ميلاده الشعري
كان عمره 16 عاما, عندما سافر سنة 1939 في رحلة بحرية الى روما مع المدرسة. وأثناء وقوفه على سطح السفينة, شاهد الأمواج والدرافيل, وهي تقفز حول الباخرة فجأة أول بيت شعري ثم الثاني والثالث الرابع, وهكذا
فنزل سريعا وكتب الأبيات كي لا ينساها ولا تضيع, واضعا اياها طي الكتمان حتى لايسخر أصحابه. ونام تلك الليلة, ولأول مرة في حياته, يوم 15 أغسطس شاعرا للمرة الأولى واستيقظ وهو شاعر أيضا التحق نزار بكلية الحقوق لدراسة القانون ولم يمارس قضية الدفاع في حياته الا عن قضية واحدة, وهي قضية المرآة
عندما كبر نزار قباني وصار شابا, لم ينفصل عنه الطفل, بل كبر معه بكل سلوكياته الصاخبة وأنانيته. وعندما فشل في أن يكون رساما أو موسيقيا, قرر أن يكون شاعرا, وهو يعرف تماما أن التفرد لن يكون الا بالاختلاف, وهي موهبة لا يجيدها كثيرون ومنذ ديوانه الأول "قالت لي السمراء" الذي أصدره نزار قباني, الطالب في كلية الحقوق, وعلى نفقته الخاصة, أثار هذا الصوت المختلف جدلا عنيفا, وصفه نزار في ما بعد فقال "لقد هاجموني بشراسة وحش مطعون, وكان لحمي يومئذ طريا ويسهل أن نتصور رد الناس على شاعر لم يبلغ العشرين من عمره يتوجه لهم بقصيدة عنوانها "خبز وحشيش وقمر" , ينتقد بها سلوكياتهم. فقد هلل أناس للقصيدة, بينما طالب آخرون برأس من قالها, ويبدو أن الضجة أثارت شهية الطفل الشاب نزار ووجدها أول سطر في كتابه الأسطوري