شبكة النبأ: مع تزايد ضغوطات العمل ومصاعب الحياة حول العالم، تزداد معدلات الإصابة بالاكتئاب في المجتمعات الحديثة، والتي قد تؤدي إلى انعزال المريض عن محيطه وفقدان الاتصال بمن حوله، كما قد تصل به في الحالات القصوى إلى الانتحار.
ويعتقد العلماء سبب تفشي هذا الداء يعود الى عوامل اقتصادية واجتماعية مختلفة، بالإضافة الى بعض المشاكل الشخصية الجانبية التي تقع للفرد.
مرض العصر
حيث تصنف منظمة الصحة العالمية الاكتئاب حالياً على أنه رابع أكبر مسبب للانقطاع عن العمل في العالم، وهي ترجح أن يصبح ثاني أكبر مسبب في عام 2020.
ويعتبر الطب الحديث أن أسباب الاكتئاب الأساسية تتوزع بين عوامل جينية وأخرى اجتماعية، فقد يرث المرء من أهله استعداداً جينياً مسبقاً للإصابة بهذه المرض، فتظهر عوارضه لديه لدى تعرضه لأي حادث أو عائق في الحياة. بحسب (CNN).
بينما تفرض الظروف الاجتماعية أحياناً على بعض الأشخاص الوقوع ضحية الإحباط بسبب الضغوط الهائلة التي يتعرضون لها.
ويحدد الأطباء مجموعة من المؤشرات التي تدل على تعرض المرء للإحباط والاكتئاب، بينها فقدان الشهية والشعور بالعزلة وفقدان الاهتمام بالمحيط والتعب.
وفي الحالات المتقدمة، يشعر المرضى بأنهم على وشك الجنون، كما تهاجمهم الوساوس والأفكار السوداء بشكل متواصل دون أن يتمكنوا من الإفلات منها، بحيث يبدو الموت للبعض وسيلة للخلاص مما هم فيه.
وللمرض انعكاسات جسدية أيضاً، فإلى جانب الشعور بالإرهاق، يميل المصاب بالاكتئاب إلى الإحساس بآلام في مختلف أنحاء جسده دون مسببات طبية لها، إلى جانب تبدل نظام النوم.
أما مسببات الإحباط غير الجينية فتتنوع بين الضغوطات الاجتماعية والإصابة بأمراض مزمنة، حيث يجزم الأطباء بعدم وجود مسببات أخرى، إلا أن المرضى أحياناً يعجزون عن إدراك حقيقة ذلك بسبب فقدانهم القدرة على التركيز خلال الاكتئاب.
وبموازاة تعدد طرق التعرض للاكتئاب وتزايد أعداد المرضى، فإن وسائل العلاج تتطور أيضاً، وهي تتوزع على وسائل سلوكية وأخرى دوائية.
ويعتقد الأطباء أن هذه الوسائل متساوية من حيث النتائج، لجهة قدرتها على معالجة المرض بنجاح، وإن كانوا يشيرون إلى أن العلاجات السلوكية تضمن نتائج أفضل على المدى البعيد، خاصة إذا ما اقترنت ببعض النشاطات الرياضية.
اكتئاب العمل
من جهتها أعلنت وكالة الشرطة الوطنية في اليابان تجاوز عدد المنتحرين في البلاد حاجز الـ 30 ألفاً للعام الـ 12 على التوالي.
وقالت الوكالة إن 30181 شخصا انتحروا في اليابان خلال الفترة بين كانون الثاني ( يناير) و تشرين الثاني ( نوفمبر) من العام الجاري موضحة أن 21566 ألفا من الرجال و8615 من الإناث. بحسب الاستوشد برس.
ويقول خبراء إنه في المتوسط تحدث 90 حالة انتحار في اليوم ما يشير إلى أن قرابة ألف شخص على حافة الانتحار في أي يوم من أيام العام.
ويعتقد أن الركود الاقتصادي الذي يضرب البلاد منذ فترة طويلة مسؤول عن زيادة حالات الانتحار بعد عام 1998 عندما تجاوز عدد المنتحرين حاجز الـ 30 ألفاً للمرة الأولى.
ويرى خبراء أن المشكلات الصحية بما في ذلك الاكتئاب بسبب العمل كانت السبب الرئيسي لحالات الانتحار في عام 2008 لتشكل نحو 47 في المائة من حالات الانتحار وعددها 32249 بينما تشكل الأسباب الاقتصادية 23 في المائة والمشكلات
علاج الإكتئاب
من جانب آخر أكدت الجمعية الألمانية للطب النفسي أن أربعة ملايين شخص في ألمانيا يعانون من الاكتئاب.
غير أن الجمعية أشارت خلال ملتقى خبراء الطب النفسي اليوم في برلين إلى أن نصف المصابين بالاكتئاب في ألمانيا لا يتم تشخيص المرض لديهم مما يجعلهم لا يتلقون العلاج بشكل كاف أو لا يعالجون أصلا من الاكتئاب رغم تحسن فرص العلاج بشكل واضح.
و وضع الخبراء خلال المؤتمر أطرا رئيسية جديدة لتحسين الوقاية من الاكتئاب أو العلاج منه. بحسب الوكالة الألمانية للانباء.
و تتضمن هذه الأطر أكثر من 100 توصية للعلاج وتحويل المرضى للأطباء المختصين أو النقاهة, واعتمد الخبراء في توصياتهم على أكثر من ألف بحث في الطب النفسي.
كما كشف خبير ألماني بارز في علاج الأمراض النفسية والعصبية أن الهواء المنعش والتمارين الرياضية يساعدان في التخلص من حالة الاكتئاب التي تصيب البعض في أواخر الخريف وأوائل فصل الشتاء.
وقال فرانك شنايدر رئيس الجمعية الطبية الألمانية لعلاج الأمراض النفسية والعصبية ومدير قسم الأمراض النفسية بمستشفى جامعة آخن :" إن أحد أسباب الشعور بالاكتئاب يتمثل في أننا نقضي وقتا أقل خارج المنزل فضلا عن تراجع مستوي النشاط البدني خلال فصل الشتاء".
وأضاف شنايدر إن الشعور بالخمول وصعوبة النهوض من الفراش في الصباح يعد أمرا طبيعيا خلال تلك الشهور.
وأضاف إن السبب الرئيسي وراء حالة الاضطراب النفسي الموسمي أو ما يعرف بـ"اكتئاب الشتاء" يرجع إلي نقص ضوء النهار، غير أنه ليس مرضا ولا ينبغي الخلط بينه وبين الاكتئاب المرضي والذي يكون من أبرز وأهم أعراضه الشعور بالحزن العميق واللامبالاة وفقدان الطاقة لفترة تدوم أسبوعين على الأقل، وعلى من يعاني من هذه الأعراض أن يستشير طبيب الأسرة أو طبيبا نفسيا.
ويقول شنايدر إن الأفراد يمكنهم مواصلة حياتهم بدون الضوء الطبيعي لفترة طويلة طالما يحافظون علي ممارسة حياتهم واتصالاتهم الاجتماعية بالقدر الكافي "صحيح أنهم يكونون في حالة سيئة ..لكن ذلك لا يعني إصابتهم تلقائيا بالاكتئاب".
وأشار شنايدر،برغم ذلك إلى أن العلاج بالضوء الساطع أثبت فعاليته في مساعدة بعض الأشخاص المصابين بالاكتئاب، إن ضوء المصابيح يحفز المخ على عدم إفراز هرمون الميلاتونين الذي يدفع الإنسان للنعاس، ومن ثم يساعد في استعادة الجسم لدورة النوم واليقظة الطبيعية وتحسين المزاج العام.
ويؤكد شنايدر أن هذه المصابيح غير ضرورية للأشخاص الذين يتمتعون بصحة جيدة ممن يعانون من الأكتئاب الموسمي...ومن يقول غير ذلك إنما "يهذي" لذا حاول الحصول على قدر كاف من الهواء المنعش ومارس التمارين الرياضية.
وينصح شنايدر بضرورة الحصول علي محفزات إضاءة كافية خارج المنزل حتى وإن كانت السماء ملبدة بالغيوم.
الشاي الاخضر ربما يساعد
من جهتهم قال باحثون يابانيون ان كبار السن الذين يحتسون عدة اكواب من الشاي الاخضر يوميا يحتمل ان تقل لديهم نسبة الاصابة بالاكتئاب ويرجع هذا على الارجح الى المادة الكيميائية التي تبعث على "الشعور بحالة جيدة" التي عثر عليها في هذا النوع من الشاي.
وربطت دراسات عديدة بين احتساء الشاي الاخضر وتقليل المشاكل النفسية وتوصل الطبيب كاريجون نيو من كلية الدراسات العليا بجامعة توهوكو وزملاؤه الى ان الرجال والنساء الذين تبلغ اعمارهم 70 عاما واكثر ويحتسون اربعة اكواب من الشاي الاخضر او اكثر يوميا انخفضت لديهم احتمالات الاصابة باعراض الاكتئاب بنسبة 44 بالمئة.
ويستهلك الشاي الاخضر على نطاق واسع في العديد من الدول الاسيوية بما فيها الصين واليابان. بحسب رويترز.
واجرى نيو والفريق الدراسة على 1058 مسن ومسنة من الاصحاء نسبيا. وطبقا للدراسة التي نشرت في عدد ديسمبر كانون الاول من دورية أمريكان جورنال أوف كلينيكال نيوتريشن American Journal of Clinical Nutrition فان 34 بالمئة من الرجال و39 بالمئة من النساء ظهرت لديهم اعراض اكتئاب.
وقال اجمالي 488 من المشاركين الذين اجريت عليهم الدراسة انهم يحتسون اربعة اكواب من الشاي الاخضر او اكثر يوميا فيما قال 284 انهم يحتسون ما بين كوبين الى ثلاثة اكواب من الشاي الاخضر فيما قال الباقون ان انهم يحتسون كوبا او اقل يوميا.
وطبقا للباحثين فان الاثر الواضح لاحتساء المزيد من الشاي الاخضر على تخفيف اعراض الاكتئاب لم يخب بعدما اخذوا في الاعتبار الوضع الاجتماعي والاقتصادي والنوع والحمية الغذائية وتاريخ المشاكل الصحية واستخدام مضادات الاكتئاب.
وعلى النقيض من ذلك لم يكن هناك ارتباط بين استهلاك الشاي الاسود او شاي اولونج او القهوة وانخفاض اعراض الاكتئاب.
وقال نيو لرويترز عبر البريد الالكتروني ان ثيانين الحمض الاميني الموجود في الشاي الاخضر الذي يعتقد ان له تأثير مهدىء على المخ ربما يفسر "الاثار المفيدة" التي أوضحتها الدراسة.
وأضاف الباحثون ان بالرغم من ذلك فهناك حاجة لمزيد من الدراسات لتأكيد ما اذا كان للمزيد من احتساء الشاي الاخضر تأثيرات مضادة للاكتئاب فعلا.
دراسة: كرة القدم تكافح الاكتئاب
الى ذلك أكدت دراسة حديثة أن لاعبي كرة القدم هم الأشخاص الأقل عرضة للإصابة بنوبات اكتئاب حيث لوحظ أن هذه الرياضة الجماعية تقلل من أعراض الاكتئاب حال الإصابة به بين ممارسيها وهو ما يمهد الطريق لتطوير أسلوب علاج فعال لعلاج الاكتئاب.
وكانت الأبحاث أجريت على أكثر من 104 أشخاص تراوحت أعمارهم ما بين الثامنة عشرة والأربعين عاما حيث تم تقسيمهم إلى ثلاث مجموعات مارس أفراد الأولى نشاطا رياضيا في الوقت الذي شارك فيه أفراد المجموعة الثانية فى عدد من مباريات كرة القدم للهواة بينما أفراد المجموعة الثالثة لم يمارسوا أي نشاط رياضي. بحسب قنا.
وقد تم تقييم أفراد المجموعات الثلاث قبل وأثناء وبعد ممارستهم للنشاط الرياضي ولكرة القدم على مدى ثمانية أسابيع حيث وجد أن الأشخاص الذين مارسوا لعبة كرة القدم بصفة خاصة ونشاطا رياضيا بصفة عامة تراجعت بينهم بصورة كبيرة ظهور أي أعراض نفسية .
90 بليون دولار سنة
في سياق متصل تفيد الدراسة التي نشرت في «دورية العلوم الأثرية» وأورد الموقع الإلكتروني لمجلة «ساينس» ملخصاً لها، بأن الشعب البيروفي القديم الذي عاش ما بين 550 و 1532، عانى من الضغط النفسي وآثاره واضطراباته.
وبيّنت الدراسة أن الدليل على ذلك جاء من تحليل عينات من شعر بقايا موتى ذلك الشعب، إذ ظهر فيها آثار لهرمون الـ «كورتيزول» المتصل بالضغط النفسي.
وأوضحت الباحثة الأميركية إيميلي ويب، وهي متخصصة في علم الآثار وأعدت هذه الدراسة، انه عند معاناة الضغط نفسياً، ينطلق هرمون «كورتيزول» لينتشر في أجزاء الجسم كافة، بما في ذلك الدم واللعاب والبول والشعر.
وأضافت ويب إن أهمية هذه الدراسة لا تكمن في أنها تقدم فهماً أفضل للطريقة التي تصرف فيها الإنسان القديم عندما كان يمر بظروف صعبة تؤثر في نفسيته، بل أيضاً لأنها تلقي الضوء على الطريقة التي يؤثر فيها الضغط النفسي في الإنسان المعاصر. وأوضحت ويب أن من المستطاع معرفة بعض ملامح الحياة التي كان يعيشها الإنسان القديم من خلال التنقيبات الأثرية واستخدام وسائل تقنية وعلمية متطورة في فحص الآثار، وضمنها الشعر. وقالت: «إن فحص تلك البقايا (شعر، دم، بول...) يعطينا فكرة أوضح عن طبيعة الحياة التي عاشها أسلافنا، وكذلك الطُرُق التي اتبعوها في مقاومة الأمراض التي أصابتهم في تلك الحقب البعيدة».
وورد في الدراسة المشار إليها آنفاً، أن العلماء تفحصوا في المختبر عينات لبقايا ترجع لعشرة أشخاص، عثر عليها في خمس مواقع أثرية قديمة في البيرو. واستطاعوا تحديد نسبة هرمون الضغط النفسي «كورتيزول» فيها. وظهر لهم أن الكثير من هؤلاء عانوا من الضغط النفسي بنسب عالية قبل وفاتهم. واعتبروا ذلك دليلاً على أن الإنسان القديم لم يعش حياة بسيطة خالية من الهموم كما يعتقد البعض حاضراً.
وفي سياق متصل، تشير وثائق «منظمة الصحة العالمية» الى أن واحداً من كل ثلاثة أشخاص في العالم يعاني من الضغط النفسي، بل يرتفع هذا الرقم باستمرار.
الاكتئاب المزمن
من جهته حاضر الرئيس السابق لـ «الجمعية العالمية للطب النفسي» الدكتور أحمد عكاشة حديثه في ندوة متخصصة بالاضطراب النفسي، استضافتها القاهرة أخيراً.
وناقشت الندوة أسباب الإصابة بالاكتئاب Depression وأحدث أساليب علاجه بوصفه من أخطر الأمراض التي تواجه الإنسان حالياً ومستقبلاً، وشارك فيها أكثر من 300 طبيب من مصر وبعض الدول العربية والأوروبية. وأضاف عكاشة، الذي ترأس «الجمعية العالمية للطب النفسي» بين عامي 2002 و2005، ان الاكتئاب ينشأ من التفاعل ما بين الاستعداد الوراثي والضغوط المجتمعية والحياتية.
وبيّن أن الاكتئاب يعتبر حالياً ثاني الأمراض التي تسبب تدهور أداء الإنسان، بعد أمراض القلب. وتوقع أن يصل الاكتئاب الى المرتبة الأولى في العام 2030، مشيراً الى أنه يتسبب في الوفاة المبكرة، إضافة الى انتشاره بين النساء أكثر من الرجال بنسبة 2 إلى 1.
وقال: «يوجد الآن 140 مليون مكتئب عالمياً... وعندما نتحدث عن الاكتئاب كمرض، فنحن لا نقصد الحزن أو الأسى أو القلق أو الغضب والإحباط، فهذه قد تسبب أعراضاً اكتئابية Depressive Symptoms، ولكننا نقصد الاكتئاب المزمن ونسبة انتشاره عالمياً هي من 4 إلى 6 في المئة من السكان... في مصر، من المنطقي توقع وجود 1.2 مليون شخص يعانون من اكتئاب جسيم. وهناك دراسة أجريت قبل سنوات قليلة في مصر أثبتت أن 38 في المئة من سكان الريف و29 في المئة من سكان الحضر يعانون من أعراض اكتئاب».
ورأى عكاشة أن الاكتئاب يمكن أن يتناوب مع عكسه تماماً، وهو الابتهاج المفرط أو الهوس. وتُسمى تلك الحال من التناوب في تقلب المزاج بين حدّين متطرفين «اضطراب الكآبة الثنائي القطبية» Bipolar Depression. وقال: «بدأنا نفكر أخيراً بأن مرض الاكتئاب منظومة فسيولوجية كيميائية في الدماغ، وأن ثمة خللاً يحدث في بعض الموصلات العصبية وفي بعض البروتينات، ما يجعل الإنسان عرضة للضغوط أو الكروب».
وفي السياق عينه، لاحظ عكاشة أن المشكلة تكمن في أن 60 إلى 70 في المئة من المرضى لا يذهبون إلى الطبيب النفسي، لأسباب متنوّعة. ويفضل هؤلاء عادة، مراجعة طبيب أمراض باطنية لكونهم يعانون من أعراض مثل الصداع والآلام الروماتيزمية واضطراب الجهاز الهضمي.
في الندوة عينها، أوضح عكاشة أن أسوأ أوقات مريض الاكتئاب يكون في الصباح، حيث يتفاقم شعوره بآلام جسدية. وأوضح أن المريض قد يفقد قدرته الجنسية، سواء كان رجلاً أم امرأة، فيما يفقد 85 في المئة من المرضى الشهية، في مقابل 15 في المئة يقبلون على الطعام بنهم.
ورأى عكاشة أن «جلسات الكهرباء» التي تسمى حاضراً جلسات «تنظيم إيقاع الدماغ» Electro-Compulsive Therapy هي من أفضل وسائل علاج الاكتئاب، وهي تتم حالياً تحت تأثير مخدر وفي شكل لا يمثل أي إيذاء للمريض. وأضاف أن هناك أيضاً 38 عقاراً لعلاج الاكتئاب تتم المفاضلة بينها بحسب الأعراض الجانبية التي قد يسببها أي منها. وأشار إلى وجود أربعة أعراض جانبية تثير قلق من يتناول أدوية علاج الكآبة، هي السمنة، والاضطراب في القدرة الجنسية، وجفاف الحلق، والشعور بالتعب والإجهاد، موضحاً أنها تدفع المريض إلى التوقف عن تناول العلاج. وظهرت أدوية حديثة تحاول حلّ هذه المشكلة بطرق متنوّعة.
وخلال الندوة ذاتها، تحدث الدكتور سعيد عبد العظيم أستاذ الطب النفسي في مستشفى «القصر العيني» في القاهرة، فأكد أن إدمان حشيشة الكيف يساهم في الإصابة بالاكتئاب وبأمراض نفسية أخرى مثل الفصام واضطراب الكآبة الثنائي القطبية. وأضاف أن التشخيص الأول للمرض يسمى «نوبة اكتئابية» قد تستمر في تأثيرها وتداعياتها ما بين 6 شهور وسنة. وأوضح أن ذلك معناه أن العلاج لا بد من أن يستمر طوال هذه الفترة، وإلا انتكس المريض، وتكررت النوبة.
وشدّد على أهمية العلاقة بين الطبيب والمريض وأسرته في مختلف مراحل العلاج، خصوصاً بعد تحسن سمعة أساليب علاج الأمراض النفسية، ومنها الاكتئاب، في السنوات الأخيرة.
وأضاف عبد العظيم أن هناك أنواعاً عدة من الاكتئاب، وأن أكثرها انتشاراً الاكتئاب التفاعلي (نتيجة حدوث انفعالات)، واكتئاب الحمل وما بعد الحمل، واكتئاب ما قبل الدورة الشهرية، والاكتئاب المرتبط بتغير فصول السنة وخصوصاً فصل الشتاء.
وأوضح أن هذا النوع الأخير يكثر في الدول الاسكندنافية أو دول الشمال حيث تغيب الشمس فترة طويلة. وشدد على ضرورة التفريق ما بين الحزن والاكتئاب، إذ أن الأول ليس أكثر من تفاعل مع أحداث معينة يبدأ كبيراً ثم يتناقص مع مرور الوقت حتى يزول، وأما الاكتئاب فيبدأ صغيراً ويتصاعد تدريجاً حتى يصل إلى حد رفض الحياة وتمني الموت ومحاولة الانتحار، علماً أن 30 في المئة من مرضى الاكتئاب يموتون منتحرين.
ونبّه عبد العظيم أخيراً إلى أن هناك مجتمعات ما زالت غير مُدركة خطورة الاكتئاب كمرض يضرب المريض وربما أسرته، بل يدفع المجتمع كله الثمن. وأشار الى أن كلفة مواجــهة مرض الاكتئاب تصل 90 بليون دولار سنوياً في الولايات المتحدة.
الإجازة خير وسيلة
وحسب ما ورد في المجلة الأمريكية للطب النفسي، فإنَّ الإجازات هي أفضل الوسائل للتغلب على التوترات العصبية، وحالات الكآبة، التي قد يسببها روتين الحياة اليومية .
كما أشار علماء النفس إلى أنّ التمتع بالإجازة ـ سواءً أكان بالسفر أم بممارسة الهوايات المحببة، أم بالأنشطة الرياضية الممتعة ـ يساعد في تحسين صحة الإنسان، ويزيد من حيويته، خصوصاً إذا ما تصاحبت هذه الممارسات مع تغير الأجواء المحيطة .
وأظهرت الدراسات أنّ الأشخاص الذين يستمتعون بإجازاتهم، سواءً الأسبوعية، أو السنوية، بصورة جيدة، يتعرضون لمخاطرَ أقلّ للوفاة بنسبة 17%، من الأشخاص الذين يمضون إجازاتهم بشكل خاطئ.
وفي السياق ذاته أشار علماء النفس إلى أنّ الكثير من الموظفين يرفضون أخذ الإجازات، خشية أن يفقدوا عملهم، ومن ثمَّ فهم الأكثر عرضة للإصابة بالأرق، والقلق، والاضطرابات النفسية، كالكآبة، والإحباط .