بتـــــاريخ : 12/27/2010 6:31:22 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 854 0


    الكتب القيمة ليست سمينة بالضرورة

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : شبابيك | المصدر : www.shabayek.com

    كلمات مفتاحية  :
    الكتب القيمة سمينة الضرورة

    الإضافة الأولى للموضوع:
    • ردا على السؤال، لماذا تستمر في مناقشة ومحاورة من يتركون تعليقات وآراء أظنها سلبية – أقول حبا فيهم ورغبة في تبصيرهم بما أظنه الحق. تخيل معي لو يأس رسول الله من إسلام عُمر أو خالد بن الوليد أو عكرمة.
    • كتاباتك الأخيرة أصبح يطغى عليها السلبية والتشاؤم – بل هي محاولات لمناقشة الواقع ومحاولة الخروج من مشاكله بطرق واقعية قابلة للتطبيق، مع التنبيه قدر الإمكان على عيوب بعض الحلول والمخارج.
    • غرضي من هذه المدونة التي استمرت على مر أكثر من 5 سنوات هو أن أكون سببا في خروج 100 رجل أعمال عصامي عربي بدأوا من الصفر حتى يبلغوا قمة جبل النجاح. هؤلاء يجب أن يعرفوا أن الواقع غير وردي، وأن التفاؤل لا يعني التعامي عن الواقع. النجاح يبدأ بأن نرى الواقع بدون رتوش، ثم نطلق عنان العقل في التفكير خارج الصندوق، ثم نعيد هذه الأفكار إلى داخل صندوق الواقع. أنا هنا لا أحكي قصصا أسطورية أو خيالات، بل أعد وأجهز تجارا وناجحين لدخول معترك الحياة. هذا الأمر يعني أنك ستجد تدوينة حالمة وأخرى تعكس كآبة الواقع. هكذا هي الحياة التي نعيشها، ولو كانت غير ذلك لكان اسمها الجنة!
    • نعم، أعلم أن ليس الكل يقدر على دفع هذا الرقم مقابل كتبي، وأن هناك ما هو أفضل منها. صحيح، لكنك لن تجد لمسات شبايك هناك :)
    تقدم أخ كريم من الرياض / السعودية بعرض شراء عدة نسخ من الإصدارة الخاصة من كتابي 25 قصة نجاح والذي يضم الباقة الأولى والثانية، على أن يتولى بيعها في الرياض بنفسه، وعبر موقع سوق.كوم في بقية أنحاء المملكة. توصلت معه إلى أن سعر 80 ريالا للكتاب هو الأنسب، أرخص من سعر الشراء عبر موقع لولو، ولا يضطر المشتري للانتظار حتى وصول ما اشتراه. نوهت عن هذه المبادرة الطيبة على تويتر، وكان رد الفعل من البعض أن سعر 80 ريالا مبالغا فيه.
    قبلها كان مشترك آخر في تويتر ترك لي رسائل مفادها أن بيعي لكتبي عبر موقع لولو مع توفيرها للتنزيل الكامل بالمجان لهو نوع من الغش للمشترين، ثم أنهى كلامه بأن كتبي لا تستحق ثمنها لأنها ليست بكتب طب أو هندسة. على الجانب الآخر، ينصحني الكثيرون ألا أهتم لهذه التعليقات والآراء السلبية وأن استمر في طريقي. المشكلة أن هذه الآراء ليست بالآحاد القليلة التي لا تهتم لها، بل هي بالعشرات، إن لم يكن المئات، ولأن الكثيرون من المتابعين لي اختاروا الصمت، ما يعني أنهم قد يشاركون هؤلاء في آرائهم، لذا وجب التعليق على هذه الآراء ومناقشتها.
    دعونا نأخذ وجهة نظر من قالوا بأن كتابي الأخير غالي الثمن. عدد صفحات كتابي هذا يساوي 200 صفحة، ثمنها 100 ريال (فرضا لتسهيل الحساب) الأمر الذي يجعل الريال يشتري صفحتين. لو نظرنا إلى الكتب المترجمة التي توفرها مكتبة جرير مثلا، تصبح هذه النسبة ريالا مقابل 6-10 صفحات. إذا دخلنا إلى سوق الورق الخام، ربما اشترت المئة ريال نصف طن ورق خام. إذا أخذنا في الاعتبار الورق المعاد تدويره، ربما حصلنا على طن من الورق قليل الجودة مقابل مئة ريال (مرة أخرى، على سبيل توضيح الفكرة). (الدولار الأمريكي يعادل 3.75 ريالا سعوديا).
    السؤال الآن: هل نحن في سوق شراء الورق؟ هل حين تشتري كتابا، تشتريه لأنه ثقيل في ميزان الورق؟ إذا كان الأمر كذلك، إذا اشتريت صحيفة الأمس، ستحصل على سعر طيب. إذا اشتريت صحيفة الشهر الماضي، ستحصل على سعر أفضل بكثير، وهكذا.
    في عالم التجارة، ستجد الحكمة التي تقول: ما ضاع من مالك ما علمك. ستجد من نثق في علمهم يخبرونك أن الكتاب الواحد إذا أعطاك فكرة واحدة جديدة تماما فقد ربح البيع. في حالتي شخصيا، حين هبط في بريدي يوما أكثر من 50 رسالة وتعليقا يشكون من عيوب في موقع خمسات، وبعدما نشرت خطبة عصماء في وصف آلية عمل الموقع، وتبين بعدها أن آلية العمل الفعلية على غير ما أقول، قضيت ليلة عصيبة أفكر فيها، ما الذي فعلته بنفسي؟ لماذا دخلت معترك تصميم مواقع خدمية كلها مشاكل ومصاعب؟ كان أول ما خطر على بالي وقتها هو الخروج السريع، والاعتذار للجميع وغلق موقع خمسات، ويكفي أني أثبت جدوى الفكرة.
    كنت لأفعلها لولا أني لجأت إلى كتاب The Knack لمؤلفه الذي أطلق عدة مشاريع وشراكات ناجحة وخاسرة، وله تجارب ثقيلة في الميزان. كان من ضمن ما نصح به المؤلف للمتأثل (انتربنور) هو ألا يترك الفزع والهلع يسيطر عليه حين تقع المشاكل، لأن كل مشروع وتجارة ستواجه عاصفة من المشاكل، والناجح هو من يثبت في مواجهة إعصار المشاكل، ويبدأ يفكر في حل كل مشكلة بشكل صحيح. نصيحة المؤلف هي أن المشاكل مكون أساس في الحياة، وظيفة الناجح أن يحلها، ولا يهرب منها أو يتفادها. هذه الصفحة الصغيرة من الكتاب والتي حوت هذه الكلمات أعادت إلي الثقة، وجعلتني أمضي في المدونة متحدثا عن مواضيع أخرى، تاركا فريق البرمجة يحل المشكلة تلو المشكلة، طالبا من أصحاب المشاكل الصبر علينا. هذه الصفحة في نظري تعادل ما دفعته في الكتاب كله وفوقها زيادة مضاعفة، كل هذا وأنا لم أنتهي من الكتاب بعد.
    أعود لأصحاب ثمن الكتاب غال، لو كنت عملت برأيهم، لأغلقت الموقع وبحثت عن شاب عربي آخر أثبطه وأقول له ما تفعله غير مفيد، أو نوع من الغش، أو سعرك غال، أو موقعك مليء بالعيوب. طبعا، هذا الفرار من مواجهة المشاكل لن ينتهي، فكلما واجهتني معضلة في حياتي، سأتبع الأسلوب ذاته: الفرار والشكوى.
    هذا الحديث يذكرني بلغز محير، يسمونه لغز القيمة أو Paradox of value، واللغز الذي يصعب فهمه، هو أن الإنسان إذا منعته الماء مات، في حين إذا منعته الماس لم يؤثر ذلك كثيرا على حياته، رغم ذلك تجد ثمن الماء رخيصا والماس غاليا جدا. صال العلماء وجال الخبراء في محاولة تبرير هذا اللغز، وأما أنا فأضيف إليه المثل الانجليزي If you pay peanuts you get monkeys أو إذا دفعت ثمنا رخيصا حصلت على أشياء رخيصة، أو ترجمتي الخاصة وهي: الفول السوداني سيجلب لك قرودا لا أكثر.
    المعنى والشاهد هو أن الكتاب القيم ليس بالضرورة ذاك الممتد عبر مئات الصفحات الكبيرة وإلا لكان دليل أرقام الهواتف في كل بلد هو أغلى الكتب وأقيمها.
    أقرضني ربيع كتابا اسمه ‘رحلة داخل عقل ستيف جوبز’، من ترجمة ونشر الدار العربية للعلوم. هذا الكتاب كله أخطاء في الترجمة، وهو فضيحة لدار النشر، لأن الأخطاء الواردة فيه تدل على استهتار واستخفاف بعقل القارئ العربي، ويكفي أن اضرب مثلين جاءا في سياق الكتاب المعرب: مثل أن غاي كوازاكي هو الرئيس الأسبق لشركة أبل (صفحتي 16+ 66)، وأن شركة الينوير Alienware هي مصنع لآلات القمار (صفحة 44).
    غاي كوازاكي أو Guy Kawasaki لم يكن رئيسا لشركة أبل قط، بل مجرد موظف وكان العمل لدى ابل ثاني وظيفة يلتحق بها في شبابه. شركة الينوير متخصصة في تجميع وتصميم أجهزة كمبيوتر مكتبية ومحمولة قادرة على تشغيل ألعاب الكمبيوتر (PC Games) بكفاءة عالية جدا (وكذلك تحرير الفيديو والتحريك)، ولا علاقة لها من بعيد أو قريب بمصانع آلات القمار. (النسخة العربية من الكتاب غنية بأخطاء أخرى، لمن أراد التفكه).
    الآن، دعونا نفكر بهدوء. ما سبب رداءة الترجمة؟ قبلها أقول أن المترجم لم يخطئ، فكلمة Games الانجليزية ذات معان كثيرة، منها القمار، لكنه ليس المعنى الأشهر أو الأول. حين تواجه جملة انجليزية مثل: He took the right way يمكن لك أن تترجمها: هو أخذ الطريق الصحيح، أو هو أخذ الطريق الأيمن. الفيصل هو أن تفهم سياق الكلام وعلى أساسه تختار الترجمة المناسب. هل التبس عليك الأمر؟ إما تسأل الكاتب الأصلي، أو تستعين بخبير في المجال.
    لماذا لم تفعل ذلك دار النشر العربية؟ هل لأنها تتعامل مع جمهور سيخبرها أن 80 ريالا سعرا مغالى فيه وعليه عمدت لتقليل الكلفة والجودة والدقة؟
    ذات مرة راسلني أخ طيب يريد شراء إعلان رابط نصي عندي، بتكلفة 150 ريالا، لكنه طلب خصما وحسما كشرط لإتمام الشراء. رددت عليه بسؤال، هل لو حللت عليه ضيفا في بيته، هل كان ليقيم لي عزيمة (أو عزومة / وليمة)؟ جاءني رده، طبعا، نحن أهل الكرم وفقط جربنا وانظر ماذا سنفعل. رددت عليه: كم كانت هذه العزيمة لتكلفك؟ فهم الرجل مقصدي، وأرسل لي يطلب شراء إعلان لمدة سنة دون أن يطلب خصما.
    نعم، كتاب قوامه 200 صفحة مقابل 100 ريال هو كتاب غالي الثمن، لكن كذلك السيارة المرسيدس والليكسس والبوجاتي والفيراري والبورشة، كلها سيارات غالية الثمن. لماذا تشتريها وتحلم بشرائها في حين أن إيران ومصر وسوريا، كلها تصنع سيارات على أراضيها؟ وكل سيارة من هؤلاء ستصل بك إلى الوجهة التي تطلبها. لماذا تشتري سيارة موديل العام، حين يمكنك أن تستورد سيارة عاملة مر عليها عشرات السنين بسعر رخيص للغاية؟
    لماذا تشتري الغالي والثمين من الملابس، في حين أن قطعة قماش تسترك تكفيك؟
    لماذا تقبل أن تدفع في وجبة طعام أكثر من 100 ريال، وترفض أن تدفع مثلها في كتاب، على الرغم من أن نهاية المنتج الأول أسرع من نهاية المنتج الثاني، فالطعام سيفنى، في حين أن معلومات الكتاب ستبقى وربما نفعتك وأربحتك؟
    العبرة ليست بثمن السلعة أو سعر الكتاب. العبرة بفائدة السلعة وأفكار الكتاب. الطعام الصيني المعلب رخيص للغاية، لكن حتى القطط ماتت منه لأنه رديء ومصنوع من أرخص المكونات. كلامي هذا لا يعني أن الغالي جيد أو فاخر فقط لارتفاع ثمنه وسعره. الفائدة التي ستحصل عليها هي المعيار الذي يجب أن تبني عليه قرارك بالشراء أو عدمه. ثمن الكتاب ليس الورق المطبوع عليه، ثمن الكتاب هو الجهد المبذول فيه والفائدة المتحصل عليها منه.
     
    إذا كنت لا تريد أن تدفع الكثير في كتاب مفيد، فربما عليك تقبل أن غاي كوازاكي هو رئيس ابل السابق، وأن الينوير هي مصنع لآلات القمار… لكن إذا فعلت فلا تنتظر نهضة أو تقدما، فالأمم كلها نهضت حين أعلت من شأن العلوم ومؤلفي الكتب، وهوت حين قللت من شأنهم.

    كلمات مفتاحية  :
    الكتب القيمة سمينة الضرورة

    تعليقات الزوار ()