حكم من بدأ العمرة ولم يتمها
قدر الله أن أذهب لأداء العمرة في شهر رمضان المبارك الفائت، ولما بدأت الطواف ولشدة الزحام لم أكمله، فخرجت من مكة وعدت إلى مدينتي، وكان ذلك ليلة سبع وعشرين. وأسأل سماحة شيخنا حفظه الله عما يترتب علي، مع العلم أنني - والحمد لله - أتمتع بصحة جيدة؟ أفيدونا أفادكم الله.[1]
قد أخطأت فيما فعلت - عفا الله عنا وعنك - وكان الواجب عليك أن تكمل العمرة في وقت آخر غير وقت الزحام؛ لقول الله سبحانه: وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ[2].
وقد أجمع العلماء، على أنه يجب على من أحرم بحج أو عمرة أن يكمل ذلك، وألا يتحلل منهما إلا بعد الفراغ من أعمال العمرة، ومن الأعمال التي تبيح له التحلل من أعمال الحج، إلا المحصر والمشترط إذا تحقق شرطه.
فعليك التوبة مما فعلت، وعليك مع ذلك أن تعيد ملابس الإحرام، وتتجنب محظورات الإحرام، وتذهب إلى مكة لإكمال العمرة؛ للطواف والسعي والحلق أو التقصير، وعليك مع ذلك دم، وهو: سبع بدنة، أو سبع بقرة، أو رأس من الغنم؛ ثني معز أو جذع ضأن، إن كنت جامعت امرأتك في المدة المذكورة، وعليك أن تذهب إلى الميقات الذي أحرمت منه بالأول وتحرم بعمرة جديدة، وتؤدي مناسكها؛ قضاء للعمرة الفاسدة بالجماع، مع التوبة مما فعلت، كما تقدم.
وإن كنت تعلم الحكم، وأنه لا يجوز لك هذا العمل، فعليك إطعام ستة مساكين؛ لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد من بر أو أرز أو غيرهما، أو ذبح شاة، أو صيام ثلاثة أيام عن لبس المخيط، ومثل ذلك عن تغطية الرأس، ومثل ذلك عن الطيب، ومثل ذلك عن قلم الأظفار، ومثل ذلك عن حلق الشعر في المدة المذكورة.
أما إن كنت جاهلاً، فليس عليك شيء من الفدية المذكورة؛ لقول الله سبحانه: رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا[3]، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله أجاب هذه الدعوة، ولأدلة أخرى في ذلك، والله الموفق.
[1] من كتاب (فتاوى إسلامية)، جمع الشيخ محمد المسند، ج2.
[2] سورة البقرة، الآية 196.
[3] سورة البقرة، الآية 286.
مجموع فتاوى ومقالات متنوعة المجلد الثامن عشر.