بتـــــاريخ : 7/26/2010 4:33:43 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1337 0


    أوضاع المسلمين بجنوب السودان : متى نستفيق؟!

    الناقل : SunSet | العمر :36 | الكاتب الأصلى : عبد الله كيرواني ‏ | المصدر : www.altareekh.com

    كلمات مفتاحية  :

    إن أول قدوم للإسلام في جنوب السودان كان بواسطة الجنود والموظفين في الإدارة التركية المصرية ‏المشتركة للسودان، وينسب الفضل والريادة في قدوم الإسلام إلي جنوب السودان( للكابتن سليم) وجنوده، ‏وكان قائدا للبارجة البحرية التي ألقت مرساتها في قوندو كورو – إحدي قري الصيد في منطقة الباريا ،وذلك ‏في عام 1841م .‏
    وكما هو الأمر الشائع عند المسلمين فإنهم يمارسون عباداتهم حيثما رحلوا وحلوا ، لذلك فان كابتن سليم ومن ‏رافقه إلي جنوب السودان قد قدموا الإسلام للأهالي من خلال أداء الصلوات اليومية في قوندوكورو .
    وهذا ظاهر في روايات الذين شهدوا وقائع الإدارة المصرية التركية (21 ـ1885) إن موظفين بريطانيين ‏مثل( شارل غردون وأمين باشا) الذين حكموا الاستوائية من قبل الأتراك في فترات مختلفة أشاروا إلي ‏اعتناق الأهالي للإسلام من خلال اختلاطهم بالجنود والموظفين في الحاميات التي أنشأت علي النيل من ‏التوفيقية في أعالي النيل إلي فوايرا في ريفي بور وداخل يوغندا اليوم ، وقد أثبتت الوثائق أنه في لادو حاضرة ‏محافظة الاستوائية (التي أسسها شارلس غردون حاكم المحافظة في العام 1874) قد قام مجموعة من ‏القادة المحليين في العام 1881 بحضور احتفالات العيد الصغير ،وهو عيد الفطر المبارك ،والذي يختم به صيام ‏شهر رمضان المبارك ،وهذا يشير إلي أنه كان هناك بالفعل أعداد من المسلمين في الجنوب ،والذين ربما ‏اعتنقوا الإسلام تلقائيا .‏
    من هنا يمكن أن يقال : إن قواعد الإسلام قد أرسيت خلال فترة الحكم المصري التركي . ‏
    ونخلص إلى أن الإسلام قدم ورسخ ونشر في جنوب السودان خلال فترة متطاولة بواسطة الجنود والموظفين ‏في الإدارات الثلاث المصرية التركية ، المهدية ،والمصرية ـ الإنجليزية ، وبواسطة التجار الذين عاشوا هناك ‏خلال الإدارات الثلاث .‏
    حقوق المسلمين الدينية في ظل اتفاقية السلام :
    إن دستور السودان الانتقالي ، والذي استمد بعض بنوده من اتفاقية السلام الشامل للتاسع من يناير2005م ‏والموقعة في نيفاشا كينيا بين حكومة السودان والحركة الشعبية بتحرير السودان واضح جدا فيما يتعلق ‏بحقوق أهل السودان الدينية سواء كانوا مسلمين أو نصارى .‏
    إن المادة السادسة تقول :إن الدولة سوف تحترم الحقوق الدينية الآتية :‏
    التجمعات من أجل العبادة ، والمعتقد وتأسيس وإدارة أماكن لهذه الأغراض .‏
    في هذا النص يمكن أن نستنتج أن للمسلمين بناء المساجد للصلوات تماما مثلما أن النصارى أيضا من حقهم ‏بناء الكنائس من أجل العبادة ،ونفس المادة من الدستور الانتقالي تقول : إن المواطنين يمكنهم تعليم دياناتهم ‏ومعتقداتهم في الأماكن المناسبة لذلك ، وهذا يعني أن المسلمين يحق لهم بناء المدارس وكذلك النصارى لهم ‏الحق المماثل لتعليم أتباعهم ديانتهم .‏
    وعلي أي حال منذ بداية تطبيق اتفاقية السلام الشامل بجدية لم يحدث اختلاف أساسي حول الدعوة إلي ‏الإسلام في جنوب السودان .
    وقد وردت تصريحات لقادة جنوب السودان في الفترة بعد توقيع الاتفاقية يطمئنون المسلمون أن معتقدهم ‏سوف ينال حقه من الاحترام ، وأن لهم الحق في ممارسته وفقا لما جاء في الدستور .‏
    وقد نقل عن رئيس حكومة الجنوب الفريق سلفاكير ميارديت أثناء مخاطبته لحشد إفطار رمضان المقام في ‏جوبا في السنة 1427هـ أنه أكد للمسلمين في جنوب السودان احترام معتقداتهم ،وأنه لهم أن يؤدوها كما جاء ‏في الدستور الانتقالي بدون خوف ؛ لأن الدستور قد أعطي حرية العبادة لكل المواطنين .
    ولكن أثناء هذه الفترة القصيرة من الحرية الدينية التي ضمنت في الدستور الانتقالي وبعد التوقيع علي ‏اتفاقية السلام الشامل فقد ترامي إلي سمع المسلمين في الجنوب بعض الكلمات غير الموفقة من بعض ‏القيادات المؤثرة في حكومة الجنوب حول الإسلام .‏
    إحدى هذه المقولات وردت علي لسان رئيس المجلس التشريعي بعد اتفاقية السلام الشامل الذي صرح لبعض ‏مسلمي الجنوب الذين جاءوا إليه في زيارة مجاملة أن دينهم معترف به ،وأن أولئك النفر الذين كان آباؤهم ‏وأجدادهم وأجداد أجدادهم مسلمين هم وحدهم دون غيرهم الأتباع الحقيقيون للإسلام ، أما أبناء الجنوب الذين ‏اعتنقوا الإسلام أثناء الحرب أو اعتنقوه حديثا فليسوا مسلمين حقيقيين ، وأن الآخرين يجب أن يكونوا منهم ‏علي حذر .‏
    إن كل من يعتنق ديانة سواء كانت الإسلام أو النصرانية فعلي الدولة واجب حمايته ؛ لأن الدافع للانضمام لأي ‏دين دافع روحي شخصي ، والله وحده هو الذي يحكم علي السرائر ، هناك أفعال أخرى واتجاهات في مستويات ‏أدني في حكومة جنوب السودان تثير القلق للمسلمين حول حقوقهم الدينية وحمايتها .
    أوردت الصحف في الخرطوم تقريرا عن أمر صدر من مسئول حكومي في ملكال حاضرة ولاية أعلى النيل ‏لطالبات المداري الإسلامية للإقلاع عن لبس غطاء الرأس (الطرحة) أو الوشاح في أثناء الدراسة ، هذا الأمر ‏واجه مقاومة من الفتيات اللائي لم يرين في زيهن أي وجه للخطأ .‏
    لكن بعد ورود الخبر في الصحافة أنكرته الحكومة في ملكال ، إلا أن رئيس الإدارة المسيحية في وزارة ‏الإرشاد والأوقاف الاتحادية أكد أن تقريرا مثل هذا قد ورد إلي مكتبه حتى يقدم النصح والمشورة للمسئولين ‏حول الحرية الدينية .‏
    كذلك الأمر في ياي فقد نقل عن مسئول حكومي كبير أنه قد أمر المؤذن الذي ينادي للصلاة ألا يؤذن لأن ذلك ‏يزعج الآخرين ، ونفس الشيء ورد في تقرير من رمبيك ، غير أن المسئولين في رمبيك قالوا : إنهم أوقفوا ‏هذه الوظيفة (الأذان) لتجنب النزاع بين مجموعتين متنافستين من المسلمين كل واحدة تدعي المسؤولية عن ‏إدارة المسجد الكبير في المدينة . ‏
    هذا الإجراء – كما تدعي الحكومة – مؤقت تواصلت الصلوات كالمعتاد بعد تجاوز الأشكال .‏
    أما في جوبا فإن والي الاستوائية الوسطي هو ووزير التربية في حكومته في مطلع 2007م أغلقوا فرعا من ‏جامعة القرآن الكريم في جوبا بدعوي أن المبني الذي تشغله الجامعة يخص مدرسة ثانوية للبنات .‏
    وهذا لم يكن صحيحا لأن المبني المعني قد تم تشييده علم 1963م في فترة حكم إبراهيم عبود لإيواء مدرسة ‏ثانوية إسلامية (معهد علمي) لمسلمي الجنوب ، وحجر الأساس المنحوت في الجدار الأمامي للمبني يشير ‏إلي ذلك .
    أما المبني الذي شيد أثناء فترة حكم عبود ليكون مدرسة ثانوية للبنات فهو الحرم الحالي لجامعة جوبا ، وما ‏نحت علي حجر الأساس في مبني الإدارة يشير إلي هذا بوضوح ، صحيح أن جامعة القران الكريم في جوبا ‏يجب أن تقتني قطعة أرض تقيم عليها مبانيها ، أما المباني موضوع النزاع فيجب أن تؤول إلي هيئة مسلمي ‏جنوب السودان لتحسن استغلالها معهدا علميا .‏
    هناك أفراد آخرون في الجنوب يغمزون المسلمين الذين اعتنقوا الإسلام في سنوات الحرب ، ويصفونهم ‏‏(بالأشخاص الذين دمغوا علي أفخاذهم ومؤخراتهم) ، وهذا وضع آخر يولد جو من الخوف وسط المسلمين ‏حديثي الإسلام ويبث إشارات خاطئة لغيرهم أنه لا يوجد أية حماية لمعتنق جديد للإسلام .
    الدعوة الإسلامية في جنوب السودان:
    أ / التجارب السابقة : ‏
    بما أنه أول دين يقدم إلى جنوب السودان من خارجه فإن الدعوة إليه واجهت عددا من الصعوبات : أولا ‏فإن سكان الجنوب متعددو اللغات ويتكلمون أكثر من مائة لغة ولهجة وجلها متباينة مما يضع حاجزا لغويا ‏سميكا يمنع التواصل بين بعضهم البعض .‏
    أما اللغة العربية التي نزل بها القرآن فلم تكن واسعة الانتشار بين أهالي المنطقة ؛ مما صعب فهم نصوص ‏القرآن .‏
    كذلك فان الغالبية العظمي من الذين اعتنقوا الإسلام من سكان المنطقة كانوا أميين ، هذا أدى إلى محدودية ‏في نشر الدعوة وسط هؤلاء ، وكان أمين باشا حاكم ولاية الاستوائية قد أمر بتشييد أول خلوة في عام 1881م ‏في مددينة لادو ، لتعليم الأطفال في حاضرته .‏
    وكان من الصعب وجود أي (إمام) أو معلم مسلم لتعليم العقائد ؛ وبسبب هذا فإن كبار السن الذين اعتنقوا ‏الإسلام في لادو كانوا يتلقون الدروس علي أيدي الضباط والموظفين في رئاسة المحافظة .‏
    هذه الصعوبات جعلت الدعوة إلي الإسلام بين أهل الجنوب في أضعف حالاتها ، أما أثناء الإدارة الانجليزية ‏المصرية للجنوب فإن حركة التصوف كانت تستخدم كمحرك قوي لنشر الإسلام وسط المواطنين المحليين ، ‏وفي بحر الغزال وفي الرنك في شمال أعلى النيل فإن هذا الأسلوب في الدعوة قد كانت له نتائج إيجابية ‏
    ب / في الظرف الحالي :‏
    إن الدعوة الآن   تمارس من خلال البث الإذاعي في برامج توعية حول الإسلام ، وباستخدام اللغة العربية واللغة ‏الإنجليزية ، فإن البرامج الإذاعية حول الإسلام تقدم من محطات البث خصوصا في أيام الجمع واحتفالات ‏الأعياد من جوبا ، ملكال وواو .‏
    وهذه حتى الآن هي أقوي الوسائل التي تجعل المستمعين يتعرفون علي المزيد من الإسلام .‏
    كما أن البث التلفازي كذلك يصدر من استوديوهات في جوبا واويل ، وتساهم البرامج الإسلامية التي تصدر من ‏هذه المحطات في التوعية الدينية للمشاهدين .‏
    أما الصحف فتطبع إصدارات خاصة في مواسم الصوم في رمضان المبارك وموسم الحج ؛ مما يكون له أعظم ‏الأثر علي قرائها .‏
    الملاحظات والتوصيات : ‏
    بالرغم من أن بداية ظهوره في جنوب السودان كانت في النصف الأخير من القرن التاسع عشر إلا أن الإسلام ‏لم يتسع في الانتشار بسبب النقص الشديد في المعلمين المسلمين خاصة من مواطني الجنوب ذاته .
    في مطلع الخمسينات التحق بعض المسلمين من جنوب السودان بالأزهر الشريف – المؤسسة الإسلامية ‏بالقاهرة – في مستويات الوسطي والثانوي والجامعة ، ولكن يبدو أنه وبسبب رفض الوحدة مع مصر توقف ‏ذلك.‏
    وكانت هذه ضربة موجهة نحو الإسلام في الجنوب في ما تلا من السنوات ، ولقد سعي إبراهيم عبود 58-64 ‏في فترة حكمه لنشر الإسلام في الجنوب ، ولكن نسبة لسوء التخطيط وضعف المساعي فان البرنامج فشل.‏
    ثم بعد سنوات من مساعي إبراهيم عبود قام الجنوبيون المسلمون بإنشاء المنظمات والهيئات ، منها هيئة ‏مسلمي جنوب السودان والمجلس الأعلى  للدعوة ، إلا أنه وحتى هذه اللحظة فإن أحدا لم ينشئ معهدا أو ‏يضع برنامجا متسع الآفاق لنشر الدعوة والعقائد الإسلامية .‏
    وطالما أن الحاجة ماسة لإعادة هيكلة وتنظيم المسلمين في الجنوب فإن فكرة مثل إنشاء قيادة جديدة أو بث ‏الحياة في شرايين المنظمات القديمة يجب أن تدعم لأن قيادات هيئة مسلمي جنوب السودان والمجلس العالي ‏للدعوة ظلت لسنوات في حالة خمول بلا حراك ، ولم تقدم شيئا للإسلام في الجنوب .
    ‏1 / طالما أن البث الإذاعي والبث التلفازي قد اثبتا جدارة وتأثيرا في السنوات الماضية في التوعية الإسلامية ‏للمستمعين فإنه يتوجب علي المسلمين في الجنوب أن يقوموا بحملة جمع أموال ، وأن يحصلوا علي التراخيص ‏لشراء وإقامة محطات بث إذاعي وتلفازي في مدن مثل جوبا ، واو ، ملكال ، رمبيك الخ ....وان تقوم بإنتاج ‏وبث برامجها الدعوية الخاصة .‏
    ‏2/ علي مسلمي جنوب السودان الشروع في إصدار الصحف والنشرات والمجلات الإسلامية كوسائل دعوية ‏، وعند الضرورة فعليهم بجانب اللغتين العربية والانجليزية واستخدام اللغات المحلية مثل الدينكا ، الباريا ، ‏كرايش وغيرها من الإصدارات الدعوية .‏
    ‏3 / علي المسئولين الحكوميين معاملة المسلمين في جنوب السودان بالتساوي ، سواء كانوا منحدرين من أسر ‏عريقة في الإسلام أو كانوا من القادمين الجدد ، وذلك لأن الدستور الانتقالي قد منح الحق في العبادة واعتناق ‏أي دين لكل المواطنين .‏
    ‏4 / على أهل الحكم التحلي بالانضباط والتسامح عند التعامل مع المسائل المتعلقة بالأديان ؛ لان استخدام تعابير ‏مثيرة مثل (الختم علي المؤخرة والأفخاذ) إذا أريد بها المسلمون حديثو الإسلام فإنها تحمل إهانة شديدة لهم .
    ‏5 / أن اختيار الدين أمر شخصي والله وحده هو الذي يحكم علي اختيار الأفراد بالصلاح أو الفساد .‏
    الخاتمة :‏
    إن الدعوة هي المفتاح لنمو الدين لذلك فعلي مسلمي جنوب السودان الا ينتظروا فليس هنالك من سياتي ‏لينوب عنهم في تنمية عقائدهم وتدينهم .‏
    إن الدعوة تحتاج إلى تخطيط محكم ، والي تدريب والي تمويل ،ولتطبيق ذلك فإن مجهودات وطاقات الشباب ‏المسلم – الذين تخرجوا من الجامعات في مجالات الدعوة ،وعلوم القرءان والإعلام والعلوم المشابهة – لابد ‏من توظيفها لهذا الغرض وذلك بعد تكوين إدارة قوية للمنظمات الإسلامية في الجنوب نظرا لان المنظمات ‏والهيئات القديمة لا تقدم شيئا في هذا المجال .‏
    قدمت هذه الورقة في الندوة العلمية المتخصصة في قضايا الدعوة الإسلامية بعنوان الدعوة الإسلامية جنوب ‏السودان والحقوق الدينية ‏للمسلمين في ظل اتفاقية السلام -‏ ترجمة سعد احمد سعد
    المصدر : موقع السودان الإسلامي

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()