بتـــــاريخ : 11/10/2010 10:51:43 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1341 0


    قبيل الرحيل من أرض الحجيج

    الناقل : SunSet | العمر :37 | الكاتب الأصلى : شائع محمد الغبيشي | المصدر : saaid.net

    كلمات مفتاحية  :

    المقدمة

    الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره ، نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )) [آل عمران : 102]. (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمِ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا )) [النساء : 1]. ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا )) [الأحزاب : 70 ، 71]. أما بعد:-

    فإن من فضل الله و منّته على عباده أن جعل لهم في أيام الدهر نفحات يتعرضون لها ويتاجرون فيها مع الله ويفيض عليهم ربهم من فضله و عظيم جوده و كرمه وبره وإحسانه فيحصل لهم من الأجر الجزيل و الخير العميم ما لا يحصيه إلا هو سبحانه فطوبى ثم طوبى لمن تعرض لهذه النفحات و تلك الهبات فعن محمد بن مسلمة مرفوعاً : ( إن في أيام الدهر نفحات فتعرضوا لها فلعل أحدكم أن تصيبه نفحة فلا يشقى بعدها أبداً ) روى الطبراني صحيح الجامع

    ومن تلكم النفحات الربانية و المنح الإلهية رحلة الحج التي كثرت فضائلها و من تلك الفضائل على سبيل الذكر لا الحصر :

    أن الحج والعمرة سبب لمغفرة الذنوب و زوال الفقر:
    عن ابن مسعود قال: قال رسول الله: (تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة) رواه أحمد والترمذي و ابن خزيمة وصححه الألباني
    وعن ابن عمر قال: قال رسول الله: (أما خروجك من بيتك تؤم البيت الحرام، فإن لك بكل وطأة تطؤها راحلتك، يكتب الله بها لك حسنة، ويمحو عنك بها سيئة وأما وقوفك بعرفة فإن الله عز وجل ينزل إلى السماء الدنيا فيباهي بهم الملائكة، فيقول: هؤلاء عبادي، جاءوني شعثاً غبراً من كل فج عميق، يرجون رحمتي، ويخافون عذابي ولم يروني فكيف لو رأوني؟ فلو كان عليك مثل رمل عالج، أو مثل أيام الدنيا، أو مثل قطر السماء ذنوباً غسلها الله عنك، وأما رميك الجمار فإنه مدخور لك، وأما حلقك رأسك فإن لك بكل شعرة تسقط حسنة، فإذا طفت بالبيت خرجت من ذنوبك كيوم ولدتك أمك) رواه عبد الرزاق في المصنف الطبراني وحسنه الألباني في صحيح الجامع .

    أن للحاج دعوة مستجابة :
    عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي قال: ( الغازي في سبيل الله والحاج والمعتمر وفد الله دعاهم فأجابوه، وسألوه فأعطاهم) رواه ابن ماجه و ابن حبان و حسنه الألباني

    أن الحاج في ضمان الله حفظه :
    عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم : ( ثلاثة في ضمان الله عز وجل: رجل خرج إلى مسجد من مساجد الله، ورجل خرج غازياً في سبيل الله، ورجل خرج حاجاً) رواه أبو نعيم في الحلية و صححه الألباني في صحيح الجامع رحمه الله .

    أن الحج جهاد :
    عن عائشة رضي الله عنها قالت : قلت يا رسول الله نرى الجهاد أفضل العمل أفلا نجاهد . قال : ( لكن أفضل الجهاد حج مبرور ) رواه البخاري
    وبعد ذكر هذه الفضائل العظيمة ندرك أن رحلة بهذه الفضائل تحتاج إلى الوقوف والتأمل و الحرص على استغلال جميع أوقاتها بما يقرب إلى الله عز وجل ومن هنا كانت هذه الكلمات التي بين يديك تذكرة لمن وفقه الله لهذه الرحلة و أوشك على الرحيل من أرض الحجيج علّه أن يستفيد منها وعلّها أن تساعده في استغلال الأنفاس الأخيرة لرحلة الحج فالأعمال بالخواتيم فرب مشمّر يزداد حرصاً و رب مقصر يتدارك ما فات و الله المسؤول أن يتقبل هذا العمل و يجعله خالصاً لوجهه الكريم هو حسبي و نعم الوكيل .

    محبكم :
    شائع محمد الغبيشي
    sh_mh@hotmail.com


    قف قليلاً قبل الرحيل من أرض الحجيج

    لقد مر الحاج برحلة إيمانية خلال الأيام الماضية ولد فيها من جديد فعاد كيوم ولدته أمه ونقيت فيها نفسه من الخبث و غفرت ذنوبه و زيدت حسناته و أفيض عليه وابل الرحمة والمغفرة إن شاء الله وهاهو بعد هذا كله أوشك على الرحيل فما الذي ينبغي عليه في ختام هذه الرحلة المباركة .

    هناك أمور ينبغي أن يحرص عليها الحاج في نهاية هذه الرحلة الإيمانية وهي :

    أولاً / التوبة و الاستغفار:
    قال الله تعالى: ( ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (البقرة:199) قال الشوكاني : (وإنما أمروا بالاستغفار لأنهم في مساقط الرحمة ومواطن القبول ومظنات الإجابة)
    قال السعدي رحمه الله :[ والمقصود من هذه الإفاضة كان معروفاً عندهم وهو رمي الجمار و ذبح الهدايا والطواف و السعي والمبيت بمنى ليالي التشريق وتكميل باقي المناسك 0ولما كانت هذه الإفاضة يقصد بها ما ذكر و المذكورات آخر المناسك أمر تعالى عند الفراغ منها باستغفاره و الإكثار من ذكره فالاستغفار للخلل الواقع من العبد في أداء عبادته وتقصيره فيها وذكر الله شكر الله على إنعامه عليه بالتوفيق لهذه العبادة العظيمة والمنة الجسيمة وهكذا ينبغي للعبد كلما فرغ من عبادة أن يستغفر الله عن التقصير و يشكره على التوفيق لا كمن يرى أنه قد أكمل العبادة و منّ بها على ربه و جعلت له محلاً و منزلةً رفيعة فهذا حقيق بالمقت و رد الفعل كما أن الأول حقيق بالقبول و التوفيق لأعمال الخير]
    وقال رحمه الله في تفسيره لآخر سورة المزمل عند قوله تعالى:
    (وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) : [ وفي الأمر بالاستغفار بعد الحث على أفعال الطاعة و الخير فائدة كبيرة ، و ذلك أن العبد ما يخلو من التقصير فيما أمر به ، إما أن لا يفعله أصلاً أو يفعله على وجه ناقص ، فأمر بترقيع ذلك بالاستغفار فإن العبد يذنب آناء الليل و النهار ، فمتى لم يتغمده الله برحمته و مغفرته ، فإنه هالك  .
    قالت عائشة رضي الله عنها : طوبى لمن وجد في صحيفته استغفارا كثيرا .
    قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : عجباً لمن يهلك ومعه النجاة قيل له و ما هي ؟  قال : التوبة و الاستغفار .
    و قال قتادة رحمه الله : إن هذا القرآن يدلكم على دائكم و دوائكم ؛ فأما داؤكم فالذنوب ، و أما دواؤكم فالاستغفار .
    قال الحسن رحمه الله : أكثروا من الاستغفار في بيوتكم وعلى موائدكم وفي طرقاتكم وفي أسواقكم ومجالسكم أينما كنتم فإنكم ما تدرون متى تنزل المغفرة .
    قال ميمون بن مهران : لا خير في الحياة إلا لتائب أو رجل يعمل في الدرجات و من عداهما فخاسر .
    قال القرطبي رحمه الله قال علماؤنا : الاستغفار المطلوب هو الذي يحل عقد الإصرار و يثبت معناه في الجنان و ليس التلفظ بمجرد اللسان فمن استغفر بلسانه و قلبه مصر على معصية فاستغفاره يحتاج إلى استغفار .
    فينبغي للحاج في ختام حجه أن يلهج لله بالاستغفار يستشعر التقصير في حق الله عز و جل و يعلم أن من فضل الله عليه أن يوفقه للمداومة على الاستغفار .

    ثانياً : الإكثار من ذكر الله عز وجل :
    قال تعالى : ( فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ * وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * أولئك لهم نصيب مما كسبوا و الله سريع الحساب ) سورة البقرة .
    قال ابن كثير رحمه الله : يأمر تعالى بذكره و الإكثار منه بعد قضاء المناسك وفراغها واختلفوا في معنى
    (كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ) فقال عطاء و الضحاك و الربيع بن أنس رحمهم الله : كقول الصبي أبه أمّه يعني كما يلبث الصبي يذكر أبيه و أمه فكذلك أنتم فالهجوا بذكر الله بعد قضاء المناسك .
    وقال ابن عباس رضي الله عنه : كان أهل الجاهلية يقفون في الموسم فيقول كان أبي يطعم ويحمل الحمالات و يحمل الديات ليس لهم ذكر غير فعال آبائهم فأنزل الله على محمد صلى الله عليه و سلم
    ( فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا ) والمقصود منه الحث على الذكر لله عز وجل .
    والحج إنما فرض لإقامة ذكر الله عز وجل فعن عائشة رضي الله عنها ـ مرفوعاً : (إنما جعل الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة و رمي الجمار لإقامة ذكر الله). رواه الترمذي و الحاكم و صححه ووافقه الذهبي و حسنه الأرناؤوط في جامع الأصول .
    و آخر أيام الحج أيام ذكر لله عز وجل ففي حديث نُبَيشَة الهذلي رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ( أيام التشريق أيام أكل و شرب و ذكر لله ) صحيح مسلم .
    قال ابن القيم رحمه الله في تعليقه على الآية السابقة : [ ففيه الأمر بالذكر بالكثرة و الشدة لشدة حاجة العبد إليه و عدم استغنائه عنه طرفة عين ، فأي لحظة خلا فيها العبد عن ذكر الله عز وجل كانت عليه لا له ، و كان خسرانه فيها أعظم مما ربح في غفلته عن الله ، فالموفق من استغل هذه الأيام القلائل للإكثار من ذكر الله عز وجل فأشغل نفسه بالتكبير و التهليل و التحميد لله عز وجل فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :( ما أهل مهل قط ولا كبر مكبر قط إلا بشر ) قيل يا رسول الله بالجنة قال : ( نعم ) رواه الطبراني و حسنه الألباني

    ثالثاً : الشكر لله :
    ينبغي للحاج أن يستشعر نعمة الله عليه في توفيقه للحج و تيسره له وهدايته لأداء المناسك فإنها من أعظم النعم التي يشكر عليها المولى عز و جل فما أعظم منه و جوده و كرمه آمن خوف و أطعم من جوع وكسا من عري أصح البدن و تابع المنن و صدق حين قال (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ) (النحل:53) و حين قال و هو أحسن القائلين : (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) (النحل:18) من أجل نعمه حلمه مع جهلنا وعفوه رغم عصياننا ستر القبيح و أظهر الجميل وغفر الذنب الجليل وعمّنا بفضله و إحسانه .

    فينبغي للعبد أن يقابل هذا الفضل و العطاء بالشكر والثناء خاصة إذا وفق الله العبد لنعمة دينية تكون سبباً للفوز في الدنيا و الآخرة فكيف إذا علمنا أنه يضاعف بالشكر المنن و العطايا
    ( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) (ابراهيم:7)
    قال علي بن أبي طالب : إذا و صلت إليكم أطراف النعم فلا تنفِّروا أقصاها بقلة الشكر .
    و قال الحسن البصري : إن الله لينعم بالنعمة ما شاء فإذا لم يشكر عليها قلبها عذاباً .
    وقال ابن عقيل : النعم أضياف و قِرَاها الشكر .
    وقال عمر بن عبد العزيز : قيدوا نعم الله بشكر الله .
    وقال أبو سليمان الداراني : استجلب زيادة النعم بالشكر و استدم النعم بخوف زوالها .
    وقال بعض السلف : قد أصبح بنا من نعم الله تعالى مالا نحصيه مع كثرة ما نعصيه فلا ندري أيهما نشكر : أجميل ما ينشر أم قبيح ما يستر .
    قال السعدي رحمه الله :[ واعلم أن من تفكَّر في كثرة نعم الله و تفطَّن لآلاء الله الظاهرة و الباطنة و أنه لا وسيلة إليها إلا محض فضل الله و إحسانه و أن جنساً من نعم الله لا يقدر العبد على إحصائه و تعداده فضلاً عن جميع الأجناس فضلاً عن شكرها فإنه يضطر إلى الاعتراف التام بالنعم وكثرة الثناء على الله ]
    ولذا كان من دعاء النبي : ( اللهم اجعلني لك شكَّاراً لك ذكَّاراً الهم اجعلني اُعظم شٌكرك و اُكثر ذكرك و أتَّبع نصحك و أحفظ وصيتك ) رواه أبو داود و صححه الألباني .
    و أوصى معاذ بن جبل رضي الله عنه فقال : (لا يدعنَّ أن في دبر كل صلاة تقول: اللهم أعنِّي على ذكرك و شكرك و حسن عبادتك ) رواه الترمذي و الحاكم و صححه و وافقه الذهبي و قال أحمد شاكر : إسناده صحيح
    والشكر هو : ظهور أثر النعم الإلهية على العبد في قلبه إيماناً وفي لسانه حمداً وثناءً وفي جوارحه عبادة وطاعة .
    قال ابن القيم رحمه الله : الشكر هو أثر نعمة الله على لسان عبده : ثناءً واعترافاً و على قلبه شهوداً و محبةً و على جوارحه انقياداً و طاعةً .
    والعبد مهما شكر الله و كرر الثناء عليه فهو عاجز عن شكر نعم الله عليه فكيف يوفيه الثناء والشكر و شكر العبد و ثناءه نعمة تحتاج إلى شكر و لذا فقد أعترف أعظم الشاكرين بالعجز عن شكر نعم الله فقال صلى الله عليه و سلم : ( لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك ) رواه مسلم

    رابعاً : حسن الظن بالله عز و جل و الرجاء في مغفرته:
    ينبغي للعبد إذا استفرغ جهده و بذل طاقته في عبادة الله عز وجل و إتباع هدي النبي صلى الله عليه و سلم أن يٌعظم الرجاء في مغفرة الله و عفوه و فيض كرمه و جوده و إحسانه ونواله فهو سبحانه عند ظن عبده به ففي الحديث القدسي يقول الله عز وجل : ( أنا عند ظن عبيدي بي فليظن بي ما شاء .. ) رواه أحمد والدارمي
    و يقول سبحانه : ( يا بن آدم إنك ما دعوتني و رجوتني غفرت لك على ما كان منك و لا أبالي …) وقال صلى الله عليه و سلم ( لا يموتن أحدكم إلا و هو يحسن بالله الظن ) .
    وقد كان للسلف الصالح أحوال من الرجاء في مغفرة الله، فكان أبو عبيدة الخواص يقول في الموقف: واشوقاه إلى من يراني ولا أراه، وكان بعد ما كبر يأخذ بلحيته ويقول: يا رب قد كبرت فأعتقني. قال ابن المبارك جئت إلى سفيان الثوري عشية عرفة، وهو جاثٍ على ركبتيه، وعيناه تهملان، فالتفت إلي فقلت له: من أسوأ هذا الجمع حالاً ؟ قال: الذي يظن أن الله لا يغفر له.
    وروي عن الفضيل أنه نظر إلى نشيج الناس وبكائهم عشية عرفة فقال: أرأيتم لو أن هؤلاء صاروا إلى رجل فسألوه دانقاً يعني سدس درهم، أكان يردهم؟ قالوا: لا قال: واللهِ لَلْمَغْفِرَةُ عند الله أهون من إجابة رجل لهم بدانق .
    وقف عمر بن عبد العزيز رحمه الله فقال اللهم إنك قلت و قولك الحق :
    ( إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) فإن كنت من المحسنين فارحمني و إن لم أكن من المحسنين فقد قلت : ( وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيم) فارحمني و إن لم أكن من المؤمنين فأنت أهل التقوى و أهل المغفرة فاغفر لي و إن لم أكن مستحقاً بشيء من ذلك فأنا صاحب مصيبة و قد قلت (الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) فارحمني .

    خامساً : الخوف من عدم القبول :
    لقد كان الصالحون يشغلهم أمر قبول العمل فما أن يفرغ أحدهم من عمل الطاعة أو يوشك على الفراغ منها إلا و وقع عليه هم قبولها من عدمه فقد كانوا يهتمون في إتمام العمل و إكماله و إتقانه ثم يهتمون بعد ذلك بقبوله يخافون من رده قال تعالى : ( وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ) (المؤمنون60) عن عائشة رضي الله عنها قالت : قلت يا رسول الله قول الله : (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ) أهو الذي يزني و يشرب الخمر و يسرق ؟ قال : ( لا يا ابنة الصديق و لكنه الرجل يصوم و يصلي و يتصدق و يخاف ألا يقبل منه) روه الترمذي
    قال الحسن : عملوا و الله بالطاعات واجتهدوا فيها و خافوا أن ترد عليهم إن المؤمن جمع إحسانا و خشية و المنافق جمع إساءة و أمنا .
    و قال رحمه الله : المؤمن يعمل بالطاعات و هو مشفق وجل خائف و الفاجر يعمل بالمعاصي و هو آمن .
    وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : كانوا لقبول العمل أشد اهتماماً منكم بالعمل ألم تسمعوا الله عز و جل يقول:
    (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) (المائدة:الآية27) .
    و قال عبد العزيز بن أبي رواد : أدركتهم يجتهدون في العمل فإذا فعلوه و قع عليهم الهم أيقبل منهم أم لا ؟ .
    فينبغي لك أخي الحاج و أنت في نهاية رحلتك الإيمانية أن تجمع إلى حسن ظنك بالله عز و جل الخوف من عدم القبول فتجمع بين الخوف و الرجاء و تظهر من الافتقار و الحاجة و الرغبة إلى الله عز و جل ما يبلغك حاجتك .

    سادساً: الافتقار إلى الله عز وجل :
    قال الله تعالى ( يا أيها الناس أنتم القراء إلى الله و الله هو الغني الحميد )
    قال السعدي رحمه الله : [ يخاطب الله جميع الناس و يخبرهم بحالهم و وصفهم و أنهم فقراء إلى الله من جميع الوجوه :
    فقراء في إيجادهم فلولا إيجاده إياهم لم يوجدوا .
    فقراء في إعدادهم بالقوى و الأعضاء و الجوارح التي لولا إعداده إياهم بها لما استعدوا لأي عمل كان .
    فقراء في إمدادهم بالأقوات و الأرزاق و النعم الظاهرة و الباطنة فلولا فضله وإحسانه و تيسره الأمور لما حصل لهم من الرزق و النِّعم شيء .
    فقراء في صرف النقم عنهم و دفع المكاره وإزالة الكروب و الشدائد فلولا دفعه عنهم و تفريجه لكرباتهم و إزالته لعسرهم لاستمرت عليهم المكاره و الشدائد .
    فقراء إليه في تربيتهم بأنواع التربية و أجناس التدبير .
    فقراء إليه في تألههم له و حبهم له و تعبدهم و إخلاصهم العبادة له تعالى فلو لم يوفقهم لذالك لهلكوا و فسدة أرواحهم و قلوبهم و أحوالهم .
    فقراء إليه في تعليمهم ما لا يعلمون و عملهم بما يصلحهم فلولا تعليمه لم يتعلموا و لولا توفيقه لم يصلحوا .
    فهم فقراء بالذات إليه بكل معنى و بكل اعتبار سواء شعروا ببعض أنواع الفقر أو لم يشعروا و لكن الموفق منهم الذي لا يزال يشاهد فقره في كل حال من أمور دينه و دنياه و يتضرع له و يسأله ألا يكله إلى نفسه طرفت عين و أن يعينه على جميع أموره و يستصحب هذا في كل وقت ، فهذا أحرى بالإعانة التامة من ربه و إلهه الذي هو أرحم به من الوالدة بولدها . تيسر الكريم الرحمن صـ687ـ
    فحري بك أخي الحاج أن تظهر حاجتك إلى التذلل لله و الفقر إليه سبحانه فجموع الحجيج مفتقرة إلى الله مفتقرة إلى فضله و إنعامه فما بهم من صحة و عافية و سعة في الرزق فمنه وحده فهم مفتقرون إليه في دوامها و مزيدها و مفتقرون إلى ما هو أعظم من ذلك من عفوه و مغفرته وبره وإحسانه
    قال ابن القيم رحمه الله : ( الفقر الحقيقي : دوام الافتقار إلى الله في كل حال وأن يشهد العبد في كل ذرة من ذراته الظاهرة والباطنة فاقة تامة إلى الله تعالى من كل وجه ) .
    ولتعلم أخي الحاج أن الافتقار إلى الله عز وجل و إظهار الحاجة إليه و الذل بين يديه من أقرب الطرق الموصلة إليه سبحانه قال ابن القيم رحمه الله : (واقرب باب دخل منه العبد على الله تعالى هو الإفلاس فلا يرى لنفسه حالا ولا مقاما ولا سببا يتعلق به ولا وسيلة منه يمن بها بل يدخل على الله تعالى من باب الافتقار الصرف والإفلاس المحض دخول من كسر الفقر والمسكنة قلبه حتى وصلت تلك الكسرة إلى سويدائه فانصدع وشملته الكسرة من كل جهاته وشهد ضرورته إلى ربه عز وجل وكمال فاقته وفقره إليه وان في كل ذرة من ذراته الظاهرة والباطنة فاقة تامة وضرورة كاملة إلى ربه تبارك وتعالى وانه ان تخلى عنه طرفة عين هلك وخسر خسارة لا تجبر إلا ان يعود إلى الله تعالى عليه ويتداركه برحمته

    و قال أيضاً رحمه الله : ولقد شاهدت من شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه من ذلك أمرا لم أشاهده من غيره وكان يقول كثيرا : ما لي شيء ولا مني شيء ولا في شيء وكان كثيرا ما يتمثل بهذا البيت :

    أنا المكدى وابن المكدى *** وهكذا كان أبي وجدي

    وكان إذا أثنى عليه في وجهه يقول : والله إني إلى الآن أجدد إسلامي كل وقت وما أسلمت بعد إسلاما جيدا .
    وبعث إلي في آخر عمره قاعدة في التفسير بخطه وعلى ظهرها أبيات بخطه من نظمه :

    أنا الفقير إلى رب البريات *** أنا المُسيّكين في مجموع حالاتي
    أنا الظلوم لنفسي وهي ظالمتي *** والخير إن يأتنا من عنده يأتي
    لا أستطيع لنفسي جلب منفعة *** ولا عن النفس لي دفع المضرات
    ولا ظهير له كي يستعين به *** كما يكون لأرباب الولايات
    والفقر لي وصف ذات لازم أبدا *** كما الغنى أبدا وصف له ذاتي
    وهذه الحال حال الخلق أجمعهم *** وكلهم عنده عبد له آتى
    فمن بغى مطلبا من غير خالقه *** فهو الجهول الظلوم المشرك العاتي
    والحمد لله ملء الكون أجمعه *** ما كان منه وما من بعد يأتي

    وقال بعض السلف: صفة الأولياء ثلاثة: الثقة بالله في كل شيء والفقر إليه في كل شيء والرجوع إليه من كل شيء.
    فما أجمل أخي الحاج أن تختم حجك بالدخول على الله من باب الفقر فتغنى بفقرك إليه و تعز بذلك بين يديه قال سهل التستري رحمه الله : ليس بين العبد و بين ربه طريق أقرب إليه من الافتقار .
    قال ابن القيم : ( ولما كان الفقر إلى الله سبحانه هو عين الغنى به فأفقر الناس إلى الله أغناهم به وأذلهم له وأعزهم وأضعفهم بين يديه أقواهم وأجهلهم عند نفسه أعلمهم بالله وأمقتهم لنفسه أقربهم إلى مرضاة الله )
    و هكذا كان حال النبي صلى الله عليه و سلم يظهر الحاجة و الفقر و المسكنة لله عز وجل في جميع أحوال و قد ظهر ذلك بجلاء في رحلة حجه صلى الله عليه و سلم فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ( رأيت رسول الله صلى اله عليه و سلم يدعو بعرفة يده إلى صدره كاستطعام المسكين ) رواه البيهقي في السنن الكبرى

    سابعاًً: إتباع الحسنة الحسنة :
    من الأمور المهمة المداومة على الطاعة إتباع الحسنة بأخرى فما أحسن الحسنة تتبعها الحسنة قال أحد الصالحين : كان الصديقون يستحيون من الله أن يكونوا اليوم على مثل حالهم بالأمس يشير إلى أنهم لا يرضون كل يوم إلا بالزيادة من عمل الخير .
    وما أقبح السيئة بعد الحسنة قال بعض السلف : من علامة حب الله و رضاه عن الحاج أو المعتمر أن يواصل له الطاعة بالطاعة و من علامة عدم قبول الطاعة أن تُتبع بالسيئة .

    ثامناً : استشعار المعاني و الحكم التي استفادها من رحلة الحج :
    الحج رحلة إيمانية عظيمة تحمل من الحكم و الأسرار و الدروس والعبر و المعني و العضات الشيء الكثير ولذا ينبغي للحاج أن يستشعر معاني الحج و يرتسمها في حياته ومن هذه الدروس :
    1/ أن يستشعر الحاج أنه قد عاهد الله بقوله [ لبيك اللهم لبيك ] ألا يعبد إلا الله و لا يشرك به شيئاً ويؤدي الواجبات التي أمر الله بها و ينتهي عن كل ما نهاه الله عنه ويحذر من النكوص بعد الاستقامة ومن الحور بعد الكور ما أجمل أن يجل الحاج حجه انطلاقة للطاعة على الدوام و يعقد العزم على ألا يعود إلى المعصية بعد أن لبى نداء ربه فقد قال ( لبيك ) لبيك يا ربي فقد أُبت إليك و انطرحت بين يديك أنا بك و إليك لبيك يا ربي فلن أعود إلى المعصية بعد إذ هديت .

    2/ أن يدرك الحاج أهمية التوحيد و ذلك من خلال الأعمال و الأذكار التي يقوم بها خلال رحلة الحج فهو يلهج بتوحيد الله عز وجل من أول منسكه إلى نهايته لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد و النعمة لك و الملك لا شريك لك لبيك .

    3/ أن يربي نفسه على متابعة هدي النبي صلى الله عليه و سلم في جميع شؤون الحياة فإن متابعة الحاج لهدي النبي صلى الله عليه و سلم في مناسك الحج استجابة لقوله صلى الله عليه و سلم : ( خذوا عني مناسككم ) تربية للحاج أن يلتزم هدي النبي صلى اله عليه و سلم في جميع ما يأتي و ما يذر فعليك أخي الحاج أن تجعل ذلك بداية الانطلاقة للتأسي بالنبي صلى الله علي و سلم و قد قال الله تعلى : ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله و اليوم الآخر …)

    4/ أن يستشعر معنى الأخوة الإسلامية من خلال لقاءه بإخوانه المسلمين من شتى بقاع الأرض و من كل قطر و مصر و إظهار المحبة لهم و العطف عليهم و اشعارهم أن وشيجة الدين هي أقوى الوشائج و الصلات

    إنْ كِيْدَ مُطَّرَفُ الإخـاء فإننا *** نغدو ونسري في إخاءٍ تالد
    أو يفترق ماء الغمـام فماؤنا *** عذبٌ تحدّر من غمام واحد
    أو يختلف نسـب يؤلف بيننا *** ديـن أقمناه مقـام الوالـد

    5/ أن يدك الحاج أن الحج شعار الوحدة فإن الحج جعل الناس سواسية في لباسهم وأعمالهم وشعائرهم وقبلتهم وأماكنهم، فلا فضل لأحد على أحد: الملك والمملوك الغني والفقير الوجيه والحقير في ميزان واحد الخ.
    فالناس سواسية في الحقوق والواجبات، وهم سواسية في هذا البيت لا فضل للساكن فيه على الباد والمسافر فهم كلهم متساوون في البيت الحرام لا فرق بين الألوان والجنسيات وليس لأحد أن يفرق بينهم.
    وحدة في المشاعر ووحدة في الشعائر، وحدة في الهدف، وحدة في العمل، وحدة في القول "الناس من آدم، وآدم من تراب لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى"
    أكثر من مليوني مسلم يقفون كلهم في موقف واحد، وبلباس واحد، لهدف واحد، وتحت شعار واحد، يدعون ربا واحدا، ويتبعون نبيا واحدا.. وأي وحدة أعظم من هذه
    (1)

    و ينبغي للحاج أن يدرك أن الأمة الإسلامية في أمس الحاجة إلى الوحدة خاصة في هذه الأزمان التي تكالبت فيها أمم الكفر على حرب الإسلام و المسلمين والسعي الحثيث إلى زيادة تفكيكه ولنتذكر أننا أمة واحدة قال الله تعالى: ( وأن هذه أمتكم أمة واحدة و أنا ربكم فاعبدون ) .

    6/ مخالفة المشركين و البراءة منهم فالحج فرص لتأصيل عقيدة الولاء و البراء في النفوس .

    7/ ترويض النفس على الصبر و تحمل المشاق

    8/ تدريب النفوس على أنواع مختلفة من الطاعات و تربية النفس عليها لتصبح لها سجية بعد ذلك .

    9/ التربية على التواصي بالحق و التواصي بالصبر و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر .

    10/ الثقة بنصر الله للإسلام والمسلمين و أنه مهما طال ليل الكفر و الباطل فإن فلق الصبح أوشك على الانبلاج وما تجمع العدد الغفير من المسلمين في أيام الحج من كل فج عميق إلا بشارة بفجر جديد قريب لعز الإسلام والمسلمين فعندما يرى الحاج وفد الحجيج حتى من البلاد التي تشن الحرب على الإسلام و المسلمين تزداد ثقته ويقوى يقينه بنصر الله للإسلام و المسلمين و أن المستقبل لهذا الدين . قال عز وجل: { هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ } [سورة التوبة] فإظهار دين الله أمر تكفل به الله سبحانه . وقال سبحانه : { وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } [سورة النور] فهذا هو عهد الله .
    وقال:
    { وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَءَاتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ } [سورة الحج] .
    وقال:
    {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ } [سورة الروم]
    وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:[ إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِي الْأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا...] رواه مسلم أبوداود والترمذي وابن ماجه وأحمد
    وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:[ لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَلَا يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ عِزًّا يُعِزُّ اللَّهُ بِهِ الْإِسْلَامَ وَذُلًّا يُذِلُّ اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ] رواه أحمد
    وعَنْ أَنَسٍ قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [مَثَلُ أُمَّتِي مَثَلُ الْمَطَرِ لَا يُدْرَى أَوَّلُهُ خَيْرٌ أَمْ آخِرُهُ] رواه الترمذي وأحمد، وحسنه الترمذي وصححه الألباني
    وعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: [بَشِّرْ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِالسَّنَاءِ وَالنَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ فَمَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ عَمَلَ الْآخِرَةِ لِلدُّنْيَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْآخِرَةِ نَصِيبٌ] رواه أحمد وابنه عبد الله في زوائده والحاكم وقال: صحيحه ووافقه الذهبي وصححه الألباني
    فهذه النصوص تؤكد رجوع الإسلام إلى مركز الريادة، وموضع القيادة، ومقام
    السيادة من شرق الدنيا إلى غربها؛ لتتحقق إرادة الله التي اقتضاها لهذه الأمة الإسلامية منذ الأزل 0 وهي بشائر لنصرة الإسلام وتمكينه والتاريخ يشهد بذلك، والواقع المعاصر يتفجر عن ينابيع الهداية و الصلاح في شتى بقاع الأرض معلناً أن المستقبل للإسلام

    11/ ومن دروس الحج أن الإنسان بإمكانه أن يخالف و يمتنع عما تعود عليه من العادات السيئة فها هو الحاج يخالف أموراً كثيرة كان قد اعتاد عليها في حياته اليومية فهاهو يترك اللباس و يكتفي بالإزار و الرداء و يمتنع عن الطيب و حلق الشعر و قص الأظفار و غيرها من المحظورات طاعة لله عز وجل وذلك دليل على أن المسلم يستطيع أن يغير من حاله و أنه لن يستسلم لأسر العادة .

    12/ أن الحج مدرسة للتربية على الأخلاق الفاضلة من الحلم و العفو و الصفح و الإيثار و الرحمة و التعاون و الإحسان و البذل ….

    13/ أن يدرك أهمية الدعوة إلى الله عز و جل فإن الحاج عندما يخالط الحجاج من شتى بقاع و يرى ما هم عليه من الجهل بالدين و الحاجة إلى أساسياته فإن
    ذلك يذكره بواجبه في الدعوة إلى الله و يدفعه إلى القيام به .
    و جمع الحجيج و هم مقبلون على الله مابين داع و مستغفر وركع و ساجد و متضرع علم علّم اليقين أن ذلك لم يحصل إلا بالدعوة إلى الله عز وجل فيدعوه ذلك إلى المساهمة في الدعوة إلى الله .

    14/ أن يربي الحاج النفس على الانضباط :
    قال الشيخ محمد الدويش في محاضرته [ لبيك اللهم لبيك ] : إنك حين تتأمل المناسك ترى فيها دقة عجيبة, فأنت ترى المسلم يقف عند هذا المكان من حدود عرفة ,فلو وقف هنا كان داخل عرفة ,ولو تأخر متراً واحداً كان خارج عرفة, ولو وقف هنا نائماً أو صامتا لصح حجه, ولو وقف هناك وصار يدعو ويتضرع لم يصح حجه, ما الفرق بين هذا المكان وذاك؟ تراه يرمي الجمرة الأولى قبل الثانية, وبعدها العقبة، ولو رمى تلك قبل هذه لم تصح ,تراه يبدأ من الصفا وينتهي بالمروة ولو عكس لم يصح له الأمر، هذا اليوم يقف في عرفة ، وفي الليل يبيت في مزدلفة، وفي أيام التشريق يكون في منى لو رمى قبل الزوال بدقائق لكان رميه غير صحيح وكانت عبادته غير صحيحة ,ولو رمى بعد الزوال لكان موافقاً للسنة,وهكذا في دفعه من عرفة وفي سائر المناسك تراها منضبطة بمكان أو وقت أو زمان أو هيئة معينة وهذا كله يربي في المسلم أن يكون منضبطاً في أوقاته وفي مواعيده .

    تاسعاً َ: الدعاء:
    ينبغي للحاج و هو في آخر أيام الحج أن يلهج إلى الله عز وجل بالدعاء فقد قال تعالى (( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ )) [غافر:60] عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ( أَفْضَلُ الْعِبَادة الْدُعَاءُ ) رواه الحاكم وهو حديثٌ حسن.
    وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَت: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ( إِذَا سَأَلَ أَحَدكم فَلْيُكْثِر، فإنّمَا يَسْأَلُ رَبَّهُ)) رواه ابن حبّان بسند صحيح.
    وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ( لَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَمَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنَ الدُّعَاءِ) صحيح سنن الترمذي
    و عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (( مَا عَلَى الأَرْضِ مُسْلِمٌ يَدْعُو اللَّهَ بِدَعْوَةٍ إِلاَّ آتَاهُ اللَّهُ إِيَّاهَا، أَوْ صَرَفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا، مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ، أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ)) ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: إِذًا نُكْثِرُ، قَالَ :(( اللَّهُ أَكْثَرُ)) صحيح سنن الترمذي
    وعَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ( إِنَّ اللَّهَ حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي إِذَا رَفَعَ الرَّجُلُ إِلَيْهِ يَدَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا خَائِبَتَيْنِ) صحيح سنن الترمذي

    فعليك أخي الحاج أن تكثر من الدعاء في ختام هذا المسك العظيم ولتكثر من قول : ربنا آتنا في الدنيا حسنة و في الآخرة حسنة و قنا عذاب النار لقوله تعالى :
    { فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا و ماله في الإخرة من خلاق * و منهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة و في الآخرة حسنة و قنا عذاب النار أولئك لهم نصيب مما كسبوا و الله سريع الحساب }
    قال ابن كثير رحمه الله جمعت هذه الدعوة كل خير في الدنيا و الآخرة و صرفت كل شر فإن الحسنة في الدنيا تشمل كل مطلوب دنيوي من عافية و دار رحبة و زوجة حسنه و رزق واسع و علم نافع و عمل صالح و مركب هين و ثناء جميل ... إلى غير ذلك مما اشتملت عليه عبارات المفسرين و لا منافاة بينها فإنها كلها مندرجة في الحسنة في الدنيا و أما الحسنة في الآخرة فأعلى ذلك رضوان الله و دخول الجنة و توابعه من الأمن من الفزع الأكبر في العرصات و تيسير الحساب و غير ذلك من أمور الآخرة الصالحة و أما النجاة من النار فهو يقتضي تيسير أسبابه في الدنيا من اجتناب المحارم و الآثام و ترك الشبهات و الحرام و قد وردت السنة الترغيب في هذا الدعاء فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كان النبي صلى الله عليه و سلم يقول: (ربنا آتنا في الدنيا حسنة و في الآخرة حسنة و قنا عذاب النار) رواه البخاري
    و سأل قتادة أنساً أي دعوة كان أكثر ما يدعوها النبي صلى الله عليه و سلم قال يقول : ( اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة و في الآخرة حسنة و قنا عذاب النار) رواه الإمام احمد .
    و كان أنس إذا أراد أن يدعو بدعوة دعا بها و إذا أراد أن يدعو بدعاء دعا بها فيها . رواه مسلم
    و أن يكثر من سؤال الله عز وجل أن يتقبل الله منه حجه و أن يلهج إلى الله عز وجل أن يثبته على الهداية و الطاعة حتى يلقاه و يستعيذ بالله من تقلب القلوب ومن الحور بعد الكور و الضلال بعد الهدى و يكثر من قول: ( يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك ) و من قول ( يا ولي الإسلام وأهله ثبتني عليه حتى ألقاك ) ومن قول ( اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي، وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي، وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِي الَّتِي فِيهَا مَعَادِي، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ ) رواه مسلم
    و من قول : (اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو فَلاَ تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ) صحيح سنن أبي داود .

    عاشراً : التأدب بآداب العودة من السفر:
    ينبغي للحاج وهو في آخر أيام الحج أن يتعرف على آداب العودة من السفر كما في السنة النبوية ومنها:
    1/ التعجل في العودة وعدم إطالة المكوث لغير حاجة لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (السفر قطعة من العذاب يمنع أحدكم طعامه و شرابه فإذا قضى نهمه فليعجل إلى أهله )
    2/ أن يقرأ دعاء السفر و يزيد في آخره( آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون)
    3/ التكبير على كل شرف من الأرض لما ثبت عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه كان إذا قفل من غزو أو حج أو عمرة يكبر على كل شرف من الأرض ثلاث تكبيرات ثم يقول : ( لا إله إلا الله لا شريك له له الملك و له الحمد وهو على كل شيء قدير آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون صدق الله وعده و نصر جنده و هزم الأحزاب و حده ) رواه البخاري و مسلم
    4/ يسن للعائد من السفر إذا رأى بلدته أن يسرع بدابته أو سيارته لما جاء عن النبي صلى الله عليه و سلم ( أنه كان إذا قدم من سفر فأبصر درجات المدينة أوضع ناقته و إن كانت دآبة حركها ) رواه البخاري
    ويستحب له إذا رأى بلدته من بعيد أن يقول : ( آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون )ويكرر ذلك لما جاء عن أنس بن مالك قال: [ أقبلنا مع النبي صلى الله سلم أنا وأبو طلحة و صفية رديفته على ناقته حتى إذا كنا بظهر المدينة قال :( آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون) فلم يزل يقول ذلك حتى قدمنا المدينة] رواه مسلم
    5/ ألا يطرق أهله ليلاً إذا أطال الغيبة و ذلك لما ثبت عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال ( إذا أطال أحدكم الغيبة فلا يطرق أهله ليلاً ) رواه البخاري
    و هذا النهي لا يشمل من أخبر أهله بوصوله و أنه يقدم وقت كذا .
    6/ يستحب إذا قدم من سفره أن يتلقى بالولدان من أهل بيته وذلك لما جاء من حديث عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما قال:[ كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قدم من سفر تلقى بنا قال :فتلقى بي و بالحسن أو الحسين رضي الله عنهما قال فحمل أحدهما بين يديه و الآخر خلفه حتى دخل المدينة ] رواه مسلم
    7/ يستحب في حق من يستقبل المسافر أن يعانقه لما جاء في حديث أنس رضي الله عنه قال: ( كانوا إذا تلاقوا تصافحوا و إذا قدموا من سفر تعانقوا ) رواه الطبراني في الأوسط وقال المنذري والهيثمي رجاله رجال الصحيح
    8/ يستحب لمن قدم من سفر أن يتجه إلى المسجد قبل أن يذهب إلى بيته فيصلي فيه ركعتين لما صح من حديث كعب بن مالك ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فركع فيه ركعتين ) متفق عليه
    9/ يشرع لمن دخل على أهله قادما من سفر أن يقول : ( توباً توباً لربنا أوباً لا يغادر حوباً ) رواه ابن السني و صححه الألباني
    10/ الهدية من المسافر : الهدية أمر مشروع بين المسلمين وهي وسيلة من وسائل الود والتصافي وطريقة من طرق الإكرام و التفضل تدخل السرور على
    الزوجة و تبهج قلب الأم و تكسب رضى الأب و تطيب نفوس الأبناء و البنات و تدخل عليهم من الفرحة و البهجة و السرور ما لا يعلمه إلا الله و لهذا ثبت عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال ( تهادوا تحابوا و تذهب الشحناء ) أخرجه البخاري في الأدب المفرد 0وحسنه ابن حجر
    وقد قال أبوالعتاهيه :
    هدايا الناس بعضهم لبعض *** تولد في قلوبهم الوصالا
    وتزرع في القلوب هدى ووداً *** وتكسوهم إذا حضروا جمالاً
    و قال آخر :
    إن الهدية حلوة *** كالسحر تجتذب القلوبا
    تدني البغيض من الهوى *** حتى تصيره قريبا
    و تعيد مضطغن العداوة *** بعد نفرته حبيبا

    ومن المعلوم أن الأهل و الأولاد يرتقبون من أبيهم و قريبهم إذا قدم من سفر أن يقدم لهم شيئاً من الهدايا و لهذا ورد في المثل : إذا قدمت من سفر فأهد لأهلك و لو حجرا .
    وقد ذكر أن أحد الحجاج عاد إلى أهله فلم يقدم لهم شيئاً فغضب واحد منهم و أنشد شعراً فقال :-
    كأن الحجبج اليوم لم يقربوا منى *** ولم يحملوا منها سواكاً و لا نعلاً
    أتونا فما جادوا بعود أراكة *** ولا وضعوا في كف طفل لنا نقلاً .
    فجميل بك أخي الحاج في ختام رحلتك الميمونة و سفرك المبارك أن تحمل إلى أهلك و أقاربك بعض الهدايا التي تدخل عليهم السرور و تزيد من فرحهم بقدومك و قد صح عن النبي صلى الله عليه و سلم قوله : ( و أحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم … )


    خاتمة

    ختاماً أخي الحاج اعلم أن الأعمال بالخواتيم و أن من أحسن فيما بقي غفر له ما سلف و احذر أن تعود إلى المعصية بعد أن تذوقت لذة الطاعة و لا ترجع إلى ارتضاع ثدي الهوى بعد الفطام فإن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه ( إن يعلم الله في قلوبكم خيراً يؤتكم خيراً مما أخذ منكم و يغفر لكم ..)
    ودونك ما سطرته في الصفحات السابقة عله أن يسهم في توفيقك لحسن الختام و هو جهد المذنب المقصر العبد الفقير و تنسانا من دعوة صالحة أسال الله العلي العظيم أن يختم لي و لك بالخاتمة الحسنة .
    اللهم يا ذا الجلال و الإكرام يا حي يا قيوم اجعل خير أعمالنا خواتمها وخير أعمارنا أواخرها وخير أيامنا يوم نلقاك فيه الهم ثبت قلوبنا على طاعتك يا ولي الإسلام وأهله ثبتنا عليه حتى نلقاك و صلى الله و سلم على نبينا محمد .

    محبكم :
    شائع محمد الغبيشي
    sh_mh@hotmail.com

    =============
    (1) مقال د .يحيى اليحيى : آثار الحج ومقاصده بين الواقع والمطلوب

     

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()