لا يحتاج الأمر لخبير لتوضيح أني لم أنتهي من كتابي في مهلة الأسبوعين والتي كنت قد قطعتها على نفسي لكي أضع نهاية لهذا التأجيل والتسويف مني، لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، أو قل: على السفن أن تشتهي ما تأتي به الرياح، فهذين الأسبوعين أوضحا لي بعض النقاط.
بداية، انتفاء الضغط النفسي للكتابة في المدونة بشكل دوري سمح لي بأن أقرأ المزيد من صفحات الكتب التي علت على طاولتي، الأمر الذي أوحى لي بالمزيد من الأفكار للموضوعات الممكن طرحها في المدونة. على الجهة الأخرى، لم يعد لمحدثكم جلد على الجلوس لفترات طويلة للقراءة والكتابة، حتى أني أجبرت نفسي ذات يوم على الجلوس للكتابة رغم التعب والإرهاق الذهني، فوجدت 30 دقيقة قد مرت علي وأني متجمد في مكاني لم أتقدم أو أتأخر، وهي علامات الحاجة للحصول على قسط من الراحة، لكنه يعني كذلك عدم القدرة على الانتهاء قبل المهلة المضروبة!
هذه الاكتشافات الصغيرة أوضحت لي أني لم أعد قادرا على المضي كما كنت فيما مضى، وأن الوقت قد حان للاستعانة بمن يشاركني الكتابة في المدونة ( أعضاء الفريق)، وقد كنت أرفض ذلك فيما مضى، لكن الوقت الآن وقت تغيير هذه القناعة، فهذا أفضل عندي من دخول زائر لمدونتي ثم لا يجد جديدا أو مفيدا فيها. كنت في الماضي أرفض اقتراحات أصدقاء بكتابة موضوعات في مدونتي، واليوم أعلن أني عدلت عن قراري هذا، وأصبحت متقبلا لفكرة نشر مساهمات من قراء المدونة.
على أن هذا لا يعني أني سأقبل أي مقالة تهبط في بريدي، فقد أكون غير قادر على الكتابة بمعدل سريع، لكني لن أتنازل عن الجودة، وعليه، فمن سيحزن حين أرفض مقالته فلعله من الأفضل لنا ألا يرسلها، فليس الأمر أني ملزم بقبول أي مقالة، بل يجب أن تكون ذات جودة عالية وأن تدور في فلك موضوعات المدونة السابق طرحها، كذلك، على صاحبها أن يتقبل ملاحظاتي على كلماته وأن يقبل التعديل والتنقيح، وأذكر نفسي وقارئي بهذا المدون الذي نصحته يوما أن يعدل من أسلوبه في الكتابة والذي وجدته يشبه مواضيع التعبير الإجبارية في مدارسنا، فرد علي ردا ناريا واتهمني بالغرور والصلف والتعالي، ولم يتطرق أبدا لمناقشة ملاحظاتي على كتاباته، وعليه وجب التحذير من ملاحظاتي، فهي ذات تأثير غير متوقع!
نعم، مر الأسبوعان دون الانتهاء من الكتابة، لكني متمسك بإنهاء كتابي هذا، وتحول بيني وبين إنهائه قصتا نجاح، أقضي وقتي الآن في العثور عليهما، وأوضح أني لم أضع أي قصة نجاح عربية في هذه الباقة، ولي في ذلك أسباب كثيرة، منها أن غيري كتب العديد من هذه القصص، ومنها أن القصص العربية التي طرحتها في مدونتي لم تجد التقدير الكافي لتضمينها في كتاب، وأما قصة الوليد بن طلال فكتبها هو بنفسه في كتاب كامل، وأما قصة الراجحي فحكاها هو في شريط صوتي، وبالتالي لا جديد عندي لأضيفه، وأما قصة سنجاب فمكانها كتاب عن النجاح في الحياة لا في مجال التجارة.
وأقولها مرة أخرى، من لديه قصص نجاح عربية فليكتبها هو في مدونته وفي كتابه، فعالم انترنت مفتوح، والمجال أيضا مفتوح لمن يريد أن يكتب عما يشاء، فليس الأمر أن شبايك هذا هو أفضل من كتب قصص النجاح أو الوحيد أو الأخير، بل هو الاجتهاد مني، والتوفيق من الله، وباب الاجتهاد مفتوح للجميع، وباب التوفيق من الله مربوط بقدر الاجتهاد وإخلاص النية لله. كذلك، لو لم يكتب شبايك عن قصص نجاح عربية، فهل هي نهاية العالم؟ هل هي خيانة القضية؟ أبدا، الأمر أهون من ذلك. (على الجهة الأخرى، على من قال بأن كتابة قصص النجاح العربية أمر سهل تجربة كتابة 10 قصص عربية بدقة وتفصيل، ونشرها بدون مقابل على انترنت، ثم نناقشه بعدها!)
نقطة أحب توضيحها بخصوص كتابي المقبل: لن أوفر الكتاب كاملا للتنزيل من أول يوم، ذلك أني ملتزم أدبيا بتعويض ناشري عما لحق به من انتكاسة كتابي الخامس التسويق للجميع، إذ لم يبع هو الآخر كما كان المتوقع له، وقد كنت أنا من طلب من ناشري نشر هذا الكتاب، ولم يطلب هو، فاضطر الرجل مشكورا لقبول رغبتي، رغم حدسه بأن السوق العربي ليس جاهزا لكتاب عربي عن التسويق، وهو ما ثبت من واقع أرقام المبيعات. وعليه، فسأجعل بعض القصص متوفرة فقط في الكتاب المنشور على أمل تحفيز القراء لشرائه، وبعد عام من نشر الكتاب، سأوفر ملف الكتاب كاملا للتنزيل المجاني كما أفعل دائما، وسأنشر قصص النجاح التي جاءت فيه في المدونة، وليس في الأمر خيانة مني لعهد قطعته من قبل أو وعد، ولكني لا أريد أن يخسر غيري بسببي، ولعل هذا الكتاب يكون آخر الكتب التي أنشرها مع ناشري، وأعود بعدها للاقتصار على النشر عبر موقع لولو. هذه التجربة أرجو أن يأخذها بعين الاعتبار من يراسلونني طالبين حق نشر كتبي، فرغم كل شيء، تبقى الأرقام أصدق من غيرها. (أنتهز الفرصة لأشكر كل من قام بشراء كتبي في معرض الكتاب الأخير بالقاهرة، فلقد ساعدتموني على تقليل خسائر ناشري).
وعليه، وحتى الانتهاء من كتابي المقبل، فستجدون هنا المقالات الصغيرة السريعة، لقصص نجاح وجدتها لكنها قصيرة لا تروي ظمأ القارئ العربي، بعدها نعود للدسم من المقالات، بفضل الله تعالى.