بتـــــاريخ : 8/2/2008 11:42:25 AM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1000 0


    الطائرة المفقودة (أجاثا كريستي) 5

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : qassimy | المصدر : www.qassimy.com

    كلمات مفتاحية  :
    قصة قصص رويات عالمية
    ثم سألها :


    - هل تشعرين بصداع ؟


    - نعم صداع شديد جدا .. ومن حين لآخر اشعر بالدوار وافقد ذاكرتي ..


    - بالتأكيد .. بالتأكيد .. إنني استطيع ان ادرك هذا ، والآن سأجري بعض الاختبارات .. لأتبين مستوى عقليتك ..


    ومضى الدكتور روبيك يجري عليها اختباراته ويوجه إليها بعض الأسئله ويدون حصيلة ذلك كله في استماره امامه .. واخيرا قال :


    - ارجو الا يسوءك يا سيدتي ان اقول إنه مما يسعدني ان افحص الآن شخصا ليس من العلماء العباقره ..


    ضحكت هيلاري وقالت :


    - وما الذي يسوؤني من هذا وانا اعلم اني لست بالعبقرية او النابغه؟


    فقال الدكتور روبيك :


    - وهذا من حسن حظك يا سيدتي .. فإن حياة العباقرة جحيم لا يطاق ..


    واستطرد :


    - إنني هنا لا اتعامل إلا مع قوم مفرطي الذكاء .. وهؤلاء معرضون دائما للاختلال العصبي تحت وطأة الضغط الذي يعانونه .. فالعالم يا سيدتي ليس باردا هادئا كما يبدو في الظاهر . فإن انهماكه في عمله يجعل اعصابه مرهقه إلى اقصى حد .. ولا فرق في هذا إطلاقا بين الممثله الأولى او بطل التنس او عالم الذره ..


    - صدقت .. فقد خبرت هذا بنفسي ..


    إذ كان من المفروض انها عاشرت بيترتون فتره طويله باعتبارها زوجته .. وهو دون شك من العلماء العباقره .. وكأنما اراد ان يقتضب الحديث .. فمد إليها يده فجأه يصافحها وهو يقول :


    - والآن ستذهبين إلى الانسه لاروش .. لتمضي بك إلى قسم الملبوسات لتختاري ما يروقك من الثياب ..


    كانت النساء اللائي التقب بهن هيلاري جميعا حتى تلك اللحظه يعملن كأنهن آلات ميك[محذوف][محذوف][محذوف][محذوف]يه .. ذكرتها بالإنسان الآلي .. روبوت .. اما الآنسه لاروش .. فكانت على العكس .. مرحه .. متدفقه بالحيويه .. ارتاحت هيلاري إلى لقائها ..


    قالت لها الفتاه :


    - إني سعيده بأن اتعرف إليك يا سيدتي وارجو ان اوفق في تقديم كل مساعده ممكنه ..


    ثم استطردت ..


    - بما أنك وصلت الآن لتوك .. فلاشك في انك مازلت متعبه ولذلك اشير عليك ان تكتفي الآن بانتقاء بعض الثياب الضروريه وفستان واحد .. وغدا وفي خلال الايام التاليه يمكنك ان تلقي نظره على مالدي من ثياب ومن مستحضرات التجميل ..


    فقالت هيلاري :


    - كل ما ارجوه الآن .. ان امتلك مشطا وفرشاه ..


    ضحكت الانسه لاروش في مرح ومضت تدون مقاس عميلتها في مفكره لديها ثم قالت :


    - سأبعث على الفور إلى جناحك بكل ماوقع عليه اختيارك وإنه ليسعدني ان تترددي على المتجر من حين لآخر ، فقد تبينت ان لك ذوقا رفيعا في الاختيار. اما هؤلاء السيدات العالمات .. فقد ضقت بهن ذرعا.. خاصة وانهن لا يبدين اي اهتمام بمستحضرات التجميل ..


    ثم استطردت :


    - منذ نصف ساعه كانت لدي هنا واحده منهن .. اثارت اعصابي .. إحدى رفيقاتك في السفر ..


    فقالت هيلاري :


    - لعلك تعنين هيلدا نيدهايم ..


    - تماما هذا هو اسمها .. إنها المانيه بالتأكيد .. والألمانيات عادة لا يحفلن بالتجميل ، مع انها يمكن ان تبدو جميله لو انها ابدت بعض الاهتمام بنفسها .. إنها دكتوره فيما فهمت .. ولكن الرجل لا يبحث عن المؤهلات العلميه وإنما عن لمسة من الجمال والأنوثه .


    اه وهاهي ذي اخرى لا يتأتى لرجل ان يتطلع إليها بتاتا ..


    فقد بدت الآنسه جينسون في مدخل الغرفه ، وفوق عينيها نظارتها الصغيره العتيقة الطراز ..


    وقالت الآنسه جينسون:


    - اذا كنت قد فرغت يا سيدة بيترتون فسأصحبك لمقابلة نائب المدير الدكتور نيلسون .


    قالت هيلاري في نفسها : كل من هنا يحمل لقب دكتور عداي انا ..


    ثم رفعت صوتها متسائله :


    - وما هو تخصص الدكتور نيلسون؟!


    - إنه ليس طبيبا ، فهو حاصل على الدكتوراه في الاداره ومن عادته ان يقابل كل وافد جديد ليتحدق إليه ولكنك لنن تقابليه بعد هذا إلا إذا ثارت مشكله مهمه ..


    *****


    نهض الدكتور نيلسون من وراء مكتبه يحييها ويشد على يدها في حراره ..


    - يسعدني ان اراك بيننا يا سيدة بيترتون دعيني اهنئك بالنجاة من هذا الحادث المؤسف الذي وقع لطائرتك ..


    وشكرته هيلاري على لطفه واستطرد يقول :


    - إني على استعداد لأن اجيب عن اي سؤال يخطر بذهنك فهل لديك ما تحبين ان تستفسري عنه ؟


    فبدت امارات الحيره على وجه هيلاري وقالت :


    - الحق اني لا ادري ولكن لعل كل ما يعنيني ان استفسر عنه هو ان اعرف اين انا الآن ..؟!


    ابتسم الدكتور نيلسون واجاب:


    - إني ادرك ما يجول بذهنك .. إنكم تعتقدون جميعا للوهلة الاولى لفرط ما سمعتم من مفتريات انكم ذاهبون إلى موسكو .. وراء الستار الحديدي .. ولكن لا ياسيدتي .. إنك الآن في افريقيا .. في قلب الصحراء المراكشيه .. ومستعمرة الجذام التي تعيشين فيها الآن هي بمثابة الستار الحديدي لأنها ترد عن علمائنا المتطفلين الذين يحاولون اكتشاف مقرهم ..


    قالت هيلاري :


    - صدقت .. فقد تصورت في البدايه اننا مسافرون إلى موسكو ..


    - إنك ستعيشين هنا في عزله تامه عن العالم ولكن وسائل الترفيه والتسليه متوافره .. إن لزوجك عمله الذي قد يشغله عنك فقد ينكب على العمل ليل نهار ولا يفرغ لك إلا نادرا ، ولكن يمكنك ان تشغلي نفسك بقضاء الوقت مع زوجات العلماء وسوف تجدين انهن لطيفات ذوات ود ..


    سألته هيلاري في شيء من الإحجام :


    - ولكن هل يسمح لنا بالخروج ؟!


    فتطلع إليها وقال مترددا :


    - الخروج يا سيدة بيترتون؟! .. سؤال طبيعي لا بد ان يصدر عن كل وافد جديد . لكن المبدأ الاساسي الذي تدين به منظمتنا هو اننا هنا في دنيا قائمه بذاتها فلا شيء يدعونا إلى ان نتجاوز حدودها ونذهب إلى خارجها .. إنها دنيا كامله .. ذات اكتفاء ذاتي شامل ..

    قالت هيلاري وقد رجعت إلى جناحها :


    - إن الحياة هنا شبيهة بجو المدارس ..


    فقال بيترتون:


    - هذا هو ما يحسه المرء في البدايه انا نفسي داخلني هذا الشعور حين جئت ..


    كان الحديث بينهما يدور في تحفظ وحذر .. خشية ان يكون هناك ميكروفون مدسوس بين الاثاث او في الجدران ..


    ثم اردف ..


    - وهذا ما يرتد بنا إلى عهد الطفوله السعيده ..


    وغمز بعينه فلم يغب عنها النذير المقصود .. وبدا لها الأمر كله عجبيا ..


    هاهي ذي في قلب الصحراء تشارك رجلا غريبا مخدعه وتشاطره الفراش ذاته ومع ذلك فإن في التوجس والقلق والخطر المسيطر عليهما ما جعل الرابطة التي بينهما مفككه منفصمه ..


    عادت هيلاري إلى الحديث فقالت :


    - لقد اجروا علي عدة فحوص طبيه ونفسيه.


    - هذا هو ما بفعلونه دائما مع الوافدين الجدد .


    - وهل فحصت انت ايضا؟


    - هذا امر طبيعي..


    - وبعد هذا قابلت الدكتور نيلسون نائب المدير فتبادلنا الحديث برهه قصيره .


    - إنه إداري حازم قدير .


    - ولكني لم اقابل المدير بعد.


    - احسب انك لن تقابليه ابدا وإن كان من حين لآخر يلقي علينا بعض المحاضرات .. وهو رجل ذو شخصيه جذابه ..


    قطب بيترتون جبينه وادركت هيلاري انه يريد ان يثنيها عن مواصلة هذا الحديث .. فما كان منها إلا ان لاذت بالصمت ..


    قال لها بيترتون ..


    - إنهم يتناولون العشاء هنا ابتداء من الثامنه مساءا .. فيحسن بنا يا عزيزتي ان نتأهب للنزول ..


    ابدلت هيلاري ثيابها وارتدت الفستان الذي جاءت به من قسم الملابس ..وتحلت بقلاده من اللآلئ المقلده ..


    هبطا معا إلى قاعة الطعام وخفت الآنسه جينسون إلى استقبالهما قائله:


    - لقد اعددت لكما مائدة كبيره يشارككما فيها بعض رفاق زوجتك في السفر فضلا عن الدكتور مارشيسون وزوجته ..


    - ارشدتهما إلى الطاوله المقصوده وكان اندرو بيترز و إيريكسون قد سبقا إليها وانتظما حولها وقدمت هيلاري زوجها إلى الرجلين .. ولم يلبث الدكتور مارشيسون وزوجته أن لحقا بهم وقدمهما بيترتون إلى الآخرين وهو يقول :


    - سيمون وانا نشتغل معا في معمل واحد ..


    كان سيمون مارشيسون شابا نحيفا في السادسة والعشرين ذا وجه باهت اللون .. اما زوجته بيانكا فكانت ممتلئة الجسم إلى حد ما وفي حديثها لكنه اجنبيه واضحه ..


    رحبت بيانكا بهيلاري في لهجة مهذبه ولكن في شيء من التحفظ ثم قالت متسائله:


    - إنك لست عالمه فيما اعتقد ؟!

    - كلا .. إني لم أتلق تدريبا علميا .. فقد كنت اعمل سكرتيره قبل زواجي ..


    وقال الدكتور مارشيسون :


    - لقد درست زوجتي الاقتصاد والقانون التجاري وهي تلقي علينا بعض المحاضرات من حين لآخر وإن كانت لا تجد إلا نفرا قليلا يؤم محاضراتها ..


    فهزت بيانكا كتفيها في استخفاف وقالت:


    - لقد استطعت على أية حال ان التمس هنا ما اشغل به وقتي .. فقد بدأت ادرس احوال مجتمعنا هذا حتى اعمل على تطويره وتحسينه. ومادامت السيدة بيترتون غير قائمه ببحث علمي فإن في وسعها ان تساعدني في مهمتي ..


    وسارعت هيلاري ترحب بالاقتراح ..
    واضحكهم اندرو بأن قال:


    - ارجوا ان يعهدوا إلي بالعمل على الفور .. وإلا انقلبت تلميذا امضي وقتي في لعب البلي ..


    قال سيمون مارشيسون في حماس :


    - هذا مكان رائع للبحث العلمي فكل الاجهزة متوافره ولا احد يقحم نفسه او يقطع عليك عملك ..


    سأله بيترز :


    - ما تخصصك يادكتور؟!


    اخذ الرجلان يتداولان حديثا علميا بحتا فتحولت هيلاري إلى إيريكسون الذي كان متراخيا في مقعده بعينين شاردتين وسألته:


    - وانت .. اتراك ايضا تحس حنينا للوطن؟!


    - إني رجل لا اؤمن بمثل هذه الترهات الفارغه ... الوطن .. روابط الاسره والطفل .. مشاعر المحبه والوفاء .. كل هذا هراء .. إن المرء لكي يعمل يجب ان يكون حرا طليقا .. لا يشده اي نوع من القيود ..


    - او تشعر بأنك هنا ستكون حرا طليقا؟!


    - هذا ما ارجوه .. وإن كنت لا ادري حقيقة حتى الآن ..


    مالت بيانكا إلى هيلاري وهي تقول :


    - بعد العشاء لدينا الكثير مما نشغل به وقتنا .. غرفة لعبة البريدج مثلا .. والعاب الورق الاخرى .. قاعة السينما تعرض افلاما حديثه .. وقاعة التمثيل تعمل ثلاثة ايام كل اسبوع .. وكذلك سهرات راقصه من حين لآخر ..


    قطب ايريكسون جبينه وقال :


    - كل هذا لغو لا جدوى من ورائه .. إنه يصرف الباحث عن عمله ويبدد نشاطه ..


    قالت بيانكا :


    - كل هذا الذي تسميه لغوا ضروري لنا معشر النساء ..


    فتطلع إليها بنظره بارده .. كأنما يقول : وحتى انتن معشر النساء لا ضرورة لكن ..


    تعمدت هيلاري ان تتثاءب وقالت :


    - اما انا فسآوي الليله إلى فراشي مبكره .. إذ ما زلت متعبه مرهقه..


    فقالت لها بيانكا :


    - إنك على حق ياعزيزتي .. فقد كابدت الاهوال .. فضلا عن هذه الرحلة المضنيه ..


    فقال بيترتون وهم يزايلون المائده:


    - الجو الليله منعش لطيف.. وقد اعتدنا ان نقضي بعض الوقت في حديقه السطح قبل ان نمضي إلى العمل او النوم .. فلم لا تصحبيننا ياعزيزتي اوليف ؟


    كانت حديقة السطح تحفة فنيه رائعه .. كانت بستانا حافلا بأجمل انواع الأزهار واندرها .. تتوسطها نافوره صغيره يتدفق منها الماء رشاشا متناثرا تنعكس عليه اضواء ملونه خلابه ..


    قالت هيلاري في افتتان :


    - إني لا اصدق ما تراه عيناي. ايقوم هذا في قلب صحراء قاحله مجدبه ؟ لكأني اعيش في قصة من ليالي الف ليله..


    فقالت مارشيسون:


    - صدقت يا سيدة بيترتون .. ولكن مادام الماء غزيرا والمال متوافرا فلا شيء مستحيل ..


    - ولكن .. من اين لكم بهذا الماء الغزير ؟!


    - من نبع عميق حفرناه في الجبل بأحدث الاساليب العلميه ..


    واخذوا يتمشون في حديقة السطح قليلا .. ويتسامرون بالحديث .. ثم انسحبوا واحدا بعد الآخر .. ولم يبق اخيرا إلا توماس بيترتون وزوجته هيلاري كرافن .. اخذ بيدها واجلسها على إحدى الأرائك المتناثره في ارجاء الحديقه ووقف في مواجهتها وحدجها بنظرة متسائله وقال:


    - والآن .. من انت بحق السماء؟!


    رفعت وجهها تتطلع إليه برهه دون ان تجيب .. وبدلا من ان ترد على سؤاله قالت تسأله :


    - لماذا كذبت فزعمت اني زوجتك؟!


    تبادلا نظرات صامته .. واخيرا قال بيترتون .. :


    - مجرد نزوه طارئه .. لقد خطر لي انك ربما جئت لكي تخرجيني من هنا .. ياإلهي.. هذا سؤال توجهينه إلي؟! ان الإجابه واضحه معروفه !!!


    فعادت تسأله :


    - ولكن كيف جئت إلى هنا ؟!


    - إذا كنت تقصدين اني اختطفت .. او ان شيئا من هذا القبيل قد حدث .. فانزعي من رأسك مثل هذه الفكره من رأسك .. لقد اتيت إلى هنا من تلقاء نفسي وبمحض إرادتي .. وكنت ممتلئا حماسه ..


    - وهل كنت تعرف انك قادم إلى هذا المكان ؟!


    - لا .. لم يخطر لي قط أنني آت إلى افريقيا .. ولم احاول قط ان اسأل .. لقد احتواني البريق الخداع واخذتني الكلمات الحماسيه : السلام العالمي .. الحريه المطلقه .. اقتسام الأسرار العلميه بين دول العالم جمعاء .. القضاء على الرأسماليين وتجار الحروب .. نعم .. كل هذه الترهات الخرافيه ..


    واردف :


    - وصاحبنا بيترز الذي صحبك في رحلتك .. إنه هو ايضا ابتلع الطعم ..


    - ومالذي اكتشفته بعد ان وصلت؟!


    - سوف ترين بنفسك .. ولكن يكفي ان اقول لك .. إن الحريه التي حلمنا بها .. لا وجود لها هنا ..


    وجلس إلى جانبها مقطب الجبين ثم قال :


    - ونفس الوضع هو الذي اثارني في انجلترا وجعلني اكره البقاء فيها .. إجراءات الامن الصارمه .. التجسس على حركاتي وسكناتي .. تعقب خطواتي ومحاسبتي على كل كلمه اتفوه بها .. كل هذا حطم اعصابي ..


    واستطرد بنفس النبرة اليائسه :


    - ثم جئت إلى هنا .. فإذا الفردوس الموعود مجرد سراب .. لقد عانيت نفس الأوضاع .. بل اشد هولا..


    وتابع الحديث ..


    - احدث الأجهزة العلميه رهن إشارتنا والمال متوافر لإجراء الابحاث التي نجريها ولكني مع هذا لا املك إلا ان اشعر يأني في سجن تحف به الأسوار والقضبان ..


    ران عليهما الصمت .. ثم استدار إليها متسائلا:


    - والآن لنعد إلى ما كنا فيه .. مالذي جعلك تحضرين إلى هنا وتزعمين انك اوليف ؟!


    قالت :


    - اوليف ....


    ثم امسكت تلتمس الكلمات الملائمه لكي تجيب عن السؤال .


    عاد يتساءل :


    - ولكن اين اوليف ؟ مالذي جرى لها ؟


    ناورت وتحايلت على الكلمات ثم اضطرت اخيرا إلى ان تجيب .


    حملق إليها شاردا ثم قال :


    - إذن فأوليف ماتت ..


    غرق في صمت طويل ثم رفع رأسه اخيرا وقال:


    - اوليف ماتت وحللت مكانها .. ولكن لماذا؟!


    كان الجواب حاضرا في ذهنها .. لم تكن هيلاري كرافن حتى هذه اللحظه مطمئنه تماما إلى بيترتون .. وكانت تراه مزعزع الأعصاب وقد اوشك ان ينهار.. فمن دواعي الحكمه ان تحجب دونه اسرارها ..


    لقد قال لها في بداية الحديث انه يحسبها جاءت لكي تنقذه وتخرجه من هنا ، فلم لا تجاريه فيما اعتقد ؟


    إن من الحماقه ان تصارحه بأنها مجرد جاسوسه اوفدها جيسوب لتوافيه بما تقع عليه من معلومات..


    قالت تجيب على سؤاله:


    - كنت مع زوجتك في المستشفى حين ماتت فتطوعت لأداء هذه المهمه وقررت ان انتحل شخصيتها واسمها خاصه وان قوامي يشبه قوامها وشعري الاحمر في لون شعرها .


    فقال:


    - حقا فإن لك نفس الشعر الأحمر النحاسي ..


    ثم اردف :


    - ولكن مالرساله التي ارادت اوليف ان تبلغها إلي؟!


    فسألته :


    - اتعرف شخصا يدعى بوريس؟!


    - نعم .. بوريس جلايدر .. إني لم اقابله مطلقا .. ولكنه إبن عمة زوجتي السابقه ...


    - لقد ارادت اوليف ان تكون على حذر منه وقالت إنه خطر..


    - خطر؟ ولماذا يكون خطرا علي؟! هذا عجيب.!! اتراه قابل اوليف؟!


    فقالت :


    - إنها لم تقابله ولكنها تلقت رسالة منه ..


    - ومالذي قاله لها؟!


    - هذا مالا علم لي به ، ولكنها اضافة عباره اخرى .. قالت : تذهبين تذهبين .. اذهبي وحدثيه عن بوريس .. إني لا اصدق هذا .. لا استطيع ان اصدق .. ولكن ربما كان صحيحا .. وإذا كان .. فعليه ان يكون على حذر ..


    وكانت هذه اخر كلمات نطقت بها .. ثم لفظت انفاسها الاخيره .


    - بوريس؟ ولكن .. لماذا ؟ لماذا ؟ هذا مالا استطيع ان اتبينه..


    لاذ بالصمت برهة ثم عاد يقول :


    - يا إلهي .. لقد قضي علي بأن ابقى هنا إلى الأبد وراء القضبان ..


    فقالت هيلاري بصوت مليء بالثقه والإيمان :


    - بل لا بد ان تخرج من هنا ..


    - ولكن كيف ؟ كيف ؟ إن هذا لمستحيل ..


    فقالت :


    - لا مستحيل في الدنيا .. سوف نجد وسيله ..


    لم تكن هيلاري مؤمنه بما تقول .. ولكنها ارادت ان تبث في نفسه الشجاعة والأمل .. حتى لا تنهار اعصابه .


    واستطردت :


    - لا داعي لليأس .. هناك سجون ومعتقلات حصينه استطاع من فيها ان يهربوا منها بوسيلة ما .. بحفر نفق مثلا .. كل ما هنالك ان الأمر يحتاج إلى التأني وإلى الوقت ..


    فردد في يأس :


    - ومن أين لي الوقت ؟ ألا تعرفين مايحدث هنا؟ إنهم يريدون من العالم الذي يأتون به هنا أن ينتج شيئا .. يريدون منه ان يبحث وان يخرج عليهم باكتشاف عبقري.. أنا إن عجز .. فهل تدرين مصيره؟!

    فقالت :


    - يعيدونه إلى بلاده دون شك !!


    فأجاب :


    - بل يتخلصون منه .. يقتلونه !!


    - يقتلونه!! إني لا اصدق هذا ..


    - بل تلك هي الحقيقه .. لأنه لم يعد ذا نفع لهم بل اصبح عبئا عليهم .. وقد اصبحت انا هذا العبء المكروه فإن شعوري بأنني سجين هنا شل تفكيري ولم اعد قادرا على موالاة البحث فلم انتج شيئا منذ حضرت .. وقد ظنوا ان ابتعادي عن زوجتي هو الذي جمد عبقريتي ولذلك ارسلوا يستدعونها .. والآن وقد حضرت انت باعتبارك زوجتي .. فإنهم لن يصبروا علي اكثر من هذا .. فإما ان انتج .. وإما ان اقتل ..


    اخذت هيلاري بذراعه وهي تقول:


    - والآن فلنعد إلى جناحنا .. فقد تأخر بنا الوقت ..


    ثم اردفت :


    - نم مطمئنا فسوف نجد وسيله للفرار.. نعم .. حتما سوف نهرب ...
    -----------------------------
    في فندق المأمون في مراكش .. كانت الآنسه هيذرنجتون مجتمعه برجلين .. احدهما جيسوب والآخر فرنسي تشع عيناه ذكاء ..


    ولكن هيذرنجتون هذه لم تكن تلك التي رأيناها من قبل تتعرف إلى هيلاري في كازابلانكا وفزان .. وتمضي معها معظم الوقت ..


    كان لها حقا نفس القوام ونفس الملامح .. ونفس هيئة الشعر وتنسيقه .. ولكن هيذرنجتون هذه كانت تبدو اصغر سنا واكثر حيويه فقد كانت عند لقائها بهيلاري تخفي سماتها الحقيقيه ..


    وقال لها جيسوب مستطردا في الحديث :


    - إذن فؤلاء هم الوحيدون الذين اتصلوا بها في فزان؟!


    فقالت :


    - كان هناك ايضا هذه المرأه المدعوه كالفين بيكر .. التي تعرفت إلي وإلى اوليف بيترتون .. وقد حيرني امرها كثيرا .. فقد بدا لي انها اقحمت نفسها على السيدة بيترتون .. بيد انها امريكية الجنسية .. ومن عادة الامريكيين ان يتوددوا ويتحدثوا إلى كل انسان على غير سابق معرفه..


    وعقب جيسوب :


    - هذا صحيح..


    فقالت جانيت هيذرنجتون :


    - ولكن الغريب الذي يسترعي النظر انها استقلت نفس الطائره ..


    فتساءل جيسوب:


    - اتريدين القول ان سقوط الطائره كان حادثا مدبرا؟!


    ثم التفت إلى الرجل الفرنسي وسأله :


    - ما رأيك في هذا يا ليبلان؟!

    فأجاب الفرنسي:


    - هذا محتمل وإن كان من المستحيل ان نقيم الدليل على هذا فقد احترقت واحترق كل من فيها ..


    - وما رأيك في الطيار؟!


    - الكادي ؟ إنه طيار مغامر مرن الضمير .. ولا يسعى إلا وراء المال ولا يؤمن بشيء من المعتقدات السياسية .. بل لا شأن له بالسياسة على الإطلاق ..


    - إذن فلا يمكن ان يكون قد قام بتخريب الطائره لكي ينتحر ويضحي بنفسه ..


    فقال ليبلان :


    - عثرنا بين حطام الطائره على سبع جثث محترقه متفحمه اختفت معالمها ..


    وعادت الآنسه هيذرنجتون إلى متابعة حديثها فقالت :


    - وقد تبادلت السيده بيترتون بضع كلمات مع اسره فرنسيه كانت تنزل مع اطفالها في نفس الفندق وكان في الفندق ايضا سويدي من الأثرياء مع إحدى نجوم السينما وكذلك السيد اريستيد المليونير اليوناني صاحب آبار البترول.


    فقال ليبلان :


    - هذا الرجل عجيب الشأن فعلى الرغم من ملايينه التي لا تحصى فهو عزوف عن النساء ولا يلعب الميسر وليس لديه جياد للسباق وإنما يحبس نفسه في قصره في اسبانيا لا يبرحه إلا نادرا وليس له من هواية إلا جمع التحف الصينيه ..


    واستطردت جانيت هيذرنجتون:


    - وفيما اعلم لم تتبادل السيده بيترتون حديثا لا مع الثري السويدي ولا مع المليونير اليوناني ..


    فسألها جيسوب :


    - والخدم والجرسونات ؟


    - هذا محتمل دائما .. وقد زارت المدينه القديمه مع احد الأدلاء وبمجرد عودتها قررت ان تسافر إلى مراكش فمن المحتمل ان يكون احد قد اتصل بها في اثناء زيارتها للمدينه القديمه ..


    قال جيسوب :


    - وكذلك قررت السيده كالفن بيكر فجأه أن تصحبها في رحلتها إلى مراكش .. ألا يبدو هذا امرا غريبا .. وهي التي كانت في مراكش منذ فتره وجيزه .. ؟!


    ومضى جيسوب يذرع الغرفه وهو غارق في التفكير ثم قال :


    - كلما تمعنت في الأمر ازددت اقتناعا بأن سقوط الطائره كان حادثا مدبرا ..


    فقال ليبلان:


    - من السهل جدا الهبوط بالطائره إلى الأرض وإحراقها عمدا ثم الادعاء بعد ذلك بأنها سقطت واحترقت .. ولكن كيف نعلل وجود الجثث بين الحطام ؟ هل يمكن ان يرضى ركابها بأن يقبعوا في داخلها ساكنين حتى يحترقوا؟!


    قال جيسوب:


    - فلنلق نظره اخرى على قائمة الركاب ..


    تناول ليبلان ورقه مطويه من جيبه ونشرها امامه وانكب عليها الرجلان يتصفحانها ..


    - السيده كالفن بيكر امريكيه .. السيده بيترتون انجليزيه .. توركيل إيريكسون نرويجي في السابعه والعشرين .. وإني اذكر اسمه فقد سبق له ان القى بعض المحاضرات في الجمعيه الملكيه ..
    استطرد ليبلان:



    - وبعد ذلك راهبه المانيه ثم اندرو بيترز الأمريكي الجنسيه .. والدكتور بارون .. اشهر علماء الجراثيم في العالم ..


    فقال جيسوب معقبا:


    - محال ان يكونوا قد ضحوا بهؤلاء الأفذاذ عمدا .. لابد ان في الأمر سرا .. ولكن المشكله هي تلك الجثث التي وجدت محترقه بين الحطام ..


    رن جرس التليفون وتناول ليبلان السماعه .. وانصت برهة إلى محدثه ثم قال وقد اشرق وجهه وتألقت عيناه :


    - حسنا حسنا جدا .. ابعث بهم إلي في الحال..


    ثم تحول إلى جبسوب قائلا:


    - يبدو ياعزيزي انك على صواب فيما ذهبت إليه .. لقد امرت رجالي بأن ينتشروا في كل مكان يبحثون ويتحرون .. وقد عادوا إلي بمعلومات مهمه جدا ..


    فتساءل جيسوب :


    - حقا ؟ ومالذي جاءوا به؟!


    - مهلا مهلا وسوف ترى ..


    فتح الباب بعد لحظات ودخل رجلان يرتدي احدهما الزي الأوروبي .. وكانت ثيابه معفره دلالة على انه قادم لتوه من السفر .. وكان برفقته رجل اخر يرتدي العباءه المراكشيه الفضفاضه ..


    قال الأوروبي :


    - لقد قمنا بتحريات واسعه ووعدنا من يدلي إلينا بأية معلومات بمكافأة جزيله .. وقد انتشر صاحبنا هذا ( وأشار إلى الرجل العربي ) وافراد اسرته واصدقاؤه في كل مكان يسألون ويستفسرون .. وقد رأيت أن اتي به معي لتسمع منه بنفسك مالديه من معلومات ..


    والتفت ليبلان إلى العربي قائلا:


    - إن لك فيما ارى ياصاح عيني صقر تستطيع ان تريا كل شيء ولا يمكن ان يفوتهما شيء .. فهيا هات ماعندك ..


    اخرج الرجل من طيات عباءته لؤلؤه كبيره يضرب لونها إلى القرمزي وقال :


    - إنها شبيهه تماما باللؤلؤة التي عرضتموها علي وعلى رجالي .. لقد عثرنا عليها ..


    تناولها منه جيسوب وقارنها بلؤلؤة اخرى اخرجها من جيبه فكانتا متماثلتين تماما .. ثم اخذ عدسه مكبره وفحص اللؤلؤتين بدقه ..


    وغمغم يقول :


    - نعم .. إن العلامه ظاهره .. إنها فتاه رائعه .. لقد نفذت تعليماتي .. يالها من فتاه ..


    وفي خلال ذلك كان ليبلان منهمكا في استجواب الرجل العربي فلما فرغ منه تحول إلى جيسوب وقال :


    - هذه اللؤلؤه يازميلي العزيز وجدت على مسافة نصف ميل من حطام الطائره .. وجثتها ليست قطعا إحدى الجثث السبع المتفحمه التي وجدت بين الحطام ..


    قال ليبلان وهو يتصفح قائمة الركاب مرة اخرى :


    - اوليف بيترتون .. والدكتور بارون .. هذان الاثنان على الاقل ذاهبان حتما إلى حيث يراد لهما ان يذهبا .. اما الامريكيه كالفن بيكر .. فيمكننا ان نخرجها من حسابنا .. وتوركيل ايريكسون له ابحاث عرضت على الجمعيه الملكيه العلميه .. والأمريكي بيترز .. باحث كيماوي طبقا لما ورد في جواز سفره .. والراهبه الألمانهي هيلدا .. يمكن ان تكون عالمه متنكره في هذا الزي .. الواقع أن الجماعخ كلها من الاخصائيين .. فهل جمعوهم معا في طائره واحده لكي يحرقوها ويقضوا عليهم ؟؟... هذا بالتأكيد فرض مستبعد .. أخرجوهم بالتأكيد من الطائره .. ثم احرقوها .. فمن اين جاءوا بالجثث التي وجدت متفحمه بين الحطام ؟!


    فقال جيسوب :


    - فلنطرح هذا البحث الآن جانبا .. فهو ليس بذي اهميه .. المهم اننا عرفنا ان ركاب الطائره لم يحترقوا معها وإما بدأوا رحلة جديده من حيث عثرنا على الحطام .. فما الخطوه التاليه ؟! هل نزور موقع الحادث ؟!


    وبدأت حملة بحث دقيقه على طول الطريق .. اسئلة في كل خان .. واسئلة في كل محطة بنزين .. واسئله في مختلف القرى ..


    واخيرا اسفر البحث عن شيء..


    قال ليبلان :


    - انظر يا صديقي .. لقد فتشوا المراحيض كما امرت .. فعثروا على هذه اللؤلؤة في خان عبدالله .. ملصقه بالجدار بقطعه من اللبان .. وقد استجوبناه وافراد اسرته فأنكروا كل شيء في البدايه ثم اعترفوا .. قالوا ان ستة اشخاص في سيارة رحلات نزلوا بالخان .. وذكروا انهم بعثه المانيه للبحث والتنقيب عن الآثار .. وطلبوا منهم ان يتكتموا لأنهم يقومون بالعمل خفيه دون تصريح من الحكومه .. ونقدوهم من المال قدرا كبيرا .. وفي قرية الكيف .. عثر بعض الغلمان على لؤلؤتين اخريين .. وبذلك عرفنا اتجاه السياره ..


    وفي الصباح التالي .. جاء ليبلان باكتشاف جديد .. لقد عثر العرب على ثلاث لآلئ صفت على شكل مثلث .. وملصقة فوق قطعه من اللبان ..


    وقال جيسوب :


    - اللآلئ المثلثة الشكل معناها ان الطائره هي وسيلة الانتقال في المرحلة القادمه من الرحله ..


    فقال ليبلان :


    - إنك على صواب ياصديقي .. فقد عثروا على هذه اللآلئ في مطار حربي مهجور كان يستعمل خلال الحرب ..


    ثم اردف :


    - والآن فتلك هي المشكله بل اعتقد المشاكل: طائره مجهوله تتجه إلى مكان مجول ..


    تنهد قائلا :


    - وعند هذا تتوقف ابحاثنا ويضيع منا الأثر ...
    -------------------------
    اقبلت الآنسة جينسون بعينيها الذابلتين تتألقان تحت نظارتها العتيقه الطراز .. ذات الزجاج السميك وقالت تخاطب هيلاري :


    - لدينا اجتماع هذا المساء .. سيخطب فيه المدير نفسه ..


    فقال بيترز معلنا :


    - حسنا .. فقد كنت اتمنى ان القي نظره على هذا المدير الخفي ..


    فرمته الانسه جينسون بنظرة لوم وعتاب ثم استدارت منصرفه ..


    وقال بيترز :


    - يبدو لي انها والهة في حبه كما كانوا يتفانون في حب هتلر ..


    فقالت هيلاري :


    - وهذا ما يتراءى لي .. إنها فاشستيه متحمسه..


    فقال بيترز مستطردا :


    - حين غادرت الولايات المتحدة كنت ممتلئا حماسا وشبابا .. اتوق إلى دنيا تسودها الاخوة والسلام .. ولكن لو اني توقعت اني سألقي بنفسي بين براثن هذا الديكتاتور لما بارحت وطني ..


    فهتفت هيلاري وقد تضرج وجهها احمرارا..


    - لكم يسعدني ان اسمعك تقول هذا .. وكم اسعدني ان التقيت بك هنا .. فأنت رجل ظريف ومرح ..


    فقال ضاحكا :


    - يبدو لي انك ضقت بمعاشرة العباقره ..


    فأجابت :


    - هذا صحيح .. ثم انك تغيرت كثيرا في الايام الاخيره .. فقد زايلك شعور الكراهيه والمراره ..


    - إنك مخطئه في هذا .. فهنا في اعماقي لايزال الحقد كامنا يتأجج ويتلظى .. نعم يا اوليف .. هناك اشياء يجب ان يكرهها الإنسان ..


    بعد العشاء انعقد الاجتماع الذي اشارت إليه الآنسه جينسون في قاعة المحاضرات .. وحضره جميع اعضاء البحث العلمي من علماء ومساعدين وكيميائيين وغيرهم ..


    اتخذت هيلاري مجلسها بجانب زوجها المزعوم بيترتون .. وهي اشد ما تكون لهفة إلى مشاهدة الرجل الذي يدير هذا المركز ويفرض عليه قيوده واغلاله ..


    لقد سألت عنه زوجها فكانت إجابته متسمه بالغموض .. فقد قال:


    - لقد رأيته مرتين فقط .. وهو رجل عظيم .. ذو شخصيه طاغيه جباره .. يستحوذ على عقلك ويخضعك لسلطانه فور ان يتكلم ..


    اخيرا ظهر الرجل على منصة الخطابه ووقف الحضور جميعا تحية له .. كان رجلا متوسط العمر متين البنيان .. لابالطويل ولا بالقصير .. يتميز بعينين تشعان ذكاء متألقا وله نظرات نفاذه كأنما يسري فيها تيار كهربي قوي ..


    وحين وقف ليتكلم تعلقت به العيون في انتباه شديد .. استهل خطابه بأن قال :


    - دعوني اولا ارحب بزملائنا الجدد الذين انضموا إلينا في الأيام الاخيره ..


    ثم شرع بعد هذا يتحدث عن اهداف المنظمه وامانيها ..


    حاولت هيلاري فيما بعد ان تستعيد إلى ذهنها ماسمعته .. فاستعصى عليها الامر .. وخيل إليها انه لم يتفوه إلا بكلمات عاديه مرسله جوفاء .. وإن كان الإنصات إليه امرا مختلفا جدا .. فحين يتكلم .. تحس بسحره يطغى عليك ويأخذك ويحتويك ولكن إذا ما حللت كلماته فسوف تجدها مجرد لغو لا يقدم ولا يؤخر .. ذكرت هيلاري عند هذا ماحدثها به صديق لها عاش في المانيا اثناء الحرب .. وكيف كان الشعب الالماني يجن ويشتعل حين يستمع إلى هتلر ..


    وكان الخطيب هذه الليله ايضا من هذا الطراز العجيب ..


    سحر الحاضرين بكلماته فجعلوا يتابعون كلماته مشدوهين .. كأنما يهيمون في السماوات ..
    كلمات مفتاحية  :
    قصة قصص رويات عالمية

    تعليقات الزوار ()