معاملات إسلامية
الأطعمة
أباح الشرع كثيرًا من الأطعمة لحاجة الإنسان إليها ليسد جوعه، ومن الأطعمة ما هو حلال ومنها ما هو حرام.
ما يباح من الأطعمة:
1- كل أنواع الفواكه والخضروات: إلا ما يذهب العقل مثل الخشخاش وكل النباتات المخدرة.
2 حيوانات البحر: قال سبحانه: (أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعًا وللسيارة) [المائدة: 96]. وقال ( عن البحر:"هو الطهور ماؤه. الحل ميتته" [أصحاب السنن].
3- الأنعام: قال تعالى: (أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم) [المائدة: 1].
ومن الأنعام: الإبل والبقر والجاموس والغنم (الضأن والمعز) وبقر الوحش وإبل الوحش والغزال، وكذلك يباح الدجاج وحمار الوحش والأرنب والجراد.
4- الضبُّ: وهو حيوان يكثر فى صحارى الدول العربية، وهو حيوان من جنس الزواحف، جسمه غليظ وخشن، وله ذنب عريض وحَرِشٌ. فعن خالد بن الوليد-رضى الله عنه- أنه دخل مع رسول الله ( بيت ميمونة فأتى بضب محنوذ (مشوي) فأهوى إليه رسول الله ( بيده، فقال بعض النسوة اللاتى فى بيت ميمونة: أخبروا النبى ( بما يريد أن يأكل منه، فقالوا: هو ضب. فرفع رسول الله ( يده. قال خالد بن الوليد: أحرام هو يا رسول الله؟ قال ( :"لا، ولكنه لم يكن بأرض قومى فأجدنى أعافه" قال خالد: فاجتررته فأكلته، ورسول الله ( ينظر. [البخارى] أى أن النبى ( رأى خالدًا وهو يأكل الضب، ووافقه، وأقره على ذلك ( فهو حلال.
5- العصافير: فقد روى عن رسول الله ( :"ما من إنسان قتل عصفورًا فما فوقها بغير حقها إلا سأله الله-عز وجل-عنها. قيل يا رسول الله : وما حقها؟ قال ( :"يذبحها فيأكلها ولا يقطع رأسها يرمى بها" [النسائى]. أى للإنسان أن يذبح العصفور للأكل وليس له أن يقتله ويرميه.
6- الضبع: حرمها بعض الفقهاء على أنها من السباع المحرمة، وأحل بعض الفقهاء أكلها فقد استطيبتها العرب، ولأنهم كانوا يبيعونها ويشترونها فى مكة دون أن ينكر عليهم أحد ذلك. وقد روى عن عبد الرحمن بن أبى عمَّار، أنه قال: قلت لجابر: الضبع أصيد هى؟ قال: نعم. قلت: آكلها؟ قال: نعم. قلت: أشىء سمعت من رسول الله ( ؟ قال: نعم. [ابن ماجة].
7- الحيوانات البرمائية: وهو الحيوان الذي يعيش في البر والبحر معًا كالسلحفاة والتمساح وكلب البحر وغيرها. وقد حرم بعض الفقهاء لحوم الحيوان البرمائى.
وأباح الحيوان البرمائى فقهاء آخرون بشرط أن يذكى إن كان مما فيه دم، فإن لم يكن مما فيه دم كالسرطان فيحل آكله دون تذكية.
ما يحرم من الأطعمة:
1- النجس: كالسمن الذي وقعت فيه فأرة، فقد سئل رسول الله ( عن سمن وقعت فيه فأرة فقال:"ألقوها وما حولها" [البخارى]. وكذلك كل جامد إذا وقع فيه شىء من الميتة ، يطرح ما حوله منه، ويصبح طاهرًا يجوز الانتفاع به.
2- الطعام الضار: كالسم الذي يؤدى إلى الموتز قال ( :"من تحسى سمَّا فقتل نفسه فسمُّه فى يده يتحساه فى نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا" [الجماعة].
ويسرى ذلك على كل ما هو ضار بالصحة، كجميع أنواع المخدرات والخمور والأدخنة وغيرها، لما فيها من ضرر بالصحة وتبذير وضياع للمال.
قال ( :"لا ضرر ولا ضرار" [أحمد وابن ماجة]، ويحرم كذلك كل ما فيه من غير السموم، كالطين والحجارة والفحم والتراب.
3- ما تعلق بحق الآخرين: كالطعام المسروق والمغصوب، فأكله حرام.
4- الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به، والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع وما ذُبح على النصب.
قال تعالى: (حُرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب) [المائدة: 3].
والميتة: هى كل حيوان يؤكل لحمه مات من غير ذبح أو ذكاة شرعية وهى لا تحل أكلها. ويجوز الانتفاع بجلدها بعد ذبحه عند بعض الفقهاء فعن ابن عباس-رضى الله عنهما-أن رسول الله ( مر بشاة ميتة، فقال:"هلا استمتعتم بإهابها (جلدها)؟ قالوا: إنها ميتة. قال:"إنما حرم أكلها" [الجماعة].
ويستثنى من الميتة نوعان السمك والجراد، فيحل أكلهما بعد موتهما لقول الرسول ( :"أحلت لكم ميتتان ودمان، فأما الميتتان فالحوت والجراد، وأما الدمان فالكبد والطحال" [ابن ماجة].
الدم: المقصود به الدم الذي يسيل من الحيوان بعد ذبحه أو نحره. قال تعالى: (قل لا أجد في ما أوحي ألي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دمًا مسفوحًا)[الأنعام: 145].
ولا يجوز أكل هذا الدم أو استخدامه لجعله غذاء للحيوانات كما يحدث فى بعض المزارع. وقد أثبتت الدراسات أن كثيرًا من الأمراض الفتاكة كجنون البقر، وغيرها كان سببها هو تغذية الحيوانات على لحوم الحيوانات ودمائها عن طريق تجفيفها وخلطها مع الأعلاف.
وأما أثر الدم الذي يكون فى اللحم والعروق والعظم بعد الذبح فمعفو عنه لتعذر التحفظ منه ولصعوبة فصله وعزله.
لحم الخنزير: حرام أكله وحرام استخدام شحمه. وأما جلده إذا دبغ فقد طهر ويجوز استخدامه على رأى الجمهور، وقد أثبت الأطباء البيطريون فى الآونة الأخيرة أن الخنزير يحمل كثيرًا من الأمراض والأضرار مثل (التريخينا) وهو مرض شديد الضرر بالإنسان، ومثل (الدودة الشريطية) وهى من أخطر الديدان، وتأثيرها شديد لمن يصاب بها حيث تسبب له آلامًا شديدة وأضرارًا بالغة.
ما أهل لغير الله به: هو ما ذكر عليه اسم غير اسم الله عند ذبحه. كأن يذكر عليه اسم صنم، كما كان يفعل الجاهليون فهذا لا يحل أكله. ومن هنا لا يحل للمسلم أن يأكل من ذبائح المشرك والشيوعى الذي ينكر وجود الإله ومن على شاكلتهم.
ولا يحل للمسلم أن يأكل مما لم يذكر اسم الله عليه. قال تعالى: (ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه وإنه لفسق) وقال ( :"ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوه" [متفق عليه].
ويستثنى من ذلك ذبائح اليهود والنصارى فإنها حلال لقوله تعالى: (اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حلٌ لكم) [المائدة: 4]. وقد أكل النبى ( وأصحابه من ذبائح أهل الكتاب.
ويندرج تحت ما أهل لغير الله به ما ذبح على سبيل التباهى والمراءاة والافتخار، فقد روى أن رجلا من بنى رباح يقال له (ابن وائل) تنافس مع غالب أبى الفروق على أن يعقر هذا مائة من إبله وهذا مائة من إبله، فخرج الناس يريدون اللحم، وكان علىٌّ بن أبى طالب بالكوفة آنذاك، فخرج ينادى: يأيها الناس لا تأكلوا من لحومها؛ فإنها أهل بها لغير الله.
وما يذبح للتقرب إلى الأولياء حرام، وهو مما أهل لغير الله به.
المنخنقة: وهى كل حيوان مات مخنوقًا بحبل أو غيره. ومنها الحيوان الغريق؛ فلا يحل أكله.
الموقوذة: وهى الحيوان يُضرب بحجر أو خشبة أو يسقط عليه حائط أو سقف أو غير ذلك فيموت، فلا يحل أكله.
المتردية: وهى الحيوان يسقط من فوق مكان عالٍ (جبل مثلا أو سطح) فيموت فلا يحل أكله.
النطيحة: وهى الحيوان ينطح حيوان آخر أو يضربه بقرنه فيموت، فلا يحل أكله.
فريسة السبع: وهو الحيوان يهجم عليه سبع بأنيابه فيقتله؛ فلا يحل أكله. أما إن كان الحيوان الصائد من الحيوانات المدربة التي تخرج للصيد بإذن صاحبها فيحل أكل ما اصطاد.
ويجوز أكل الموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إذا ذبحت قبل أن تموت. قال تعالى: (إلا ما ذكيتم). [المائدة: 3].
ما ذُبح على النصب: وهو ما كان يصنعه العرب فى الجاهلية، والنصب أصنام من حجارة كانت حول الكعبة وقيل: إن عددها كان ثلاثمائة وستين حجرًا، وكان الجاهليون يذبحون عند هذه الحجارة، ويصبون عليها دماء ذبائحهم، فجاء الإسلام وحرَّم أكل ما ذبح على هذه النصب.
لحم البغال والحمير: نهى رسول الله ( يوم خيبر عن أكل البغال والحمير. أما الخيل فقد أجاز بعض الفقهاء لحومها، فقد روى أن النبى ( نهى يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية، وأذن فى لحوم الخيل. [متفق عليه].
وروى أيضًا عن أسماء بنت أبى بكر أنها قالت: نحرنا فرسًا على عهد رسول الله ( فأكلناه. [متفق عليه].
كل ذى مخلب من الطير وكل ذى ناب من السباع: فذو المخلب من الطير كالنسر والصقر والباز والعقاب وغيرها، وذو الناب من السباع هو كل حيوان له ناب يتقوى به ويصطاد، وهو يفترس الحيوان ويأكله، كالأسد والنمر والفهد والقط البرى والذئب، وقيل هو كل ما يعتدى على الإنسان خاصة ولا يعتدى على غيره. فعن ابن عباس-رضى الله عنهما قال: نهى رسول الله ( عن كل ذى ناب من السباع، وعن كل ذى مخلب من الطير. [مسلم وأبو داود].
الجَلالة: وهى كل حيوان يأكل العذرة (القاذورات) من الإبل والبقر والغنم والدجاج والأوز وغيره حتى يتغير ريحها. وقد نهى رسول الله ( عن أكل لحمها وشرب لبنها وركوبها. فعن ابن عباس-رضى الله عنهما قال: نهى رسول الله ( عن شرب لبن الجلالة. [رواه الخمسة إلا ابن ماجة].
وإذا حبست الجلالة عن تناول العذرة زمنًا، وعلفت بطعام طاهر، طاب لحمها وجاز أكله.
الحدأة والغراب والعقرب والفأر والكلب العقور والنملة والنحلة والهدهد والصرد: فعن عائشة-رضى الله عنها أن الرسول ( قال:"خمسٌ من الدواب كلهن فاسق يقتلن فى الحرم. الغراب، والحِدَأة، والعقرب، والفأرة، والكلب العقور" [متفق عليه]. وقد أجاز المالكية أكل لحوم جميع أنواع الغربان.
وعن ابن عباس أن النبى ( نهى عن قتل أربع من الدواب: النملة والنحلة والهدهد والصرد. [أبو داود].
الحيات والثعابين والحشرات جميعها والوزغ (البرص) والخنافس والذباب والبعوض والدود وغيرها: كل ما يتولد عما حرم أكله. مثل لبن أنثى الحمار والخنزير، وبيض ذوات المخالب من الطير إلى غير ذلك. فلا يحل شرب ولا أكل شىء منها.
صيد المحرم: من صيد البر، وصيد الحرم سواء كان الصائد مُحْرِمًا أم لا.
كل ما أضيف إلى محرم، كما يحرم استخدام آنية الذهب والفضة. يحرم الأكل أو الشرب فى آنية الذهب والفضة، قال ( "الذي يأكل أو يشرب فى آنية الفضة والذهب إنما يجرجر فى بطنه نار جهنم" [مسلم]. كما لا يحل الأكل فى آنية اليهود والنصارى إلا إذا لم يوجد غيرها فتغسل ويطعم فيها. قال ( لرجل سأله عن الأكل فى آنية أهل الكتاب:"أما ما ذكرت من أنك بأرض قوم أهل الكتاب تأكل فى آنيتهم، فإن وجدتم غير آنيتهم فلا تأكلوا فيها، وإن لم تجدوا فاغسلوها ثم كلوا فيها" [البخارى].
حكم ما لم يرد حله أو حرمته
في القرآن أو السنة
هذه هى المحرمات والمحللات من الأطعمة التي ورد فيها تحليل أو تحريم، أما ما لم يرد فيه تحليل أو تحريم فهو مباح وحلال كما قال الفقهاء. فعن أبى الدرداء أن رسول الله ( قال:"الحلال ما أحل الله فى كتابه، والحرام ما حرم الله فى كتابه، وما سكت عنه فهو مما عفا عنه [الترمذى وابن ماجة].
حكم اللحوم الجاهزة والمجمدة:
وأما ما نراه اليوم من لحوم جاهزة ومستوردة فيحل أكلها إذا علم الإنسان أنها من اللحوم التي أحلها الشرع، وأنها ذبحت بطريقة شرعية. فإذا لم يستطع الإنسان معرفة ذلك فلا يأكل، فإن غلب على ظنه أن اللحم مما يحل أكله، ولكنه غير واثق من ذلك ثقة تامة كان من الأفضل له ألا يأكل منها لقول النبى ( :"دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" [البخارى]، وقال أيضًا:"فَمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه" [متفق عليه].
وهذه اللحوم تدخل فيما اختلف الفقهاء فى حكمه، والأفضل للمسلم أن يأخذ من آراء العلماء ما هو أحوط لدين المرء وآخرته، فالإنسان إذا ترك مباحًا فهو خير له من أن يقع فى الحرام، فالأفضل ألا تأكل من اللحوم الجاهزة إلا بعد أن تتأكد من أن ما تتناوله حلال تمامًا.
حكم أكل لحم الحيوان الذي لم يذبح:
حرم الإسلام أكل لحم الحيوان الذي مات ولم يتم تذكيته (أى لم يذبح أو ينحر أو يعقر) إلا ميتة السمك والجراد، قال الله سبحانه: (حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم).[المائدة: 3].
كيفية الذكاة الشرعية:
تكون التذكية بالذبح، وهو قطع المرىء والحلقوم كما تكون بالنحر، وهو قطع العرق الذي يكون أسفل العنق ولا يكون ذلك إلا في الناقة ويستعمل فى التزكية السيف أو السكين. ويستعمل السهم فى ضرب الحيوان المتوحش الذي يخاف الإنسان من الاقتراب منه، أو الحيوان الشارد الذي لا يستطيع الإنسان الإمساك به، أو الحيوان الذي يقع فى بئر مثلا يصعب الوصول إلى موضع ذبحه قبل موته.
وقد خرج النبى ( فى سفر، فشرد بعير من إبل القوم، ولم يكن معهم خيل، يمكنهم من مطاردة الجمل الشارد، فرماه رجل بسهم فحبسه، فقال رسول الله ( :"إن هذه البهائم لها أوابد كأوابد الوحش فما ند (شرد) عليكم فاصنعوا به هكذا" [متفق عليه].
شروط التذكية الشرعية:
هناك شروط يجب توافرها لتكون التذكية شرعية، هذه الشروط ينبغى توافرها فى المذكى (الذابح) والمذبوح، وأداة الذبح.
شروط المذكِّى:
أن يكون عاقلا، فلا تحل ذبيحة المجنون أو السكران أثناء سكره، ولا ذبيحة الصبى الذي لم يبلغ الرشد.
وأن يكون مسلمًا أو كتابىًا (يهوديًا أو نصرانيًا) فلا تحل ذبيحة المشرك أو الكافر من غير أهل الكتاب أو المرتد.
شروط المذبوح:
- أن يكون مما يحل أكل لحمه كالإبل والبقر والغنم ونحوها.
- أن تكون فيه حياة قبل ذبحه، فإن لم تكن فيه حياة فهو ميتة، والميتة محرم أكلها إلا ميتة السمك والجراد.
وما قطع من البهيمة وهى حية قبل ذبحها فهو ميتة ولا يحل أكله، قال تعالى: (فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها) [الحج: 36]. ووجوب الجنب هو تمام الموت.
شروط آلة الذبح:
ويشترط فى آلة الذبح أن تكون حادة حتى تقطع الحلقوم والمرىء، فالتذكية سواء أكانت ذبحًا أم نحرًا أم عقرًا جائزة بكل شىء يقطع مثل السكين أو ينفذ فى جسد الحيوان مثل الرمح والسهم إذا كان الحيوان عقورًا شاردًا، ويستثنى السن والظفر.
طريقة الذبح:
يحد الذابح سكينه بعيدًا عن الحيوان المراد ذبحه، رحمة به حتى لا يتألم من النظر إليها، وإن كان هناك أكثر من حيوان يراد ذبحه، فلا يذبح أحدهم أمام الحيوانات الأخرى رحمة بهم.
ثم يقوم الذابح بتقييد الحيوان المراد ذبحه، إن كان من البقر أو الغنم ثم إراحتها بإضجاعها أو إراحتها بأى شكل عند الذبح. وأما الإبل فإنها تقيد وتذبح واقفة، وإن أمكن توجيه الحيوان إلى القبلة عند ذبحه فيستحسن، فقد ورد عنه ( قوله :"إن الله كتب الإحسان على كل شىء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحِدَّ أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته" [مسلم].
ويقوم الذابح بالتسمية، فيذكر اسم الله تعالى عند الذبح، ويقول ( :"بسم الله، الله أكبر"، قال تعالى: (ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه) [الأنعام: 121].
وإن لم ير المسلم ذبح الحيوانات كما فى اللحوم المثلجة وغيرها، ولم يعلم المسلم أذكر عليه اسم الله أم لا، فإنه يقوم بالتسمية قبل الأكل احتياطًا ثم يأكل، فقد روت السيدة عائشة أن قومًا قالوا للنبى ( :إن قومًا يأتوننا بلحم لا ندرى أذكر عليه اسم الله أم لا؟ قال ( :"سموا عليه أنتم وكلوه"، قالت عائشة: وكانوا حديثى عهد بالكفر. [البخارى].
مكروهات الذبح: للذبح مكروهات، يستحب تركها، أهمها:
1- ذبح الحيوان خلف الرقبة (من القفا): وذلك حتى لا تتدلى الرقبة ويتألم الحيوان ويعذب.
2- أن تكون أداة الذبح غير حادة: لقوله ( :"وليحد أحدكم شفرته" [مسلم].
3- أن يقوم الذابح بكسر عنق الحيوان المراد ذبحه أو أن يسلخه قبل خروج الروح منه: قال ( :"لا تعجلوا الأنفس قبل أن تزهق (أى: قبل خروج الروح)" [الدار قطنى].
هل تؤكل الذبيحة كلها بعد الذبح:
لا تؤكل الذبيحة كلها بعد الذبح، بل هناك أجزاء يحرم أكلها، وهي الدم المسفوح والذكر والأنثيان، والقبل والغدة (قطعة لحم صلبة تكون نتيجة داء بين الجلد واللحم) والمثانة والمرارة، لأن كل هذه الأشياء خبيثة ينكرها الطبع السليم، واستدل لتحريمها بقوله تعالي: (ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث) [الأعراف: 157].
حكم أكل الجنين الذي يوجد فى بطن الذبـيحة:
وإذا وجد الذابح في بطن الحيوان المذبوح جنينًا مكتملا وبه حياة ذبحه وجاز أكل لحمه، وإن وجده ميتًا فلا يذبحه ولحمه حلال، لأن تذكية الأم تذكية له، فعن أبى سعيد الخدرى-رضى الله عنه- قال: سألت رسول الله ( عن الجنين؟ فقال: "كلوه إن شئتم" وسئل النبى ( يا رسول الله، ننحر الناقة ونذبح البقرة والشاة، فنجد في بطنها الجنين أنلقيه أم نأكله؟ فقال:"كلوه إن شئتم، فإن ذكاته ذكاة أمه" [الترمذى وأبو داود].
فإن وجد الجنين وبه بقية حياة بعد ذبح أمه، ثم مات قبل أن يتمكن الذابح من ذبحة جاز أكل لحمه عند أكثر الفقهاء.
الحقوق محفوظة لكل مسلم