عندما قرر الإمام الأكبر الراحل، الدكتور محمد سيد طنطاوى، شيخ الأزهر السابق، منع النقاب فى مدارس الأزهر، قامت عليه الدنيا، ولم يسانده أحد كما ينبغى، وكان واضحاً وقتها أن الدولة قد تخلت عنه، وتركته يخوض المعركة وحده تقريباً، رغم أنه كان يتصدى لمعركتها هى، كدولة، قبل أن يتصدى لأمر يخص الأزهر، كمؤسسة دينية رسمية!
وعندما أصدر الدكتور محمود حمدى زقزوق، وزير الأوقاف، كتاباً مهماً عنوانه: «النقاب عادة.. لا عبادة»، لم يأخذ الكتاب ربع ما يجب أن يأخذه من مساحة، أو وقت، أو جهد، فى إعلام الدولة بكل أشكاله، رغم أن المعركة، مرة أخرى، معركة الدولة، ككيان يتعين أن يكون متماسكاً، وأن يكون قوياً، وألا يرهبه نقاب ولا غير نقاب!
وعندما قال الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية، أكثر من مرة، إن النقاب مجرد عادة.. مر كلام الرجل، وكأن أحداً لم ينطق به، مع أن المتكلم هنا هو المفتى ذاته، الذى إذا أفتى فى مسألة من مسائل الدين هكذا، كان علينا، كمسلمين، أن نسمع ونطيع على الفور، ودون نقاش، لأن هذه أمور لا تحتمل النقاش، ولا يجوز أن تكون موضع جدل!
وعندما تقرر منع النقاب فى لجان الامتحانات بالجامعات، سمعنا كلاماً عجيباً، لا يليق أن يصدر عن أجهزة دولة بحجم مصر.. فمرة يقال إن المنع سوف يكون داخل اللجان، ومرة يقال إنه سوف يكون فى المدرجات أيضاً، وثالثة يقال إنه سوف يكون داخل الحرم الجامعى نفسه.. ومرة.. ومرة.. بما يدل على أننا مهرجون!
أمس الأول، قرر وزير التعليم العالى السورى، منع النقاب منعاً كاملاً، فى الجامعات والمعاهد بشتى صورها، وصدر القرار وبدأ تنفيذه بحزم وحسم ودون فصال، وقال عدد من أساتذة الجامعات هناك، إنهم أحسوا براحة شديدة، بعد صدور القرار، لأنهم من قبل كانوا يعجزون عن التدقيق فى شخصية الطالبة، وهى مرتدية النقاب، ولم يكونوا متأكدين - والحال كذلك - مما إذا كانت التى تكلمهم من تحت نقابها طالبة فعلاً، أم أنه طالب أو رجل يتخفى فى هذا الزى الذى لا علاقة له بجوهر الإسلام من قريب ولا من بعيد!
ولابد أن القرار السورى، هو أول توافق عربى، مع منع النقاب فى فرنسا، وفى بريطانيا، وعدد من دول أوروبا، وإذا كانت الجهة التى أصدرته فى دمشق، جهة سياسية، فنحن فى حاجة إلى جهة أمنية تصدره فى القاهرة، لأن ما نقرأ عنه يوماً بعد يوم، عن مجرمين ومجرمات يختبئون تحت النقاب، ويرتكبون جرائم متعددة، يجعل منع هذا الزى مسألة تتعلق بأمن المواطن وأمن الوطن معاً.
الإسلام العظيم ليس نقاباً، ولن يكون، ولكنه أداء ومعاملة مع الناس، بما يحقق مقاصده العليا، التى تحض على الأمانة، وتجرم الخيانة، وتدعو إلى حماية الروح، والمال، والحياة!
هل يحتاج قرار كهذا إلى توجيهات من الرئيس؟!