بتـــــاريخ : 7/25/2008 11:22:23 AM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1211 0


    " أم الرجال " : صوتُ من لا يَسمع صوتا

    الناقل : heba | العمر :43 | الكاتب الأصلى : عبد الرحمن هاشم | المصدر : www.almostshar.com

    كلمات مفتاحية  :
    نجاح مجتمع


    " أم الرجال " : صوتُ من لا يَسمع صوتا .

     موقع المستشار - القاهرة : عبد الرحمن هاشم .
     
    سهير عبد الحفيظ أو " أم الرجال " كما تحب أن نناديها .. امرأة ليست عادية ، فهي أديبة وشاعرة وصحفية .. شاءت إرادة الله أن يكون والدها من ذوى الاحتياجات الخاصة من ضعاف السمع ، وأن يكون ولداها أحمد وكريم الشيء نفسه ، مما جعلها تستشعر أن هناك واجباً عليها أن تفعله ليس تجاه والدها وابنيها فقط بل تجاه كل أسرة وكل عائلة لديها أطفال من ذوى الاحتياجات خاصة .. فتبنت قضيتهم خاصة الأطفال ضعاف السمع وقامت بالكتابة في المجلات التي تهتم بذوي الاحتياجات الخاصة وكذلك المنتديات والمواقع المتخصصة على شبكة الإنترنت ، ونشطت في مجال الخدمة الإنسانية ولديها عدة دورات تدريبية في مجال إعاقة السمع ، كما أنها عضو متطوع في الجمعيات التي ترعاهم وهى مندوبة مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية ومحررة في مجلة المنال لذوى الاحتياجات الخاصة وحصلت مؤخراً على الدكتوراه ، التقينا بها وتجولنا في مسارب تجربتها الإنسانية ، وكان هذا الحوار ..
     


    تكتبين ويعرفك الكثيرون باسم ( أم الرجال ) فما قصة أم الرجال ؟


    أم الرجال لقب اخترته في بداية دخولي عالم الكتابة الإلكترونية كاسم مستعار ، ثم اكتشفت مدى تغلغله في ذاتي فيظل حلما يراودنى ، ويقيني أنه بقدر توفيقي في رسالتي ( كأم الرجال ) الذين يصنعون حياة أمتهم ونهضتها يكون شعوري بالرضا والسعادة والنجاح ، أضف إلى ذلك أنني أم لخمس من الذكور أسأل الله أن يصيروا رجالا يرضون الله بخدمة أنفسهم وأمتهم .
     


    حدثيني عن نشأتك الأولى وكيف كان تأثيرها عليك حتى الآن ؟

    أنتمى بفضل الله إلى أسرة يمكن وصفها بالمتدينة فجدى لأبى الشيخ عبد الجواد أبو عمر رحمه الله إمام مسجد قرية ششتا كما كان جدي لأمي الشيخ محمد محمد عبد المتعال رحمه الله أحد أئمة المحلة الكبرى ، عرفتهما في طفولتي رسوخا في الحق مهما كلفهما الثبات كما عرفتهما سلاما وقوة ورضا ، ،ورغم مرور سنوات لازالت مناقشات وأفعال وعيتها أثناء النشأة الأولى تمنحني الكثير من الثبات و يظل الدين خير عاصم من كل زلازل الحياة ، ويظل يقيني بأن صلاح الأبناء بتقوى الآباء.. " والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم " فحفظت كثيرا من القرآن والأحاديث ، وشاركت في طفولتي المبكرة جدا بخطب وأحاديث في احتفالات ومناسبات ،مما عزز من قدرتي اللغوية وثقتي بنفسى أثناء مواجهة الجمهور ، واستمرت تلك الأنشطة في المدرسة الابتدائية وما تلاها حيث بدأت محاولات كتابة الشعر ، واستشعرت فخر أبي وأمي وتشجيعهما ، وزادنى ذلك ثقة عالية بنفسي وقدراتي ولعله دعم قدرتي على إتخاذ كثير من القرارات ، واكتشفت أخيرا قدرتي اللغوية الارتجالية وبخاصة في الدفاع عن قناعاتى الفكرية .
     


    كيف ارتبطت بزوجك وهل قابلتك مشاكل خلال حياتكما ؟


    زوجي هو الدكتور نجيب السيد إبراهيم أخصائى نساء وتوليد بينى وبينه قرابة فجده لأمه ابن عم جدي لأبي فهو يعرفني من طفولتى ، وحين أراد الزواج بعد انتهاء فترة امتيازه فكر في الارتباط بقريبته فخطبني وعقد قراني في العام الأول من دراستى الجامعية إلا أن الزفاف لم يتم إلا بعد إنتهائي من مرحلة الليسانس ، ولقد واجهتنا في بداية حياتنا المشكلات المادية المعتادة التى تواجه معظم الشباب المنتمين للطبقة المتوسطة ،وصدق الله العظيم ( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لايحتسب ) ويظل دعاءنا اللهم اجعلنا من المتقين وبعدها كل شيء يهون
     


    ما هي الإعاقة الحقيقية فى نظرك ؟


    الإعاقة الحقيقية ليست إعاقة الحواس بل هي إعاقة الروح التي تعجز عن معرفة أو أداء رسالة الإنسان ؛ فلقد استخلف الله الإنسان في الأرض لعبادته وحده لاشريك له وعمارة الأرض وإصلاحها ، وعليه فالمعاق عقليا من عجز عن إدراك معنى ومضمون وجوده ، والأعمى من ضلت بصيرته دروب الخير ، والأصم من لا ينصت لصوت الضمير ..وهكذا أما من شاع إطلاقنا عليهم ( معاقين ) فالكثير منهم يشرق بالأمل رغم الألم صلاحا وإصلاحا .
     


    أي الإعاقات لم تحظ بالعناية والاهتمام ؟


    أصحاب الحاجات الخاصة المخفية ، أو ذوو الحالات البينية هم الأكثرتهميشا والأقل عناية واهتماما ؛ فكلنا ندرك الإعاقات الظاهرة .. نتفاعل مع مشكلاتها وحاجاتها ؛ فنمد يد العون للكفيف وللمعاق حركيا أثناء عبورهما الشارع مثلا ، وفي نفس الوقت لا ندرك حاجات الأصم للتواصل وفهم ما يدور حوله حيث أن مظهره كفرد عادي لا يعاني لا يجذب انتباها أو اهتماما ..


    ومن هنا نهتم بالحالات الواضحة ؛ فهناك مدارس للمكفوفين وطرق لكتابتهم وقراءتهم ( برايل ) بل وبرامج كمبيوتر ، أما ضعيف البصر ضعفا شديدا فقد يكون أكثر معاناة حيث لا هو قادر على أن يكون كالمبصرين ولايستخدم طرق المكفوفين ..ذات الأمر ينطبق على ضعيف السمع الذي لايستخدم لغة الإشارة فهو يتأرجح بين عالمين ولايشعر بالانتماء لأى منهما .
     


    كيف تقومين دور وسائل الاعلام تجاه المعوق وقضاياه؟


    رغم وجود اهتمام لا أنكره بالمعوقين وقضاياهم إلا أن التأمل في بعض التغطيات الإعلامية يخبرنا بعدة ملاحظات أهمها :


    *تغليب المبالغة والإثارة على الموضوعية (مثال حديث بعض الصحف عن زراعة القوقعة كحل سحري يحول الأصم إلى ذي سمع خارق)


    *التركيز على رعاة الحدث لا الحدث ذاته ( مثال برعاية السيد فلان تعقد جمعية كذا ندوة عن ذوي الاحتياجات الخاصة


    *استخدام عبارات غير دقيقة أو مشوشة إلى حد ما فلا فرق بين ضعيف السمع وفاقد السمع ولافرق بين التوحد وبين التأخر العقلي وهكذا


    لذا فالتغطية الإعلامية المعتمدة على الإثارة والمبالغة أو استخدام عبارات غير دقيقة أو اتخاذ قضايا ذوي الاحتياجات الخاصة واجهة للبعض يتعب ولو عن غير قصد ذوي الاحتياجات الخاصة وأسرهم حيث يتسلل الإحباط إليهم نتيجة لاتساع الهوة بين واقعهم وما تحمله لهم الرسالة الإعلامية.


    نأمل من وسائل الإعلام أن تؤدي دور الشريك الحقيقي مع ذوي الاحتياجات الخاصة وأسرهم وبقدر الاقتراب من واقعهم ومعايشة أحلامهم ومشاعرهم وعرض المشكلات التىتواجههم بقدر الاقتراب من هذا الدور ..ولايفوتنى التنبيه إلى خطورة وأهمية دور وسائل الإعلام في التوعية بماهية وخصائص الإعاقات المختلفة وتعديل الاتجاهات المجتمعية السالبة تجاه ذوي الاحتياجات الخاصة وأسرهم


    كيف يعزز الأهل طفلهم المعوق ويطورون ذاته ؟


    بالتركيز على جوانب القوة في شخصيته وتنمية قدراته ، والبعد عن مواطن الضعف والسلبيات ؛ فمثلا قدرة ابني كريم ( فاقد السمع الشديد )على الإدراك البصري المكاني متميزة جدا فكنا نتيح له الفرصة لإظهار مهاراته أمام أصدقاء العائلة و أمام أقرانه من خلال فك وتركيب الألعاب ( البازل) ونعلن فخرنا بقدراته , كنا نستشعر أن ذلك يعزز ثقته بنفسه


    و حين كان ابني أحمد ( فاقد السمع العميق ) يخلع سماعته على الشاطيء كانت صلته تنتهى بعالم السامعين وكان يجلس وحيدا يشكل فى الرمال ، فكانت تشكيلاته متميزة ورائعة ، وبدأ والده يشاركه ، وبمرور الوقت تحولت دهشة أقرانه الممتزجة بإعجاب إلى رغبة في المشاركة ،ونِشأت بينه وبين أقرانه لغة خاصة هى مزيج من قراءة الشفاه والكلام والإيماءات كما كان إعجاب الأصدقاء برسوماته المتميزة في طفولته يمنحه وضعا خاصا مميزا ولقد دعمنا ذلك في مراحل لاحقة بدراسته الفنية ،

     

     كما أن استخدام الكمبيوتر منذ الصغر أتاح لأحمد تطوير ذاته بصورة تبهرنا جميعا وهاهو يبدأ بممارسة دور إبداعي قد يفوق أقرانه _ بشهادة أساتذته ووفق تقديراته الدراسية _ بما يسهم في تعزيز مفهومه عن ذاته وقدراته الخاصة ليتمكن بعد ذلك من التفاعل مع واقعه ، والإسهام في صنع نهضة أمته بأفضل الصور أضف إلى ماسبق أهمية التعرف على النموذج والقدوة الناجحة ؛ من أجل ذلك قرأنا قصة حياة هيلن كيلر ومصطفى صادق الرافعي وتعرفنا على المهندس تامر أنيس الأصم العربي الأول الحاصل على بكالوريوس الفنون التطبيقية ، وهكذا يتيح تعرف المعوق على نجاحات تنتمى إلى ذات الإعاقة شعورا بالقدرة على التميز وتحقيق التفوق..


    ما نسبة المعوقين فى مصر ؟ وما السبب ؟


    للأسف ، في كل أنحاء وطننا العربي لا توجد إحصاءات دقيقة ، لكن وفق معلوماتي الخاصة كأم ومهتم بفاقدي السمع يتجاوز عدد فاقدي السمع في مصر ثلاثة ملايين وفق بعض التقديرات ، أما عن سبب الفقدان السمعي بدرجاته ووفق نتائج دراسات الحالات التى قمت بها فإن السبب الأكثر شيوعا في حالات فقد السمع هو ارتفاع درجة الحرارة الشديدة وما قد يترتب عليها من إضعاف للعصب السمعي ، لذا يظل واجبا على كل أم الانتباه والاهتمام الفوري بأي ارتفاع في درجة حرارة الطفل .كما يظل لزواج الأقارب دوراً لا ينبغى إغفاله .
     


    ( اللى إيده فى المية مش زى اللى إيده فى النار ) كيف تقرئين هذا المثل في واقعك ؟


    حقيقة أستشعرها ؛ فقبل اكتشاف الفقدان السمعي لأبنائي لم أكن أشعر أو أدرك حاجات فاقدي السمع وأسرهم .أحسبني الآن أكثر تفهماً لمعاناة أمهات فاقدي السمع والضغوط التي تواجههن ، وبالتالي التعبير عنها ككاتبة تنتمي إلى ذات الألم وتشارك في بث الأمل بتوفيق الله ، وربما صرت أقدر على الإفادة والدعم والإرشاد ..ومن هنا أيضاً تأتى دراستي للماجستير في موضوع يتعلق بأمهات فاقدي السمع .
     


    هل المراكز والجمعيات الخاصة بالمعوقين كافية ؟ وهل قامت بدورها ؟


    ليست العبرة بالكم ولكن بالكيف فللأسف بعض الجمعيات صارت سلماً لصعود البعض وواجهة لتلميع البعض الآخر بدون خدمات حقيقية لذوي الحاجات الخاصة أنفسهم ..ورغم ذلك فلست من المتشائمين ؛ فهناك جمعيات تقوم على ذوي الاحتياجات الخاصة أنفسهم وأسرهم ، وأحسبهم الأقدر على التعبير عن مشكلاتهم ، والمشاركة في وضع حلول لها .
     


    العدل بين المعوق والصحيح داخل الأسرة كيف تحققه الأم ؟


    رغم أنها أزمة حقيقية تعانيها أمهات ذوي الاحتياجات الخاصة إلا أن عبورها ليس مستحيلا ؛ أذكر أن ابنى عمر وهو الأوسط بين أخوين فاقدي سمع لامني في طفولته باكياً لأنه استشعر اهتماما زائدا بأخويه ..نبهني عمر حينها لكتابة رسالة لنفسي ولكل أم بعنوان "هيا ندعم العاديين من أبنائنا " ؛ فلكل طفل حاجاته ، وقد يحتاج الإبن العادي- وبخاصة في طفولته- إلى اهتمام يفوق أحيانا أخيه ذي الاحتياج الخاص وذلك للمحافظة على توازنه وسلامه النفسي ، وتبقى الأمومة ظل الجميع .
     


    ماذا يشغل فكرك؟


    التعليم الجامعي لفاقدي السمع ؛ فرغم طفرة الاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة برعاية السيدة الفاضلة سوزان مبارك ، ورغم قرارات المجلس الأعلى للجامعات المصرية في 23-3-1992م و 26-4- 1994 التي تمنح المكفوفين ومن لديهم إعاقة تمنعهم الحركة أو تدوين المحاضرات حق الالتحاق بكليات الآداب والتجارة والحقوق دون التقيد بشرط المجموع في الثانوية العامة ، إلا أنه لا يوجد نص خاص بفاقدي السمع ..وعليه فالواقع ألحقهم بإعاقة تدوين المحاضرات وسمح لهم بالالتحاق بكليتي الآداب والحقوق فقط ، وهي كليات قد لا تناسب الدراسة بها تأثير فقد السمع السلبي على النمو اللغوي ،وتغفل تميز القدرة البصرية لديهم ..


    الأمر الذى جعلنا كأسرة نضطر لإلحاق ابني أحمد ( فاقد السمع العميق ) بمعهد خاص بمصروفات لدراسة الفنون التطبيقية إيمانً منا بأنه الأنسب لتميزه وتمكينه من العمل بفعالية وإبداع .. وذلك بعد اجتيازه الثانوية العامة وعدم وفاء مجموعه ( 68% ) – في ظل سباق مع العاديين في الثانوية العامة – بالالتحاق بالكلية الحكومية ..


    ولكن كم من أسر ذوي الاحتياجات الخاصة قادرة على تحمل نفقات التعليم الخاص إلى جانب ما تفرضه الإعاقة من التزامات مادية ؟!! وهل نستطيع كأسرة أداء ذات الدور مع ابني الآخر ؟ أليس من حق فاقد السمع الذي يجتاز الثانوية العامة دراسة ما يناسب قدراته في الجامعات الحكومية دون شرط المجموع أسوة بحالات أخرى ؟ ولم لاتكون لصم الوطن العربي جامعة تحتضن آمالهم وأحلامهم وقدراتهم كجامعة جالوديت الأمريكية القاصرة على الصم طلابا وأساتذة والتى تمنح درجات جامعية حتى الدكتوراة ؟
     


    التقنية الحديثة هل خففت من أعباء المرأة ؟


    بالتأكيد ؛ فإضافة إلى مانعرفه عن الآلات المنزلية فإن تواجد الكمبيوتر والانترنت أسهم في منح أدوار ما كانت لتتواجد .. ولك أن تعرف أن صوت أم الرجال الكاتبة نبت في بدايته من خلال الانترنت ، حيث أن خصوصية حياتى كزوجة وأم لذوى احتياجات خاصة لاتسمح كثيرا بمغادرتي للمنزل ، ومن خلال الانترنت الذي يمكننى استخدامه في أى وقت أتواصل مع العالم وأناقش ما أريد وأطلع على الجديد وأنا شخصيا أؤدي 90% من أعمالى ودراساتي باستخدام الكمبيوتر والإنترنت .
     


    كيف تنمى الأم الضمير والرقابة الذاتية عند طفلها؟


    في تصوري أن الأم هى الأقدر على ذلك من خلال ثلاثة خطوات : أولا بغرس القيم والمفاهيم ؛ فيدرك الطفل منذ صغره مفهوم التقوى وأن الله يعلم سره وعلانيته ، ثانياً : القدوة ولنفترض أن الأم أمينة على مجموعة هدايا ستسلم في مناسبة ما ..ورغم كونها المتصرف الوحيد ولا رقيب عليها سوى ذاتها ترفض منح طفلها واحدة من تلك الهدايا ..إن ما تغرسه الأم هنا من قيمة فضلى بممارستها لرقابتها الذاتية يظل الأرسخ والأكثر تأثيراً ..وثالثاً بمنحه قدر من الثقة والحرية ليثق بنفسه وضميره وتقواه ..
     


    هل شاركت فى تأسيس جمعيات تخدم المعوق وما الخدمات التى تم تقديمها؟


    قناعتي أننا لسنا في حاجة إلى جمعيات جديدة بل إلى تفعيل دور الجمعيات القائمة ، وعليه فإنني عضو متطوع في الجمعيات التى ترعاهم في مدينتى والبعض خارجها ، وأسهم في أنشطتهم بقدر مايسمح به وقت أسرتي بما لايؤثر سلبا على رسالتي الأولى كأم ، ولقد قمت _ كمندوب لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية ومحررة بمجلة ( المنال ) لذوي الاحتياجات الخاصة _ بالتعاون مع عدد من الجمعيات الأهلية بتنظيم ندوة تحت عنوان ( التعليم الجامعي لفاقدي السمع في الوطن العربي بين الواقع والمأمول ) بمشاركة واسعة من أساتذة علم النفس والتربية الخاصة وأكثر من 16 جمعية من مختلف محافظات مصر ، وأحسبها خطوة ألقت الضوء على المشكلة ، ولعل تفعيل توصياتها يحمل الحل إن شاء الله ، كما أعد حاليا- من خلال الجمعيات في مدينتى _ للقاءات شهرية مع أمهات الصم لتبادل الخبرات وتلمس الدعم والبحث عن حلول لمشكلاتنا وأبنائنا..بعدما استشعرت أهمية دعم الأسر لبعضها البعض حيث تخبرنا الدراسات أن الأسر التى سبقت أخرى في الخبرة تظل الأقدرغالباً على تخفيف الضغوط والإفادة والإرشاد .. وإنى على استعداد لتبادل خبرات الأمهات من خلال التواصل على بريدي الالكتروني
    omelregal@hotmail.com.
     


    ما دور أصحاب الملايين تجاه المعوقين فى نظرك ؟


    لست من أنصار التسول بالإعاقة ، لكن لنسهم في حفظ إنسانية ذوي الاحتياجات الخاصة بتأهيلهم وفق إمكانياتهم ومنحهم فرص للعمل وتقاضى الأجر مقابل هذا العمل ،أما أصحاب الملايين فبإمكانهم إقامة مشروعات تؤهل وتوظف ذوي الاحتياجات الخاصة احتساباً وإصلاحاً .
     


    ماذا يحتاج المعوق ليصبح شريكاً فاعلاً فى مجتمعه ؟


    يحتاج إلى أن نثق في إمكانياته وقدراته ، فما من فرد إلا ويمتلك قدرة مهما تضاءلت أمام الآخرين ، ثم يتم تأهيله بما يتناسب مع القدرات التي يملكها ..وبعد ذلك نمنحه الفرصة ليشارك مشاركة حقيقية بالعمل وفق ما اكتسب من خبرات .
     


    كيف تنظرين إلى الفجوة بين المعوق وأصحابه الأصحاء؟


    أصحاب المعوق جزء من مجتمع ، وكلما ضاقت الفجوة بين المجتمع والمعوق كلما تحسنت علاقة المعوق بأقرانه ..نحتاج لوعي المجتمع بمفهوم الإعاقة وتأثيراتها ..نحتاج إلى تعديل الاتجاهات السلبية تجاه المعاقين أو كما يطلق عليهم ذوي الاحتياجات الخاصة بل ذوي الحقوق الخاصة ..وتظل قناعتي بخيرية الإنسان إلى قيام الساعة وماعلينا إلا مخاطبة الخير فى أعماق كل إنسان ليتم التواصل والتعاون و ليسهم الجميع في نهضة أنفسهم ومجتمعهم .
     


    ما هى أبرز المواقف التى حدثت لك مع أولادك وما الدرس الذى تعلمته من حياة المعاق ؟


    لاأنكر أن الفقدان السمعي لفردين في الأسرة يخلق وضعاً خاصاً قد يكون مؤلماً في بعض الأحيان ، لكنه يمنحنا الرضا في كثير من الأحايين ..
    من أصعب المواقف التى مرت يوم جاءنى ( أحمد ) باكياً وهو على أعتاب مراهقته يتساءل لماذا لا أسمع ؟ لماذا أنا .. ؟ ويومها أجهشت بالبكاء لكننى احتويت وجهه بين كفي وأنا أجيبه بتساؤلات مثل ألم يمنحك الله عينين فيجيبني : الحمد لله ، ألم يمنحك عقلا فيجيب : الحمد لله وهكذا حتى سألته أنت أفضل أم "هيلن كيلر" ؟وكان قد قرأ قصتها فردد : الحمد لله ومع تكرار حمدنا لربنا استشعرت السكينة تتسلل إلينا معاً ورغم اختلاط دموعنا إلا أن عباراته التى كررها كثيراً كانت ( الحمد لله ...وأرجو أن أحصل على الدكتوارة وأنا أصم لأحقق تميزاً يذكر..لكنه أضاف : وبعدها أسأل الله أن أسمع )..وحين تكرر الموقف مع ابنى الثاني كريم كنا أقدر على تجاوزه فلم نبكِ وهكذا خففت الخبرة من ألمنا جميعاً .
     


    وبصفة عامة ..قد نكون أكثر ألماً في بعض المواقف لكننا كأسرة بفضل الله أشد تماسكا وأقوى ترابطا، فالوالد برغم عمله كطبيب إلا أنه يمارس دوراً حيوياً في تعليم ومتابعة الأبناء جميعاً ، والإخوة بفضل الله وتوفيقه يدعمون إخوتهم ويفخرون بهم وفق ماتسمح به مداركهم وأعمارهم ..أما ماتعلمته فهو كثير ويحضرني الآن الرضا وعدم اليأس واليقين بعدل الله ورحمته وحسن ثوابه بإذن الله ؛ لازلت أذكر استقبالاً رسمياً وأول تكريم لي في إحدى الدول العربية ..يومها بكيت كثيراً وكان سبب البكاء خاطر أتانى .. هو أنه إذا كان البشر وفق محدودية قدراتهم يفعلون مايفعلون لأنى أم أحمد وكريم فماذا أعد لنا رب البشر إن أخلصنا النية وأدينا رسالتنا ؟إن هذا الأمر يمنحنى شعوراً بالرضا والتسليم لأمر الله والقدرة على استمرار التجديف مهما اشتدت العواصف ..إن وجود أحمد وكريم فى حياتي جعل لها طعماً ومعنىً وهدفاً خاصاً صرت أفخر وأعتز به وأسعى إليه ، وإن كان من كلمة فهى لأسر ذوي الاحتياجات الخاصة أذكرهم بما قاله لي أحدهم " للصم سقف لن يتجاوزوه ولن يصل أحمد للجامعة ! " .. لكن واقعنا بفضل الله وواقع أسر كثيرة أثبت عكس مقولته وتميز أحمد على أقرانه في دراسته الجامعية وكريم يدرس حالياً بالثانوى العام مناهج العاديين ، فثقوا بقدرات أبنائكم ..والله لايضيع أجر من أحسن عملا .

     


    ولى شعر قلته من وحى حديثى مع ( أحمد ) تحت عنوان :
    حين تكلم ولدى
    وهذا نصه :


    حين تكلم ولدي
    شعر / ( أم الرجال ) سهير عبد الحفيظ عمر
    أُنصتُ للأصواتِ بوجْهِكْ
    البسمة ُ همس ْ
    والغضبُ المشتعلُ بعينيكِ الرعدْ
    كوني صمتٌ يُظلمُ دربي
    دربي حُلمٌ يرقبُ غيثا
    غيثي صوتٌ يُنبتُ أملي
    هل أَنبُتُ يوما يا أمي ؟؟!
    000000000000000
    تصفعني الأحرف ُ يقذفها
    في مرمى القلبِ المطعونِ بكلماته
    ويساء لني الدمعُ المخنوقُ دهورا
    والمسجونُ بأصدافِ العزةِ في عمق ِ ثباته
    ما يشبه ُ صوتُ المطرٍ النابتِ بِذرا يا أمي ؟؟
    هل يشبهُ دِفءَ دموعي الحافرةِ دروبا
    حين يخيّمُ ليلُ الصمت ؟
    أم يشبه ُ صفعةَ أمواجِ الجهلِ بظهري
    تلصقني بالرمل ؟؟؟
    000000000000000000
    أُغرِقُ في نهرِ ضفافي كلماته
    أُخرسُ رعدي
    أَحبِسُ مطري في غيمِ جفوني
    يهمسُ وجهي
    صوتُ المطر 000
    هو كفي
    يوقظُ ومضَ صمودك
    هو حضنُ وجودي لوجودك
    ولدي 000
    إن غابت شمسٌ عن أرضك
    فابحث بمجراتِ وجودك
    ارحلْ بمدارات الأرض وفتّشْ
    عن أقماركْ
    أَشرِق فجرَ علومك يقرأْ
    همسةَ ليلك
    صخبَ نهاركْ
    غيثُ صمودك يمنحُ أرضَكْ
    زهرَ كيانكْ
    غيمي يرقصُ في مطرِكْ
    وجهي يشدو
    نبضي يرقبْ
    فيضَ ثمارك
     

     

     

     

    كلمات مفتاحية  :
    نجاح مجتمع

    تعليقات الزوار ()