لقد ورد عن سلف هذه الأمة أخبار كثيرة تدل على حبهم الإيثار وكراهتهم الشحّ والأثرة، وقصة الصحابي وامرأته اللذين آثرا ضيف رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بعشائهما وعشاء أولادهما، مشهورة، وكذلك مما يُروى في ذلك:
1- قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ) إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو، أو قلَّ طعام عيالهم بالمدينة، جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد، ثم اقتسموه بينهم في إناء واحدٍ بالسويّة، فهم مني وأنا منهم ( [متفق عليه].
2- قال عروة: رأيت عائشة – رضي الله عنها - تقسم سبعين ألفًا، وهي ترفع دِرْعَها. [الزهد لأحمد ص: 206].
3- وعن عروة أيضًا قال: باعت عائشة – رضي الله عنها - مالها بمائة ألف، فقسَّمته كله، ثم أفطرت على خبز الشعير، فقالت مولاة لها: ألا كنتِ أبقيت لنا من ذا المال درهمًا نشتري به لحمًا، فتأكلين ونأكل معكِ؟ قالت عائشة: أفلا ذكّرتيني؟! [عائشة ص (48)].
4- عن نافع أن ابن عمر – رضي الله عنهما - اشتهى عنبًا وهو مريض، فاشتريت له عنقودًا بدرهم، فجئت به، فوضعته في يده، فجاء سائل، فقام على الباب، فقال ابن عمر: ادفعه إليه. قلت: ذق منه. قال: لا، ادفعه إليه، فدفعته إليه. [الحلية 1/297].
- وعنه قال: اشتهى ابن عمر حوتًا – أي سمكًا – فاشتريت له سمكة، فشُويت، فوضعت بين يديه، فجاء سائل، فأمر بها كما هي، ما ذاق منها شيئًا، فقالوا: نعطه خيرًا من ثمنها، فأبى. [الحلية 1/298].
فلله در هؤلاء القوم الذين آثروا ما عند الله – سبحانه وتعالى – على ما بين أيديهم، فكانت الصدقة التي يخرجونها على خصاصة أحب إليهم من تلذذهم بها.
والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات، والصلاة والسلام على النبي، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.