شارل فؤاد المصري
(«وبهذا يا سادة يا كرام انتهى مولد سيدى أبوالكلام، وعلى ضيوفنا «اللئام» - عفوا «الكرام» - التزام الصمت ومنع الكلام).
حقيقة يبدو أن مولد الإعلام صاحبه رجع بعد غياب، واكتشف فجأة أنه لابد أن يتم تأديب وتهذيب وإصلاح كل من سوّلت له نفسه - دائما النفس أمارة بالسوء كما يقولون.
فبعد تقفيل عدد من البرامج جاء تقفيل عدد من الفضائيات – بعضها كان لزاما على الدولة أن تغلقها منذ زمن وخاصة تلك التى تلعب على وتر الدين – ثم منع تغطية المحاكمات بالصوت والصورة، ثم التضييق على بث رسائل الموبايل الإخبارية القصيرة وإدخال من يقدمون هذه الخدمة فى كم غير عادى من التصاريح العادية وغير العادية – مشيها العادية – فمن المتوقع مستقبلا أن يتم «تقفيش» عدد من الزملاء على طريقة «البوكس والسينما»، وهى طريقة بوليسية «لطيفة»، حيث يأتى معاون القسم ويضع ظهر العربية البوكس أمام باب السينما، بحيث لا يوجد أى فراغ وبالتالى لا يوجد أمامك إلا أن تركب البوكس.. هتروح فين؟!
أذكر فى سبعينيات القرن الماضى كان «إعلام الريادة» لم يبدأ بعد و«السماوات المفتوحة» لم تفتح بعد.. وكان إذا حدث فى مصر شىء ما نود معرفته نجرى على أقرب راديو ونقلب فى محطاته لنستمع إلى الـ«بى. بى. سى» أو «مونت كارلو» أو حتى «إذاعة إسرائيل» لنعرف ما جرى وما يجرى.
أتمنى ألا تعود «الدولة» المصرية إلى الماضى، فحزمة الإجراءات التى اتخذتها لتصحيح الصورة تجاه وسائل الإعلام ليست كلها صحيحة ومطلوبة ولكن بعضها فقط أتفق معه، لأنه يثبت لمن تخيلوا أو تصوروا أن مفاصل البلد «مفكوكة» أو أن هذا البلد «رايح فى داهية» أن «كل شىء تحت السيطرة»، فكشرت الدولة عن أنيابها وشحذت أظافرها وتنمرت وبدأت الهجوم.
فى هذا الإطار، دعونا نطرح بعض الأسئلة المشروعة، السؤال الأول: ماذا لو نقلت الفضائيات التى تم إغلاقها نشاطها إلى خارج مصر وبثت إرسالها عبر أقمار أخرى؟
السؤال الثانى: كيف ستتم السيطرة على فضاء الإنترنت؟
السؤال الثالث: إذا أصبحت الصحف الخاصة مثل الصحف الحكومية، والفضائيات الخاصة مثل التليفزيون الرسمى، هل تعتقدون أن هذا مفيد لمصر؟
السؤال الرابع: إذا سيطرت الدولة على وسائل الإعلام.. هل ذلك سيغير من الأمر شيئا؟ بمعنى: هل سيحل مشكلة البطالة؟.. هل سيحل مشكلة ضعف الأجور؟.. هل سيقضى على ارتفاع الأسعار ؟.. هل سيحل مشكلة المرور؟.. هل سيقضى على الفساد؟.. هل سيقضى على الفتنة الطائفية؟.. هل سينهى تزوير الانتخابات؟.. هل سيجذب مستثمرين جدداً إلى البلاد؟.. والأهم هل سيحل مشكلة الطماطم؟.. تصبحوا على خير.
المختصر المفيد: قال أبوالطيب المتنبى
يا أعدل الناس إلا فى معاملتى/ فيك الخصام وأنت الخصم والحكم
أعيذها نظرات منك صادقـة/ أن تحسب الشحم فيمن شحمه ورم
وما انتفاع أخى الدنيا بناظره/ إذا استوت عنده الأنوار والظلم
سيعلم الجمع ممن ضم مجلسنا/ بأننى خير من تسعى به قدم
أنا الذى نظر العمى إلى أدبى/ وأسمعـت كلماتى من به صمم
أنام ملء جفونى عن شواردها/ ويسهر الخلق جراها ويختصم
وجاهل مده فى جهله ضحكى/ حتى أتته يد فراسة وفم
إذا رأيت نيوب الليث بارزة/ فلا تظنن أن الليث يبتسم