون لن يحقق أرباحا من بيع هذا الكتاب مضمون النجاح، فماذا ترك لغيره من أقزام وصغار المنافسين؟ عرض أمازون السخي سرق الأضواء من الجميع، ولم يترك متسعا للحركة، وهو ما بدا واضحا على بقية المكتبات ودور بيع الكتب، التي لا تدري ماذا تفعل.
حين صدرت القصة السادسة من هاري بوتر في إمارة دبي، أعلنت سلسلة محلات كارفور عن توفيرها للكتاب، بسعر من الأحلام، في فروعها في الإمارات. كانت المفارقة أنك تجد التلال من هذا الكتاب في مدخل كارفور، وتجد ذات النسخة في بقية المكتبات المجاورة بسعر يزيد من 20 إلى 50 درهما، وحين تسأل العاملين في المكتبات عن فرق السعر، يخبرونك من ذا الذي يستطيع منافسة العملاق كارفور.
لكن تلك المكتبات تنفست الصعداء، فبعدما نفدت شحنات الكتب من كارفور، عاد المشترون للشراء من المكتبات، بالسعر الذي حددته.
بلغ عدد الكتب المباعة من جميع قصص هاري بوتر، منذ بدء نشرها في عام 1997، أكثر من 350 مليون نسخة حول العالم، بمختلف اللغات. هذه السنة، ينوي الناشرون طبع 12 مليون نسخة من القصة السابعة دفعة واحدة للسوق الأمريكية فقط، في أكبر رقم من كتب يجري طباعتها دفعة واحدة.
بالطبع، حقق هؤلاء الناشرين أرباحا طيبة، لكنهم في شدة الحزن والقلق في الوقت الحالي، فمع نهاية قصة هاري بوتر، ونفاد منجم الذهب الخالص، أين لهم بتحقيق مثل هذه الأرباح مستقبلا! هذا القلق انعكس على أسعار أسهم شركات الناشرين، التي فقدت قرابة 40% من قيمتها، تحديدا منذ أكدت المؤلفة أن هذه نهاية ملحمة هاري بوتر، فلا من مزيد بعد السابع.
أضف إلى ذلك تلميح المؤلفة إلى أن هاري بوتر ربما يلقى حتفه في القصة السابعة، وإذا مات هذا الصغير، ساعتها فإن منتزه هاري بوتر السحري الترفيهي – الجاري بنائه في الوقت الحالي في أورلاندو الأمريكية، والمنتظر افتتاحه في 2009 – يصبح في مهب الريح، فإن مات هاري، فهل سيستمر سحره وبريقه، أم سيدفن معه حال موته؟
من جهة أخرى، لا يعتري القلق شركة وارنر بروس، المنتج السينمائي لأفلام هاري بوتر، فلا زال أمامها قصتين تصورهما، ولا زال لديها فيلم هذا الصيف، لكن عليها أن تسرع بما تبقى لديها، فإن مات الساحر، فسيموت معه سحره وتأثيره على أتباعه.
الجدير بالتذكر أن أول فيلم من أفلام هاري بوتر حقق مبيعات تذاكر قدرها 974 مليون دولار، والذي استفاد وقتها من حالة الحزن والرعب التي خلفتها هجمات 11 سبتمبر على العالم كله، ولم يحقق أي فيلم هاري بوتر آخر مثل هذه المبيعات.
تحديث في 30 يوليو 2007:
* حققت قصة هاري بوتر السابعة رقما قياسيا في عدد المبيعات في يوم واحد: 8.3 مليون نسخة مباعة في أول يوم من بدء بيعها في العالم حسب موقع سي ان ان، وهو أكبر رقم مبيعات يحققه كتاب منشور.
* أعلنت المؤلفة أنها تعكف حاليا على تأليف كتابين في الوقت الحالي، واحد موجه للأطفال، وآخر لغيرهم، بعد 17 عاما قضتها في تأليف قصص الساحر الصغير.
* إذا كنت لا تريد معرفة نهاية القصة، فلا تقرأ أن هاري بوتر لم يمت، في حين مات عدوه فولدرمورت، على أن القصة السابعة تحوي العديد من النهايات المفتوحة، والتي تمثل احتمالات جيدة لقصص مقبلة