محمد أنور السادات
قال المستشار الثقافى الإيرانى الأسبق بمكتب رعاية المصالح الإيرانية بمصر حجة الله جودكى إن البلد الذى كان علاقاته مقطوعة بإيران منذ أكثر من 50 عاماً، نحتاج إلى مجالات مشتركة معه أكبر من تسيير الرحلات الجوية، لأن مصر لديها رؤية اقتصادية كبيرة. ووصف جمود العلاقات السياسية بين مصر وإيران بالحرب الباردة، قائلا: إذا لم تحل المشكلات التاريخية بين مصر وإيران ولم تتوقف الحرب الباردة بينهما، فسيصبح من المستحيل إيجاد علاقة بين البلدين، وستذهب الطائرات الإيرانية مملوءة بالمسافرين، وبدلا من أن تأتى بالسياح المصريين ستحضر برتقالا مصريا.
وقال المستشار الذى عمل بمكتب رعاية المصالح الإيرانى بمصر لمدة 5 سنوات فى حديث صحفى لموقع "خبر أون لاين" الإيرانى، كنت شاهداً طيلة الخمسة أعوام التى قضيتها بمصر على التقاء الرئيس الإيرانى السابق محمد خاتمى بالرئيس مبارك فى جنيف، وكثيراً من القضايا تم تسويتها خلال هذه اللقاءات، وكان من المقرر أن تستمر، وقبل ذلك التقى وزراء خارجية البلدين فى إيران، رغم أن الجانب المصرى قليلا ما كان يأتى إيران إلا أن وزير الخارجية المصرى جاء إيران، والتقى بالرئيس محمد خاتمى آنذاك، وخلق جو من الأمل فى إقرار العلاقات ثانية، لكن ما حدث بعد ذلك هو إتهام رجل مصرى يدعى محمود دبوس بالتجسس لصالح إيران خلال سيناريو ملفق، وتوترت العلاقات مجدداً بين البلدين، ولم تستقر اللقاءات عن أية نتائج.
ورداًعلى سؤال حول الأسباب التى حالت دون نتائج مرجوة، قال السيد جودكى، لو نظرنا إلى الماضى، نجد أن إيران لم تكن لديها علاقة بمصر على مدار 50 عاماً منذ عام 1952م، حين قام الضباط الأحرار بانقلاب بزعامة جمال عبد الناصر، ولأنه كان وطنياً ومؤيداً للدكتور مصدق رئيس وزراء إيران آنذاك، وكانوا على خلاف مع إسرائيل وأمريكا التى كانت على علاقة جيدة بشاه إيران، قطع جمال عبد الناصر العلاقات لأول مرة بين مصر وإيران، والتى قطعت للمرة الثانية بعد الثورة الإسلامية فى إيران بأمر من الإمام الخمينى قائد الثورة، إلا أنها أقرت فى فترة قصيرة جداً فى عهد الراحل أنور السادات نتيجة تحول السادات من كتلة الشرق إلى كتلة الغرب، والتى حدثت لأسباب مختلفة فهو كان يريد أن يحل المشكلات الاقتصادية فى مصر بأى وسيلة.
وحول سفر نائب الرئيس الإيرانى إلى مصر الأسبوع الماضى، أوضح جودكى أن سفر حميد بقائى إلى مصر كان بعيداً عن وزراة خارجية بلاده، أى أن وزراة الخارجية لم تقم بأى شىء لهذه الزيارة، وبقائى باعتباره النائب الخاص لرئيس الجمهورية وكمستشار عزم على توقيع اتفاقية تسيير الرحلات الجوية، وأكد جودكى أن هذا المشروع تم فقط فى نطاق السياحة، وانتقد زيارة بقائى لجنوب مصر قائلا: لقد زار بقائى معابد جنوب مصر، ربما يكون عملاً جميلاً إلا أنه عمل لم يسفر عن نتيجة مرغوب فيها.
ويرى جودكى أن ما نشر فى وسائل الإعلام من تسيير 28 رحلة جوية أسبوعياً بين البلدين، مجرد شعارات، قائلا: لأن مصر تمنح التأشيرات بصعوبة.
وحول رغبة بلاده فى إنتاج فيلم معادى للرئيس مبارك، رفض جودكى ذلك قائلا: يجب أن نحل مثل هذه القضايا بين البلدين، لو أردنا أن ننهى الحرب الباردة هذه، مشيراً إلى فيلم "إعدام فرعون" الذى أنتجته إيران، يجب أولا أن نحل الأسباب التى تمنع إقرار العلاقات، وقال "لا يمكن أن ننعت بعضنا البعض فى أفلام ونضحك فى وجه بعض فى المحافل الدبلوماسية، ونتحدث بكلام ناعم مع بعضنا البعض".
واعترف جودكى بخطأ إيران فى تسمية أحد شوارع العاصمة طهران باسم قاتل السادات قائلا: نحن ارتكبنا أخطاء فى الماضى تقف الأن أمامنا كحائل لمنع عودة العلاقات، مثل اسم الشارع الذى أطلقنا عليه "خالد الإسلامبولى"، ويرى أنها أحد أسباب عدم إقرار العلاقات بين البلدين، وسبب آخر وهو أن هناك صحفاً مصرية علمانية تنعت إيران على الدوام، ويرى أنه إذا كنا نهدف إلى إقامة علاقات بين البلدين فيجب أن تلتزم تلك الصحف برعاية الأدب.
وحول قلق إسرائيل من إقرار العلاقات بين مصر وإيران، قال: إن إسرائيل تعارض إقرار علاقة إيران ليس فقط بمصر لكن بسائر الدول أيضاً، لأننا نريد عزل إسرائيل وكذلك إسرائيل تريد أن تعزلنا عن المنطقة وعن باقى الدول، وانتقد عدم وجود مركز للأبحاث فى إيران يعمل على تعريف الشعب الإيرانى بدول الجوار قائلا: فى إيران لا يوجد مركز بحثى يعمل فيه أساتذة لإخراج أبحاث علمية يتعرف خلالها الشعب الإيرانى بشعوب دول الجوار، أما مصر فهى تنفق أموالا على الأعمال البحثية على سبيل المثال مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية الذى يصدر مجلة "مختارات إيرانية" التى تطلع الشعب المصرى بما يدور فى إيران.
وقال السيد جودكى الذى عاش فى مصر 5 سنوات إن المصريين أهل التسامح والتساهل، ولا يفرقون بين سنى وشيعى، لذلك لا يمكن مقارنتهم بالسعوديين، ونحن نسعى لوحدة العالم الإسلامى.
ورداً على سؤال حول دور الانتخابات المصرية المقبلة، هل ستؤثر على علاقة القاهرة بطهران، قال بالتأكيد فى نهاية كل فصل تحدث تغيرات كثيرة، وهى مسألة طبيعية.