{وَالْفَجْرِ (1)وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2)وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (3)وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ (4)هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِي حِجْرٍ (5)} [الفجر:1-5]،
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من أيّام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام، - يعني أيّام العشر -، قالوا: يارسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلاّ رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء».
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من أيّام أعظم عند الله سبحانه ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيّام العشر. فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد» [رواه الطبراني في المعجم الكبير].
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح: "والذي يظهر أنّ السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتّى ذلك في غيره".
السلام عليكن ورحمة الله وبركاته...
ها قد هلت العشر المباركة بفضل الله سبحانه العلي القدير المتفضل على عباده بمواسم للخيرات والطاعات زمانية كانت أو مكانية فالحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه....
هذه المواسم العاقلة من ظفرت بها فلا تتركها تذهب هباءا فقد لا تعود والليل والنهار يعملن فيك فاعملي فيهما ....
أخيتي الفاضلة .... هذه الأيام ما هي إلاّ وعاء خير وحسنات لننهل منه نهلا فلا تزهدي فيهن وتضيعهن فيما لا ينفع..
فلا تنشغلي عنهن بالأسواق والتحضير للعيد فليس العيد لمن لبس الجديد بل لمن فاز وتاب وأناب لله رب العبيد.
وقد جاء في الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم ما من أيّام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام.
فلك أن تتأملي الحديث مليا أخية..
لقد ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم العمل الصالح .... العمل الصالح فلم يقل الصلاة لم يقل الصدقات، بل العمل الصالح.
فالإناء واسع.. لمن لا تقدر على القيام عليها بالصدقة، ومن لم تقدر على الصدقة عليها بالذكر فإن فترت فلتصل الرحم.. فإن ملت فلتطعم مسكين.. فإن تكاسلت فلتبتسم في وجه أختها.. فإن ضاق الأمر فلتعتني بأولادها وتطع زوجها.
أخية بارك الله فيك الأمر ذي سعة لا تضيقي على نفسك، ولا تستهيني بفعل أي خير فالعمل الصغير بعينك يريبيه الله لك وإنما يسند الحجر الصغير سدا..
فلا تستصغري الخير..
وكذلك لا تستصغري الشر..
وإيّاك ومحقرات الذنوب فقد تهلكك.
أخية العمل كثير والزاد قليل والسفر طويل، فتزودي من الخير في هذه الأيام ولتنظري لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: «من خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزل، ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة».
هل تعرفي كيف تهوني على نفسك... أي أمر تودين بلوغه... ضعي الهدف أمام عينيك دائما وتفكري به،فمن كان هدفها الجنّة فلتضع ذلك نصب عينيها ولا تجعله يفارقها.
فلتبدئي هذه الأيام ولتجعليها مشروعا وطريقا للجنان ورؤية الله الكريم المنان.
ألا تشتاقين لرؤية الله... ألم تتعب عيونك من النظر إلى التلفزيونات والمسلسلات والمحلات.
ألا تودي رؤية الجنان والمصطفى العدنان والحليم الرحيم الحنان.
بلا... أراك تقولين بلا أريد....
إذن فلتبدئي الآن أحضري ورقة وقلما وسجلي ودوني خطة مركزة هادفة قصيرة المدى،
واكتبي....
اليوم الأول سأفعل كذا.... وعددي ما ستفعلينه من عمل صالح وما ستحاولي الإقلاع عنه من عادات سيئة.
واليوم الثاني كذا... والثالث كذا ....
ولتكن خطتك معلومة محددة وقتيا فلا تقولي اليوم سأفعل كذا..
بل حددي وقتا معينا تلتزمي به....
على سبيل المثال:
اليوم الأول من ذي الحجة
من الساعة ال 5 صباحا حتى 7 صباحا تلاوة سورة البقرة، وهكذا...
وأسأل الله لك التوفيق والسداد....
أعمال صالحة عديدة يمكنك ترتيبها حسب أولوياتك في هذه الأيام من مـــثل:
- التهليل والتكبير والتحميد.
- قيام الليل.
- تلاوة القرآن.
- صلة الأرحام.
- بر الوالدين.
- الحج والعمرة.
- كسوة محتاج.
- إطعام فقير.
-إفطار صائم.
- ذكر الله.
- الصيام.
- الأضحية.
- أمر بمعروف.
- نهي عن منكر.
- توزيع شرائط ومطويات دعوية.
- كفالة الأيتام.
- عدم إيذاء المسلمين.
- محاربة الهوى.
- التوقف عن الغيبة والنميمة.
- غض البصر.
- زيارة المرضى.
- إكرام الجار.
- الدعاء للوالدين ولأخواتك في ظهر الغيب.
- سلامة الصدر.
- الشفع والوتر والضحى.
ابدأي صفحة جديدة مع الله.. في خير أيّام الله..
انتبهي..
إنّها أعظم فرصة في حياتك..
إنّها صفحة جديدة مع الله..
إنّها فرصة هائلة..
فرصة لبدء صفحة جديدة مع الله..
فرصة لكسب حسنات لا حصر لها تعوض ما فات من الذنوب..
فرصة لتجديد الشحن الإيماني في قلبك..
فماذا أعددت لهذه العشر وماذا ستصنعي بها؟؟
أخية... هل تعلمي أنّ من قام بأحد الأعمال الصالحة كتب من أهله.
فاطرقي جميع أبواب الخير ولا تتركي أو تغفلي عن أي من أبواب الخير.
أخية... سئل شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - عن عشر ذي الحجة، والعشر الأواخر من رمضان، أيّهما أفضل؟
فأجاب: " أيّام عشر ذي الحجة أفضل من أيّام العشر من رمضان، والليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة".
فلتبادري إلى اغتنام الساعات والمحافظة على الأوقات فإنّه ليس لما بقي من عمر ثمن، ولتتوبي إلى الله من تضييع الأوقات، واعلمي أنّ الحرص على العمل الصالح في هذه الأيّام المباركة هو في الحقيقة مسارعة إلى الخير ودليل على التقوى قال تعالى: {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32] وقال تعالى: {لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ} [الحج: 37].
فادي محمد ياسين