بتـــــاريخ : 7/19/2010 8:27:36 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1133 0


    حجاب المرأة المسلمة ... كما يراه الدكتور طنطاوي

    الناقل : SunSet | العمر :36 | الكاتب الأصلى : طالب علم | المصدر : saaid.net

    كلمات مفتاحية  :

     الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين , أما بعد ...  فقد اطلعت مؤخرا على ما تناولته وسائل العام بشأن حادثة الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر مع الفتاة المنتقبة والتي تدرس في الصف الثاني الإعدادي , وذلك في إحدى المعاهد الأزهرية , حيث قام شيخ الأزهر بتعنيف الطالبة بكلام لا يجوز مطلقا أن يخرج من صاحب هذا المنصب الديني المرموق ؛ وكان هذا التعنيف بسبب لبس الطالبة النقاب داخل الفصل الدراسي , ولكن المعلمة دافعت عن الطالبة بقولها : أنها لا تلبسه في الفصل, ولكنها لما رأت فضيلتكم والوفد المرافق داخل للفصل ؛ قامت بلبسه , فما كان لشيخ الأزهر إلا أن ردّ عليها بقوله : النقاب عادة وليس بعبادة !!! .  طبعاً هذا الكلام نزل علىّ كالصاعقة , وتعجبت منه أشد العجب ؛ وذلك لأنني تخرجت في الأزهر الشريف , وكنت في مرحلة الثانوية الأزهرية يُدرَّس لي في مادة التفسير كتاب التفسير الوسيط للدكتور سيد طنطاوي , وكان مقرر علينا في الصف الثاني الثانوي دراسة تفسير سورتي النور والأحزاب للدكتور طنطاوي (عام 1421هـ / 2001م) .  فلما سمعت بهذا الخبر العجيب لم أصدق نفسي ؛ وذلك لأني قرأت (قبل ذلك) كلام الشيخ في النقاب والتعفف , ورأيه في ذلك مخالف تماما لما حدث في تلك الواقعة , فقمت على عجلٍ لمراجعة كتاب التفسير الذي كان مقررا علينا في الصف الثاني الثانوي ؛ لأني وجدت نفسي في حالة ذهول مما سمعته .  فبدأت بفتح الكتاب ؛ لأنظر في ما قاله الدكتور طنطاوي في الكتاب عن حجاب المرأة المسلمة وعن تعفف المسلمات ؛ فلعله قد طال بي الزمن ؛ فلم أدْر ِ ما الذي قاله الدكتور في تلك المرحلة , فبدأت بمحل النزاع وهو النقاب , هل هو عادة أم عبادة , فوجدت الدكتور طنطاوي يقول (صـ 296 من جزء تفسير سورتي النور والأحزاب , طبعة 1421هـ - 2001م / طبع على نفقة المعاهد الأزهرية) عند تفسير قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ) : ثم أمر الله - تعالى - رسوله صلى الله عليه وسلم أن يأمر أزواجه وبناته ونساء المؤمنين عامة ، بالاحتشام والتستر فى ملابسهن فقال - تعالى - { يا أيها النبي قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ المؤمنين يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ } .  قال الآلوسي : روى عن غير واحد أنه كانت الحرة والأمة ، تخرجان ليلا لقضاء الحاجة في الغيطان وبين النخيل ، من غير تمييز بين الحرائر والإِماء ، وكان في المدينة فساق يتعرضون للإِماء ، وربما تعرضوا للحرائر ، فإذا قيل لهم قالوا : حسبناهن إماء ، فأمرت الحرائر أن يخالفن الإِماء في الزى والتستر فلا يطمع فيهن . .  وقوله : { يُدْنِينَ } من الإِدناه بمعنى التقريب ، ولتضمنه معنى السدل والإِرخاء عُدِّىَ بعلى . وهو جواب الأمر ، كما فى قوله - تعالى - : { قُل لِّعِبَادِيَ الذين آمَنُواْ يُقِيمُواْ الصلاة . . . . } .  والجلابيب : جمع جلباب ، وهو ثوب يستر جميع البدن ، تلبسه المرأة ، فوق ثيابها .  والمعنى : يأيها النبي قل لأزواجك اللائي في عصمتك ، وقل لبناتك اللائي هن من نسلك ، وقل لنساء المؤمنين كافة ، قل لهن : إذا ما خرجن لقضاء حاجتهن ، فعليهن أن يسدلن الجلابيب عليهن ، حتى يسترن أجسامهن سترا تاما ، من رءوسهن إلى أقدامهن ، زيادة في التستر والاحتشام ، وبعدا عن مكان التهمة والريبة .  قالت أم سلمة - رضي الله عنها - : لما نزلت هذه الآية ، خرج نساء الأنصار كأن على رءوسهن الغربان من السكينة وعليهن أكسية سود يلبسنها .  وقوله : { ذلك أدنى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ } بيان للحكمة من الأمر بالتستر والاحتشام .  أي : ذلك التستر والاحتشام والإِدناء عليهن من جلابيبهن يجعلهن أدنى وأقرب إلى أن يعرفن ويميزن عن غيرهن من الإِماء ، فلا يؤذين من جهة من في قلوبهم مرض .  هذا ، ويرى الإِمام أبو حيان أن الأرجح أن المراد بنساء المؤمنين ، ما يشمل الحرائر والإِماء وأن الأمر بالتستر يشمل الجميع ، وأن الحكمة من وراء هذا الأمر بإسدال الجلابيب عليهن ، درء التعرض لهن بسوء من ضعاف الإيمان .  فقد قال - رحمه الله - : والظاهر أن قوله : { وَنِسَآءِ المؤمنين } يشمل الحرائر والإِماء ، والفتنة بالإِماء أكثر لكثرة تصرفهن ، بخلاف الحرائر ، فيحتاج إخراجهن من عموم النساء إلى دليل واضح . . { ذلك أدنى أَن يُعْرَفْنَ } لتسترهن بالعفة فلا يتعرض لهن ، ولا يليقين بما يكرهن ، لأن المرأة إذا كانت في غاية التستر والانضمام لم يقدم عليها بخلاف المتبرجة فإنها مطموع فيها .  ويبدو لنا (أي الدكتور طنطاوي) أن هذا الرأي الذي اتجه إليه أبو حيان - رحمه الله - أولى بالقبول من غيره ، لتمشية مع شريعة الإِسلام التي تدعو جميع النساء إلى التستر والعفاف . اهـ .  ثم انتقلت إلى تفسير قوله تعالى : (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) , فوجدته يقول (صـ 229) : ثم أمرهن - سبحانه - بعد ذلك بالاستقرار في بيوتهن ، وعدم الخروج منها إلا لحاجة شرعية فقال { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ } .  والمعنى : الْزَمْنَ يا نساء النبي صلى الله عليه وسلم بيوتكن ، ولا تخرجن منها إلا لحاجة مشروعة ، ومثلهن في ذلك جميع النساء المسلمات ، لأن الخطاب لهن في مثل هذه الأمور ، هو خطاب لغيرهن من النساء المؤمنات من باب أولى ، وإنما خاطب - سبحانه - أمهات المؤمنين على سبيل التشريف ، واقتداء غيرهن بهن .  قال بعض العلماء : والحكمة في هذا الأمر : أن ينصرفن إلى رعاية شئون بيوتهن ، وتوفير وسائل الحياة المنزلية التي هي من خصائصهن ، ولا يحسنها الرجال ، وإلى تربية الأولاد في عهد الطفولة وهى من شأنهن . وقد جرت السنة الإِلهية بأن أمر الزوجين قسمة بينهما ، فللرجل أعمال من خصائصهم لا يحسنها النساء ، وللنساء أعمال خصائصهن لا يحسنها الرجال ، فإذا تعدى أحد الفريقين عمله ، اختل النظام في البيت والمعيشة .  وقال صاحب الظلال ما ملخصه : والبيت هو مثابة المرأة التي تجد فيها نفسها على حقيقتها كما أرادها الله - تعالى - ولكي يهيئ الإِسلام للبيت جوه السليم ، ويهيئ للفراخ الناشئة فيه رعايتها ، أوجب على الرجل النفقة ، وجعلها فريضة ، كي يُتاح للأم من الجهد ومن الوقت ومن هدوء البال ، ما تشرف به على هذه الفراخ الزغب ، وما تهيئ به للمثابة نظامها وعطرها وبشاشتها .  فالأم المكدودة بالعمل وبمقتضياته وبمواعيده ؛ لا يمكن أن تهيئ للبيت جوه وعطره ، ولا يمكن أن تهيئ للطفولة النابتة فيه حقها ورعايتها .  إن خروج المرأة للعمل كارثة على البيت قد تبيحها الضرورة ، أما أن يتطوع بها الناس وهم قادرون على اجتنابها ، فتلك هي اللعنة التي تصيب الأرواح والضمائر والعقول ، في عصور الانتكاس والشرور والضلال .  وهذه الجملة الكريمة ليس المقصود بها ملازمة البيوت فلا يبرحنها إطلاقاً , وإنما المقصود بها أن يكون البيت هو الأصل في حياتهن ، ولا يخرجن إلا لحاجة مشروعة ، كأداء الصلاة في المسجد ، وكأداء فريضة الحج وكزيارة الوالدين والأقارب ، وكقضاء مصالحهن التي لا تقضى إلا بهن ... بشرط أن يكون خروجهن مصحوبا بالتستر والاحتشام وعدم التبذل .  ولذا قال - سبحانه - بعد هذا الأمر ، { وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجاهلية الأولى } .  وقوله : { تَبَرَّجْنَ } مأخوذ من البَرَج - بفتح الباء والراء - وهو سعة العين وحسنها ، ومنه قولهم : سفينة برجاء ، أي : متسعة ولا غطاء عليها .  والمراد به هنا : إظهار ما ينبغي ستره من جسد المرأة ، مع التكلف والتصنع في ذلك .  والجاهلية الأولى ، بمعنى المتقدمة ، إذ يقال لكل متقدم ومتقدمة : أول وأولى .  أو المراد بها : الجاهلية الجهلاء التي كانت ترتكب فيها الفواحش بدون تحرج .  وقد فسروها بتفسيرات متعددة ، منها : قول مجاهد : كانت المرأة تخرج فتمشى بين يدي الرجال ، فذلك تبرج الجاهلية .  ومنها قول قتادة : كانت المرأة في الجاهلية تمشى مشية فيها تكسر .  ومنها قول مقاتل : والتبرج : أنها الخمار على رأسها ، ولا تشده فيوارى قلائدها وعنقها .  ويبدو لنا أن التبرج المنهي عنه في الآية الكريمة ، يشمل كل ذلك ، كما يشمل كل فعل تفعله المرأة ، ويكون هذا الفعل متنافيا مع آداب الإِسلام وتشريعاته .  والمعنى : الزمن يا نساء النبي بيوتكن ، فلا تخرجن إلا لحاجة مشروعة ، وإذا خرجتن فاخرجن في لباس الحشمة والوقار ، ولا تبدى إحداكن شيئا أمرها الله - تعالى - بستره وإخفائه ، واحذرن التشبيه بنساء أهل الجاهلية الأولى ، حيث كن يفعلن ما يثير شهوة الرجال ، ويلفت أنظارهم إليهن . اهـ .  ثم بعد ذلك انتقلت أخيراً إلى تفسير قوله تعالى : (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ) , فوجدت الدكتور يقول (صـ 286) : هذا وقد أخذ العلماء من هذه الآية الكريمة التي تسمى بآية الحجاب ، جملة من الأحكام والآداب منها :  * حرمة الاختلاط بين الرجال والنساء سواء أكان ذلك في الطعام أم في غيره ، فقد أمر - سبحانه - المؤمنين ، إذا سألوا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم شيئا أن يسألوهن من وراء حجاب ، وعلل ذلك بأن سؤالهن بهذه الطريقة ، يؤدى إلى طهارة القلوب ، وعفة النفوس ، والبعد عن الريبة وخواطر السوء .  وحكم نساء المؤمنين في ذلك كحكم أمهات المؤمنين ، لأن قوله - سبحانه - { ذلكم أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ } علة عامة تدل على تعميم الحكم ، إذ جميع الرجال والنساء في كل زمان ومكان في حاجة إلى ما هو أطهر للقلوب ، وأعف للنفوس .  قال بعض العلماء ما ملخصه : وقوله : { ذلكم أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ } قرينة واضحة على إرادة تعميم الحكم ، إذ لم يقل أحد من العقلاء ، إن غير أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لا حاجة بهن إلى أطهرية قلوبهن ، وقلوب الرجال من الريبة منهن .  فالجملة الكريمة فيها الدليل الواضح على أن وجوب الحجاب حكم عام في جميع النساء . لا خاص بأمهات المؤمنين ، وإن كان أصل اللفظ خاصا بهن ، لأن عموم علته دليل على عموم الحكم فيه .  * كذلك أخذ العلماء من هذه الآية أنه لا يجوز للرجل الأجنبي أن يصافح امرأة أجنبية عنه . ولا يجوز له أن يمس شيء من بدنه شيئا من بدنها .  والدليل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم ثبت عنه أن قال : " إني لا أصافح النساء " , والله - تعالى - يقول : { لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } فيلزمنا أن لا نصافح النساء الأجنبيات اقتداء به صلى الله عليه وسلم . اهـ .  فلما انتهيت من قراءة ما ذكرت , تيقنت فعلا أن كلام الدكتور عن النقاب والعفة هو هو الذي كان منغرسا في ذهني منذ كنت طالبا في المرحلة الثانوية , فسبحان مقلب القلوب , وسبحان العاصم من الزلل , كيف صار الدكتور طنطاوي إلى ما صار إليه .     إلى الله المشتكى  وهو حسبنا ونعم الوكيل

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()