بتـــــاريخ : 2/14/2010 10:52:38 AM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1336 0


    عمير بن سعد

    الناقل : mahmoud | العمر :35 | المصدر : www.masrawy.com

    كلمات مفتاحية  :

    عمير بن سعد

    عمير بن سعد أبوه سعد القارئ -رضي الله عنه- شهد المشاهد كلها مع الرسول -صلى الله عليه وسلم-حتى استشهد في معركة القادسية، اصطحب ابنه عمير الى الرسول -صلى الله عليه وسلم- فبايع النبي وأسلم، ومنذ ذلك الوقت وعمير عابد مقيم في محراب الله، ودائما في الصفوف الأولى للمسلمين، وكان المسلمون يلقبونه (بنسيج وحده).

    قوة إيمانه

     

    لقد كان له -رضي الله عنه-في قلوب الأصحاب مكانا وَوُداً فكان قرة أعينهم، كما أن قوة إيمانه وصفاء سنه وعبير خصاله كان يجعله فرحة لكل من يجالسه، ولم يكن يؤثر على دينه أحد ولا شيئا، فقد سمع قريبا له (جُلاس بن سويد بن الصامت) يقول: (لئن كان الرجل صادقا، لنحن شرٌّ من الحُمُر !)... وكان يعني رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. 

    وكان جُلاس دخل الإسلام رَهَبا، سمع عمير بن سعد هذه العبارة فاغتاظ و احتار، الغيظ أتى من واحد يزعم أنه من المسلمين ويقول ذلك عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-بلهجة رديئة، والحيرة أتت من مسئوليته تجاه هذا الذي سمع وأنكر، أينقل ما سمع للرسول ؟... كيف والمجالس بالأمانة ؟... أيسكت عما سمع ؟. 

    ولكن حيرته لم تطل، وعلى الفور تصرف عمير كرجل قوي وكمؤمن تقي، فقال لجُلاس: (والله يا جُلاس إنك لمن أحب الناس إلي، وأحسنهم عندي يدا، واعَزهم عليّ أن يُصيبه شيء يكرهه، ولقد قلت الآن مقالة لو أذَعْتها عنك لآذتك، ولو صمَتّ عليها ليهلكن ديني وإن حق الدين لأولى بالوفاء، وإني مُبلغ رسول الله ما قلت).

    وهكذا أدى عمير لأمانة المجالس حقها، و أدى لدينه حقه، كما أعطى لجُلاس الفرصة للرجوع الى الحق... بيد أن جُلاس أخذته العزة بالإثم، وغادر عمير المجلس وهو يقول: (لأبلغن رسول الله قبل أن ينزل وحي يُشركني في إثمك)... وبعث الرسول -صلى الله عليه وسلم- في طلب جُلاس فأنكر وحلف بالله كاذبا، فنزلت آية تفصل بين الحق والباطل. 

    قال تعالى: (يحلفون بالله ما قالوا، ولقد قالوا كلمة الكفر، وكفروا بعد إسلامهم وهمّوا بما لم ينالوا، وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله، فإن يتوبوا يَكُ خيرا لهم، و إن يتولّوْا يعذبهم الله عذابا أليما في الدنيا والآخرة، وما لهم في الأرض من ولي ولا نصير).

    فاعترف جُلاس بمقاله واعتذر عن خطيئته، وأخذ النبي بأُذُن عمير وقال له: (يا غُلام، وَفَت أذُنك، وصَدّقت ربّك).

    الولاية

     

    اختار عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عمير واليا على حمص، وحاول أن يعتذر عمير ولكن ألزمه أمير المؤمنين بذلك، فاستخار عمير ربه ومضى الى واجبه، وفي حمص مضى عليه عام كامل، لم يصل الى المدينة منه خراج بل ولم يَبْلُغ أمير المؤمنين منه كتاب، فبعث عمر الى عمير -رضي الله عنهما- ليأتيه الى المدينة، فأتى الى المدينة أشعث أغبر يكاد يقتلع خطاه من الأرض اقتلاعا من طول مالاقى من عناء، على كتفه اليمنى جراب وقَصْعة، وعلى كتفه اليسرى قِرْبة صغيرة فيها ماء، وإنه ليتوكأ على عصا، لا يئودها حمله الضامر الوهنان. 

    ودخل عمير على مجلس عمر وقال: (السلام عليك يا أمير المؤمنين)... ويرد عمر السلام ثم يسأله وقد آلمه ما رآه عليه من جهد وإعياء: (ما شأنك يا عمير ؟)... فقال: (شأني ما ترى، ألست تراني صحيح البدن، طاهر الدم، معي الدنيا أجُرُّها بقَرْنيها ؟)... قال عمر: (وما معك ؟).

    قال عمير: (معي جرابي أحمل فيه زادي، وقَصْعَتي آكل فيها، وإداوتي أحمل فيها وضوئي وشرابي، وعصاي أتوكأ عليها، وأجاهد بها عدوّا إن عَرَض فوالله ما الدنيا إلا تَبعٌ لمتاعي !)... قال عمر: (أجئت ماشيا ؟)... قال عمير: (نعم)... قال عمر: (أو لم تجد من يعطيك دابة تركبها ؟)... قال عمير: (إنهم لم يفعلوا، وإني لم أسألهم). 

    قال عمر: (فماذا عملت فيما عهدنا إليك به ؟)... قال عمير: (أتيت البلد الذي بعثتني إليه، فجمعت صُلَحَاء أهله، وولّيتهم جِباية فَيْئهم وأموالهم، حتى إذا جمعوها وضعتها في مواضعها، ولو بقي لك منها شيء لأتيتك به)... فقال عمر: (فما جئتنا بشيء ؟)... قال عمير: (لا)... فصاح عمر وهو سعيد: (جدِّدوا لعمير عهدا)... وأجابه عمير: (تلك أيام قد خلت، لا عَمِلتُ لك ولا لأحد بعدك).

    الأمانة

     

    وبعد أن استأذن عُمير ورجع بيته على بعد أميال من المدينة، قال عمر: (ما أراه إلا قد خاننا)... فبعث رجلاً يُقال له الحارث وأعطاه مئة دينار فقال: (انطلق إلى عُمير حين تنزل كأنّك ضيف، فإن رأيتَ أثرَ شيء فأقبلْ، وإن رأيتَ حالاً شديداً فادْفعْ إليه هذه المئة دينار). 

    فانطلق الحارث، فإذا هو بعُمير يُفلّي قميصه إلى جنب حائط، فسلّمَ عليه الرجل فقال له عُمير: (انْزل رحمَك الله)... فنزل ثم سأله: (من أين جئت؟)... قال: (من المدينة)... قال: (كيف تركت أمير المؤمنين ؟)... قال: (صالِحاً)... قال: (كيف تركت المسلمين ؟)... قال: (صالحين)... قال: (أليس يُقيم الحدود -يعني عُمر-؟)... قال: (بلى، ضرب ابناً لهُ على فاحشة فمات من ضربه)... فقال عُمير: (اللهم أعِنْ عمرَ، فإنّي لا أعلمه إلا شديداً حبّهُ لك). 

    فنزل الحارث ثلاثة أيام وليس لهم إلا قُرْصَةٌ من شعير، كانوا يخصُّونه بها ويطوون حتى أتاهم الجهد، فقال الحارث: (هذه الدنانير بعث بها أميرُ المؤمنين إليك فاستَعِنْ بها)... فصاح وقال: (لا حاجة لي فيها رُدَّها)... فقالت له امرأته: (إن احتجت إليها، وإلا ضَعْها مَوَاضِعَها)... فقال عُمير: (والله ما لي شيء أجعلها فيه)... فشقّت المرأةُ أسفل درعها فأعطته خرقةً فجعلها فيها، ثم خرج يُقسمها بين أبناء الشهداء والفقراء، ثم رجع والرسول يظنّ أنه يُعطيه منها شيئاً فقال عُمير: (أقرىء منّي أمير المؤمنين السلام). 

    فرجع الحارث إلى عمر قال: (ما رأيت ؟)... قال: (رأيت يا أمير المؤمنين حالاً شديداً)... قال: (فما صنع بالدنانير ؟)... قال: (لا أدري)... فأرسل عمر إلى عُمير وسأله: (ما صنعت بالدنانير ؟)... قال: (قدّمتُها لنفسي)... قال: (رحمك الله).

    فضله

    وبقي عمر بن الخطاب يتمنى ويقول: (وَدِدْتُ لو أن لي رجالا مثل عُمير أستعين بهم على أعمال المسلمين)... فقد كان عمير بحق (نسيج وحده)، فقد كان يقول من فوق المنبر في حمص: (ألا إن الإسلام حائط منيع، وباب وثيق، فحائط الإسلام العدل، و بابه الحق، فإذا نُقِضَ الحائط وحُطّم الباب استُفْتِح الإسلام، ولا يزال الإسلام منيعا ما اشتد السلطان، وليست شدة السلطان قتلا بالسيف ولا ضربا بالسوط، ولكن قضاء بالحق، وأخذاً بالعدل).

     

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()