بتـــــاريخ : 7/15/2010 12:37:37 AM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 829 0


    صلة الأرحام

    الناقل : SunSet | العمر :37 | المصدر : www.holykarbala.net

    كلمات مفتاحية  :
    إسلام صلة الأرحام

     

    صلة الأرحام


    من السنن الالهية المودعة في فطرة الإنسان هي الارتباط الروحي والعاطفي بأرحامه وأقاربه ، وهي سُنّة ثابتة يكاد يتساوى فيها أبناء البشر ، فالحب المودع في القلب هو العلقة الروحية المهيمنة على علاقات الإنسان بأقاربه ، وهو قد يتفاوت تبعاً للقرب والبعد النسبي إلاّ أنّه لايتخلّف بالكلية.
    ولقد راعى الإسلام هذه الرابطة ، ودعا إلى تعميقها في الواقع ، وتحويلها إلى مَعلَم منظور ، وظاهرة واقعية تترجم فيه الرابطة الروحية إلى حركة سلوكية وعمل ميداني.
    فانظر كيف قرن تعالى بين التقوى وصلة الأرحام ، فقال : ... « واتّقُوا اللهَ الذي تَساءَلُونَ بهِ والارحامَ إنّ اللهَ كانَ عليكُم رقيباً » (1).
    وذكر صلة القربى في سياق أوامره بالعدل والاحسان ، فقال : « إنَّ اللهَ يأمرُ بالعدلِ والإحسانِ وإيتاء ذِى القُربى وينَهى عن الفحشَاءِ والمنكرِ والبَغي يَعظُكُم لعلّكُم تَذكَّرونَ » (2).
    وبالاضافة إلى الصلة الروحية دعا إلى الصلة المادية ، وجعلها مصداقاً للبرّ، فقال تعالى : ... « ولكنَّ البِرَّ مَن ... آتى المالَ على حُبّه ذوى القُربى واليَتَامى والمسَاكِينَ وابنَ السَّبيلِ والسَّآئلينَ وفي الرقابِ وأقامَ الصَّلاةِ وءاتَى الزَّكاةَ والمُوفُونَ بِعَهدِهِم إذا عاهَدُوا والصَّابرينَ في البأسآءِ والضَّرَّآءِ وَحِينَ البأسِ أُولئِكَ الَّذينَ صَدَقُوا وأُولئكَ هُمُ المُتَّقُون »َ (3).
    وجعل قطيعة الرحم سبباً للعنة الالهية فقال : « فَهل عَسَيتُم إن تَولَّيتُم أن تُفسدُوا في الأرضِ وتُقطّعُوا أرحامَكُم * أولئكَ الَّذينَ لَعنَهُم اللهُ فأصمّهم وأعمَى أبصارَهُم » (4).

    صلة الأرحام في الأحاديث الشريفة
    لقد دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأهل البيت عليهم السلام إلى صلة الأرحام في جميع الأحوال ، وأن تقابل القطيعة بالصلة حفاظاً على الأواصر والعلاقات ، وترسيخاً لمبادىء الحب والتعاون والوئام.قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « إنّ الرحم معلقة بالعرش ، وليس الواصل بالمكافىء ، ولكن الواصل من الذي إذا انقطعت رحمه وصلها » (5).
    وقال أبو ذر الغفاري رضي الله عنه : (أوصاني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن أصل رحمي وإن أدبَرَت) (6).
    وقال أمير المؤمنين عليه السلام : « صلوا أرحامكم وإن قطعوكم » (7).
    ومما جاء في فضل صلة الأرحام في الحديث الشريف أنها خير أخلاق أهل الدنيا والآخرة ، وأنها أعجل الخير ثواباً ، وأنها أحبّ الخطى التي تقرب العبد إلى الله زلفى ، وتزيد في ايمانه.
    قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « ألا أدلكم على خير أخلاق أهل الدنيا والآخرة ؟ من عفا عمن ظلمه ، ووصل من قطعه ، وأعطى من حرمه » (8).
    وقال صلى الله عليه وآله وسلم : « أعجل الخير ثواباً صلة الرحم ، وأسرع الشر عقاباً البغي » (9).
    وقال الإمام علي بن الحسين عليه السلام : « ما من خطوة أحبّ إلى الله عزَّ وجلَّ من خطوتين : خطوة يسدّ بها المؤمن صفّاً في سبيل الله ، وخطوة إلى ذي رحم قاطع » (10).
    وقال الإمام موسى الكاظم عليه السلام : « صلة الارحام وحسن الخلق زيادة في الايمان » (11).
    ولقد رتّب الإمام علي بن الحسين عليه السلام حقوق الأرحام تبعاً لدرجات القرب النسبي ، فيجب صلة الأقرب فالأقرب ، فقال : « وحقوق رحمك كثيرة متصلة بقدر اتصال الرحم في القرابة ، فأوجبها عليك حقّ أُمك ، ثم حقّ أبيك ، ثم حقّ ولدك ، ثم حقّ أخيك ، ثم الأقرب فالأقرب ، والأول فالأول » (12).
    وتتجلى مظاهر الصلة بالاحترام والتقدير والزيارات المستمرة وتفقد أوضاعهم الروحية والمادية ، وتوفير مستلزمات العيش الكريم لهم ، وكفّ الأذى عنهم.
    ولقد دعا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام إلى تفقّد أحوال الأرحام المادية وإشباعها ، فقال : « ألا لا يعدلنَّ أحدكم عن القرابة يرى بها الخصاصة أن يسدّها بالذي لا يزيده إن أمسكه ، ولا ينقصه إن أهلكه ، ومن يقبض يده عن عشيرته ، فإنّما تقبض منه عنهم يد واحدة ، وتقبض منهم عنه أيدٍ كثيرة ، ومن تلن حاشيته يستدم من قومه المودة » (13).
    وأدنى الصلة هي الصلة بالسلام ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « صلوا أرحامكم ولو بالسلام » (14).
    وأدنى الصلة المادية هي الاسقاء ، قال الإمام جعفر الصادق عليه السلام : «صل رحمك ولو بشربة ماء ... » (15).
    ومن مصاديق صلة الأرحام كفّ الأذى عنهم ، قال الإمام جعفر الصادق عليه السلام : « عظّموا كباركم ، وصلوا أرحامكم ، وليس تصلونهم بشيء أفضل من كفّ الأذى عنهم » (16).
    قطيعة الأرحام في الأحاديث الشريفة :
    الإسلام دين التآزر والتعاون والوئام ، لذا حرّم جميع الممارسات التي تؤدي إلى التقاطع والتدابر ، لأنها تؤدي إلى تفكيك أواصر المجتمع ، وخلخلة صفوفه ، فحرّم قطيعة الرحم ، وجعلها موجبة لدخول النار والحرمان من الجنّة.
    قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « ثلاثة لا يدخلون الجنة : مدمن خمر ، ومدمن سحر ، وقاطع رحم » (17).
    وقال صلى الله عليه وآله وسلم : « اثنان لا ينظر الله إليهما يوم القيامة : قاطع رحم ، وجار السوء » (18).
    وقطيعة الرحم موجبة للحرمان من البركات الالهية ، كنزول الملائكة وقبول الأعمال.
    قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « إنّ الملائكة لا تنزل على قوم فيهم قاطع رحم » (19) .
    وقال صلى الله عليه وآله وسلم : « إنّ أعمال بني آدم تعرض كلّ عشية خميس ليلة الجمعة ، فلا يقبل عمل قاطع رحم » (20).
    وقطيعة الرحم من الذنوب التي تعجّل الفناء ، قال الإمام الصادق عليه السلام : « الذنوب التي تعجل الفناء قطيعة الرحم » (21).
    وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يتخوف على المسلمين من قطيعتهم لأرحامهم ، وكان يقول : « إنّي أخاف عليكم استخفافاً بالدين ، ومنع الحكم ، وقطيعة الرحم ، وأن تتّخذوا القرآن مزامير ، تقدّمون أحدكم وليس بأفضلكم في الدين » (22)
    ومقابلة القطيعة بالقطيعة ظاهرة سلبية في العلاقات ، وهي موجبة لعدم رضا الله تعالى عن الجميع ، ففي رواية أنّ رجلاً أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال : (يا رسول الله ، أهل بيتي أبوا إلاّ توثّباً عليَّ وقطيعة لي وشتيمة ، فأرفضهم ؟) قال صلى الله عليه وآله وسلم : « إذن يرفضكم الله جميعاً » قال : كيف أصنع ؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم : « تصل من قطعك ، وتعطي من حرمك ، وتعفو عمَّن ظلمك ، فانك إذا فعلت ذلك ، كان لك من الله عليهم ظهير » (23).
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    (1) سورة النساء : 4 / 1.
    (2) سورة النحل : 16 / 90.
    (3) سورة البقرة : 2 / 177.
    (4) سورة محمد : 47 / 22 ـ 23.
    (5) جامع الأخبار / السبزواري : 287 ـ مؤسسة آل البيت عليهم السلام ـ قم ـ 1414 هـ ط1.
    (6) الخصال / الصدوق 2 : 345 / 12 ـ جماعة المدرسين ـ قم ـ 1403 هـ.
    (7) بحار الانوار 74 : 92.
    (8) جامع الأخبار : 287.
    (9) جامع الاخبار : 290.
    (10) الخصال 1 : 50 / 60.
    (11) جامع الاخبار : 290.
    (12) تحف العقول : 183.
    (13) نهج البلاغة : 65 ، الخطبة : 23 ، تحقيق صبحي الصالح.
    (14) تحف العقول : 40.
    (15) بحار الأنوار 74 : 88.
    (16) الكافي 2 : 165.
    (17) الخصال 1 : 179 / 243.
    (18) كنز العمال 3 : 367 / 6975.
    (19) كنز العمال 3 : 367 / 6974.
    (20) كنز العمال 3 : 370 / 6991.
    (21) بحار الأنوار 74 : 94.
    (22) عيون أخبار الرضا / الشيخ الصدوق 2 : 42.
    (23) الكافي 2 : 150.


    المصدر : كتاب / آداب الأسرة في الإسلام / مركز الرسالة


    كلمات مفتاحية  :
    إسلام صلة الأرحام

    تعليقات الزوار ()