عندما قام حسن حمدي -مدير وكالة الأهرام للإعلان- باستغلال منصبه وتعيين اللاعب جدو في الوكالة حتي يضمن توقيعه للنادي الأهلي الذي يرأسه، فإن ما فعله الكابتن حسن حمدي لم يثر دهشتي لأنه يأتي متسقًا مع معظم ما يجري في البلد من خلط للمواقع وتضارب للمصالح بعد أن تاهت الحدود الفاصلة بين العام والخاص.. بين ما يمتلكه المسئول وما تحت يديه من أموال عامة.. وأصبح كل شيء مباحًا.
غابت المراقبة والمساءلة فأحس كل مسئول بأن له حرية التصرف فيما تحت يديه من مال عام (أراضٍ -مشروعات- أموال).. راجع قصة وزير الإسكان مع قرية آمون التي أوقفها رئيس الجمهورية، وراجع أيضًا ما فعله رئيس هيئة السكك الحديدية السابق عندما عين أقرباءه وأصهاره في مواقع قيادية داخل الهيئة التي يرأسها.. تلك نماذج علي سبيل المثال لا الحصر.
لذا لم أندهش مما فعله مدير وكالة الأهرام للإعلان وهو في نفس الوقت رئيس النادي الأهلي، عندما خلط بين طبيعة المنصبين فقام بتوظيف أحدهما لصالح الآخر، فهكذا تسير الأمور في مصر ويحكمها مبدأ (اللي تغلب به العب به) ولنتذكر قرارات وزير البترول بتعيين نجوم الكرة في شركات وزارته البترولية وبرواتب فلكية.
قصة انضمام جدو للأهلي تتابعها الجماهير منذ فترة عندما دخل الأهلي في صراع محموم مع منافسه الزمالك لشراء اللاعب، وباءت المحاولات بالفشل خاصة أن إغراءات الأهلي للاعب لم تزد عن إغراءات نادي الزمالك.. لكن رئيس النادي الأهلي لدية ميزة نسبية ليست عند منافسه، حيث يرأس وكالة الأهرام للإعلان أكبر وأغني وكالة إعلانية في مصر وربما في المنطقة، لذا قرر حسن حمدي استغلال موقعه كرئيس للوكالة وخطف جدو.
وحسب ما نشره الزميل عبد الحميد الشربيني في «الدستور» أمس الأول، فإن ما فعله حمدي مع جدو تكرر عشرات المرات في السابق، عندما لعبت وكالة الأهرام دورًا كبيرًا في حسم صفقة انضمام اللاعبين النجوم للأهلي في سنوات سابقة.. مما يؤكد ارتباط الوكالة بتمويل الصفقات الكبري للقلعة الحمراء، خاصة أن إدارة الأهلي سبق أن استخدمت إعلانات الوكالة كوسيلة لإغراء النجوم للعب في الأهلي وهذا هو ما جري في صفقة جدو.
المفارقة أن الكابتن حسن حمدي لم يخلط بتصرفه السابق بين العام والخاص بل بين العام والعام، فوكالة الأهرام للإعلان هي إحدي شركات مؤسسة الأهرام وهي بحكم القانون من المال العام الذي لا يجوز التصرف في طريقة إدارته لتحقيق مصالح شخصية.. ربما لو كانت وكالة الإعلان ملكًا خاصا للكابتن حمدي فإنه كان سيفكر كثيرًا قبل التعاقد مع لاعب كرة قدم في بداية حياته ليسأل نفسه عن جدوي توظيفه في وكالته الإعلانية الخاصة، وهل في توظيفه إفادة لتلك الوكالة أم أنه سيصبح عبئًا ماليًا علي ميزانيتها.. لكن لأن الوكالة مال عام سايب فقد جري التعامل معها بالأسلوب السابق عندما أعطي من لا يملك لمن لا يستحق.. والسؤال الذي ينبغي توجيهه لوكالة الأهرام هو:إذا كان السيد جدو بتلك المهارة الوظيفية في مجال الإعلان والتسويق. فلماذا لم يتعاقد معه مدير وكالة الأهرام منذ عام واحد فقط. عندما كان جدو مجرد لاعب مغمور في نادي الاتحاد، أم أن موهبته الإعلانية الفذة تزامنت مع تألق موهبته في كأس أفريقيا الأخيرة؟!
المدهش أيضًا أن النادي الأهلي ليس ملكًا خاصًا للكابتن حمدي لأنه مال عام، مما يعني أن الكابتن حمدي يتحرك من مال عام إلي مال عام آخر.. ومن حكم في ماله العام فما ظلم.. تأكد حسن حمدي من غياب المحاسبة والرقابة فحق له أن يفعل ما يشاء.