ولما هاجر المسلمون إلى المدينة ، واجتمع المهاجرون والأنصار : شرع الله لهم الجهاد . وقبل ذلك نهوا عنه ، وقيل لهم : كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ فأنزل الله تعالى : كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ آية 216 من سورة البقرة . فبذلوا أنفسهم وأموالهم لله تعالى ، رضي الله عنهم ، فشكر الله لهم ذلك ، ونصرهم على من عاداهم ، مع قلتهم وضعفهم ، وكثرة عدوهم وقوتهم . فمن الوقائع المشهورة ، التي أنزل الله فيها القرآن : وقعة بدر ، قد أنزل الله فيها سورة الأنفال ، وبعدها وقعة قَينُقَاع ، ثم وقعة أُحد بعد سنة ، وفيها - ص 40 - الآيات التي في آل عمران وبعدها وقعة بني النضير ، وفيها الآيات التي في سورة الحشر ، ثم وقعة الخندق ، وبني قريظة ، وفيها الآيات التي في سورة الأحزاب ثم وقعة الحديبية ، وفتح خيبر . وأنزل الله فيها سورة الفتح . وفتح مكة . ووقعة حنين وأنزل الله فيها سورة النصر . وذكر حنين في سورة براءة . ثم غزوة تبوك وذكرها الله في سورة براءة . ولما دانت له العرب ، ودخلوا في دين الله أفواجا ، وابتدأ في قتال العجم : اختار الله له ما عنده . فتُوُفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بعد ما أقام بالمدينة عشر سنين . وقد بلغ الرسالة ، وأدى الأمانة ، فوقعت الردة المشهورة . . . . . . . . . . . وذلك : أنه لما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم : ارتد غالب من أسلم ، وحصلت فتنة عظيمة ، ثبت الله فيها من أنعم عليهم بالثبات ، بسبب أبي بكر الصديق رضي الله عنه . فإنه قام فيها قياما لم يدانِه فيها أحد من الصحابة ، ذكّرهُمْ فيه ما نسوا . وعلمهم ما جهلوا . وشجعهم لما جبنوا . فثبت الله به دين الإسلام . جعلنا الله من أتباعه وأتباع ما حمله أصحابه . قال الله تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الآية من الآية 54 من سورة المائدة . قال الحسن : هم والله أبو بكر وأصحابه .
- ص 40 -