بتـــــاريخ : 9/17/2010 5:06:07 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1501 0


    الغريق

    الناقل : SunSet | العمر :37 | الكاتب الأصلى : الشيخ الدكتور عائض بن عبد الله القرنى | المصدر : alislamnet.com

    كلمات مفتاحية  :

    قال سبحانه وتعالى: ((وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ * وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ * وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ * وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ * ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)).
    لا زال الحديث مع بني إسرائيل، ولا زال الخطاب لبني إسرائيل، حيث يحدثهم الله بنعمه عليهم فيناديهم قائلاً:
    أما نجيناكم من آل فرعون؟
    أما واعدنا
    موسى وأعطيناه التوراة لمصلحتكم؟
    أما عفونا عنكم؟
    أما فرقنا بكم البحر؟
    أما فعلنا وفعلنا؟
    فلماذا هذه الجرائم؟
    ولماذا هذه العظائم؟
    فهي -ولله المثل الأعلى- كأن تؤدب ابنك، فتقول: أما علمتك؟
    أما بنيت لك بيتاً؟
    أما اشتريت لك سيارة؟
    وفي هذه دروس أولها:
    مجمل القصة أن
    موسى عليه السلام يقاتل قتالاً برياً وبحرياً، وصراعاً ميدانياً وعلمياً، يرسله الله إلى فرعون في ديوانه، وفي إيوانه، وفي قصره، ويجعل معه أخاه هارون ؛ لأنه أفصح منه لساناً، وهو لا شك أفضل من أخيه.
    وقال بعض المؤرخين بأن
    هارون أكبر منه بسنة، ولكن الله اصطفاه دونه.
    فقال له: ((
    اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى))، فقال: ((قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي))؛ لأنه أمر صعب وتكليف لا يحتمله.
    تخيل أنك راعي غنم، ومعك عصاً تهش بها على غنمك، ثم تكلف بالدخول على طاغية من طغاة الدنيا، هو فرعون حاكم
    مصر ، وحرسُه كما قال أهل العلم: ستة وثلاثون ألفاً، منتشرون في كل مكان، بجوار القصر وخارجه وداخله.
    فكيف يدخل؟
    وكيف يصل؟
    قال: ((
    قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي)) ما أحسن الدعاء! الله هو الذي ألهمه أن يدعو بهذا الدعاء، ((وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي)) يا رب أنت تعلم أن لساني يتلعثم فحلّه لي.
    قال
    الحسن البصري : رحم الله موسى ، ما سأل إلاّ أن تحل عقدة واحدة من لسانه.
    وسبب طلبه من الله أن يحلل هذه العقدة؛ كما قال
    موسى : ((يَفْقَهُوا قَوْلِي)) ليفهموا قوله ويفقهوه، ولم يقل: اجعلني أعظم خطيب في مصر ، ولا أفضل متحدث في مصر ، ولكن ((يَفْقَهُوا قَوْلِي)) فقط لأبلغ الرسالة.
    ((
    وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي)) يساعدني، ويكون من أهلي؛ لأنه لو كان من غير أهلي ربما كان حاقداً أو حاسداً.
    ثم عيَّنه باسمه؛ لأن أهله كثيرون، كبار وصغار وأبناء عمومة وأقارب فقال: ((
    هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي)) لماذا؟
    ((
    كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا)) فالاثنان يسبحان أكثر من الواحد ((وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا)) هو يذكّرني وأنا أذكّره ((إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا)).
    فجاء الجواب مباشرة: ((
    قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى))، لم يقل سؤالاتك؛ لأنها سؤال واحد في علم الله: ((إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)).
    ((
    وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى)) فبدأ الله من هذه الآية يذكره بشريط حياته، وبتلك النعم التي أسداها له في الماضي لعله يتذكرها ولا ينساها، فيشكر ولا يكفر.
    فلما ذهبا وأصبحا في عرض الطريق أوصاهما الله بأدب الدعوة، فقال: ((
    فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى)) انتبهوا من الخبيث فلينوا في الخطاب، وعليكم بالأسلوب السهل، والله يعلم في علم الغيب أن فرعون لا يؤمن فهو من أهل النار.
    لماذا؟
    ((
    وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ)).
    فيقول
    موسى وهو في الطريق وفرائصه ترتعد، فهناك أمامه سيوف ورماح وخناجر، وجيش وأسطول وفرعون و هامان و قارون ، فقال هو وأخوه: ((رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى)) أي: أن يستعجل بالعقوبة أو أن يطغى في الحكم.
    فقال الله -وما أحسن العبارة-: ((
    إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى)).
    لا إله إلا الله! أنتم في الإيوان، وعلمي معكم.
    أنتم في الصحراء، وأنا معكم بعلمي وإحاطتي.
    أنتم في البحر وأنا معكم بعلمي ((
    مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا))، فالله معكم بعلمه وإحاطته وشهوده.

    فالزم يديك بحبل الله معتصماً فإنه الركن إن خانتك أركان


    ثم كان اللقاء التاريخي المشهود بين فرعون رئيس الضلالة، وبين
    موسى كليم الله، فكان ما كان من إظهار الحجة أمامه، ومشاهدته لمعجزة العصا واليد.
    ففكر وقدر، فاختار المبارزة في الميدان أمام الجموع الهائلة والحشود الضخمة، لتكون النهاية الفاصلة: إما الهزيمة، وإما الظهور في الأرض.
    فتواعدا ضحى يوم الزينة، وهو يوم العيد الأكبر عندهم.
    فجاء السحرة من كل مكان تلبية لسلطان الزمان، وربهم الأعلى فرعون، واصطفوا متهيئين للانقضاض بسحرهم على عصا
    موسى ؛ التي سمعوا بها وما رأوها، وظنوها كحبالهم التي معهم.
    فاختار
    موسى أن يلقوا هم بالأول لكي تكون الخاتمة له، وهذا من حكمته أن يجعلهم يخرجوا ما في كيدهم، وآخر ما عندهم من حيل ومغالطات.
    ثم يأتي هو فيقصم ظهرهم بعد أن عرف منتهاهم.
    فألقوا حبالهم فكانت تتراقص كالحيات، وهذا أقصى ما لديهم أن يجعلوا الحبال تتراقص ويسحروا أعين الناس بها.
    فألقى
    موسى عصاه بعد أن داخله شيء من خوف طبيعي ينتاب البشر لما رأى حياتهم الكثيرة.
    فقال له تعالى: ((
    لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلَى)) هو الأعلى مكانة، والأعلى حجة وغلبة.
    فألقى العصا، فأخذت تلتقم سحرهم وحبالهم واحدة تلو الأخرى، فدهش السحرة؛ لأنهم لم يروا في حياتهم منظراً كهذا، فقد خبروا السحر وعلموه؛ ولكنهم في حياتهم كلها التي ضاعت بين تلكم الخزعبلات لم يشاهدوا كمثل هذا اليوم.
    فعلموا أنه ليس بسحر، وإنما معجزة من رب الأرباب.
    فخروا سجّداً لله رب
    هارون و موسى .
    فكانت النهاية الأليمة لفرعون وحزبه، عندما انهارت على رؤوسهم الحيل والتدابير.
    فلما سقط الخيار الجدلي، كان لا بد عند فرعون أن يختار الفصل والحسم العسكري، فأمر بمطاردة
    موسى وقومه بعد أن تشاور مع وزرائه، فأفتوه بذلك لكي لا يكسب مزيداً من الناس حوله.
    فخرج فرعون بجيش قوامه كما يقال ألف ألف، وأما
    موسى فلم يكن معه إلا بني إسرائيل من الأطفال والنساء وقليل من الرجال، ولكن الله معه.
    فلما بلغ
    موسى وقومه البحر رأوا عجاجة في السماء، فالتفتوا فإذا فرعون وجيشه، وقد اقتربوا منهم، فجزعوا وهلعوا من الموقف، فالبحر أمامهم وفرعون وجنوده من خلفهم.. فأين المفر؟
    أما
    موسى فقد علمه الله طيلة تلك السنين أنه ناصره في كل موقف.
    فأصبح هذا عنده عقيدة ويقيناً فقال: ((
    كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ))، أي: لن يضيعني في آخر الجولة بعد أن كان معي سابقاً.
    فاقترب
    موسى من البحر وضربه بعصاه فانفلق، وأصبح كالجبل العظيم، وحسر عن القاع وبنو إسرائيل ينظرون مبهوتين دهشين من هذا المنظر.
    فأمرهم
    موسى بالدخول في البحر والمضي، بعد أن جعله الله طريقاً يابساً، فسلكوه وهم لا زالوا في عجبهم.
    وأما فرعون فإنه اقترب من البحر ولم يعثر على
    موسى وقومه، وإنما شاهد هذا المنظر الغريب الذي يشاهده لأول مرة، فتقهقر في البداية.
    وفي هذا الموضع يورد المفسرون بعض الأخبار الإسرائيلية التي لا بأس بالاستئناس بها؛ لأنها لا تعارض نصاً عندنا، وإنما هي من جملة الأخبار.
    قالوا: إن فرس فرعون رأى بغلةً في البحر، قيل: بغلة كان يركبها
    جبريل فأرادها؛ لأن الفرس يهيج عند رؤية البغلة، فاقتحم بفرعون البحر، فتبعه الجنود؛ لأنه قائدهم، فلما اكتملوا في وسط البحر انصك عليهم واضطرب، فقُتلوا جميعاً جزاء نكالاً.
    فقال فرعون في اللحظات الأخيرة: ((
    آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرَائِيلَ)).
    ولكن لم ينفعه ذلك: ((
    آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ))، فلفظه البحر جثة ميتة ليراها من خلفه، ويعلموا أنه رجل حقير لا يستحق أن يُجعل ملكاً، فضلاً عن أن يُجعل رباً إلهاً.
    فقال تعالى مذكراً بني إسرائيل بهذه النعمة العظيمة عندما أهلك عدوهم الطاغية فرعون وآله وجنوده ((
    وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ)).
    والنجاة معنوية وحسية:
    فالحسية أن تنجو من العذاب، ومن السجن، ومن المرض.
    وأما المعنوية فأن تنجو من الفسق ومن المعصية، ومن المعتقدات الباطلة.
    يقول
    حسان رضي الله عنه، في هجو الحارث بن هشام ، الذي كان من سادات قريش:

    إن كنت كاذبة الذي حدثتني فنجوت منجى الحارث بن هشام


    ترك الأحبة أن يقاتل دونهم ونجا بفضل طمرة ولجام


    أي: أنه فر يوم
    بدر على خيل له، وترك أهل بدر من المشركين يقتلهم المسلمون، فلم يدافع عنهم.
    وقال
    معاوية رضي الله عنه:

    نجوت وقد بل المرادي سيفه من ابن أبي شيخ الأباطح طالب


    أي: أن الله نجاني يوم مقتل
    علي رضي الله عنه؛ لأن الخوارج كان في مخططهم أن يقتلوا علياً و معاوية و عمرو بن العاص رضي الله عنهم جميعاً؛ ولكنهم لم يستطيعوا إلا قتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، لحكمة قدرها الله.
    فقال
    معاوية هذا.
    قوله: ((
    يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ)) يعني: تلقون منهم شدة ومشقة وعنتاً، وهو أشد العذاب لا أقله.
    يقول
    عمرو بن كلثوم في معلقته :

    إذا ما الملك سام الناس خسفاً أبينا أن نقر الخسف فينا


    يقول هذا عندما ذهب هو وأمه إلى
    عمرو بن هند ، فقالت أم عمرو بن هند لـأم عمرو بن كلثوم: ناوليني هذا الطبق، تريد إذلالها.
    فرفضت، فضربتها كفاً على وجهها، فصاحت تنادي ولدها وتولول، فقام ابنها وقتل
    عمرو بن هند ، وقال معلقته في تلك الساعة.
    فكان الإسرائيليون خدماً عند أهل
    مصر في ذلك الزمان، يقومون بالأعمال الحقيرة عندهم، من كنس وطبخ وتحضير للطعام وهكذا.
    ((
    يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ)) أي: بعد أن علم فرعون بواسطة السحرة أنه سيُقتل في مصر على يد طفل ذكر لبني إسرائيل يولد بعد ذاك الزمان.
    فأخذ لغبائه يقتل كل ولد يولد لبني إسرائيل، ولكن الله تعالى بإرادته غلب إرادة هذا السفيه، فجعل الله
    موسى يتربى في قصر فرعون إذلالاً له وتحقيراً.
    ((
    وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ))، أي: نقمة شديدة حلّت بكم، فلا تنسوها ولا تنسوا نعمة الله إذ نجاكم منها.
    ولكنهم نسوا وأعرضوا، فلا زالوا في سخط من الله إلى اليوم.
    وفي هذا الدرس دروس وعبر:
    أولها: أن اعتصامنا بلا إله إلا الله، فلا إله إلا الله من أجلها الكتب نُزّلت، ومن أجلها الرسل أُرسلت، ومن أجلها الدنيا دُمرت خمس مرات، ومن أجلها أقيمت المعالم، وبُثت الأجيال، وبُذلت الأموال، ورُفعت السيوف، فلا إله إلا الله لا بد أن تسيطر على كل واحد منا.. على الملك، على الأمير، على الوزير، على العالم، على القاضي، على المسؤول، لا بد أن يعتقد في ضميره أن لا إله إلا الله، على الصحفي يوم يكتب، على الشاعر يوم ينظم، على الأديب يوم يتوج أن يكون عبداً لله، وإذا لم يفعل ذلك فسوف يكون من أعداء الله ومن المحادين لله.
    والقضية الثانية: أن الدين يكون بالصلاة، ولا صلاة إلا بدين، ولا دين بغير صلاة.
    والقضية الثالثة: أننا إذا لم نجعل في أذهاننا الإيمان باليوم الآخر، فوالله لا نعيش في سلام ولا أمن، ولا في استقرار ولا في طمأنينة؛ لأن الذين نسوا اليوم الآخر تقاتلوا ودمروا بعضهم، وأطلقوا صواريخهم وقتلوا الآمنين والنساء والأطفال ودمروا البيوت؛ لأنهم لا يؤمنون بالله واليوم الآخر.
    والقضية الرابعة: أن الله عز وجل ينصر أولياءه، ولو ظهروا على الساحة أنهم مهزومون، أو أنهم قليلون، أو أنهم مضطهدون، فالنصر معهم والعاقبة لهم.
    والقضية الخامسة: أن الله عز وجل، يطلب من العبد أن يحفظ النعم والأيادي، وأن يتذكر المعروف، وأن يتذكر الجَميل.
    والقضية السادسة: أن على الداعية أن يعرف مداخل القلوب، وأن لا يكون عنيفاً في أسلوبه مجرحاً للشعور منتهكاً للقيم.
    دخل أحد الأعراب على
    هارون الرشيد ، الخليفة العباسي الكبير، فقال الأعرابي: يا هارون .
    قال: نعم.
    قال: إن عندي كلاماً شديداً قاسياً فاسمع له.
    قال: والله لا أسمع له.
    قال: ولِمَ.
    قال: لأن الله أرسل من هو خير منك إلى من هو شر مني، فقال: ((
    فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى)).
    فأسلوب الأدب ومراعاة الشعور، وإقامة حقوق الناس مطلوبة في الدعوة ليصل الداعية إلى القلوب.
    والقضية السابعة: أن لا خوف على المسلم، فالنفوس بيد الله، والأرزاق في خزائن الله، فهو الذي يحيي ويميت، وهو الذي يُغني ويُعدم، وبيده مقاليد الأمور سبحانه وتعالى.
    هذا درس من دروس التوحيدة؛ لأن أغلبية سور القرآن دائماً تحلق بنا مع
    موسى ، ولا تكاد تقرأ سورة في الغالب إلا وتسمع ((وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى))، فسلام على موسى في الأولين، وسلام عليه في الآخرين، وشكر الله سعيه يوم رفع لا إله إلا الله.
    وأما فرعون، وآل فرعون، فحالهم كما ذكر المولى عزّ وجل: ((
    النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ)).

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()