بتـــــاريخ : 6/2/2010 8:21:04 PM
الفــــــــئة
  • الأخبـــــــــــار
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1000 0


    المشروع القومي للبحث العلمي وطريق التقدم

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : حازم محفوظ | المصدر : www.ahram.org.eg

    كلمات مفتاحية  :

    تميز الانسان دون سائر الخلائق بقدرته علي التفكير‏,‏ فهو عندما ظهر علي سطح الارض لم يركن شأن بقية الأنواع الأخري من المخلوقات إلي ماقدمته الطبيعة له‏,‏

    ولكن أعمل فكره في كل ما تعرض له وما صادفه من أحداث وظواهر‏,‏ فلقد رأي‏,‏ وفسر‏,‏ وعلل‏,‏ وأزعم انه لولا هذا الفكر والبحث الدؤوب لما استطاع الانسان ان يصمد في مواجهة الطبيعة ولانقرض‏,‏ لذا اهتمت معظم المجتمعات منذ القدم بالبحث العلمي لكونه مبدأ أساسيا للبقاء‏,‏ ولكونه أيضا عصب كل تنمية‏,‏ وتطور ورقي‏.‏
    في الواقع‏,‏ لاتقاس درجة تطور ورقي الأمم بدرجة تطورها الاقتصادي والسياسي فقط‏,‏ بل كذلك بدرجة تطورها التعليمي والعلمي أي بدرجة انتشار التعليم فيها‏,‏ وبدرجة شيوع المعرفة العلمية‏,‏ وكذا بآفاق تطور البحث العلمي فيها‏,‏ والبحث العلمي يؤخذ هنا في معنييه الاساسيين‏:‏ البحث الاساسي في العلوم والتقنيات‏,‏ وكذلك البحث العلمي في مجال العلوم الانسانية‏.‏
    تقدم لنا المؤشرات الاحصائية التي تقدمها المنظمات الدولية المختصة ان الانفاق علي البحث العلمي في الدول العربية قياسا إلي ناتجها القومي الاجمالي كان سنة‏1980‏ يقف عند‏0.97%‏ وانخفض سنة‏1990‏ إلي‏0.76%‏ وحافظ علي هذا المسار فيما بعد اي‏0.7%,‏ أما في الدول الصناعية الكبري نراها أخذت بزمام المبادرة في مجال البحث العلمي‏,‏ بنوعيه‏,‏ ورصدت له الامكانات المادية بلاحدود‏,‏ حيث بلغت نسبة الانفاق‏2.92‏ كما انها في تزايد مستمر‏,‏ بل أصبحت قناعات المؤسسات والشركات الخاصة في هذه الدول بفوائد البحث العلمي وضرورته‏,‏ أمرا مسلما به‏,‏ فأصبحت هي الاخري جزءا من دائرة البحث العلمي‏,‏ تأخذ منه وتعطيه‏.‏ ذلك يعني من جهة أخري ان العالم العربي في سبات عميق‏,‏ لايحرك ساكنا في مجال البحث العلمي والاختراع والاكتشاف كأن الأمر لايعنيه‏.‏
    فبالمقارنة مع إسرائيل فان الاحصائات تؤكد انها تنفق سنويا علي البحث العلمي وتطوير المتخصصين في المجالات العلمية ضعف ما ينفقه العرب مجتمعين‏.‏ كما ان نسبة انفاق إسرائيل علي البحث العلمي تبلغ خمسة وعشرين ضعفا بالنسبة للميزانية في مصر للبحث والتطوير العلمي‏.‏
    وهذا ما يجعلنا نتساءل عن واقع البحث العلمي في مصر؟ تكمن المشكلة في واقع البحث العلمي نفسه في مصر‏,‏ هذا الواقع الذي لايكاد يخفي علي عاقل‏,‏ والذي بدوره يدفع الباحثين للتفكير دوما في أسباب التراجع‏,‏ فهم يدركون أهمية البحث العلمي لمجتمعهم‏,‏ ويتمنون أن يروا ذلك اليوم الذي تشرق فيه شمس الحضارة من جديد‏,‏ ويعود العلم كما كان‏,‏ رائدا وقائدا‏,‏ ولكن عندما تشعر اعداد متزايدة بالمجتمع بما يغمر الأمة من جهل وجمود‏,‏ وما تعانيه من ضعف وخمول‏,‏ إذن هناك مشكلة جد خطيرة‏.‏
    علي الرغم من ان المزاج هنا يبدو سلبيا إلي حد ما‏,‏ فانه ينبغي ألا ننظر إلي ذلك باعتباره نواحا او رثاء‏,‏ حيث يوجد وحتي وأنا اسطر هذه الكلمات مئات من أصحاب المواهب الرفيعة جدا والحماس الشديد‏,‏ عاكفين علي اكتشاف السبل الناجحة لتحسين مستوي البحث العلمي في مصر‏,‏ فكثيرة هي الرؤي التي طرحت لمشروع قومي كان آخرها طرح للدكتور جمال سليمان‏,‏ والذي عبر عن رؤية غير تقليدية لوضع مصر في مكانتها اللائقة علي مستوي العالم‏,‏ علي أساس تفرقته بين الغايات والوسائل‏,‏ واعتبر طرح الغاية هو السبيل الوحيد لتحقيق تقدم ملموس لاي دولة‏.‏
    واختار البحث العلمي كخطوة أولي لطرح غاية قومية والسعي لتحقيقها‏,‏ وربما استند توجهه إلي هذا المجال دون غيره‏,‏ لضرورة هذا المجال وحيويته‏,‏ ولتوافر الحد الأدني المطلوب لطرح الغاية وتحقيقها فيه‏,‏ ولقد تعدي المقال الحديث النظري لوضع خطوات محددة لتحقيق الغاية القومية انطلاقا من رؤيته التي قد نتفق أو نختلف معها‏,‏ لكن الجدير بالملاحظة هنا انه استند في طرحه إلي وقائع تاريخية محددة تؤكد منحاه‏,‏ وهو قيام أغلب المشاريع الكبري في مصر كإنشاء جامعة القاهرة وبناء السد العالي وإنشاء بنك مصر ومستشفي الأطفال في أيامنا هذه‏,‏ انطلاقا من العمل الأهلي‏,‏ وبناء علي هذا اقترح إنشاء كيان أهلي سماه مبدئيا الجمعية الأهلية المصرية للابتكارات والكشوف العلمية‏,‏ ودعا لعقد اجتماع للمهتمين بالبحث العلمي علي مستوي مصر والعالم العربي للخروج برؤية واضحة‏,‏ وبما يعني ضرورة أن تسبق الرؤية العمل‏,‏ كما لايجوز طرح الرؤية دون استشارة أهل الخبرة‏,‏ غير أن السؤال الأجدر بالطرح هنا هو‏:‏ هل ثمة حاجة لانشاء كيان اهلي للبحث العلمي‏,‏ خاصة وأن لدينا الكثير من مؤسسات البحث العلمي الحكومية؟
    في الواقع‏,‏ إن اللجوء لانشاء مؤسسة أهلية يجنبنا الوقوع في دائرة البيروقراطية السائدة داخل مؤسساتنا الحكومية وليس ثمة ما يمنع من تعاون وتكامل القطاعين الأهلي والحكومي‏,‏ كما اتصور أن القطاع الأهلي يمكن أن يمول بعض المشروعات البحثية الخاصة به داخل المؤسسات الحكومية وليته يتم هذا لاسيما وأن عدم توافر التمويل اللازم للبحث العلمي والتطوير‏,‏ هي المشكلة الرئيسية‏,‏ فأحد الحلول البسيطة والمباشرة هو الاعتماد علي التبرعات الأهلية أو التمويل الأهلي‏,‏ وهي امور ممكنة‏,‏ وبحسبة بسيطة‏,‏ فإن تعداد سكان مصر الآن‏80‏ مليونا تقريبا‏,‏ فإذا افترضنا أن‏65‏ مليونا قادرون علي دفع جنيه واحد‏,‏ وان‏10‏ ملايين منهم قادرون علي دفع عشرة جنيهات‏,‏ و‏4‏ ملايين منهم قادرون علي دفع‏100‏ جنيه‏,‏ ومليونا منهم قادرون علي دفع‏1000‏ جنيه‏,‏ فسوف نوفر دعما ماليا يكفي لتحقيق آلاف المشاريع البحثية العلمية الضرورية‏,‏ وإذا ما تمكنا من تطبيق هذه الرؤية فسوف نعكس وجها حقيقيا من أوجه مصر المضيئة والمشرفة‏,‏ وربما امكننا ان نحقق الريادة التي هي مشروع لايكتمل ابدا‏,‏ بل يظل منفتحا علي تحقيق المزيد‏.‏

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()