فرحان بن سالم العنزي .
الاختلاف شيء طبيعي وهو سنه من سنن الحياة (ولا يزالون مختلفين) فلا يوجد شيئين متشابهين على الإطلاق، أي أن الاختلاف وارد وموجود إنما المواقف المتغيرة والمتجددة هي التي تثير الاختلاف وتكشف الستار عن وجوده، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هل يعتبر
الاختلاف ظاهره خطيره وينبغي التصدي لها أو انه ظاهرة صحية ومفيدة ينبغي الاستفادة منها؟ وقبل أن نبحث في الإجابة عن هذا السؤال أو التساؤل أريد أن اطرح سؤالاً آخر : عندما ينوي أحدنا القيام بعمل معين نجد أنه يستشير الآخرين فيما يريد عمله ويحرص
على ذلك والحقيقة أنه لم يقدم على مثل هذه الاستشارات إلا لأن الناس يختلفون في خبراتهم وفي نظرتهم للأمور ولو كان الناس غير مختلفين ومتفقين على كل الأمور لما كان هناك ضرورة للبحث والتنقيب والسؤال وطلب العلم!!
من خلال ذلك يتبين لنا أن الاختلاف ظاهره صحية ومفيدة جداً ، ولكن يجب علينا التفريق بين مصطلحين مهمين هما الاختلاف والخلاف وبينهما بون شاسع فالاختلاف يعني وجود رأي أو فكره أو صفه تختلف عن الآراء والأفكار والصفات الأخرى ولكن ليس بالضرورة أن
يكون هناك تناقض أو صدام بين أصحاب تلك الرؤى فالكل يسعى للاستفادة من جديد الآخر من خلال الحوار والنقاش والتجربة والممارسة فقد يتعلم الإنسان أشياء مفيدة من خلال تعرفه على الجديد الذي لدى الآخرين إن كان خيراً فهو أولى به وإن كان غير ذلك فقد
أصبح أكثر حرصاً من ذي قبل في الابتعاد عنه. وحين لا يحسن التعامل مع الاختلاف عادة ما ينتج الخلاف والتضاد مع وجهات النظر الأخرى مما يولد الشقاق والصدام وعدم التقبل للآخر.
ومن الأمثلة التي تبين الفرق بين مصطلحي الإختلاف والخلاف، الموقف من الفروق الموجودة في عادات الشعوب والقبائل وتقاليدهم المختلفة فعندما ننظر الى من يختلف عنا بهدف البحث عن الجديد المفيد ونقل الخبرات والاستفادة منها فنحن نعمل بمبدأ الاختلاف،
وعندما لا نريد التعرف على الآخرين لأنهم فقط لا يتفقون معنا فنحن نؤمن بمبدأ الخلاف وليس الاختلاف. يقول المولى جل شأنه في سورة الحجرات ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم) أي أن الاختلاف بين
بني البشر ليس لأفضلية معينه حتى يختلفون ولا يتقبل بعضهم الآخر فلا يوجد على العموم جنس أفضل من جنس أو عرق أفضل من آخر سوى في تقوى الله ففي كل مجتمع تجد ايجابيات وسلبيات ولله في ذلك حكمة كي يتعارف الناس ويتعلموا من بعضهم من خلال التمازج
الفكري والثقافي والاجتماعي من اجل تحقيق الرقي بين أفراد الجنس البشري، وحين يظهر الخلاف الذي ينتج من عدم التوافق يحدث التأخر والتقهقر لما فيه من الحد من التواصل بين بني البشر الذين هم في حاجة ماسة الى خبرات بعضهم البعض ولا يستغني احدهم عن الآخر لا على المستوى الفردي ولا الجماعي.
الذي أريد قوله أننا بحاجه الى إدارة الاختلاف بشكل جيد فلا نهمش الآخرين لمجرد أنهم يختلفون معنا فقد نكون نحن المخطئين وهم من على جادة الصواب ولا يتبين ذلك إلا من خلال الحوار والنقاش الهادف دون مصادرة للآراء وتغييب للعقل والفكرة. فإختلاف الأمة رحمة لما فيه من فتح آفاق جديدة للحوار والخروج برؤى جديدة لم تكن موجودة من قبل.
|