موقع المستشار - متابعة : منى ثابت .
" إن قضايا الطفولة ، أصبحت تفرض نفسها بقوة على الساحة العربية ، خاصة في ظل ما تواجهه أمتنا من تحديات جسام .. لذلك فنحن في أمس الحاجة إلى نوع جديد من الأطفال لديهم القدرة على مواجهة المخاطر والتحديات .. وهنا تبرز مسئولياتنا في حماية النشء وإعداده جسمانياً ودينياً وخلقياً وسلوكياً وثقافياً وفكرياً وتربوياً وصحياً ونفسياً " .. بهذه الكلمات افتتح الدكتور علي عبد الرحمن يوسف رئيس جامعة القاهرة المؤتمر السنوي السابع لكلية رياض الأطفال ، الذي عقد تحت عنوان " قضايا الطفولة في العقد الثاني " في إطار فعاليات الاحتفال بمئوية جامعة القاهرة، وأوضح د. علي أن أي خطأ في التعامل مع النشء ، أو في التقدير الدقيق لنفسيته وظروفه ، وأي تجاهل لمعاناته – وقد خلق لغير زماننا – سوف يعود بالسلب على مجموع الأمة ويحول طاقات أبنائها إلي طاقات مبعثرة تبدد في فراغ ، وتستهلك في غير المواقع الصحيحة ، وتنتهي إلى الحيرة والقلق والتمزق والضياع .
المرحلة الأهم في حياة الإنسان .
وأشار د. مصطفى النشار عميد الكلية ورئيس المؤتمر إلى فترة الطفولة باعتبارها المرحلة العمرية الأهم في حياة الإنسان ، التي يتشكل فيها الجانب الأساسي من شخصيته وتنطبع عليه المؤثرات البيئية والأسرية والمجتمعية ، فضلاً عن أنها المرحلة الأكثر تقبلاً للمعرفة بعيداً عن أي تعصب أو جمود ، ومن هنا كان اهتمام علماء التربية وفلاسفتها بالطفل ، وقد أولت تعاليم الإسلام اهتماماً كبيراً به حتى قبل أن يخرج للحياة وذلك بالدعوة إلى حسن اختيار الأم وضرورة الحرص على رعايته صحياً ونفسياً .
وأشار د. مصطفى النشار إلى أنه بالرغم من توافر المنهجية التي تحضنا على الاهتمام بالطفل على مر العصور إلا أن عصر العولمة والسماوات المفتوحة والذي نعيشه الآن يشكل خطورة كبيرة على الطفل العربي بشكل خاص ، حيث بدأ يتعامل مع ثقافات غربية عبر وسائل تربوية وتعليمية آلية ، كالألعاب المختلفة وأفلام الكارتون وغيرها ، ولا شك أن الوسائل المعاصرة أصبحت تمثل خطورة بالغة على كل القيم التربوية الخلقية النبيلة والنتيجة هي ما نعانيه اليوم مع أطفالنا في تقليدهم لقيم الغرب كالعنف وعدم التسامح والعدوان والأنانية وغير ذلك مما اكتسبوه من عشرات القنوات الفضائية .
أفلام الكارتون .
أكدت نفس هذا المعنى د. أميرة صابر المدرسة بكلية الآداب قسم صحافة جامعة بنها موضحة أن وسائل الإعلام بما تحمل من رسائل تؤثر في تكوين وجدان الطفل وسلوكياته ، ويعتبر الكارتون برسوماته وحركاته السريعة الوسيلة الأكثر جاذبية لإدخال كافة الرموز الثقافية الغربية والعادات السلبية في أنماط الطفل السلوكية .
وأكدت أن أفلام الكارتون تؤدي إلى تحطيم عقول أطفالنا ، فقد أظهرت الأبحاث التي أجريت على أحلام الأطفال أن الطفل الذي يشاهد أفلام الكارتون العنيفة يعاني من أحلام مفزعة ويقوم بارتكاب كافة الأفعال التي تنهى عنها أسرته من حركة وصوت مرتفع وانفعال وأحياناً تخريب يصل إلى العنف في التعامل مع من حوله .
لذلك لابد من اختيار البرامج التي تقدم للطفل بحيث تكون ذات أهداف واضحة تتلاءم مع مبادئنا ومعتقداتنا وطبيعة مجتمعاتنا وفق مضامين تربوية وثقافية واجتماعية وعلمية بارزة .
ونصحت د. أميرة بضرورة عدم ترك الأطفال أمام التليفزيون ساعات طويلة بمفردهم ، وتحديد أوقات المشاهدة واختيار البرامج التي تتلاءم مع طبيعتهم ، وإنتاج برامج تتلاءم مع قيمنا بحيث تقدم للطفل صورة للمثل الأعلى أو القدوة ذات الصفات والسمات الإيجابية للاقتداء به مع تجنب النماذج السيئة والخيالية البعيدة عن الواقع والتي تؤدي إلى العنف وتؤثر على سلوك الطفل .
ومن أبرز الموضوعات التي ناقشها المؤتمر مشكلة الأطفال الأيتام في المؤسسات االإيوائية حيث أكد د. شوقي عبد المعز المدرس برياض الأطفال – كلية التربية النوعية – جامعة بنها ، على حاجتهم للرعاية في هذه المؤسسات بقصد تربيتهم تربية سليمة ، وتعويضهم عما حرموا منه من حنان الأهل ، وإتاحة الفرصة أمامهم للتعامل البناء مع ذواتهم وأفراد مجتمعهم . أيضاً طالب بضرورة الرقابة المستمرة على هذه الدور للوقوف على مظاهر الإهمال ومحاسبة المقصرين .
دور معلمات رياض الأطفال .
كما شهد المؤتمر تركيزاً خاصاً بالأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة ، وركز على ضرورة وجود برامج تعليمية لمعلمات رياض الأطفال لدمج هؤلاء الأطفال مع الأطفال العاديين بالروضة ، فبالرغم من أن الدمج أصبح ضرورة تربوية مهمة ، إلا أن الكثير من المعلمين بصفة عامة ومعلمات الروضة بصفة خاصة لازلن يجهلن العديد من المعلومات المهمة عن الدمج وفوائده ومزاياه ، وكذلك يرفضن وجود أطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة داخل الفصول ، لذلك يجب إعداد المعلمات للعمل مع هؤلاء الأطفال في مؤسسات التربية الشاملة بما يحقق دمج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة مع الأطفال العاديين .
ويشير د. حسين كامل بهاء الدين رئيس الجمعية المصرية لطب الأطفال إلى أهمية الست سنوات الأولى من عمر الطفل حيث فترة الرضاعة الطبيعية ( نافذة الذكاء العاطفي ) ، ونافذة الذكاء اللغوي ، ونافذة المهارات الحركية الدقيقة ، أما عن تدعيم وزيادة قوة الدماغ فيأتي أيضاً في مراحل الطفولة الأولى ، وذلك عن طريق الرضاعة الطبيعية ، وتوفير الفيتامينات والأحماض الأمينية الأساسية والسكريات المركبة للطفل ، كما أن لمس الأم لطفلها يساعد على نمو خلايا تبطل عمل الجينات المدمرة للمخ ، كما أن مادة الكولين مهمة للذاكرة ، وحمض الفوليك مهم لوظائف الدماغ .
أما عن معوقات بناء الدماغ ، فنجدها في التلوث البيئي سواء كيميائي أو كهرومغناطيسي كذلك الحروب وإساءة معاملة الطفل تعد من أهم معوقات بناء الدماغ وكذلك إهمال الأم وسوء التغذية والأمراض المعدية وعوامل الوراثة .
|