لم يعد التصنيع من أجل التصدير هو الطريق لتحقيق النمو الاقتصادى للدول النامية، كما يؤكد تقرير لمنظمة الأونكتاد التابعة للأمم المتحدة، بل صار الاستهلاك فى الأسواق المحلية هو الدافع للنمو، بعد أن ضربت الأزمة العالمية الولايات المتحدة، أكبر أسواق التصدير فى العالم، دون وجود بديل سريع يستوعب حجم ما كانت تستهلكه هذه السوق.
ويشير تقرير الأونكتاد لسنة 2010 الذى أطلق فى القاهرة أمس، بعنوان «العمالة والعولمة والتنمية»، إلى أن سياسة الاعتماد على التصدير كرست لإبقاء أجور العمال عند مستويات منخفضة باعتبار أن تلك هى الوصفة الرئيسية لتمكين قطاع التصدير من كسب ميزة تنافسية فى الأسواق العالمية،
الأمر الذى لم يعد صالحا لمواجهة تداعيات الأزمة العالمية، لأن زيادة الأجور تحفز الطلب المحلى، ومن ثم تدفع النمو الاقتصادى. جدير بالذكر أن مصر تراهن على الخطة التى وضعتها وزارة التجارة والصناعة لمضاعفة صادراتها خلال السنوات الخمس المقبلة، لدفع النمو الاقتصادى فى مرحلة ما بعد الأزمة المالية العالمية.
ودعا معدو التقرير الأممى إلى «وضع حد أدنى قانونى للأجر، ورفعه على مر الزمن بما يتفق مع نمو الإنتاجية»، كما دعوا إلى دعم آليات التفاوض الجماعى بين العمال وأصحاب العمل.
ويوضح فرج عبدالفتاح، أستاذ الاقتصاد فى جامعة القاهرة، أن ضعف الأجور يهبط بالقدرة الشرائية، وبالتالى يؤدى إلى تراجع الطلب على السلع ويقود للركود، ثم تبدأ الشركات فى التأثر سلبيا. «لا يمكن زيادة الإنتاج بدون رفع الأجور» كما قال عبدالفتاح، مشيرا إلى أنه لابد من تدخل الحكومات لتعمل على تنمية قطاعات الاقتصاد المختلفة.
ووفقا للتقرير تنخفض معدلات الاستهلاك الخاص فى الدول التى تعيش انطلاقا فى معدلاتها التصنيعية خلال العشرين سنة الأولى من هذه الانطلاقة، كما حدث فى تجربتى اليابان وكوريا، بسبب الحاجة لتوفير السيولة لتحقيق التراكم الرأسمالى، وتعتبر مصر من الدول المرتفعة الاستهلاك بحسب التقرير، حيث بلغ الإنفاق الاستهلاكى للأسر نحو 75% من الناتج المحلى، وهو ما لا يعكس ارتفاع الدخول وإنما زيادة الميل للاستهلاك مقابل انخفاض التوجه نحو الإنتاج، كما توضح ماجدة قنديل المديرة التنفيذية للمركز المصرى للدراسات الاقتصادية.