بتـــــاريخ : 12/28/2010 8:59:17 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1049 0


    كتاب توقع اللامعقول – ج2

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : شبابيك | المصدر : www.shabayek.com

    كلمات مفتاحية  :


    لغز القيمة، كيف تجعل الرخيص غاليا والمرفوض مرغوبا؟
    يمضي الكاتب ليضرب مثلا آخر حدث في السبعينيات من القرن الماضي، حين كان الفرنسي جان كلود برييه يحاول الاستفادة من محصول اللؤلؤ أسود اللون الذي كان يملئ قاع المناطق المحيطة بجزيرته في مستعمرة جزر
    بولينيزيا الفرنسية (شرق أستراليا)، وحدث أن قابل سلفادور آشاييل، ملك اللؤلؤ كما يسمونه، وأقنعه بالدخول معه في مشروع لبيع وتسويق اللؤلؤ الأسود إلى العالم كله، حيث كان هذا النوع من اللؤلؤ مجهولا وقتها.
    بالطبع، لم يكن لهذا اللؤلؤ أي قيمة، وكان مجهولا لا يعرفه أحد أو سمع به، ورغم طوافهم على ملوك بيوت الموضة والأزياء، ومصممي المجوهرات والزينات، لكن أحدا لم يبدي اهتماما بوضع هذه الكرات السوداء الصغيرة على منتجاته من الجواهر والزينات. بعد مرور العام على هذا اللقاء، تمكن آشاييل من إقناع صديق عمره هاري وينستون – تاجر الأحجار الكريمة الشهير – لكي يضع هذه الكرات السوداء على أفخم وأثمن مجوهراته التي يصممها، وهو ما كان بالفعل.
    وضع هاري وينستون أثمانا خرافية لمجموعاته من الجواهر المحتضنة للؤلؤ الأسود، وساعده آشاييل بأن وضع إعلانات ودعايات في أفخم الأماكن لهذه المجموعة من المجوهرات، وما هي إلا أيام وبدأت الحسناوات الغنيات في شراء هذه الكرات السوداء الصغيرة التي زينت المجوهرات والأحجار الكريمة، وفجأة تحول التراب إلى ذهب أسود، وبدأ الطلب يزيد على هذا اللؤلؤ.

    إن تفسير هذا الأمر بسيط: يزهد الإنسان في كل ما هو سهل المنال، ولا يرتاح حتى يحصل على ما هو صعب الحصول عليه. ((ولعل هذا أيضا يفسر لماذا وجدت من طلبوا مشورتي في التسويق لا ينفذون ما أنصحهم به، فما جاء رخيصا، ذهب أرخص! ربما يجب علي أن أزيد صفرا إلى يمين الرقم الذي كنت قد وضعته ثمنا لاستشاراتي!))
    حاول العالم كونراد لورنز تفسير هذا السلوك البشري، ووجد أن ما حدث هو بمثابة الارتكاز أو التثبيت، حيث ثبت آشاييل لآلئه الرخيصة في قلب مجوهرات نفيسة، فحملت الأولى ذات التقييم الذي حصلت عليه الثانية، والتصقت قيمة الثانية بالأولى. هذه الواقعة تقودنا إلى نظرية القطيع، فحين نمر أمام مطعم جديد ونجده مكتظا والناس تصطف أمامه، حتما ستراودك نفسك لأن تزور هذا المطعم أو تقف تنتظر دورك في دخوله، ضمن نطاق نظرية القطيع والتي تقول أننا معاشر البشر نفترض – دون وعي منا – صحة حكم الآخرين على موقف ما، سواء كان الحكم عادلا أم لا.
    ثم ينتقل المؤلف إلى سحر الرقم صفر، وكيف أننا جميعا لا نستطيع أن نقاوم إغراء الحصول على شيء بدون مقابل، ولو كنا لسنا بحاجة إليه، حتى أن الكاتب استشهد بنفسه وكيف أنه يحب زيارة المتاحف في الأيام التي تكون بدون رسم دخول، رغم أنه يعاني في هذه الأيام من الازدحام ولو كان دفع رسم الدخول الرمزي لاستفاد من قلة الزحام وحقق الهدف الذي ذهب من أجله.
    الطريف أنه حين ابتكر أهل بابل الصفر، دخلوا في جدال مع فلاسفة الإغريق الذين استهجنوا وضع شيء ليرمز إلى لا شيء، فكيف نساوي بين شيء وبين لا شيء. للخروج من هذا الجدل العقيم، قرر العالم الهندي بينجالا ابتكار استخدام آخر للصفر، إذ وضعه بجانب الأرقام ليرمز إلى الأرقام العشرية ومن ثم يستخدم بعدها لكتابة الكسور وغيرها، ليأخذ المسلمون الصفر من بعدها ويطوره بشكل أكثر.

    رغم أن النظرة العامة لكل ما هو مجاني هي الاحتقار
    ، لكن من الجهة الأخرى حدث وطلبت منظمة لا تهدف للربح من بعض المحامين تقديم خدمات قانونية للفقراء مقابل أجر رمزي قليل، لكن هؤلاء رفضوا بشدة. خطرت فكرة جديدة لمسؤول في هذه المنظمة، إذ عاد وطلب من هؤلاء المحامين تقديم خدماتهم بدون أجر (= صفر) فوافقوا على الفور. طبعا تعليل الموافقة هو رغبة هؤلاء المحامين في الحصول على لقب اجتماعي مثل المحسن أو فاعل الخير أو صاحب القلب الرحيم. يرى الكاتب أنه حين دخلت الأرقام في المعادلة، أصبح جليا إلى أين تميل كفة الميزان، لكن حين خرجت الأرقام تماما، حل محلها الأعراف الاجتماعية والتي كان لها حسابات أخرى!
    ثم يعرض الكاتب مثالا آخر في الخمسينيات من القرن المنصرم، حين قام جراح القلب ليونارد كوب بإجراء بحث على مجموعة من مرضى الذبحة الصدرية، حيث شك الجراح في جدوى عمليات ربط الوريد لزيادة الدم الوارد إلى القلب ومن ثم القضاء على آثار الذبحة. اعتمدت التجربة على جمع عدد من مرضى الذبحة، ثم إجراء عمليات جراحية لهم جميعا، نصفهم سيحصلون على ربط للوريد، النصف الآخر سيحصل على فتحة في الجلد ثم خياطتها لتبدو وكأنها عملية ربط وريد فعلية.
    جاءت النتائج مذهلة، إذ أبدى الفريقان ارتياحا وزالت آلام الذبحة لديهم لمدة 3 أشهر تالية، وفشلت أجهزة مراقبة القلب الإلكترونية في رصد أي فارق في أداء قلوب من حصلوا على ربط الوريد ومن لم يحصلوا عليه، ولم تزد فترة زوال الآلام في الفريقين أكثر من 3 شهور، أي أن العلاج الوهمي يعطي نتائج العلاج الفعلي ذاتها، ساعد على ذلك رؤية الفريق الثاني لآثار الخياطة والجرح. ((هل نبتعد في التنظير ونزعم أن تأثير الوهم الذي نعيشه بإرادتنا – ربما بدون وعي منا – يمتد لمدة 3 أشهر فقط؟))
     
    في الكتاب أفكار أخرى، لكني عرضت لك ما وجدته ذا فائدة لنا هنا في المدونة ويتماشى مع النهج العام، لكن بالطبع، من ينوي قراءته سيجد فيه المزيد! وهنا حيث ينتهي ملخصي، فهل أطمع في أن تخبرني ما أكثر من نال إعجابك في هذا الملخص؟

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()