(السيدة زينب وأخيها الإمام الحسين) إن روابط المحبة ، والعلاقات الودية بين الإخوة والأخوات كانت من قديم الزمان ، حتى صارت يضرب بها المثل في المحبة والمودة بين اثنين ، فيقال : كأنهما أخوان ، أو كأنهما أخ وأخت . ولكن العلاقات الودية وروابط المحبة بين الإمام الحسين وبين أخته السيدة زينب (عليهما السلام) كانت في القمة وكانت تمتاز بمزايا ، ولا أبالغ إذا قلت : لا يوجد ولم يوجد في العالم أخ وأخت تربطهما روابط المحبة والوداد مثل الإمام الحسين وأخته السيدة زينب . فإن كلاً منهما كان قد ضرب الرقم القياسي في مجال المحبة الخالصة ، والعلاقات القلبية . وكيف لا يكونان كذلك وقد تربيا في حجر واحد وتفرعا من شجرة واحدة ؟ ! ولم تكن تلك العلاقات منبعثة عن عاطفة القرابة فحسب ، بل عرف كل واحد منهما ما للآخر من الكرامة ، وجلالة القدر وعظم الشأن . فالسيدة زينب تعرف أخاها بأنه : سيد شباب أهل الجنة وريحانة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وتعلم بأن الله تعالى قد أثنى على أخيها في آيات كثيرة من القرآن الكريم ، كآية المباهلة ، وآية المودة ، وآية التطهير ، وسورة «هل أتى» ، وغيرها من الآيات والسور . بالاضافة إلى أنها عاشت سنوات مع اخيها في بيت واحد ، وشاهدت ما كان يتمتع به اخوها من مكارم الأخلاق والعبادة والروحانية ، وعرفت ما لأخيها من علو المنزلة وسمو الدرجة عند الله عزوجل . وتعلم انه إمام منصوب من عند الله تعالى ، منصوص عليه بالإمامة العظمى والولاية الكبرى من الرسول الأقدس صلى الله عليه وآله وسلم . مع توفر شروط الإمامة ولوازمها فيه ، كالعصمة ، والعلم بجميع أنواع العلوم ، وغير ذلك . وهكذا يعرف الإمام الحسين (عليه السلام) أخته السيدة زينب حق المعرفة ، ويعلم فصائلها وفواضلها وخصائصها . ومن هنا يمكن لنا أن نطلع على شيء من مدى الروابط القوية بين هذا الأخ العظيم وأخته العظيمة . وقد جاء في التاريخ : أن الإمام الحسين (عليه اسلام) كان يقرأ القرآن الكريم ـ ذات يوم ـ فدخلت عليه السيدة زينب ، فقام من مكانه وهو يحمل القرآن بيده ، كل ذلك احتراماً لها . (1) ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) كتاب (ذخيرة المعاد) للشيخ زين العابدين المازندراني . المصدر : كتاب / زينب الكبرى من المهد الى اللحد / محمد كاظم القزويني