شبكة النبأ: يعتقد اغلب الناس بأن الامراض النفسية ليست بذات تاثير خطير ولا يمكنها ان تعبر من منطقة الاحساس الى الاجزاء العضوية في جسد الانسان واذا كان ثمة تاثير فهو لا يصل الى درجة الخطورة القصوى ولذا فانه من الشائع انعدام الاهمية بالطب النفساني الا اذا تطلبت الحالة في التصرفات غير الطبيعية وبعد استنزاف كل الطرق الطبية والروحانية في هذا السبيل، رغم ان الامراض النفسية ذات تاثير مباشر وبيت لداء الامراض العضوية الخطيرة.
وانه ليس الايدز ولا انفلونزا الطيور ولا السارس ولا توجد احصاءات رسمية لأعداد مرضى القلق والاضطرابات النفسية ومع هذا فان الاخصائي النفسي أيوب أشكناني يؤكد انه المرض الاكثر شيوعا في العالم وربما يكون أحد اخطرها..انه القلق المرضي.
ولهذا المرض اعراض نفسية مثل الرهاب او الخوف غير المنطقي من الآخرين والذعر والوسواس القهري والضغط العصبي والاحساس بأن الانسان في عالم غير حقيقي والخوف من فقدان السيطرة على الامور بالموت او الجنون.
كما أن له أعراضا عضوية مثل زيادة ضربات القلب والالام في الصدر والتعرق والارتعاش او الاهتزاز وضيق التنفس والاحساس بالاختناق والغثيان وآلام في المعدة والقولون والدوخة ودوران في الرأس والتنميل والاحساس بالبرد الشديد أو السخونة الشديدة في الاطراف.
وقد عرف الأخصائي النفسي الدكتور أيوب اشكناني هذه المشكلة الصحية بانها، ترابط واتحاد بين أعراض نفسية وأعراض فسيولوجية.
فالانسان الذي يقع في دائرة القلق النفسي تكون لديه بعض الاعراض الفسيولوجية العضوية مثل عدم القدرة على النوم والتوتر الشديد وعدم القدرة على الأكل والتعامل مع امور الحياة بشكل طبيعي. وهناك امور اخرى ربما تكون اخطر مثل مشاكل القولون وبعض الامراض العصبية.
وقال اشكناني ان آخر الابحاث العلمية التي اجريت في أوروبا اثبتت ان أحد الاسباب الرئيسية والمباشرة لمرض تصلب الشرايين هي الضغوط والتراكمات النفسية وهكذا يتأكد ان القلق يسبب العديد من المشاكل الفسيولوجية على صحة الانسان.
ويضيف اشكناني انه من الناحية النفسية يؤدي القلق بالانسان الى فقدان القدرة على الاستمتاع بالحياة وفقدان القدرة على النظرة الايجابية ويصبح متشائما يفقد القدرة على الاحساس بالحياة وعلى الاحساس بالثقة والسعادة والامان. جاء ذلك حسب تقرير كونا.ومن أنواع القلق على سبيل المثال هناك ما يسمى بقلق الامتحان الذي عادة ما يصيب أبناءنا وبناتنا الطلاب قبل فترة الامتحان بوقت قصير فنجدهم يوم الامتحان يشعرون ان تفكيرهم وتركيزهم وكل معلوماتهم مسحت وكأن في رأسهم صفحة بيضاء.
لكن الحقيقة ان المعلومات موجودة الا ان سبب هذا الشعور بفقدانها هو القلق لا أكثر ولا أقل
وهناك نوع آخر من القلق هو القلق الاجتماعي وهو يمكن ان يتبدى احيانا عند اناس اسوياء وعاديين ولكنهم في موقف اجتماعي معين ينتابهم القلق والاضطراب وتتلبسهم شخصية مغايرة للشخصية التي اعتدناهم بها.
ويجزم د.اشكناني بان هذه امور مؤقتة بسيطة تزول بمجرد زوال اسباب القلق سواء كانت بسبب امتحان او لأسباب اجتماعية او غيرها.
وبخصوص القلق المرضي حيث يشعر الانسان وكأنه امام حائط يحول بينه وبين ما يريد وهو عاجز عن ازالة ذلك الحائط فيقع تحت تأثير شعور سلبي يجعله يائسا من الحياة ومكتئبا باستمرار.
ويعتبر ان تكيف المصاب بالقلق مع عائلته واصدقائه ومحيط عمله هو الخطوة الاولى والأهم فالانسان المصاب بالقلق ولنأخذ الرجل على سبيل المثال مع ان المرأة أكثر عرضة للقلق من الرجل هذا الرجل اصيب بهذا المرض ويريد من الاخرين أن يتكيفوا معه ومع الجديد في امره فالانسان نفسه يجب أن يكيف نفسه لتقبل المرض وذلك سوف يفتح ابواب الآخرين ودفعهم للتكيف مع شعوره السلبي.
لكن المشكلة في كثير من الاحيان في انحاء العالم ان الافراد الذين يعانون من القلق يفشلون في التكيف مع وضعهم لانهم لم يعرفوا أسباب المشكلة مع ان الاسباب واضحة ولكنهم يرفضون القبول بها.
ويضرب اشكناني مثلا عن شخص ما يعاني من القلق المرضي الشديد بسبب رفض تزويجه من فتاة معينة يرغب بها فيلجأ الى التفكير السلبي ويبتعد عن النظرة الايجابية للحياة وقد يقوده هذا الى الاكتئاب والاكتئاب يفضي الى القلق والقلق يفضي الى الوسواس القهري الذي ينهي حياة الانسان.
وهذه كلها حلقات متداخلة ومتواصلة على مدى 24 ساعة يوميا وتؤدي الى نظرة سوداوية يمكن ان توصل صاحبها الى التفكير في الانتحار لعدم وجود هدف مباشر للعيش في هذه الدنيا.
وللقلق تأثير على كيميائية الجسم المتعلقة بافرازات الخلايا التي تنتج مستوى معينا من المواد الكيميائية لكي تؤدي وظيفة حيوية معينة لكن في حالة التوتر والقلق والاكتئاب والوسواس تتغير هذه النسبة وتحدث تغييرات في انتاج المواد الحيوية او الكيميائية من تلك الخلايا خاصة الخلايا العصبية.
وعلى سبيل المثال لو أن أحدنا اصيب بصداع فانه يستلقي على ظهره ويطلب تدليك جبهته فماذا يحدث في هذه العملية البعض يقول انها عملية نفسية فحسب لكن الواقع ان تحت جلد الرأس توجد عظمة الجمجمة وبها خلايا دموية وعصبية والتدليك يحدث تحفيزا لخلايا الدم لكي تنتج كميات اكبر من الهرمونات وبذلك تسير الدورة الدموية بشكل اكثر انسيابا وبالسرعة المطلوبة فينخفض الصداع
وحول طرق العلاج من القلق قال الدكتور اشكناني انه من الناحية الفسيولوجية (العضوية) هناك أنواع من الأدوية تسبب نوعا من الاسترخاء الداخلي وانسياب الدم بشكل مريح وطبيعي ما يعني دخول الدم الى جميع خلايا الجسم فيشعر الانسان بنوع من الارتياح.
أما من الناحية السيكولوجية (النفسية) فلا بد من البحث عن سبب التوتر ولا ينبغي التصرف كالنعام عند الشعور بالخطر فللأسف هناك الكثير من الشباب الذين يجدون صعوبة في مواجهة الواقع ويدفنون رؤوسهم في الرمال ويظنون انهم بذلك قد انهوا المشكلة في حين تظل المشكلة ماثلة.
وأضاف ان آخر الدراسات العلمية تجزم بان الشعور بالقلق والتوتر والوسواس يؤدي الى ظهور الانسان وكأنه اكبر من عمره الحقيقي ب 20 عاما على الاقل.
وأكد الدكتور اشكناني ان القلق المرضي هو المرض الاول في العالم وليس الايدز وذلك يبدو جليا في كثرة عدد العيادات النفسية الخاصة وكثرة مراجعي مستشفى الطب النفسي لأن المشكلة أصبحت كبيرة.
وبسؤاله عن تأثير ضغط الحياة اليومية في الشارع وفي مكان العمل وفي الأسواق والمواصلات والسياسة وكذلك في الاقتصاد أجاب الاخصائي النفسي قائلا ان " هذا واقع بالفعل لكن الارادة القوية تمنع الانسان من ان يصبح اسيرا للضغوط اليومية فاذا وضعت في موقف شعرت فيه بالاهانة او الظلم فلا تسمح لهذا الموقف ان يؤثر على نفسيتك الا لفترة دقيقة او دقيقتين على الاكثر بعدها تعود الى طبيعتك وتتخلص من ذلك التأثير تماما".
وقال، اذا اغضبك احد فالتمس له سبعين عذرا فان لم تجد فقل لعل لديه عذرا لا أعرفه. وردا على سؤال حول نظرة المجتمع للمريض النفسي قال الدكتور اشكناني ان هذه النظرة يجب ان تتغير عموما ويجب ان نجعل الذهاب الى المستشفى النفسي أمرا عاديا.
واكد انه يجب عدم النظر الى المريض النفسي على انه مجنون بل يجب مساعدته في تخطي عثرته من خلال بث روح الثقة بالنفس فيه او بتوجيهه للصلاة وقراءة القرآن فهذا امر طيب لكن لا بد ان تكون الصلاة وقراءة القرآن بالقلب وليس بالعين فقط فالقراءة بالعين عندما لا يكون القلب حاضرا لا تؤدي الى شيء ملموس.
اما بالنسبة للطبيب المعالج فلا بد ان يجد لدى المريض استعدادا للشفاء لان يساعد نفسه في الخروج من مشكلته.