الزواج في الأسلام
عظم الأسلام شأن الزواج وجعله الطريق الطبيعي الوحيد للأحصان . وقد وصف الله تبارك وتعالى العلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة بالميثاق الغليظ . فقال ( وأخذن منكم ميثاقا غليظا .. النساء 21 )
ويقول الشيخ سيد قطب . نجد في الأيات القرءانية أن الله سبحانه وتعالى لم يطلق على أي ميثاق مهما كان صفة ( غليظة ) إلا على ميثاق الزواج لأنه عقد وشركة إنسانية يجمع بوساطتها بين رجل وامرأة فيكونان زوجين بكلمة الله يفضي كلاهما للأخر ..
ولا يقف عند حدود الجسد وإضافاته . بل يشمل العواطف والمشاعر والأسرار والهموم ، والتجاوب في كل صورة من صور التجاوب ...
من هنا يتضح أن هذا الميثاق جدير بأن يوصف بأنه ميثاق غليظ . فهو لا يستهان به ...
والله عز وجل شرع الزواج وحرم الزنى ليعيش الأنسان مطمئنا ساكنا إلى زوجة تربطه بها علاقة المودة والرحمة .. قال تعالى ...( هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل بينكم مودة ورحمة --- الروم --- )
فالحياة بلا زواج تعد حياة ناقصة مضطربة قلقة ، فالنفس الأنسانية في حاجة إلى الجنس الأخر لتسود الطمأنينة بينهما وتتحرك علاقة المودة والرحمة لتعم البيت الواحد والأسرة الواحدة حتى تشمل المجتمع بأسره ...
فالنفس البشرية الطبيعية لا تجد الاستقرار في غير الزواج لأنه عملية فطرية وغريزة بشرية وضعها الله في النفس منذ أن خلق آدم عليه السلام ...
قال تعالى ( هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها ---- الأعراف 189 )
يقول سيد قطب في تفسير هذه الأية . إن حياة المرأة أو الرجل منفردين تعتبر ناقصة لا تكتمل إلا باجتماعهما وتزاوجهما ..
ومن هنا يجب إدراك حكمة الخالق في خلق كل من الجنسين على نحو يجعله موافقا للأخر وملبيا لحاجته الفطرية - نفسية - عقلية - وجسدية .بحيث يجد عنده الراحة والطمأنينة والاستقرار ...
يجد أن في إجتماعها السكن والاكتفاء والمودة والرحمة لأن تركيبها النفسي والعصبي والعضوي ملحوظ في تلبية رغائب كل منهما وائتلافها وامتزاجها في النهاية لأنشاء حياة جديدة تمثل في جيل جديد ...
إن من تمام نعمة الله على الأنسان أن جعل أزواجهم من جنسهم . فلو كان التزواج من غير الجنس لما حدثت المودة والرحمة والسكن ..
قال تعالى ( والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة --- النحل 72 )
يقول إبن كثير رحمه الله ,, لو أنه تعالى جعل بني آدم كلهم ذكورا وجعل إناثهم من جنس آخر من غيرهم إما من جان أو حيوان لما حصل هذا الائتلاف بينهم وبين الأزواج . بل كانت تحصل نفرة لو كانت الأزواج من غير الجنس ..
ثم من تمام رحمة بني آدم أن جعل أزواجهم من جنسهم وجعل بينهم مودة ورحمة وهي الرأفة
فإن الرجل يمسك المرأة إما لمحبة لها أو رحمة بها بأن يكون لها منه ولد أو محتاجة إليه في الأنفاق أو للألفة بينهما وغير ذالك ...
لذالك عظم الأسلام أمر الزواج وجعل علاقته علاقة مهمة وسماها بالميثاق الغليظ .. ------ ..
@@@@@@@@@@@@@ موقف الأسلام من الزواج @@@@@@@@@@@@
خلق الله عز وجل الأنسان لتعمير الأرض وخلافته فيها . فال تعالى ( وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة ---- البقرة 30 )
فالله سبحانه وتعالى لم يخلقنا عبثا ولا لعبا .. ولذالك حث الله عز وجل على الزواج وحض عليه لهذا الغرض - تعمير الأرض -
ووسيلة هذا التعمير هو الزواج وليس مجرد العلاقة بين الرجل والمرأة بأي صورة من الصور ، بل الزواج الشرعي الذي يحقق الهدف المنشود ألا وهو الطمأنينة والسكن والأنجاب والأسرة السعيدة والحياة السديدة ..
فإذا أردنا تحقيق هدفنا هذا لابد أن تكون العلاقة بين الرجل والمرأة موضوعة على أساس متين ألا وهو الزواج الشرعي الذي وضع الله قواعده وبينها رسوله صلى الله عليه وسلم ..
فقد خلق الله عزوجل المرأة للرجل ليسكن إليها ويطمئن بها ، وجعل بينهم مودة ورحمة وحبا وتآلفا ، ولن يتحقق ذالك إلا بالزواج الشرعي وحده دون غيره من علاقات مشبوهة متعددة الصور بين الرجل والمرأة ..
وبدون الزواج الشرعي يفقد الأنسان السعادة والأنس ، وشعر بالضيق والوحدة والهم والحزن، والزواج أمر ضروري بالنسبة للرجل والمرأة فلا يستطيعان الشعور بالسعادة الحقة إلا في ظل الاقتران الشرعي ...
فال تعالى ( هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن ليها ـــ الأعراف 189 ) فالله عز وجل جعل الزواج آية من آياته وجعل أعلى وأفضل ثماره حصول المودة والرحمة بين الرجل والمرأة ، ولم لا ؟ فالرجل سكن لزوجته وحصن آمن وحماية لها وهي جزء منه وسكن له ...
وإذا أوتي الرجل زوجة صالحة فقد حاز خيرا كثيرا لقوله صلى الله عليه وسلم ... ( الدنيا متاع وليس من متاع الدنيا شيئ أفضل من المرأة الصالحة )
وعلى الرجل أن يكون معينا لزوجته على الصلاح بأن يحسن معاملتها ولا يظلمها . فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( خيركم خيركم لأهله وأنا خيركملأهلي )
والزواج في نظر الأسلام سمو وكمال فبه يحصن الأنسان من كيد الشيطان ويحفظ صاحبه من غوائل الشهوات وبه يبتعد الأنسان عن المعاصي والأثام وبه يتحقق الأنس والألفة والمحبة بين الرجل والمرأة ...
وأفضل متاع الدنيا زوجة صالحة ...
ما أجمل الحياة بالنسبة للرجل إذا رافقته فيها زوجة صالحة تشجعه على الخير تدفعه إالى العلا وتعينه على الطاعة والعبادة ..
إذا أصابهما خير شكرا الله عز وجل واعترفا عمليا بفضل الله عليهما ، وإن أصابهما خلاف ذالك صبرا اجتهدا في العمل والعبادة والدعاء ولجئا إلى الله تعالى ليزيل عنهما ما بهما من شدة ..
ما أجمل الحياة في ظل زوجة تذكر زوجها بطاعة ربها . ذكره إذا خرج من المنزل كما كانت تفعل نساء السلمين الأوائل قائلات لأزاجهن عند خروجهم من البيت : إتق الله ولا تطعمنا إلا حلالا فإننا نستيع أن نصبر على الجوع في الدنيا لاكننا لا نستطيع أن صبر على عقاب الله في الأخرة ...
وما أجمل الحياة في ظل زوجة عرفت واجبها تاه زوجها وأولادها فاستطاعت أن تخرج لنا رجالا يقودون الناس في المستقبل إلى الخير فهي المحرك الأول والمربي المؤثر للطفل منذ ولادته ولله در القائل ..
@@ الأم مدرسة إن أعدتها ـــــ أعددت شعبا طيب الأعراق @@
@@@@@ فوائد الزواج @@@@@
أولا من هذه الفوائد ( الأنجاب )
إن من أهم ثمار الزواج الأنجاب فهو الأصل الذي من أجله وضع الزواج .
قال تعالى ( والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ---- النحل 72 )
لذالك حث رسولنا الكريم على تزوج المرأ ة الودود الولود فقال صلى الله عليه سلم ( تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة )
وقال صلى الله عليه وسلم ( سوداء ولود خير من حسناء لا تلد --- رواه الطبراني )
والمحجم عن الزواج مضيع نسلا أدام الله وجوده من آدم عليه السلام . كأنه يريد حسم الوجود المستدام ، فيموت أبتر لا عقب
له .
ثانيا // التحصن من مكائد الشيطان وقطع توقان الشهوة وحفظ الفرج //
فالزواج يحصن صاحبه ويمنع عنه مكايد الشيطان والوقوع في جريمة الزنى ، ويقطع توقان الشهوة ،
فالشهوة إذا تملكت صاحبها ولم تجد موضعا حلالا جرت في إقتحام الفواحش وأراد صاحبها أن يشبع غرائزه بأي صورة حتى ولو كانت محرمة ، ويساعده على ذالك ما يشاهده أثناء نهاره وليله من دوافع للشهوات سواء نساء عاريات ومتبرجات في الشوارع والمواصلات أو ما يراه على شاشات التليفزيون أو عبر القنوات الفضائحية وغيره ...
فالزواج يحمي صاحبه من غوائل الوساوس ومكائد الشيطان ولولاه لأصبح الأنسان فريسة سهلة لأبليس اللعين وصيدا ميسرا أمام شباكه ..
ولولا الزواج لأصبحت الحياة عقيما سوداء قلقة وأصبح الأنسان فيها تائها بين شراك إبليس يوشك أن يقع فيها ...
ولله در القائلة التي سمعها عمر بن الخطاب حينما كان يتفقد الرعية وقد غاب عنها زوجها فأنشأت تتحدث نفسها بصوت مسموع قائلة ....
@@ تطاول هذا الليل واسود جانبه --- وأرهقني أن لا خليل ألاعبه @@
@@ فوالله لولا الله أني أراقبه --- لزعزع من هذا السرير جوانبه @@
@@@@@@@ المقصود بالسكن في الحياة الزوجية @@@@@@
قال تعالى ( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها --- الروم 21 )
السكن في الأية الكريمة يقصد به ثلاثة أنواع ..
@ سكن جنسي @
@ وسكن عاطفي @
@ وسكن نفسي @
أولا : السكن الجنسي :
وضع الله عز وجل غرائز ورغبات في الأنسان لا يستطيع أن يتخلى عنها إلا بشق الأنفس ، منها رغبة الطعام والشراب ورغبة الجنس والتزاوج وغيرها ...
ولا شك أن الرغبة الجنسية تعد من أقوى الغرائز الأنسانية على الأطلاق من حيث القوة والقدرة حتى ولو لم تكن هناك أية مغريات ...
والرجل والمرأة سواء في ضرورة تلبية نداء الغريزة الجنسية ..
يقول الشيخ خالد العك : إن الرغبة الجنسية هي من أقوى الغرائز البشرية على الأطلاق وتأتي في الأهمية بعد الرغبة في الطعام والشراب .. وإن نشاطها الطبيعي المحض يتطلب التوصيات السريعة .
وأي إنسان مهما بلغ من قوة العزيمة لا يستطيع تحمل وطأتها وخصوصا في مواجهة المغريات المتكررة ..
لذا شرع الله الزواج وجعله من سنن الأنبياء والمرسلين وحث عليه ...
والسكن الجنسي هو الاطمئنان الذي يحدث بعد الجماع والهدوء النسبي ، لذا يجب على الزوجة أن تسعى جاهدة إلى تحقيق هذا الهدف المنشود وهو السكن الجنسي والجسدي بينها وبين زوجها ...
وعليها أن تتحرى النظافة في جميع أوقاتها وأحوالها لاسيما بعد فترات الحيض أو النفاس .. فذالك ينمي السكن الجسدي بين الزوجين ويبعد النفور والبغض
والنظافة العامة بالماء والصابون بعيدا عن التزييف والتزيين بالمكياج والمنيكير وخلافه . فمثل هذه الزينة إنما هي زينة وائفة . والنظافة الحقة كنظاف المسلم للصلاة بالوضوء تزيد من حب الزوج لزوجته وتشوقه إليها وتجعله يستريح لها ويشعر بالسكن والطمأنينة والأنس نحوها ومعها ....
فعندما يتقرب إليهايجد جسدا نظيفا ونفسا طاهرا وموضعا نقيا فهو مع واحة ظليلة تؤويه وتحميه بأوراقها الوارفة ورائحتها الجميلة وتحيط بحنانها وتنتشله من هجير الحياة وصعوبات العمل ، فيتجدد عزمه وينمو نشاطه فيقدر على مواجهة أعباء الحياة وتكاليف المعيشة ..
وكل ذالك بسبب السكن الجنسي الذي يجده متاحا في ظل بيته السعيد وزوجته التي أحلها الله تبارك وتعالى ..
@@ ثانيا @@ السكن العاطفي .@@
السكن العاطفي ثمرة من ثمار الزواج الشرعي الذي أباحه الله تبارك وتعالى ولا يتوفر هذا النوع ولا الذي قبله في غير الزواج الشرعي ...
فالذين يشبعون رغباتهم الجنسية عن طريق الزنى أو اللواط أو المخادنة أو الخليلة لا يجدون هذا السكن العاطفي مع من يعاشرونه ، فهم لا يحصدون سكنا جنسيا ولا طمأنينة ولا راحة نفسية بل تجدهم يعيشون في قلق وحيرة وضياع وعدم استقرار ، بالأضافة إلى أنهم ينتهي بهم هذا الطريق إلى أمراض خطيرة بدنية ونفسية ..
والله عز وجل عندما شرع الزواج جعل له عرى وروابط تحافظ على إستمراريته وتقويه دائما وجعل السكن العاطفي أحد هذه الروابط ..
قال تعالى ( وجعل بينكم مودة ورحمة ---- الروم 21 )
يقول الزمخشري : أي التواد والتراحم بعصمة الزواج بعد أن لم تكن بينكم سابقة معرفة ولا لقاء ولا سبب يوجب التعاطف من قرابة أو رحم ...
فالحب المتبادل بين الزوجين والعاطفة الروحية رباط وثيق من روابط العلاقة الزوجية التي يجب أن يحرص كلا الزوجين على الحفاظ عليها وتنميتها .لئلا ينفرط هذا الرباط وتتحول السعادة إلى شقاء والحب إلى كراهية . والدول الأكبر في هذا الموضوع يقع على عاتق الزوجة لما لها من فكر عظيم في كيفية نشر وإفشاء جو السرور والسعادة على البيت ، فبها وبكلماتها الجميلة تجعل طائر الحب والود يرفرف على الأسرة و تجعل غراب البين يرحل من بينهما ...
@@@@ السكن النفسي @@@@
في الزواج الشرعي الناجح يسود السكن النفسي بين أفراد الأسرة خاصة الزوجين . فتجد الطباع متوافقة والرغبات متشابهة والأمنيات متقاربة . وإذا ما حدث خلاف بين الزوجين سارع أحدهما إلى التنازل لئلا تختلف رغبته مع الأخر وما ذالك إلا بسبب السكن النفسي الذي وضعه الله عز وجل في نفس كليهما تجاه الأخر .. قال تعالى ( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنو إليها وجعل بينكم مودة ورحمة --- الروم 21 )
قال الحسن البصري رحمه الله : المودة والرحمة : عطف قلوبهم بعضهم على بعض ....
ويقول السيد رشيد رضا : فقيد سكون النفس الخاص بالزوجة ولم يقيد المودة والرحمة ، لأنها تكون بين الزوجين ومن يلتحم معهما بلحمة النسب ، وتزداد تقويا بالولد ...
والسكن النفسي لا يقتصر على الزوجين فقط بل تمتد خلاله إلى جميع أفراد الأسرة . وهذا هو الرباط الاجتماعي الوثيق الذي وضعه تبارك وتعالى ليحافظ على الروابط الأجتماعية بين لبنات المجتمع الواحد وأفراد الأسرة الواحدة ..
قال تعالى ( والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات ---- النحل 72 )
نسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم وأن يجعله في ميزان حسناتا يوم القيامة إنه على كل شيئ قدير وبالأجابة جدير ,,,,,
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوكم في الله ---- رشيد بوزلماط
مدريد ---- إسبانيا