مراسيم الزّواج نظراً لأهمية وقدسية الزوّاج فقد وضعت له مراسيم خاصة تنسجم مع مبادىَ الإسلام ورؤيته السليمة ، وتمتاز بالبساطة والابتعاد عن مظاهر الاسراف والتكلف ، ولا تخرج عن قواعد وحدود الشرع. وتبدأ هذه المراسيم العبادية ـ الاجتماعية منذ أن يقرر الشاب الزواج بأن يصلي ركعتين ويدعو بعدهما بمأثور الدعاء ، فقد روي أنَّ الإمام الباقر عليه السلام سأل أبا بصير ، قائلاً له : « إذا تزوج أحدكم كيف يصنع ؟ فقال : لا أدري عليه السلام : إذا همَّ بذلك فليصلِ ركعتين وليحمد الله عزَّ وجل وليقل : ( اللهمَّ إني أُريد أن أتزوج ، اللهمَّ فقدّر لي من النساء أحسنهنَّ خَلقاً وخُلقاً ، وأعفّهن فرجاً، وأحفظهنَّ لي في نفسها ومالي ، وأوسعهن رزقاً ، وأعظمهن بركة ، وأقضِ لي منها ولداً طيباً ، تجعله لي خلفاً صالحاً في حياتي وبعد موتي ) » (1). بعد ذلك ينتخب الزوجة الصالحة ، وفق المواصفات التي ذكرناها آنفاً وتبدأ مراسيم الخطبة قبل العقد وذلك باحضار جماعة من أهل الفضل والمعرفة إلى أهل المرأة ، ويستحب أن يلقي الخطيب أو من ينوب عنه خطبةً يستهلها بآيٍ من القرآن الكريم والحديث الشريف ، ثم يفضى إلى ذكر الغرض ، وهو خطبة المرأة وذكر مواصفاتها الصالحة وإيمانها وما إلى ذلك ، وفي السيرة النبوية وتراث الأئمة المعصومين عليهم السلام كثير من الخُطب المأثورة عنهم عليهم السلام في الزواج ، منها خطبة الإمام الرضا عليه السلام لنفسه في زواجه من أم حبيبة ، وخطبة ولده الإمام الجواد عليه السلام لنفسه في زواجه من أم الفضل ، وغيرهما. ويستحب الإعلان عن العقد والإشهاد عليه ، وإيقاعه ليلاً الإمام الصادق عليه السلام : « زفّوا عرائسكم ليلاً ، وأطعموا ضُحى » (2). ويستحب الوليمة عند الزفاف يوماً أو يومين ، وأن يُدعى لها المؤمنون. واتضح من خلال هذه المراسيم أن السمة الغالبة عليها هي عبادية فضلاً عن كونها اجتماعية ، توجّه الزوجين للارتباط بالله تعالى واستمداد العون والتوفيق منه ، ثم يتخللها أداء الصلاة والأذكار وقراءة القرآن والاطعام الذي يُذكر فيه ـ عادة ـ الجيران ويشمل الفقراء والمساكين. ثم تأتي مراسيم الزفاف ، ومما يدل على أهميتها أنه ( لما كانت ليلة الزفاف ـ لفاطمة على الإمام عليّ عليهما السلام ـ أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ببغلته الشهباء ، وثنى عليها قطيفة ، وقال لفاطمة : « اركبي » ، وأمر سلمان رضي الله عنه أن يقودها ، والنبي … صلى الله عليه وآله وسلم يسوقها ، وكبّر صلى الله عليه وآله وسلم فوضع التكبير على العرائس من تلك الليلة ) (3). وهكذا تتم هذه المراسيم العالية في أجواء من الطهر والفضيلة ، تتفجر فيها ينابيع المشاعر والأحاسيس الخيّرة ، وتنطلق فيها الدعوات المخلصة إلى الله تعالى لكي يبارك للعروسين حياتهما الجديدة. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 1) مكارم الأخلاق : 205. 2) مكارم الأخلاق : 208. 3) مكارم الأخلاق : 208.