يؤكد العلماء اليوم أن الوجه والعينين تتأثران بتصرفات الإنسان، بل إن ملامح الوجه تتغير لدى تكرار تصرف ما، فهل أشار القرآن إلى ذلك؟ لنقرأ....
هذه عبارة أصبحت مألوفة لنا من كثرة تكرارها، فكلما رأينا وجهاً منيراً تبدو عليه ملامح الإيمان، قلنا لصاحبه (سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ) أي أن سمة الإيمان تظهر على الوجه، هذا ما نشعر به، ولكن هل من نبأ علمي حول تأثير التصرفات على ملامح الوجه؟
وجد بعض الباحثين أن كثرة تكرار أي تصرف يؤدي مع مرور الزمن إلى انطباع علامات محددة على وجهه، فشكل الأنف يتغير، شكل الحواجب، فتحة العينين، تقاسيم الوجه، نوع الابتسامة، وأكثر هذه العلامات ظهوراً على الوجه هي عندما يكرر الإنسان الكذب ويعتاد عليه، طبعاً الكذب يترك آثاره باستمرار على الوجه، ولكن لا يشعر صاحبها بها.
ولذلك قال تعالى: (وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ) [الزمر: 60]. وإذا علمنا أن العلم الحديث وجد أن منطقة الناصية لدى الإنسان وهي أعلى ومقدمة الدماغ، هي المسؤولة عن الكذب، وأنها تنشط بشكل كبير عندما يكذب الإنسان، وإذا علمنا أن هذه المنطقة تتأذى بعد كل كذبة يكذبها الإنسان، ويؤدي ذلك إلى "تآكل" هذه المنطقة وخسارة ملايين الخلايا منها، فإننا ندرك أهمية الصدق.
كذلك يؤكد العلماء أن الصوت الذي ينطق به الإنسان له بصمة خاصة، فكل واحد منا له صوته الخاص، بل كل واحد له عدة حالات، فقد قام الباحثون بتجارب عديدة على التغيرات في الصوت أثناء انتقال الإنسان في حديثه من حالة لأخرى.
فعندما يكون الإنسان صادقاً ويضع في حديثه كِذبة ما، فإن المنحني الذي يرسمه صوته يختلف في هذه الحالة ويظهر عليه تغير في الأداء. ولذلك قال تعالى عن أولئك المنافقين الذي يظهرون عكس ما يُبطنون: (وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ) [محمد: 30]. ولذلك يقول الباحثون هناك تغيرات في نغمة الصوت أو لحن الصوت لدى الإنسان عندما يكذب!!
أما أولئك المتقين الذين اعتادوا على السجود لله تعالى، وهذا أهم ركن من أركان الصلاة، بل أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، في هذه الحالة تظهر تغيرات على الوجه يستطيع المؤمن أن يميز بها المؤمن كثير السجود لله تعالى. ولذلك قال تعالى عن هؤلاء: (سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ) [الفتح: 29].
فكثرة السجود لله تعالى تُكسب الإنسان التواضع، وتُكسبه الصبر، وتزيده خشوعاً، ويؤكد العلماء أن الإنسان عندما يكون في حالة تأمل فإن هذا يساعده على الإبداع وعلى شفاء كثير من الأمراض. طبعاً الدراسات تقوم حالياً على التأمل لدى البوذيين وغير المسلمين، وكم كنتُ أتمنى أن تُجرى تجارب على الخشوع على أناس مؤمنين، وسوف يرى العلماء أشياء مذهلة!
لقد وجد أحد العلماء أن الطريقة التي ترف بها العين تتغير فجأة أثناء الكذب! يقول تعالى: (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ) [غافر: 19]، خائنة الأعين تعني اللفتات والحركات التي تخدع الناس ولكنها لا تخدع الله تعالى فيعلمها.
فقد قام بعض الباحثين بتصوير إنسان يتحدث ثم بعد ذلك طلبوا منه أن يكذب ضمن حديثه دون أن يُشعرهم بذلك، وقد مرَّ الحديث ولم يلاحظ أحداً أن الحديث يحوي أي كذبة. ولكن بعد أن عرضوا هذا الفيلم على شاشة الكمبيوتر وأخضعوه لبرامج خاصة تبين حركة العين، لاحظوا أن الإنسان بمجرد أن يبدأ بالكذب ترف عينه بطريقة غير مألوفة تختلف عن طرفة العين أثناء الصدق.
وبالتالي فإن العين يمكن أن تكون وسيلة لكشف الكذب، وهذا ما أخبرنا الله أنه يعلمه: (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ)، فهذه الخائنة التي تَخفى على الناس وتخدعهم، فأنت عندما تُظهر للناس صدق حديثك وحبّك لهم وحرصك عليهم، وأنت في الحقيقة عكس ذلك، فأنت تخونهم، كذلك العين لها خيانة أيضاً، يعلمها الله، فلا تظن أن الله لا يعلم ما بداخلك.
هذه العلامات سوف تظهر بشكل واضح على وجه الإنسان يوم القيامة، يقول تعالى: (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ) [آل عمران: 106]. اللهم اجعلنا من الذين تبيضّ وجوههم يوم لقائك، إنك سميع قريب مجيب.