قالت مها الريان نجلة رجل الأعمال أحمد عبدالفتاح الريان المفرج عنه أمس الأول بعد قضائه 23 عاما فى السجن فى قضايا توظيف أموال، إن والدها سيبتعد عن كل ما جر عليه المتاعب خلال 23 عاما الماضية، فى إشارة إلى رغبته عدم العودة إلى ممارسة نشاطه التجارى.
وأضافت لـ«الشروق» أن والدها قرر نسيان كل ما حدث وطى صفحة الماضى وشكر وزير الداخلية والنائب العام لموافقتهما على الإفراج عنه.
وقالت إن خروج والدها من السجن سيشهد عودته إلى الحياة بشكل هادئ وبعيد عما قاسوه خلال الفترة الماضية التى تمنت أن تكون قد انتهت إلى غير رجعة، وأنهم سيزاولون حياتهم بشكل طبيعى.
وأضافت أن هذا أول إفطار لوالدهم معهم منذ 23 عاما، وأن فرحتهم بعودة والدهم لا تقدر بثمن، وتعجز عن التعبير عنها بالكلمات، مرددة الحمد لله الحمد لله.
وطلبت أسرة الريان من حارس العقار الذى يسكن فيه منع أى شخص غريب من دخول المبنى كما قررت الأسرة عدم إجراء مقابلات صحفية وقالت مها إن والدها يفكر فى عقد مؤتمر صحفى بعد 3 أيام للرد على جميع تساؤلات الصحفيين.
وردا على ما تلقته من مكالمات هاتفية تحذر الريان وأسرته من الحديث خلال الفترة المقبلة، قالت إنه ليس لدى والدها ما يقوله خلال الفترة المقبلة، ولو كان لديه شىء كان قاله خلال الفترة الماضية، موضحة أنها تلقت مكالمتين هاتفيتين بالمضمون ذاته، مشيرة إلى أنها ترغب فى تجنيب والدها كل متاعب الفترة الماضية.
كانت محكمة جنح العجوزة قد وافقت على طلب نيابة شمال الجيزة الكلية بالإفراج عن الريان بعد سداده مبلغ 200 ألف جنيه من قيمة الغرامة المالية الموقعة عليه، بعد أن تعهد بسداد باقى المبلغ على ثلاثة أقساط، ليعود الريان إلى منزله بعد الإفراج عنه من قسم شرطة العجوزة.
وبدأ حياته فقيرا ثم أصبح يمتلك مئات الملايين إلى حد منافسته الدولة فى جميع المجالات الاقتصادية، وخرج من محبسه أمس الأول إلى سيرته الأولى فقيرا يحاول أن يبدأ من الصفر مرة أخرى.
وعى الريان الدرس جيدا، وتعلم أمرين مهمين وأدركهما جيدا، ورددهما خلال السنوات الأخيرة عندما كان توقع الإفراج عنه، حيث أكد مرارا وتكرارا أن خطأه الأكبر هو منافسته للدولة وبناء كيانات اقتصادية موازية للبنوك وللشركات الحكومية بدءا من الزراعة وحتى إنشاء شركات جمع الأموال من المواطنين بل وتوفير العملة الصعبة «الدولار» للحكومة عندما تطلبها منه.
أما الدرس الثانى فقد تعلمه الريان بعد عام 2004، يومها كان الريان قد أنهى جميع القضايا المتهم فيها سجنا أو صلحا، وأدلى بتصريح قال فيه إنه «سيبدأ حياته من الصفر» عقب الإفراج عنه.. فى اليوم التالى صدر قرار وزير الداخلية اللواء حبيب العادلى باعتقاله بعد ساعة فقط من إصدار نيابة شمال الجيزة قرارا بالإفراج عنه.
بدأ الريان حياته فى طرق أبواب المنازل لتجميع البيض للإتجار فيه مع أشقائه، وتوسعت تجارة الأشقاء شيئا فشيئا، حتى بات الريان وأشقاؤه يتلقون الأموال من جميع أفراد عائلتهم لتوظيفها مقابل تلقى نسبة محددة من الربح.
توسع الريان فى نشاطه الاقتصادى فأسس عدة شركات فى مجال الزراعة وتصنيع الحديد وتصنيع الورق والاستيراد والتصدير والإنتاج الحيوانى وتصنيع المعادن.
نشاط الريان اتسع حتى وصل إلى استيراد الذرة الصفراء للدولة فى الثمانينيات، وتم تحريك قضية له فيما بعد وحبسه على ذمتها بدعوى إهدار المال العام خلال إتمام عملية التوريد، لكن تم حفظ القضية بعد 18 عاما من التحقيق فيها، وقرر النائب العام 2004 إخلاء سبيله لكن وزير الداخلية اعترض واعتقله.
كما شمل نشاط الريان توفير العملة الصعبة بالدولار للدولة آنذاك، وتوفرت معه العملة الصعبة بسبب مضارباته فى البورصات الغربية.
أعلن الريان عن تلقى شركات الأموال من الجمهور، وانه يطبق الشريعة الإسلامية فى تعاملاته معهم، وبدأ المواطنون فى سحب ودائعهم من البنوك لتسليمها للريان.
تحركت الدولة بسرعة، وأصدرت قانون تلقى الأموال وهو يمنع تلقى الأموال من المواطنين، ونص على ضرورة أن يرد أصحاب شركات توظيف الأموال أموال المواطنين فى مهلة قدرها 3 شهور، بوعدها أصدر النائب العام قرارا بالتحفظ على شركات الريان ومنع من التحفظ فيها.
خلال محاكمة الريان ظهرت روايتان متضاربتان، الرواية الأولى رددتها النيابة العامة مفادها أن الريان امتنع عن رد أموال المودعين واختلسها لنفسه، ويحتفظ بأمواله فى بنوك سويسرا.
رد دفاع الريان أمام المحكمة بأن التحفظ على أمواله منعه من رد أموال المودعين، فضلا عن أنه لا يمتلك أية حسابات بنكية فى الخارج ووقع على توكيل رسمى للنائب العام بموافقته الكشف عن أية حسابات له بالخارج، والآن وبعد مرور 23 عاما لم يتضح وجود حسابات للريان فى الخارج.
فى النهاية أدانت المحكمة الريان بتهمة الامتناع عن رد أموال المودعين وعاقبته بالسجن 16 عاما، وخلال قضائه العقوبة تزوج الريان وأنجب عدة أبناء أبرزهم نجله الوحيد عبدالحميد الذى توفى والريان فى السجن.