(أزمة الماء) كانت السيدة زينب (عليها السلام) ركناً مهماً في الأسرة الشريفة الطيبة ، وانطلاقاً من صفة العاطفة المثالية التي كانت تمتاز بها ، فقد كانت تشعر بالمسؤلية عن كل ما يرتبط بحياة الأسرة . . بجميع أفرادها . فكانت مفزعاً للكبار والصغار ، وملاذاً لجميع أفراد العائلة ، ومعقد آمالهم ، فلعلها كانت تدخر شيئاً من الماء منذ بداية أزمة الماء عندهم . فكان بعض العائلة يأملون أن يجدوا عندها الماء ، جرياً على عادتها وعادتهم ، ولهذا قالت سكينة بنت الإمام الحسين (عليه السلام) : «عز ماؤنا ليلة التاسع من المحرم (1) ، فجفت الأواني ، ويبست الشفاه (2) حتى صرنا تنوقع الجرعة من الماء فلم نجدها . فقلت ـ في نفسي ـ : أمضي إلى عمتي زينب ، لعلها أدخرت لنا شيئاً من الماء ! ! فمضيت إلى خيمتها ، فرأيتها جالسة ، وفي حجرها أخي عبد الله الرضيع ، وهو يلوك بلسانه من شدة العطش ، وهي تارةً تقوم ، وتارةً تقعد . فخنقتني العبرة ، فلزمت السكوت خوفاً من أن تفيق (3) بي عمتي فيزداد حزنها . فعند ذلك إلتفتت عمتي وقالت : سكينة ؟ قلت : لبيك . قالت : ما يبكيك ؟ قلت : حال أخي الرضيع أبكاني . ثم قلت : عمتاه ! قومي لنمضي إلى خيم عمومتي ، وبني عمومتي ، لعلهم ادخروا شيئاً من الماء ! قالت : ما أظن ذلك . فمضينا واخترقنا الخيم ، بأجمعهم ، فلم نجد عندهم شيئاً من الماء . فرجعت عمتي إلى خيمتها ، فتبعتها من نحو عشرين صبي وصبية ، وهم يطلبون منها الماء ، وينادون : العطش العطش . . . .» (4) ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) عز ماؤنا : صار قليلاً جداً ، أو صار عزيزاً لنفاده . (2) وفي نسخة : السقاء : يعني القربة . (3) تفيق : تشعر . (4) كتاب (معالي السبطين) للمازندراني ج 1 ، ص 320 ، المجلس الثامن : في عطش أهل البيت ، نقلاً عن كتاب (اسرار الشهادة) للدربندي . المصدر : كتاب / زينب الكبرى من المهد إلى اللحد / السيد محمد كاظم القزويني