دبلن (ا ف ب) - اثارت خطة التقشف الايرلندية الصارمة التي اشادت بها بروكسل معتبرة انها "قاعدة متينة" لمنح الجزيرة مساعدة دولية، احتجاجات شديدة في البلاد حيث رأت النقابات انها جائرة بينما يتخوف خبراء الاقتصاد من انعكاساتها على الانتعاش الاقتصادي الذي ما زال هشا.
وفي وسط دبلن كان الايرلنديون تحت وقع الصدمة صباح اليوم غداة اعلان الحكومة خطة التقشف هذه التي جاءت اقسى بكثير مما كانوا يتوقعونه. ويقول رجل في الاربعين ستؤدي هذه الخطة الى خفض راتبه الادنى بنسبة 12% "انه حكم بالموت. انني اعيش على الادوية. والان سيكون علي الاختيار بين شراء ادويتي او شراء طعامي".
وكانت الحكومة الايرلندية اعلنت الاربعاء خطة تقشف على اربع سنوات ترمي الى توفير 15 مليار يورو من الان وحتى 2014 تمهيدا لمنحها مساعدة من الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي.
وتقضي هذه الخطة بخفض اعانات البطالة والاعانات العائلية وكذلك معاشات الموظفين والحد الادنى للاجور مع الغاء نحو 25 الف وظيفة عامة.
والهدف من ذلك هو رد العجز العام الايرلندي الى نسبة 3% من اجمالي الناتج الداخلي كما يطلب الاتحاد الاوروبي. وكانت هذه النسبة بلغت 32% هذا العام بسبب اضطرار ايرلندا الى ضخ 50 مليار يورو في مصارفها لانقاذها من الافلاس.
وتشكل خطة التقشف شرطا الزاميا للحصول على مساعدة الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي التي يتم بلورتها حاليا.
وقال المفوض الاوروبي للشؤون الاقتصادية اولي رين مساء الاربعاء في بروكسل ان هذه الخطة تشكل "قاعدة صلبة للمفاوضات بشان الاصلاحات المالية والهيكلية (التي ستكون جزءا) من برنامج المساعدة المالية الدولية التي طلبتها ايرلندا من الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي".
لكن في الجزيرة النظرة مختلفة تماما.
وعنونت صحيفة "ايريش اكسامينر" "اقتطاعات للجميع ما عدا السياسيين". وقالت "ايريش صن" ان الاقتطاعات "ستضرب الجميع لكن (رئيس الوزراء بريان) كوين سيستمر في تلقي الراتب نفسه الذي يتلقاه (الرئيس الاميركي) باراك اوباما". ومع ذلك اعتبرت غالبية الصحف اعتبرت شانها شان الحكومة انه "لا يوجد بديل".
لكن النقابات لا تشاطر هذا الراي. فقد حذر جاك اوكنور رئيس نقابة "سيبتو"، اكبر نقابة في البلاد، من ان "هذه الخطة هي خارطة طريق نحو العصر الحجري واعلان حرب على اصحاب الرواتب المنخفضة".
واعتبر ديفيد بيج الامين العام ل"ايريش كونغرس اوف تريد يونيونز" وهي اكبر كونفدرالية نقابية في البلاد، ان "اول المستهدفين هم الاكثر ضعفا".
وتدعو النقابات الى "المقاومة" خلال تظاهرة تنظمها السبت الكونفدرالية النقابية التي تراهن على مشاركة "عشرات الالاف" في هذا التظاهرة.
والغضب الشعبي، الذي بلغ ذروته بعد "الاذلال" الذي شعر به الايرلنديون مع طلب المساعدة الخارجية، لا بد وان يترجم في صناديق الاقتراع خلال الانتخابات التشريعية الجزئية التي ستجرى الخميس في مقاطعة دونيغل (شمال غرب) كما تشير استطلاعات الرأي التي توقعت خسارة الحزب الحاكم "فيانا فيل" (وسط) لتفقد الغالبية الحكومية بذلك نائبين قبل عرض ميزانية عام 2011 التقشفية على البرلمان في السابع من كانون الاول/ديسمبر المقبل.
ويدعو رئيس الوزراء الى وعي وطني للتصويت على التقشف مذكرا بانه مطلب بروكسل الا ان المعارضة تبدي ترددا. وحذر ال"فين غايل"، حزب المعارضة الرئيسي، من انه سيطلب من الاتحاد الاوروبي اعادة التفاوض على الخطة الايرلندية.
وتثير الاقتطاعات الضخمة القلق على الانتعاش الاقتصادي الهش. ويقول كونستانتين غوردجيف الاستاذ في جامعة ترينيتي كوليدج في دبلن لفرانس برس ان "الاجراءات الضريبية سيكون لها تاثير كبير على الطلب وسيستمر الاستهلاك في حالة كساد".
وابدت شركة تعاملات البورصة الايرلندية "ديفي ريسيرتش" دهشتها لكون الخطة "لا تتضمن اي احتياطي لضخ راس مال جديد محتمل في الجهاز المصرفي قد يتطلبه الامر".
وقد جرى بالفعل تعويم البنوك الايرلندية الغارقة في الديون بمنحها نحو 50 مليار يورو الا ان حجم الخصوم غير معروف بعد وقد يصل الى مئات المليارات.