لا زلنا مع تلخيص كتاب Copy This في الفصل الثالث وعنوانه: كن مديرا على بيئة العمل، لا الناس
يدلف بول في هذا الفصل ليتحدث عن إدارة سير العمل، ومن هو المدير الفعلي، وهو يوجز دور الإدارة في مقولة مفادها: إن دور الإدارة في أي شركة هو إزالة العوائق، لكن بول يشاركنا ما يراه سرا إداريا، يوجزه بالقول: إذا كنت – يا مدير ويا مالك الشركة – حقا تظن أنك من يدير الأمور في شركتك فأنت واهم للغاية، فإن موظف واحد لديك، قادر على أن يبدي سلوكا سيئا، فيسرق مالك أو منتجاتك، ويتلاعب في ساعات العمل، ويفسد العلاقة ما بين الشركة وعملائها، ويسمم معنويات بقية العاملين في الشركة. إن من يدير شركتك فعلا هو جميع من يعملون معك.
لاحظ: يعمل معك، لا عندك، فالموظف ليس عبدا تشتريه ببخس مالك.
قالوا في المثل: زوجة سعيدة تعني حياة سعيدة. وكذلك في العمل: أصابع سعيدة تعني أرباحا وفيرة (كناية عن رضا العاملين معك). عوضا عن التركيز على المشاكل النفسية للعاملين، ركز بول تفكيره على كيفية استخراج أقصى ما لدى هؤلاء من قدرات.
كان ما تميزت به سلسلة محلات كينكوز عن منافسيها هو نظرة الرضا على وجوه العاملين فيها ولمعان السعادة عليهم. بهذا، ضمن بول ولاء العاملين معه له، خاصة في ظل قدرة كل عامل على الرحيل في أي وقت، وتقليد كل ما يقدمه بول من خدمات.
لم يبحث بول عن موظفين يعملون عنده، بل بحث عن رجال أعمال يعملون معه، فهو يقول أنه لم يرد يوما أن يعمل مع أناس يربح مالا منهم، بل أن يعمل مع أناس يربحون المال معه.
لا يعمل أحد لدى كينكوز، بل يعملون مع كينكوز. قد يكون حرفا صغيرا، لكن معناه عظيما.
هذا ما جعل العاملين يقبلون العمل بدوام كامل، 24 ساعة طوال أيام الأسبوع، وأن يقبل الجميع نسخ الأوراق، وترتيبها وقصها وقلبها، وتقديمها للعميل في أفضل صورة، ولهذا في البداية كان الجميع يحضرون مرتدين ما يشاءون، ويضعون صور من يحبون، ويصحبون معهم حيواناتهم المفضلة، ويجرون مسابقات في تصميم أفضل طائرات ورقية خارج أول محل كينكوز، ولهذا كان من يدخل المحل يرى فريق عمل متجانس متفاهم مستعد لتقديم خدماته، بأسرع وأفضل شكل ممكن.
مع توسع بول وبحثه عن فروع جديدة لافتتاحها، بدأ يدرك أهمية تعيين المدير المناسب لكل فرع، خاصة وأن المدير هذا كان مفتاح نجاح أو فشل الفرع. يرى بول أنه حين يكون فريق العمل مُحَفزا بما يكفي، فإن أفراده يديرون أنفسهم بأنفسهم، بما يحقق الانسياب المطلوب.
كان بول يبحث عن شركاء، يديرون كل محل، وهو كان ينتقي القادرين على التوفير، وتوجب على كل مدير أن يساهم في الشركة بمبلغ من المال قبل أن يبدأ العمل، يبدأ من 2000 دولار (في السبعينات). من لم يقدر على دفع مثل هذا القدر من المال، كان يوضح أنه ليس من النوع القادر على التوفير، وهؤلاء لم يرد بول أن يعمل معهم. بعد كل مقابلة توظيف، كان بول يطلب من المتقدم أن يجري مكالمة وأن يرسل رسالة، وكان يراقب طريقة تصرف كل منهم، التي كانت تخبره كيف سيتصرف هذا لو عمل معه.
بعدما ينتقي بول خيرة الناس، كان يبذل جهده كي يحافظ عليهم في فريقه، ولذا حرص على إعداد نظام تقاعد سخي، ونظام إقراض مرن للعاملين، وحضانة نهارية بسعر رمزي لأطفال العاملات، ونظام منح دراسية مدعومة، ورتب نزهات جماعية في أماكن ترفيهية، وحرص على تقديم الطعام بالمجان لفرق العمل في يوم الجمعة، بينما انسكبت المياه الغازية بالمجان طوال الأسبوع، وغير ذلك الكثير.
كل هذا جعل بيئة العمل … مريحة، حالمة، رائعة، سمها ما شئت!
على أن بول كان يدرك جيدا أن: جزءا من الإثارة يجب أن يكون من نصيب العمالة، ولذا كان نصيب كل مدير15% من أرباح الفرع، و10% من نصيب بقية العاملين في الفرع. ليس الربح فقط، بل عمد بول إلى مشاركة المديرين في الملكية، ملكية كل فرع، وهو برر ذلك بأنه – مهما بذل وفعل – لن يحقق ذات النتائج التي حققها مديرو الفروع حين وجدوا أنهم يملكون نصيبا حيث يعملون، فلا محفز أفضل من الملكية والربح.
كان بول يملك حق اختيار مكان إنشاء الفرع، وحينما يفشل أي مدير في تحقيق أرباح، كان بول يشتري نصيبه ويجعله يرحل. لقد كان بول يحب العمل مع أناس يربحون! لكن بول لم يكن ماديا بحتا، فهو عرف قيمة المرح وروح الدعابة، والتواضع والتبسط.
يوجز بول كل ما يقدمه من خدمات في محلاته، بأنه ساعد الناس للحصول على وظائف أفضل، وأن يبدؤوا أعمالا جديدة، وأن يغيروا مستقبلهم المهني، وأن يخططوا زيجاتهم، وأن يعلنوا عن مقدم أطفالهم للدنيا، وأن يتغلبوا على صرفهم من وظائفهم، وأن يطبعوا أعمالهم الفنية، وأن يعلنوا عن فقدان أطفالهم ومقتنياتهم…
حين يقول البعض، لستم سوى محل ينسخ الورق، يرد العاملون في كينكوز، إننا نفضل أن نرى دورنا على أننا ننقذ العالم!