بتـــــاريخ : 12/26/2010 6:42:53 PM
الفــــــــئة
  • الأخبـــــــــــار
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 877 0


    تأملات في حال الصحافة اليوم

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : شبايك | المصدر : www.shabayek.com

    كلمات مفتاحية  :
    تأملات حال الصحافة اليوم

    تواجه الصحافة – العربية تحديدا والعالمية بشكل عام، تحديات كثيرة، فعدد قراء النسخ الورقية إلى تراجع كبير، ومعه تراجعت عوائد الإعلانات المطبوعة. بشكل عام، الصحافة نوع من أنواع التجارة، تهدف لتحقيق الربح، مع تقديم خدمة جيدة. إصدار جريدة يومية عملية مكلفة للغاية، وتحتاج إلى جيش من المحررين والصحفيين والمخرجين والمدققين وغيرهم. ربح أي جريدة يأتي من بيع نسخ الجريدة، وهذا في الماضي، أما الآن وفي ظل المنافسة، فالدخل مصدره بيع الإعلانات في المقام الأول.


    هذا التحول صاحبه شيء قبيح، إذ تحول المعلن السخي متحكما في توجه الصحيفة، فالسيف مسلول على عنق كل جريدة، إذا نشرت أي شيء يغضب المعلن، فسيوقف إنفاقه مع هذه الصحيفة ويذهب إلى تلك. إذا حدث ذلك من أكثر من معلن، فسيجد صاحب الصحيفة أنه في مأزق مالي مؤلم. لعلاج هذه المشكلة، تدخلت بعض الحكومات لتقدم الدعم المالي لمن ترضى عنها من الجرائد. هذا التدخل ظاهره الرحمة، لكنه في الحقيقة كان نوعا آخر من السيف المسلول، فبدلا من مجاملة المعلن السخي، أصبح على الجريدة مجاملة الحكومة.
    سواء هذا السيف أو ذاك، فالقارئ اليوم من الذكاء بحيث يدرك أن المنشور ظاهره الشجاعة الصحفية، وباطنه الحفاظ على المصالح. لو لم يكن هناك بديل، لبقي الحال على ما هو عليه. لكن دخول شبكة انترنت إلى حياتنا بهذه الصورة الطاغية قلب الموازين، ولأننا معاشر العرب نفضل التغيير البطيء، يتطلب الأمر مرور وقت حتى نرى آثار هذا التغيير.
    في التدوينة قبل السابقة (الرابط) تحدثت عن وسائل نشر الخبر الصحفي، ومن ضمنها مراسلة حشود الصحفيين، لكي ينشروا هذا الخبر الصحفي. في الوقت الحالي، وبشكل عام ومع استثناء بعض الحالات، يتوقف نشر أي صحفي لأي خبر على مدى تقبله لخفة دم مرسل الخبر، وبعدها لمقدار الإعلانات التي ينشرها كل صاحب خبر. هل تذكر كم مرة قرأت فيها خبرا عن شركة ما، ثم في الصفحة التالية أو المقابلة تجد إعلانا لها يملئ كل الصفحة؟ لولا ذاك ما كان هذا الأول.
    ستسمع تبريرات كثيرة، لكن الحقيقة تبقى أنه لو صاحب الخبر الصحفي شراء إعلان مدفوع، لقفزت احتمالات نشره للسماء. المشكلة الفعلية هنا هو أن الخبر المنشور لم يأت لأنه يستحق النشر، بل لأن في نشره مصلحة وربح. بمرور الأيام، لا عجب إن وجدنا عددا كبيرا من القراء يعزف كليا عن الجرائد لأنها تحولت دعايات وإعلانات مقنعة، وسيفيق الجميع ذات يوم على الحقيقة المؤلمة: الجرائد العربية لم تعد وسيلة إعلامية مؤثرة فعليا. قد يأتي هذا اليوم بعد سنة أو عشر أو خمسين، لكنه سيأتي حتما.
    حين تغرب شمس وسيلة إعلامية، يكون ذلك آذانا ببزوغ شمس وسيلة أخرى، ولا نملك هنا سوى تقديم توقع مدروس لهذا الجديد المنتظر. قد تكون الصحافة الإلكترونية، وقد نتحول لقراءة المواقع الإخبارية على الحواسيب اللوحية (مثل آيباد)، وربما ظهر شيء جديد مماثل، لكن كل هذه المواقع ستخضع للقاعدة ذاتها، فهي تجارة وتحتاج إلى عائد ودخل وربح لسداد النفقات ودفع المرتبات، ومرة أخرى سيكون المعلن صاحب اليد العليا.
    لا زلنا مع السؤال: ماذا يفعل صاحب الشركة الناشئة لينشر خبره الصحفي؟ ربما أفضل بداية هي مواقع انترنت لنشر الأخبار الصحفية – بالانجليزية وبدون مقابل، فعلى عكس الواقع العربي، تجد الواقع الانجليزي متقبلا بدرجة أفضل لفكرة أداء الأعمال والتجارة عبر شبكة انترنت، وحين يجد الباحث عن عقد صفقات تجارية أن الشركة الناشئة مهتمة بنشر أخبارها الصحفية باللغة الانجليزية، ربما شجعه هذا أكثر على التواصل والتعامل معها. من ضمن ما أنصح به السائلين: على كل شركة ناشئة ألا تركز فقط على سوقها المحلية، وأن تتوجه إلى السوق العالمي، وهذا يتطلب استعمال لغة هذا السوق، واقصد بها الانجليزية.
    لا تفهم كلامي على أنه دعوة للتركيز على الانجليزية وهجر العربية، لكن ما لم تقدم الصحافة العربية يد المساعدة للمشاريع الناشئة، فلا يجب على تلك الصحافة أن تلوم تلك المشاريع الناشئة إذا اشتد ساعدها بمساعدة الصحافة غير العربية وظلت وفية فقط لمن ساعدها. التصفيق يتطلب يدين تعملان معا، لكن اليد الواحدة تعجز عنه. إذا اهتمت الصحافة العربية بأرباحها وحسب، فلا تلومن على من سيفعل مثلها.
    على الجانب:
    سألني سائل لماذا كل هذا الحديث عن جوجل ومشاكلي معه، ولعل سبب ذلك ارتباطي العاطفي مع جوجل، فلا زلت أذكر حين كان موقعا صغيرا ناشئا، وكنت متحمسا له بشدة، أطلب من كل من أعرفهم استعماله وترك مواقع البحث الأخرى التي كانت تعذب زوارها، وتعرض قائمة من الإعلانات قبل أن تعرض نتائج البحث، حتى جاء جوجل وأراحنا من هذا العذاب. حديثي الطويل عن جوجل سببه أني أريده ألا يقع ضحية لسوء استغلال المستغلين، وأريده أن يبقى كما هو في نظري، أفضل وأذكي وأجود محرك بحث، عن استحقاق فعلي لا عاطفي. موقع ياهوو كان يوما أول وأفضل موقع بحث، انظر إلى حاله اليوم، بلغ به الغباء بحيث سيغلق موقع ديليشوس (
    رابط الخبر) بعدما اشتراه بسعر كبير (الرابط)، وكم أخشى أن يأتي الدور على مكتوب، بعدما استقطب باقة من العقول العربية الواعدة، ولا أظن هذه نهاية الأخبار المحزنة من ياهوو.
    حديثي الطويل عن جوجل غرضه أن ينتبه لما يحدث، فالعبرة هي بالمحتوى ذاته، وليس طريقة عنونته أو زج كلمات ذات أهمية بحثية في السياق. موقع جوجل عندي يمثل انتصار العقل والعبقرية على المادة والرغبة الفجة في الربح، وأريده أن يبقى كذلك. نعم، نجاح موقع جوجل عريض وطاغي، لكن ياهوو كان كذلك يوما، وهاهو يتراجع اليوم. كانت نوكيا أفضل وأشهر شركة جوالات، ها هي اليوم تصدر عنها أخبار مقبضة مثل نيتها تقليص العمالة لديها أكثر (
    رابط الخبر)، وكل هذه ليست نذر خير. ما أريده من جوجل هو أن يبقى رمز الأمل والنجاح الممكن والقدرة على المجيء بالفذ والعبقري وغير المسبوق.

    كلمات مفتاحية  :
    تأملات حال الصحافة اليوم

    تعليقات الزوار ()