منذ سنوات عديدة كلما كانت تهب علينا أزمات اقتصادية كنت أسمع من يدعونا للصبر والتحمل لأن مصر فى عنق الزجاجة ولابد أن يكون «عندنا دم» فلا نتذمر.. سنين طويلة وبلاد تشيلنا وبلاد تحطنا إن عنق الزجاجة ده يخلص! أبدا.. فأصبحت لا أدرى ده عنق زجاجة ده ولا عنق زرافة؟!.. ثم توارت نغمة عنق الزرافة وفجأة أصبحت مصر مستهدفة!.. من مين؟ ما أعرفش.. وما هو الإعجاز الذى تصنعه مصر حتى تصبح مستهدفة؟ ماتسألش!
المهم إنها مستهدفة وخلاص، عندك مانع؟.. وبرضه مكثنا سنين طوالاً وأنا أسمع أن مصر مستهدفة خصوصا عندما تثار أسئلة حول قانون الطوارئ.. وعليه أصبحت أسأل نفسى: ياربى هو هذا الفحل اللى مستهدف مصر مش ناوى يظهر بقى، أو حتى يزهق ويمشى واللا هيفضل كده «لابد» لها فى الذرة؟... المهم ودون أن أطيل عليك، ظلت مصر المستهدفة تمشى فى أمان الله فى عنق الزرافة وفجأة أصبحت مصر فى منحنى خطر!.. ده إيه البخت المايل ده؟.. وصرنا الآن نسمع عن هذا المنحنى الخطر كلما يحدث إضرابات أو اعتقالات..
اقرأ الآن أى جريدة وسوف تسمع التحذيرات بأن ما يحدث الآن فى مصر هو منحنى خطر.. مع نشوب أزمة بين القضاة والمحامين أصبحت أسمع أن مصر فى منحنى خطر، وعند نشوب أحداث عنف بين المسلمين والمسيحين تسمع أن مصر المستهدفة فى المنحنى الخطر، ومع نشوب أزمات اقتصادية مثل أزمة الأنابيب وأزمة الخبز وما نتج عنهما من حوادث عنف كثيرة قيل أيامها إن مصر فى المنحنى الخطر، وعند حدوث أزمات بين الداخلية والمواطنين ترى مصر فى ذات نفس المنحنى الخطر.. ومنذ أشهر وعندما بدأت أزمة حوض النيل ذهبت مصر على نفس المنحنى الخطر!
وبعد التناول الهزيل للمشكلة لم تعد مصر حلوة بلادى السمرة.. سمرة إيه ما خلاص.. الأفارقة أعطوها استمارة ٦.. قول بقى حلوة بلادى البمبى أو الحمراء.. أهى كلها ألوان ربنا..
وبالتالى لم تعد مصر هبة النيل.. هبة إيه ما خلاص، طلبوها اتعززت.. قول بقى مصر نرمين النيل أو سعاد النيل أو نيفين النيل.. إنت اسمك إيه؟.. عاشت الأسامى.. وكله من هذا المنحنى اللى ولا دوران شبرا.. ثم ما كل هذه المنحنيات والدورانات التى تمر بها مصر؟! هى مصر دى إيه؟ راكبة موتوسيكل؟ وواخدة فى وشها كده ومنطلقة ولا الواد الصايع؟!.
. ولم يتبق سوى أن أسمع أن مصر أصبحت على المحك.. وكده بقى نبقى دخلنا فى العيب ومايصحش! ثم ما هذه المنحنيات اللى ورا بعضها دواليك دواليك حتى أصبحت مصر تتزحلق من المنحنى للمنحنى الآخر دون توقف أو وقوف؟!.. لقد علمنا علم اليقين أنه لا يوجد أى جهاز للتعامل مع الأزمات قبل وبعد حدوثها، طب مش لازم جهاز، يعينوا حتى اتنين موظفين فى كشك أو تحت شمسية، أى حد يتصرف والسلام!..
ثم ما أسباب كل تلك المنحنيات المتتالية؟ أليست القرارات الغلط فى التوقيت اللى برضه غلط؟ ولماذا لا تحل أى مشكلة الآن إلا إذا تدخل الرئيس؟.. ما اللى تسبب قراره فى مشكلة يحلها بنفسه أو يستقيل! هل من مهام أى رئيس فى أى دولة أن يحل بنفسه كبير الأزمات وصغيرها؟.. أمال هو بيشكل حكومة ليه؟!.. واللطيف الآن أنه عند حدوث أى أزمة أصبح المسؤولون يمكثون فى مكاتبهم يشوفوا الفنجان فى انتظار تدخل الرئيس، وكأن تدخله هو الوضع العادى حاليا!
لذلك أخشى ما أخشاه أن تقرر الحكومة أن ترسل للرئيس كتب التفاضل والإنجليزى حتى يقرأها كلمة كلمة ويقارنها بورقة الأسئلة ويحل بنفسه مشكلة امتحانات الثانوية العامة!