نظريا نحن نعيش في مجتمع رأسمالي تتداول فيه الحكومة المسئولية الاجتماعية مع القطاع الخاص ورموزه من رجال المال والأعمال الذين يتحملون وحدهم ـ طبقا للقانون ـ تنفيذ65% من خطة التنمية,
لكننا علي أرض الواقع نعيش في ظل رأسمالية جديدة تستمد سلطتها من ملكية ثروة سائلة متصاعدة لا يحق للدولة التدخل لوضع سقف لها وهي تتعامل مع حكومة نموذجية لا تتدخل في إدارة الاقتصاد احتراما لمبدأ دعه يكسب.. دعه يمر, وعلي الرغم من أن الرأسماليين الجدد أغني من الحكومة, إلا أنهم تخلوا هم الآخرون عن الفقراء. وربما يكون قرار وزير المالية الأخير بإنشاء أسواق خاصة للفقراء محاولة للخروج من المأزق الكبير, لكن للأسف لم يشر صوت حكومي واحد بأصبع الاتهام إلي رجال الأعمال الأبرياء, علي الرغم من أنهم, وبإجماع الآراء, هم السبب في زيادة عدد الفقراء في مصر.
طلب رجال الأعمال أن يكونوا أعضاء في الحكومة فتم اختيار وزراء منهم ثم طلبوا تخفيض ضريبة الدخل فصدر قانون الضرائب الذي خفض الضريبة من أجلهم من42% إلي20% مساويا بينهم وبين أصحاب شركات الأشخاص الصغيرة التي يبدأ رأسمالها بـ1000 جنيه. والأمر الغريب أنهم تركوا الحكومة تقف وحدها في وش المدفع في مواجهة أزمات اقترفها رجال أعمال مدللون كل ما يفعلونه هو اللحاق بركب حملات إعلانية للتبرعات المعفية من الضرائب.
نحن نعيش رأسمالية غير مسئولة انفلتت في ظلها الأسعار إلي حد الجنون وحل جشع التجار محل رهبة الحكومة التي ضاعت في الأسواق فلا رقابة ولا يحزنون.
نحن في وسط أزمة أسعار رهيبة وخطيرة ولا مفر من أن ترجع الحكومة تاني للسوق, ولا خوف من أنها ستفقد رأسماليتها, فإن التدخل الحكومي في السوق أصبح جزءا لا يتجزأ من رأسمالية أمريكية جديدة تفكر جديا في العودة إلي المصادرة والتأميم لمواجهة خطر الانهيار.