الشيخ محمد بن إبراهيم الحمد .
هناك سبل معينة على تربية الأولاد، وأمور يجدر بنا مراعاتها، وينبغي لنا سلوكها مع فلذات الأكباد، فمن ذلك ما يلي:
1- العناية باختيار الزوجة الصالحة :
فلا يليق بالإنسان أن يقدم على الزواج إلا بعد استخارة الله- عز وجل- واستشارة أهل الخبرة والمعرفة؛ فالزوجة هي أم الأولاد، وسينشئون على أخلاقها وطباعها، ثم إن لها- في الغالب- تأثيرا على الزوج نفسه؛ لذلك قيل: "المرء على دين زوجته؛ لما يستنزله الميل إليها من المتابعة، ويجتذبه الحب لها من الموافقة، فلا يجد إلى المخالفة سبيلا، ولا إلى المباينة والمشاقة طريقا".
قال أكثم بن صيفي لولده: "يا بني لا يحملنكم جمال النساء عن صراحة النسب؛ فإن المناكح الكريمة مدرجة للشرف".
وقال أبو الأسود الدؤلي لبنيه: "قد أحسنت إليكم صغارا وكبارا، وقبل أن تولدوا، قالوا: وكيف أحسنت إلينا قبل أن نولد؟ قال: اخترت لكم من الأمهات من لا تسبون بها". وأنشد الرياشي:
فأول إحساني إليكم تخيري لماجدة الأعراق باب عفافها
2- سؤال الله الذرية الصالحة:
فهذا العمل دأب الأنبياء والمرسلين، وعباد الله الصالحين كما قال- تعالى- في زكريا- عليه السلام- {رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ} [آل عمران:38].
وكما حكى عن الصالحين أن من صفاتهم أنهم يقولون:
{رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً} [الفرقان:74].
3- الفرح بمقدم الأولاد، والحذر من تسخطهم:
فالأولاد هبة من الله- عر وجل- واللائق بالمسلم أن يفرح بما وهبه الله، سواء كان ذلك ذكرا أم أنثى، ولا ينبغي للمسلم أن يتسخط بمقدمهم، أو أن يضيق بهم ذرعاً، أو أن يخاف أن يثقلوا كاهله بالنفقات؛ فالله- عز وجل- هو الذي تكفل برزقهم كما قال- سبحانه وتعالى- {نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ} [الإسراء: 31].
كما يحرم على المسلم أن يتسخط بالبنات، ويحزن لمقدمهن، فما أجدره بالبعد عن ذلك؛ حتى يسلم من التشبه بأخلاق الجاهلية، وينجو من الاعتراض على قدر الله، ومن رد هبته – عز وجل –.
ففضل البنات لا يخفى، فهن البنات، وهن الأخوات، وهن الزوجات، وهن الأمهات، وهن – كما قيل – نصف المجتمع، ويلدن النصف الآخر، فهن المجتمع بأكمله.
ومما يدل على فضلهن – أن الله – عز وجل – سمى إتيانهن هبة، وقدمهن على الذكور، فقال – عز وجل – :{لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ} [ الشورى: 49].
وقال – عليه الصلاة والسلام –:" من ابتلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن ستراً له من النار".
وقال صلى الله عليه وسلم:" لا يكون لأحد ثلاث بنات، أو ثلاث أخوات، أو بنتان أو أختان، فيتقي الله فيهن، ويحسن إليهن إلا دخل الجنة".
ولله در القائل:
حبذا من نعمة الله البنات الصالحات
هن للنسل وللأنس وهن الشجرات
وبإحسان إليهن تكون البركات
4- الاستعانة بالله على تربيتهم:
فإذا أعان الله العبد على أولاده، وسدده ووفقه- أفلح وأنجح، وإن خذل ووكل إلى نفسه- فإنه سيخسر ويكون عمله وبالا عليه، كما قيل:
إذا صح عون الخالق المرء لم يجد عسيرا من الآمال إلا ميسرا
وكما قيل:
إذا لم يكن عون من الله للفتى فأول ما يجني على اجتهاده
5- الدعاء للأولاد، وتجنب الدعاء عليهم:
فإن كانوا صالحين دعي لهم بالثبات والمزيد، وإن كانوا طالحين دعي لهم بالهداية والتسديد.
والحذر كل الحذر من الدعاء عليهم؛ فإنهم إذا فسدوا وانحرفوا- فإن الوالدين أول من يكتوي بذلك.
6- تسميتهم بأسماء حسنة:
فالذي يجدر بالوالدين أن يسموا أولادهم أسماء إسلامية عربية حسنة، وأن يحذروا من تسميتهم بالأسماء الممنوعة، أو الأسماء المكروهة، أو المشعرة بالقبح، فالأسماء تستمر مع الأبناء طيلة العمر، وتؤثر بهم، وبأخلاقهم.
قال ابن القيم- رحمه الله-: "فقل أن ترى اسماً قبيحاً إلا وهو على مسمى قبيح كما قيل:
وقل أن أبصرت عيناك ذا لقب إلا ومعناه لو فكرت في لقبه
والله- سبحانه- بحكمته في قضائه وقدره يلهم النفوس أن تضع الأسماء على حسب مسمياتها؛ لتناسب حكمته- تعالى- بين اللفظ ومعناه كما تناسبت بين الأسباب ومسبباتها.
قال أبو الفتح ابن جني: ولقد مر بي دهر وأنا أسمع الاسم لا أدري معناه، فآخذ معناه من لفظه، ثم أكتشفه، فإذا هو ذلك بعينه، أو قريب منه.
فذكرت ذلك لشيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- فقال: وأنا يقع لي كثيرا".
وقال ابن القيم- رحمه الله-: "وبالجملة فالأخلاق والأعمال، والأفعال القبيحة- تستدعي أسماء تناسبها، وأضدادها تستدعي أسماء تناسبها، وكما أن ذلك ثابت في أسماء الأوصاف فهو كذلك في أسماء الأعلام، وما سمي رسول الله صلى الله عليه وسلم محمداً وأحمد إلا لكثرة خصال الحمد فيه؛ ولهذا كان لواء الحمد بيده، وأمته الحمادون، وهو أعظم الخلق حمدا لربه- تعالى- لهذا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتحسين الأسماء فقال: "حسنوا أسماءكم "؟ فإن صاحب الاسم الحسن قد يستحي من اسمه، وقد يحمله اسمه على فعل ما يناسبه، وترك ما يضاده؛ ولهذا ترى أكثر السفل أسماؤهم تناسبهم، وأكثر العلية أسماؤهم تناسبهم، وبالله التوفيق".
قال الشيخ العلامة بكر أبو زيد- حفظه الله-: "فعلى المسلمين عامة، وعلى أهل هذه الجزيرة العربية خاصة- العناية في تسمية مواليدهم بما لا ينابذ الشريعة بوجه، ولا يخرج عن سنن لغة العرب؛ حتى إذا أتى إلى بلادهم الوافد، أو خرج منها القاطن- فلا يسمع الآخرون إلا: عبد الله، وعبد الرحمن، ومحمد، وأحمد، وعائشة، وفاطمة، وهكذا من الأسماء الشرعية في قائمة يطول ذكرها زخرت بها كتب السير والتراجم.
أما تلك الأسماء الأعجمية المولدة لأمم الكفر المرفوضة لغة وشرعا، والتي قد بلغ الحال من شدة الشغف بها التكني بأسماء الإناث منها، وهذه معصية المجاهرة مضافة إلى معصية التسمية بها- فاللهم لا شماتة.
ومنها: إنديرا، جاكلين، ديانا، سوزان- ومعناها الإبرة، أو المحرقة- فالي، فكتوريا، كلوريا، لارا، لندا، مايا، منوليا، هايدي، يارا.
وتلك الأسماء الأعجمية فارسية أو تركية، أو بربرية: مرفت، جودت، حقي، فوزي، شيرهان، شيرين، نيفين.
وتلك التافهة الهمل: زوزو، فيفي، ميمي.
وتلك الأسماء الغرامية الرخوة المتخاذلة: أحلام، أريج، تغريد، غادة، فاتن، هيام".
وما أجمل قول البيحاني في منظومته:
سم الذي جئت به محمدا أو طاهرا أو مصطفى أو أحمدا
نعم وإن شئت فعبد الله لكي يعيش تحت لطف الله
والبنت سميها بأم هاني لا باسم فيروز ولا اسمهان
7- تكنيتهم بكنى طيبة في الصغر:
كأن يكنى الولد بأبي عبد الله، أو أبي أحمد أو غير ذلك؛ حتى لا تسبق إليهم الألقاب السيئة، فتستمر معهم طيلة العمر؛ فقد كان السلف الصالح يكنون أولادهم وهم صغار، فتبقى معهم هذه الكنى حتى فراق الدنيا، وكتب التراجم والسير زاخرة بذلك.
8- غرس الإيمان والعقيدة الصحيحة في نفوس الأولاد:
فمما يجب- بل هو أوجب شيء على الوالدين- أن يحرصوا كل الحرص، على هذا الأمر، وأن يعاهدوه بالسقي والرعاية، كأن يعلم الوالد أولاده منذ الصغر أن ينطقوا بالشهادتين، وأن يستظهروها، وينمي في قلوبهم محبة الله- عز وجل- وأن ما بنا من نعمة فمنه وحده، ويعلمهم- أيضا- أن الله في السماء، وأنه سميع بصير، ليس كمثله شيء، إلى غير ذلك من أمور العقيدة، وهكذا يوجههم إذا كبروا إلى قراءة كتب العقيدة المناسبة لهم.
9- غرس القيم الحميدة والخلال الكريمة في نفوسهم:
يحرص الوالد على تربيتهم على التقوى، والحلم، والصدق، والأمانة، والعفة، والصبر، والبر، والصلة، والجهاد، والعلم؛ حتى يشبوا متعشقين للبطولة، محبين لمعالي الأمور، ومكارم الأخلاق.
10- تجنيبهم الأخلاق الرذيلة، وتقبيحها في نفوسهم:
فيكره الوالد لهم الكذب، والخيانة، والحسد، والحقد، والغيبة، والنميمة، والأخذ من الآخرين، وعقوق الوالدين، وقطيعة الأرحام، والجبن، والأثرة، وغيرها من سفاسف الأخلاق ومرذولها؛ حتى ينشأوا مبغضين لها، نافرين منها.
11- تعليمهم الأمور المستحسنة، وتدريبهم عليها:
كتشميت العاطس، وكتمان التثاؤب، والأكل باليمين، وآداب قضاء الحاجة، وآداب السلام ورده، وآداب الرد على الهاتف، واستقبال الضيوف، والتكلم بالعربية وغير ذلك.
فإذا تدرب الولد على هذه الآداب والأخلاق، والأمور المستحسنة منذ الصغر- ألفها وأصبحت سجية له؛ فما دام أنه في الصبا فإنه يقبل التعليم والتوجيه، ويشب على ما عود عليه كما قيل:
وينشأ ناشئ الفتيان منا على ما كان عوده أبوه
وكما قيل:
إن الغصون إذا قومتها اعتدلت ولا يلين إذا قومته الخشب
وكما قال صالح بن عبد القدوس:
وإن من أدبته في الصبا كالعود يسقى الماء في غرسه
حتى تراه ناضرا مورقاً بعد الذي قد كان من يبسه
12- الحرص على استعمال العبارات المقبولة الطيبة مع الأولاد، والبعد عن العبارات المرذولة السيئة:
فمما ينبغي للوالدين مراعاته أن يحرصا على انتقاء العبارات الحسنة المقبولة الطيبة، البعيدة عن الإسفاف في مخاطبة الأولاد، وأن يربأوا بأنفسهم عن السب، والشتم، واللجاج وغير ذلك من العبارات البذيئة المقذعة.
فإذا أعجب الوالدين شيء من عمل الأولاد- على سبيل المثال- قالا: ما شاء الله، وإذا رأيا ما يثير الاهتمام قالا: سبحان الله، الله اكبر، وإذا أحسن الأولاد قالا لهم: بارك الله فيكم، أحسنتم، وإذا أخطأوا قالا: لا يا بني، ما هكذا، إلى غير ذلك من العبارات المقبولة الحسنة؛ حتى يألف الأولاد ذلك، فتعف ألسنتهم عن السباب والتفحش.
13- الحرص على تحفيظ الأولاد كتاب الله:
فهذا العمل من أجل الأعمال التي يمكن أن يقوم بها الوالدان؛ فالاشتغال بحفظه، والعمل به اشتغال بأعلى المطالب، وأشرف المواهب، ثم إن فيه حفظاً لأوقاتهم، وحماية لهم من الضياع والانحراف، فإذا حفظوا القرآن أثر ذلك في سلوكهم وأخلاقهم، وفجر ينابيع الحكمة في قلوبهم.
14- تحصينهم بالأذكار الشرعية:
وذلك بإلقائها إليهم إن كانوا صغارا، وتحفيظهم إياها إن كانوا مميزين، وتبيين فضلها، وتعويدهم على الاستمرار عليها.
15- الحرص على مسألة التربية بالقدوة:
فهذه مسألة مهمة، فينبغي للوالدين أن يكونا قدوة للأولاد في الصدق، والاستقامة، وغير ذلك، وأن يتمثلا ما يقولانه.
ومن الأمور المستحسنة في ذلك أن يقوم الوالدان بالصلاة أمام الأولاد؛ حتى يتعلم الأولاد الصلاة عملياً من الوالدين، وهذا من والحكم التي شرعت لأجلها صلاة النافلة في البيت.
ومن ذلك كظم الغيظ، وحسن استقبال الضيوف، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، وغير ذلك.
16- الحذر من التناقض:
فلا يليق بالوالدين أن يأمرا الأولاد بأمر ثم يعملا بخلافه، فالتناقض- كما مر- يفقد النصائح أثرها.
17- الوفاء بالوعد:
وهو داخل فيما مضى إلا أنه أفرد لأهميته، ولكثرة وقوع الناس في الخلف فيه، فكثير من الوالدين إذا أراد التخلص من إحراج أحد الأولاد- وعده بالوعود الكثيرة، فيعده بشراء الحلوى، أو بالذهاب إلى الحديقة، أو بشراء دراجة، أو غير ذلك، وربما لا يقوم الوالد بذلك أبدا، مما يجعل الولد ينشأ على إلف ذلك الخلق الرذيل.
فالذي يليق بالوالد، بل ويجب عليه إذا وعد أحدا من أبنائه وعدا- أن يتمه ويفي به، وإن حال بينه وبين إتمامه حائل اعتذر من الولد، وبين له مسوغات ذلك.
18- إبعاد المنكرات وأجهزة الفساد عن الأولاد:
فمما يجب على الوالد تجاه أولاده أن يحميهم من المنكرات، وأن يطهر بيته منها، حتى يحافظ على سلامة فطر الأولاد، وعقائدهم، وأخلاقهم.
19- إيجاد البدائل المناسبة للأولاد:
فكما أنه يجب على الوالدين إبعاد المنكرات فكذلك يجدر بهم أن يوجدوا البدائل المناسبة المباحة، سواء من الألعاب، أو الأجهزة التي تجمع بين المتعة والفائدة، حتى يجد الأولاد ما يشغلون به وقت فراغهم.
20- تجنيبهم أسباب الانحراف الجنسي:
وذلك بإبعاد أجهزة الفساد عنهم، وتجنيبهم مطالعة القصص الغرامية، والمجلات الخليعة، التي يروج لها تجار الغرائز والأعراض، وعدم السماح لهم بسماع الأغاني، أو الإطلاع على الكتب الجنسية التي تبحث في التناسليات صراحة، وتشعل مخازن البارود الكامنة فيهم.
21- تجنيبهم الزينة الفارهة والميوعة القاتلة:
فينبغي للوالد أن يمنع أولاده من الإفراط في التجمل، والمبالغة في التأنق والتطيب، وأن ينهاهم عن التعري والتكشف، والتشبه بأعداء الله الكافرين؛ لأن هذه الأعمال تتسبب في قتل مروءتهم، وإفساد طباعهم، وتقود إلى إغواء الآخرين وفتنتهم، وتدعو إلى جر الأولاد إلى الفاحشة والرذيلة، خصوصاً إذا كانوا صغارا، أو ذوي منظر حسن.
22- تعويدهم على الخشونة والرجولة، والجد والاجتهاد، وتجنيبهم الكسل والبطالة والراحة والدعة:
فلا يليق بالأب أن يعود أولاده على الكسل والراحة والبطالة والدعة، بل عليه أن يأخذهم بأضدادها، ولا يريحهم إلا بما يجم أنفسهم للشغل، فإن للكسل والبطالة عواقب سوء، ومغبة ندم، وللجد والتعب عواقب حميدة إما في الدنيا، وإما في العقبى، وإما فيهما؛ فأروح الناس أتعب الناس، وأتعب الناس أروح الناس، فالسيادة في الدنيا والسعادة في العقبى- لا يوصل إليها إلا على جسر من التعب.
فالراحة تعقبها الحسرة، والتعب يعقب الراحة، وصدق من قال:
بصرت بالراحة الكبرى فلم أرها تنال إلا على جسر من التعب
23- ومما ينبغي في ذلك تعويدهم الانتباه آخر الليل:
فإنه وقت الغنائم، وتفريق الجوائز، فمستقل، ومستكثر، ومحروم، فمن اعتاده صغيرا سهل عليه كبيرا.
24- تجنيبهم فضول الطعام، والكلام، والمنام، ومخالطة الأنام:
فإن الخسارة في هذه الفضلات، وهي تفوت على العبد خير دنياه وآخرته، ولهذا قيل: من أكل كثيرا شرب كثيرا؛ فنام كثيرا، فخسر كثيرا.
25- تشويقهم للذهاب إلى المسجد صغارا وحملهم على الصلاة فيه كبارا:
كأن يعمد الوالد إلى تشويق أولاده للذهاب للمسجد قبل تمام السابعة من أعمارهم، فيشوقهم قبل ذلك بأسبوع بأنه سيذهب بالولد إلى المسجد، ثم يذهب به، ويحرص على ضبطه فيه، ولا يسمح له بأن يكثر الحركة ويشغل المصلين، أما إذا كبروا فإنه يجب عليه أن يقوم عليهم، وأن يأمرهم بالصلاة في المسجد مع جماعة المسلمين، وأن يحرص على هذا الأمر، ويصطبر عليه.
قال الله- تعالى-: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} [طه:132].
26- مراقبة ميول الولد، وتنمية مواهبه، وتوجيهه لما يناسبه:
بحيث يجد في المنزل ما ينمي مواهبه ويصقلها، ويعدها للبناء والإفادة، ويجد من يوجهه إلى ما يناسبه ويلائمه.
قال ابن القيم- رحمه الله تعالى-: "ومما ينبغي أن يعتمد حال الصبي، وما هو مستعد له من الأعمال، ومهيأ له منها، فيعلم أنه مخلوق له، فلا يحمله على غيره ما كان مأذونا فيه شرعا؛ فإنه إن حمله على غير ما هو مستعد له- لم يفلح فيه، وفاته ما هو مهيأ له، فإذا رآه حسن الفهم، صحيح الإدراك، جيد الحفظ، واعياً- فهذه علامات قبوله، وتهيئه للعلم؛ لينقشه في لوح قلبه ما دام خالياً، وإن رآه ميالاً للتجارة والبيع والشراء أو لأي صنعة مباحة- فليمكنه منها؛ فكل ميسر لما خلق له ".
27- تنمية الجرأة الأدبية في نفس الولد:
وذلك بإشعاره بقيمته، وزرع الثقة في نفسه؛ حتى يعيش كريما شجاعا صريحا جريئا في آرائه، في حدود الأدب واللياقة، بعيدا عن الإسفاف والصفاقة؛ فهذا مما يشعره بالطمأنينة، ويكسبه القوة والاعتبار، بدلا من التردد، والخوف، والهوان، والذلة، والصغار.
28- استشارة الأولاد:
كاستشارتهم ببعض الأمور المتعلقة بالمنزل أو غير ذلك، واستخراج ما لديهم من أفكار، كأخذ رأيهم في أثاث المنزل، أو لون السيارة التي سيشتريها الأب، أو أخذ رأيهم في مكان الرحلة أو موعدها، ثم يوازن الوالد بين آرائهم، ويطلب من كل واحد منهم أن يبدي مسوغاته، وأسباب اختياره لهذا الرأي، وهكذا.
ومن ذلك إعطاؤهم الحرية في اختيار حقائبهم، أو دفاترهم، أو ما شاكل ذلك؛ فإن كان ثم محذور شرعي فيما يختارونه بينه لهم.
فكم في هذا العمل من زرع للثقة في نفوس الأولاد، وكم فيه من إشعار لهم بقيمتهم، وكم فيه من تدريب لهم على تحريك أذهانهم، وشحذ قرائحهم، وكم فيه من تعويد لهم على التعبير عن آرائهم.
29- تعويد الولد على القيام ببعض المسؤوليات:
كالإشراف على الأسرة في حالة غياب ولي الأمر، وكتعويده على الصرف، والاستقلالية المالية، وذلك بمنحه مصروفا ماليا كل شهر أو أسبوع؛ ليقوم بالصرف منه على نفسه وبيته.
30- تعويد الأولاد على المشاركة الاجتماعية:
وذلك بحثهم على المساهمة في خدمة دينهم، وإخوانهم المسلمين، إما بالجهاد في سبيل الله، أو بالدعوة إلى الله، أو إغاثة الملهوفين، أو مساعدة الفقراء والمحتاجين، أو التعاون مع جمعيات البر، وغيرها.
31- التدريب على اتخاذ القرار:
كأن يعمد الأب إلى وضع الابن في مواضع التنفيذ، وفي المواقف المحرجة، التي تحتاج إلى حسم الأمر، والمبادرة في اتخاذ القرار، وتحفل ما يترتب عليه، فإن أصاب شجعه وشد على يده، وإن أخطأ قومه وسدده بلطف؛ فهذا مما يعوده على مواجهة الحياة، والتعامل مع المواقف المحرجة.
32- فهم طبائع الأولاد ونفسياتهم: وهذه المسألة تحتاج إلى شيء من الذوق، وسبر الحال، ودقة النظر.
وإذا وفق المربي لتلك الأمور، وعامل أولاده بذلك المقتضى- كان حريا بأن يحسن تربيتهم، وأن يسير بهم على الطريقة المثلى.
33- تقدير مراحل العمر للأولاد:
فالولد يكبر، وينمو تفكيره، فلا بد أن تكون معاملته ملائمة لسنه وتفكيره واستعداده، وألا يعامل على أنه صغير دائما، ولا يعامل- أيضا- وهو صغير على أنه كبير؛ فيطالب بما يطالب به الكبار، ويعاتب كما يعاتبون، ويعاقب كما يعاقبون.
34- تلافي مواجهة الأولاد مباشرة:
وذلك قدر المستطاع خصوصا في مرحلة المراهقة، بل ينبغي أن يقادوا عبر الإقناع، والمناقشة الحرة، والحوار الهادئ البناء، الذي جمع بين العقل والعاطفة.
35- الجلوس مع الأولاد:
فمما ينبغي للأب- مهما كان له من شغل- أن يخصص وقتا يجلس فيه مع الأولاد، يؤنسهم فيه، ويسليهم، ويعلمهم ما يحتاجون إليه، ويقص عليهم القصص الهادفة؛ لأن اقتراب الولد من أبويه ضروري جدا؛ وله آثاره الواضحة، فهذا أمر مجرب؛ فالآباء الذين يقتربون من أولادهم؛ ويجلسون معهم، ويمازحونهم- يجدون ثمار ذلك على أولادهم، حيث تستقر أحوال الأولاد، وتهدأ نفوسهم، وتستقيم طباعهم.
أما الآباء الذين تشغلهم الدنيا عن أولادهم- فإنهم يجدون غب ذلك على الأولاد، فينشأ الأولاد وقد اسودت الدنيا أمامهم، لا يعرفون مواجهة الحياة، فيتنكبون الصراط، ويحيدون عن جادة الصواب، وربما تسبب ذلك في كراهية الأولاد للوالدين، وربما قادهم ذلك إلى الهروب من المنزل، والانحدار في هاوية الفساد.
36- العدل بين الأولاد:
فما قامت السماوات والأرض إلا بالعدل، ولا يمكن أن تستقيم أحوال الناس إلا بالعدل؛ فمما يجب على الوالدين تجاه أولادهم أن يعدلوا سنهم، وأن يتجنبوا تفضيل بعضهم على بعض، سواء في الأمور المادية كالعطايا والهدايا والهبات، أو الأمور المعنوية، كالعطف، والحنان، وغير ذلك.
37- إشباع عواطفهم:
فمما ينبغي مراعاته مع الأولاد إشباع عواطفهم، وإشعارهم بالعطف، والرحمة، والحنان؛ حتى لا يعيشوا محرومين من ذلك، فيبحثوا عنه خارج المنزل؛ فالكلمة الطيبة، واللمسة الحانية، والكلمة الصادقة، وما جرى مجرى ذلك له أثره البالغ في نفوس الأولاد.
38- النفقة عليهم بالمعروف:
وذلك بكفايتهم، والقيام على حوائجهم؛ حتى لا يضطروا إلى البحث عن المال خارج المنزل.
39- إشاعة الإيثار بينهم:
وذلك بتقوية روح التعاون بينهم، وتثبيت أواصر المحبة فيهم، وتعويدهم على السخاء، والشعور بالآخرين، حتى لا ينشأ الواحد منهم فرديا لا هم له إلا نفسه.
ثم إن تربيتهم على تلك الخلال تقضي على كثير من المشكلات التي تحدث داخل البيوت.
40- الإصغاء إليهم إذا تحدثوا وإشعارهم بأهمية كلامهم:
بدلاً من الانشغال عنهم، والإشاحة بالوجه وترك الإنصات لهم. فالذي يجدر بالوالد إذا تحدث ولده- خصوصا الصغير- أن يصغي له تماما، وأن يبدي اهتمامه بحديثه، كأن تظهر علامات التعجب على وجهه، أو يبدي بعض الأصوات أو الحركات التي تدل على الإصغاء والاهتمام والإعجاب، كأن يقول: رائع، حسن، صحيح، أو أن يقوم بالهمهمة، وتحريك الرأس وتصويبه، وتصعيده، أو أن يجيب على أسئلته أو غير ذلك، فمثل هذا العمل له آثار إيجابية كثيرة منها:
أ- أن هذا العمل يعلم الولد الطلاقة في الكلام.
ب- يساعده على ترتيب أفكاره وتسلسلها.
ج- يدربه على الإصغاء، وفهم ما يسمعه من الآخرين.
د- أنه ينمي شخصية الولد، ويصقلها.
هـ- يقوي ذاكرته، ويعينه على استرجاع ما مضى.
و- يزيده قرباً من والده.
41- تفقد أحوال الأولاد، ومراقبتهم من بعد: ومن ذلك ما يلي:
أ- ملاحظتهم في أداء الشعائر التعبدية من صلاة، ووضوء، ونحوها.
ب- مراقبة الهاتف المنزلي.
ج- النظر في جيوبهم وأدراجهم من حيث لا يشعرون، كأن ينظر في أدراجهم إذا ذهبوا للمدرسة، أو ينظر في جيوبهم إذا ناموا، ثم يتصرف بعد ذلك بما يراه مناسبا.
د- السؤال عن أصحابهم.
هـ- مراقبة ما يقرؤونه، وتحذيرهم من الكتب التي تفسد أديانهم، وأخلاقهم، وإرشادهم إلى الكتب النافعة.
42- إكرام الصحبة الصالحة للولد:
وذلك بتشجيع الولد على صحبتهم، وحثه على الاستمرار معهم، وبحسن استقبالهم إذا زاروا الولد، بل والمبادرة إلى استزارتهم، وتهيئة ما يلزم لهم من تيسيرات مادية ومعنوية، كأن يكرمهم بما يلائمهم، ويحرص على استقبالهم بالبشر والترحاب، ويشعرهم بقيمتهم، ويبادلهم أطراف الحديث، ويسألهم عن أحوالهم وأحوال ذويهم وأهليهم.
فهذه الصنيع يشعر الأصحاب بمنزلتهم، ويشعر الولد بقيمته واعتباره، كما أنه حافز للولد على طاعة والديه واحترامهما، كما أنه حافز له على التمسك بهؤلاء، والبعد عن رفقة السوء.
أما النفور من الصحبة الصالحة للولد والجفاء في معاملتهم- فلا يليق، ولا ينبغي؛ لأنه يشعر الولد بعدم قبولهم والرضا عنهم، فيسعى لمقاطعتهم، أو يتخفى في علاقته بهم، أو يتركهم، فيقع فريسة لأصحاب السوء.
43- مراعاة الحكمة في إنقاذ الولد من رفقة السوء:
فلا ينبغي للوالد أن يبادر إلى العنف واستعمال الشدة منذ البداية، فلا يسارع إلى إهانتهم أمام ولده، أو طردهم إذا زاروه لأول مرة، لأن الولد متعلق بهم، ومقتنع بصحبته لهم.
بل ينبغي للأب أن يتدرج في ذلك، فيبدأ بإقناع ولده بسوء صحبته، وضررهم عليه، ثم يقوم بعد ذلك بتهديده وتخويفه وإشعاره بأنه ساع لتخليصه منهم، وأنه سيذهب إلى أولياء أمورهم كي يبعدوا أبناءهم عنه، فإذا حذر ابنه وسلك معه ما يستطيع، وأعيته الحيلة في ذلك، ورأى أن بقاءه معهم ضرر محقق- فهناك يسعى لتخليصه منهم بما يراه مناسبا.
44- التغافل -لا الغفلة- عن بعض ما يصدر من الأولاد من عبث أو طيش:
فذلك نمط من أنماط التربية، وهو مبدأ يأخذ به العقلاء في تعاملهم مع أولادهم ومع الناس عموما؛ فالعاقل لا يستقصي، ولا يشعر من تحت يده أو من يتعامل معهم بأنه يعلم عنهم كل صغيرة وكبيرة؛ لأنه إذا استقصى، وأشعرهم بأنه يعلم عنهم كل شيء ذهبت هيبته من قلوبهم.
ليس الغبي بسيد في قومه لكن سيد قومه المتغابي
ثم إن تغافله يعينه على تقديم النصح بقالب غير مباشر، من باب: إياك أعني واسمعي يا جاره، ومن باب: ما بال أقوام. وربما كان ذلك أبلغ وأوقع.
45- البعد عن تضخيم الأخطاء:
فمما يجدر بالوالدين أن يأخذوا به؛ وألا يضخموا الأخطاء، ويحطوها أكبر من حجمها، بل عليهم أن ينزلوها منازلها، وأن يدركوا أنه لا يخلو أحد من الأخطاء، فجميع البيوت تقع فيها الأخطاء فمقل ومستكثر؛ فكسر الزجاج، أو بعض الأواني، أو العبث ببعض مرافق المنزل، ونحو ذلك- لا يترتب عليه كبير فساد؛ فكل الناس يعانون من ذلك.
46- اصطناع المرونة في التربية:
فإذا اشتدت الأم على الولد لان الأب، وإذا عنف الأب لانت الأم؛ فقد يقع الوالد- على سبيل المثال- في خطأ فيؤنبه والده تأنيباً يجعله يتوارى؛ خوفاً من العقاب الصارم، فتأتي الأم، وتطيب خاطره، وتوضح له خطأه برفق، عندئذ يشعر الولد بأنهما على صواب، فيقبل من الأب تأنبيه، ويحفظ للأم معروفها، والنتيجة أنه سيتجنب الخطأ مرة أخرى.
47- التربية بالعقوبة:
فالأصل في تربيه الأولاد لزوم الرفق واللين إلا أن العقوبة قد يحتاج إليها المربي، بشرط ألا تكون ناشئة عن سورة جهل، أو ثورة غضب، وألا يلجأ إليها إلا في أضيق الحدود، وألا يؤدب الولد على خطأ ارتكبه للمرة الأولى، وألا يؤدبه على خطأ أحدث له ألماً، وألا يكون أمام الآخرين.
ومن أنواع العقوبة- العقاب النفسي، كقطع المديح، أو إشعار الولد بعدم الرضا، أو توبيخه أو غير ذلك.
ومنها العقاب البدني الذي يؤلمه ولا يضره.
8- إعطاء الأولاد فرصة للتصحيح:
فمما ينبغي للوالد مراعاته في التربية- أن يعطي أولاده فرصة للتصحيح إذا أخطأوا، حتى ينهضوا للأمثل، ويرتقوا للأفضل، ويتخذوا من الخطأ سبيلاً للصواب؛ فالصغير يسهل قياده، ويهون انقياده كما قال زهير بن أبي سلمى:
وإن سفاه الشيخ لا حلم بعده وإن الفتى بعد السفاهة يحلم
وكما قيل:
إن الغلام مطيع من يؤدبه ولا يطيعك ذو سن لتأديب
فلا ينبغي للوالد أن يأخذ موقفا واحدا من أحد أولاده، فيجعله ذريعة لوصمه وعيبه، كأن يسرق مرة فيناديه باسم السارق دائما، دون أن يعطيه فرصة للتصحيح وهكذا...
49- الحرص على أن يكون التفاهم قائما بين الوالدين:
فعلى الوالدين أن يحرصا كل الحرص عليه، وأن يسلكا كافة السبل الموصلة إليه، وعليهما أن يجتنبا الوسائل المفضية للشقاق، ويبتعدا عن عتاب بعضهما لبعض أمام الأولاد؛ حتى يتوفر الهدوء في البيت، وتسود الألفة فيه، فيجد الأولاد فيه الراحة والسكن، والأنس والسرور، فيتعلقوا بالبيت أكثر من الشارع.
50- تقوى الله في حالة الطلاق:
فإذا لم يحصل بين الوالدين وفاق، وقدر الله بينهما الطلاق- فعليهما بتقوى الله، وألا يجعلا الأولاد ضحية لعنادهما وشقاقهما، وألا يغري كل واحد منهما بالآخر، بل عليهما أن يعينا الأبناء على كل خير، ويوصي كل واحد منهما الأولاد ببر الآخر، بدلا من التحريش، وإيغار الصدور، وتبادل التهم، وتأليب الأولاد، وإلا فإن النتيجة الحتمية- في الغالب- أن الأولاد يتمردون على الجميع، والوالدان هما السبب في ذلك؛ فلا يلوما إلا أنفسهما، كما قال أبو ذؤيب الهذلي:
فلا تقضبن من سيرة أنت سرتها وأول راض سنة من يسيرها
51- العناية باختيار المدارس المناسبة للأولاد، والحرص على متابعتهم في المدارس:
فعلى الوالد أن يحرص كل الحرص على اختيار المدارس المناسبة لأولاده من حيث طلابها، وإدارتها، ومدرسوها، ومناهجها، والتي تعنى باستقامة طلابها، وتهتم بأخلاقهم، وشمائلهم، قولا وعملا؛ لأن الأغلب أن الولد إنما يختار أصدقاءه من المدرسة من أبناء صفه الذين يشاكلونه في المزاج والطبيعة.
وعلى الوالد أن يقوم بمتابعة الأولاد في المدارس باستمرار، حتى يتأكد بنفسه من صلاح الولد واستقامته، ولئلا يفاجأ في يوم من الأيام بأن ولده على خلاف ما كان يتوقعه ويؤمله، ولأجل أن يدرك الولد بأن والده وراءه يسأل عنه ويتابعه.
52- إقامة الحلقات العلمية داخل البيوت:
بحيث تعقد تلك الحلقات في مواعيد محددة، ويقرأ فيها بعض الكتب الملائمة للأولاد، فيتعلمون بذلك القراءة، وحسن الاستماع، وأدب الحوار.
53- إقامة المسابقات الثقافية بين الأولاد، ووضع الجوائز والحوافز لها:
فذلك العمل مما يشحذ هممهم، ويحرك أذهانهم، ويدربهم على البحث والنظر في كتب أهل العلم، ويعدهم للرقي في مستوياتهم.
54- تكوين مكتبة منزلية ميسرة:
تحتوي على كتب وأشرطة ملائمة لسنهم ومداركهم، فالمكتبة من أعظم روافد الثقافة.
55- اصطحاب الأولاد لمجالس الذكر: كالمحاضرات، والندوات التي تعقد في المساجد وغيرها؛ فهي مما يثري الولد بالمعلومات، ويمده بالخير، ويعده لمواجهة الحياة، ويجيب على أسئلته التي تتردد في ذهنه كما أنها تغذيه بالإيمان، وتربط على قلبه، وتربيه على أدب الاستماع..
56- الرحلة مع الأولاد:
إما إلى مكة المكرمة، أو المدينة النبوية، أو غيرها من الأماكن المباحة، حتى يتعرف الوالد على الأولاد أكثر وأكثر، ولأجل أن يجمهم، ويشرح صدورهم، ويكسبهم خبرات جديدة، إلى غير ذلك من فوائد السفر التي لا تخفى.
57- ربطهم بالسلف الصالح في الإقتداء والاهتداء:
حتى يسيروا على خطاهم، ويترسموا منهجهم، ولكي يجدوا فيهم القدوة الصالحة التي يجدر بهم أن يقتدوا بها، فإن كان لدى الولد ميول إلى العلم وجد من يقتدي به، وإن كان شجاعا مقداما وجد من يترسم خطاه، وإن كان كسولا وجد في سيرة السلف ما يبعث فيه الروح، وعلو الهمة، وهكذا.
فسير السلف الصالح حافلة بكل خير، فما أروع أن يرتبط المسلم بهم، وأن يحذو حذوهم، بدلا من الإقتداء بالهابطين والهازلين من اللاعبين، والمطربين، والمنحرفين، وغيرهم.
58- العناية بتعليم البنات ما يحتجن إليه من أمور دينهن ودنياهن:
فكم من الناس من فرط في هذا الحق، وكم من النساء من يجهلن- على سبيل المثال- أحكام الحيض والنفاس ومسائل الدماء عموما، بالرغم من أنه يتعلق بها ركنان من أركان الإسلام وهما الصلاة، والصيام، بل والحج، وكم من النساء من تجهل إقامة الصلاة على الوجه المطلوب. فينبغي أن يعنى كل والد بتعليم بناته أمور دينهن، كما ينبغي أن يعلمن أمور حياتهن الخاصة من كي، وغسيل، وطبخ، وخياطة، وتدبير للمنزل، وغير ذلك.
وبذلك يكن على أتم استعداد لاستقبال الحياة الزوجية.
59- منع البنات من الخروج وحدهن: سواء للسوق، أو للطبيب، أو غير ذلك، بل لا بد من وجود المحرم معهن، وألا يخرجن إلا للحاجة الملحة.
60- منع البنات من التشبه بالرجال، ومنع البنين من التشبه بالنساء.
61- منع الأولاد بنين وبنات من التشبه بالكفار.
62- منع البنين من الاختلاط بالنساء، ومنع البنات من الاختلاط بالرجال: بل ينبغي أن يعيش الابن في محيط الذكور، والبنت في محيط الإناث، خصوصا إذا بدأ الابن أو البنت بالتمييز.
63- العناية بصحة الأولاد:
فكم من الناس من قد فرط بهذا الأمر، ولم يرعه حق رعايته؛ فالأولاد أمانة، ومن الأمانة أن يعتني الوالد بصحتهم، خصوصاً وهم صغار؛ لأن كثيراً من العاهات والأمراض تبدأ مع الأولاد وهم صغار، فإذا أهمل علاجها لازمت الأولاد طيلة أعمارهم، وربما قضت عليهم.
ومما يحسن بالوالدين في هذا الصدد أن يقوموا على شؤون الأولاد إذا أصيبوا بعاهات مزمنة، أو إذا ولدوا وهم معاقون، أو مصابون ببعض التشوهات الخلقية، أو ما شاكل ذلك؛ فحري بالوالدين أن يقوموا على رعاية الأولاد، وأن يحسنوا تربيتهم، وأن يشعروهم بمكانتهم، كما يحسن بالوالدين أن يحتسبوا الأجر عند الله، وأن يحذروا كل الحذر من التسخط والاعتراض على قضاء الله.
بل عليهم أن يحمدوا الله على ما آتاهم، وأن يتحروا الخيرة فيما قضاه الله، فربما كانت الخيرة خفية، وربما أن الله يرحم الأسرة جميعها، ويدر عليها الأرزاق، ويدفع عنها صنوف البلايا بسبب هؤلاء المساكين.
64- عدم استعجال النتائج في التربية:
فعلى الوالد إذا بذل مستطاعه لولده، وبين له وحذره ونصح له واستنفذ كل طاقته- ألا يستعجل النتائج، بل عليه أن يصبر، ويصابر، ويستمر في دعائه لولده وحرصه عليه؛ فلربما استجاب الولد بعد حين، وادكر بعد أمة.
65- الحذر من اليأس:
فإذا ما رأى الوالد من أولاده إعراضا أو نفورا أو تماديا- فعليه ألا ييأس من صلاحهم واستقامتهم؛ فاليأس من روح الله ليس من صفات المؤمنين، بل عليه أن ينتظر الفرج من الله- عز وجل- فلعل نفحة من نفحات الرحيم الكريم ترد الولد إلى رشده، وتقصره عن غيه.
66- اليقين بأن التربية الصالحة لا تذهب سدى:
فلو لم يأب الإنسان من نصحه لأولاده وحرصه على هدايتهم وصلاحهم- إلا أن يكون أعذر إلى الله بذلك.
فالنصح ثمرته مضمونة بكل حال؛ فإما أن يستقيم الأولاد في الحال، وإما أن يفكروا في ذلك، وإما أن يقصروا بسببه عن التمادي في الباطل، أو أن يعذر الإنسان إلى الله- كما مر-.
بل كثيراً ما يصلح الأولاد بعد وفاة والدهم الذي رباهم على الفضائل؛ حيث لم يدكروا إلا بعد أمة.
67- إعانة الأولاد على البر:
فبر الوالدين وإن كان واجبا على الأبناء- إلا أنه يجدر بالآباء أن يعينوا أبناءهم على البر، وأن يشجعوهم، وألا يقفوا حجر عثرة أمامهم.
68- حفظ الجميل للأبناء:
فمما يحسن بالوالدين أن يحفظوا الجميل للأبناء، وأن يشكروهم عليه، ويذكروهم به؛ حتى ينبعث الأولاد للبر والإحسان، ويستمروا عليه.
69- التغاضي عن بعض الحقوق:
فيحسن بالوالدين أن يتغاضوا عن بعض حقوقهم، وألا يطالبوا أولادهم بكل شيء، بل يحسن بهم أن يوفروا لهم ما يعدهم للكمال، والعلم، وسائر الفضائل خصوصاً إذا كان الوالد في نشاطه، والأولاد في حال إقبال على العلم، والقرآن، وسائر الفضائل، وهم في مقتبل أعمارهم. فإذا أخذ الوالدان بهذه السيرة كان الأولاد على مقربة من الكمال، والفضل، والعلم، والصلاح.
ولا ريب أن الوالد في هذه الحالة سيجني تلك الثمار في حياته وبعد مماته.
70- استشارة من لديه خبرة بالتربية:
من العلماء، والدعاة، والمعلمين، والمربين، ممن لديهم خبرة في التربية، وسبر لأحوال الشباب، وتفهم لأوضاعهم، وما يحيط بهم، وما يدور في أذهانهم، فحبذا استشارتهم، والاستنارة برأيهم في هذا الصدد، فهذا الأمر يعين على تربية الأولاد.
71- قراءة الكتب المفيدة في التربية: فهي مما يعين على تربية الأولاد؛ لأنها ناتجة عن تجربة، وممارسة، وخبرة، وعصارة فكر، ونتاج تمحيص وبحث.
72- استحضار فضائل التربية في الدنيا والآخرة:
فهذا مما يعين الوالد على الصبر والتحمل، فإذا صلح الأولاد كانوا قرة عين له في الدنيا، وسببا لإيصال الأجر له بعد موته، ولو لم يأته من ذلك إلا أن يكفى شرهم، ويسلم من تبعتهم.
73- استحضار عواقب الإهمال والتفريط في تربية الأولاد:
فالأولاد أولاده، ولن ينفك عنهم بحال من الأحوال، والعرب تقول: "أنفك منك وإن ذن"، وتقول:"عيصك منك وإن كان أشبا". فإذا أهملهم وقصر في تربيتهم كانوا شجى في حلقه في هذه الدنيا، وكانوا سببا لتعرضه للعقاب في العقبى.
74- وخلاصة القول في تربية الأولاد: أن يسعى الوالد في جلب ما ينفعهم، ودفع ما يضرهم عاجلاً وآجلاً.
المصدر : موقع مفكرة الإسلام .
|